التقالید و الاعراف القبلیة لدي القبائل العربیة فی عربستان (خوزستان)-(۱)

عیسی دمنی-الاهواز

مقدمة:

إن مما لا شک فیة أن الحیاة القبلیة فیها مشاکل عدیدة تتعارض مع الدین و الحضارة و إذا ما اردنا أن نکافح هذة المشاکل و نقوم بمعالجة الجهل و التخلف الموجود لدي قبائلنا العربیة في خوزستان فعلینا بالوهلة الاولی أن ننظر للأمور بنظرة عقلانیة و واقعیة و موضوعیة و علمیة تهدف الی الاصلاح و التغییر لا الی الابقاء و التبریر فقد اثبتت التجارب السابقة أن التبریر و التسویغ و اللف النشر في تناول موضوع القبیلة لا یخدمان القضیة و انما یزیدانها تعقیداً و غموضاً … لذلک کان لزاماً علینا أن نکون واقعیین في دراسة مشاکلنا الاجتماعیة الناتجة من سیادة الروح القبلیة و التصرفات العشائریة البدائیة في اوساط مجتمعنا العربي … و علیة نبدأ مشوارنا في البحث و الدراسة بالقاء الضوء علی کل التقالید القبلیة الضارة التي کبدت المجتمع خسائر فادحة في الأرواح و الأموال علی طیلة تاریخنا و توخینا في هذا البحث اولا الاستفاضة و التوسع في الموضوع ثانیاً النظرة العلمیة ، الواقعیة و الموضوعیة و ثالثاً النظر الیها من منظار القبلیین و الشرعیة الأسلامیة و العقل الحدیث مستفیدین فیة من وجهات نظر الخبراء بل و حتی القبلیین أنفسهم ما أمکننا ذلک بغیة التعرف علی آراءهم في تلک القضایا… هنالک محاولات و مساعي کثیرة بذلها الباحثون الاهوازیون في هذا الحقل و کانت جهودهم حقاً تستحق التقدیر و التبجیل لکن الموضوع اکبر و اعمق بکثیر و لا یمکن استخلاصة في بحث او بحثین او ثلاث بل یتطلب عقد ندوات و اجراء دراسات فکریة و اجتماعیة عدیدة لغرض إستقصاء جذورة و تسلیط الضوء علی شتي المواضیع المرتبطة بهذا الشأن و ما هذة الدراسة او البحث الذي أنا بصدد القیام بة الا خطوة بسیطة لکنها جادة نحو الأمام یرجي ان تلیها خطوات أخری اکثر دقة و موضوعیة لدراسة مشکلتنا الرئیسیة في مجتمعنا العربي و في الختام الله اسئل أن یسدد خطي جمیع المخلصین للقضاء علی الظواهر السلبیة في المجتمع و أن یوفقهم لبناء مجتمع متحضر قد خلع رداء الجهل و جلبات التخلف و نفض غبار الکسل و الخمول و الرکون الی العصبیة و الحمیة … و ما یغیر الله ما بقوم حتی یغیروا ما بأنفسهم ، أرجوا من القراء الافاضل تصحیح ما یرونة خطاءآً فلعلی – و أنا بشر – قد شططت أو خلطت أو اخطأت في توضیع جانب من الموضوع و هذا امر ممکن الحدوث في کافة الابحاث العلمیة ، لذلک ادعوا المدققین و المتعمقین من قراءنا الأعزاء الی تشخیص مواضع الشطط و الخطاء و تنبیهي بها و لهم منی جمیعا جزیل الشکر و وافر الأمتنان .

الفصل الأول :

حقوق المرأة في الأعراف القبلیة

في مستهل هذا البحث نشیر علی التقالید القبلیة السلبیة الواقعة ضمن نطاق القضایا الأسریة او بما تسمی في القانون «الحقوق المدنیة الخاصة»

النهوة

هذة المفردة من حیث اللغة مشتقة من النهي بمعنی الردع و الحجز و الزجر و طلب الأمتناع عن الشيء و هي في المصطلح المتعارف لدي الأوساط العشائریة ان یکون الحق لابن عم الفتاة في التزویج منها اذا شاء و رغبنا و إذا لم یفضل الزواج منها فلة الحق أیضاً أن یمنعها و ینهاها عن الزواج برجل من عشیرة أخری في حال خطبها الأخیر و لا یختصر هذا النهي علی ابن العم فقط بل یتعدي علی سائر افراد العشیرة القریبین من الفتاة ، و اذا وافق والد الفتاة و هي بنفسها ایضاً علی التزویج بالرجل الغریب – کما یسمونة و لم یعیروا أهتماما لنهي ابن العم  فعندئذً ستندلع الفتنة و النزاع بین العشیرتین و لربما یقوم ابن العم الذي لم یوفق في إنجاز نهوتة بأرتکاب جرائم خطرة مثل قتل الفتاة أو خطیبها أو حتي عمه والد الفتاة !

و لوحظ في کثیر من الأحیان أن الفتاة المسکینة تبقي عانسة حبیسة البیت لأعوام مدیدة لأخر العمر محرومة من أختیار شریک حیاتها المستقبلي بسبب تعنت و لجاجة ابن عمها و یتحدث هذا في حال أیضاً في عدم تقدم ابن العم لطلب ید ابنة عمة او قد یحدث بشکل آخر و هوأن ترفض الفتاة الزواج من ابن عمها بأي سبب کان و قد یکون الأمر خلاف هذا و ذالک ، حینما تضطر البنت أن تتزوج ابن عمها علی الرغم من عدم رغبتها و من کراهیتها و إستیاءها من ذلک بسبب الفارق السنتي أو المستوي الثقافي و الدراسي و فعلاً قد شوهد مثل هذة الزیجات في اوساط مجتمعنا العشائري أحیاناً کثیرة ، و مما یثیر التعجب و الأستغراب أن هذا التقلید السخیف و البعید عن المنطق و العقلانیة و الشرع الحنیف ، یزکي دائماً و أبداً و في کل الأحوال و الظروف و یؤید تصرفات ابن العم و بعطیة تمام الحق في ان یفعل کیفها یشاء و یتصرف حسب إرادتة…!

و إذا ما أراد الخطیب أو والد الفتاة إمتصاص غضب ابن العم او اکتساب رضاه و صرفة عن نهوتة – التي تعتبرها العشیرة حقاً  طبیعیاً لة! فعلیهم إذا ذاک، ان یدفعوا مبالغ باهظة من المال لهذا الغرض !!!لکی یطلبوا  اذنه بالموافقة علی زواج ابنة عمه و مما یمض فی القلب و یحز فی النفس اکثر من ذی قبل ،هو ان هذا التقلید السخیف و المتخلف لیس فقط من حق ابن عمها الحقیقی بل یتعداه لیشمل اشخاصا آخرین –کما مر قبل قلیل – من اعضاء العشیرة الذین یقال لهم فی العرف السائد ابناء عم الفتاة و ان کانوا بعیدون عنها من حیث النسب ،علی سبیل المثال ،ابن عمها البعید الذی قد یشترک نسبه معها فی الجد الثالث او الرابع فهذا ایضا له الحق فی ممارسة النهوة علی الفتاة و حرمانها من حق الزواج و تکوین الاسرة الذی منحه الله تعالی لکل فرد فی هذا الکون ،فمن یا تری منح هذا الحق  لهم فی دحض حقوق المراة ؟ افهل هی سلعة یملکها ابن العم یتزوجها متی یشاء و ینهی عن تزویجها متی شاءله الهوی؟!

انها القبیلة و قوانینها و تقالیدها اللتی نحن بصدد دراستها بشکل علمی و موضوعی و تطبیقی فی هذا البحث الاجتماعی الموجز … و لابد من مقارنة مثل هذه التقالید بل و عرضها علی العقل الحصیف و مبادئ الشرع الحنیف لیکون البحث مستدلا و مستندا الی آیات القرآن الکریم و اقوال النبی الامین و الائمة الطاهرین و کذلک المدنیة المتحضرة التی اکل الهر علیها و شرب و وضعت فی الرف منذ قرون…!

ما رای الاسلام فی هذا التقلید اللا انسانی؟!

کیف یمکن للاسلام الحنیف ان یقوم بتأیید و تزکیة مثل هذه التقالید البعیدة عن روح الانسانیة و الکرامة التی منحها الله تعالي لکل افراد البشر اقال جل من قائل فی کتابه الحکیم <<و لقد کرمنا بنی آدم  وفضلناه علي کثیر ممن خلقنا تفضیلا>> بل لقد اعطی المراة مکانتها اللائقة بها وبوءها منزلة کبیرة بعد ذلک الوضع الموسف التی کانت تعیشه المراة زمن الجاهلیة فی کل المجتمعات  قبل بزوغ فجر الاسلام سواءا فی الجزیرة العربیة ام غیرها من الاماکن علی ارجاء المعمورة و التی کانت المراة فیها محرومة من ایة حقوق اجتماعیة و ثقافیة و کانت تباع و تشتري کالسلعة الرخیصة و تستخدم للاغراض الجنسیة الدنیئة و کانت لا تمتلک حق التصرف حتی فی شوءونها الخاصة فی اختیار الزوج و تملک الاشیاء و ما الی ذلک من امور.

الی ان جاء النور المبین و انقذها من تلک الورطة الجاهلیة و منحها الاحترام و الکرامة و اجلسها فی مکانتها اللتی تستحقها بصفتها تشکل النصف آلاخر للشریحة البشریة و بدونها  لایصبح للحیاة ایة معنی ، و اعطاها الاسلام حق التصرف فی اموالها و ممتلکاتها ،و حق الوراثة من الاقارب و حق تقریر المصیر و اختیار الزوج و لم یجعل الاسلام –الا فی بعض المواضیع –اذن ای من الناس حتی الوالد و الجد شرطا للزواج ،و هذا فی حال وجود امراة رشیدة غیر باکرة (ثیب او ایم) و اما عند وجو د فتاظ باکرة او عذراء  فیستلزم عندئذ –حسب قول الفقهاء الاستئذان – بالاحتیاط الوجوبی – من الوالد و الجد لیس الا ، حتی لم یشترط الشارع المقدس اذن الوالدة او الاخ الشقیق و غیر الشقیق  فضلا عن العم او ابن العم او سائر اعضاء العشیرة!! و هناک حکم فقهی ذهب الیي ابعد من ذلک حیث لم یشترط حتي اذن الوالد و الجد فی بعض الاحیان او الحالات الخاصة فیما یتصل بزواج الفتاة الباکر ، و یسقط موافقة الوالد و الجد او مخالفتهما بشان زواج العذراء.

 علي سبیل المثال اذا تقدم شخص او شاب  توفرت فیه الشروط الاخلاقیة و الدینیة و الثقافیة اللازمة لطلب ید الفتاظ و تعلن الفتاة موافقتها من الزواج ،ففی مثل هذه الحالة لایعتبر الشارع مخالفتهما عائقا او مانعا شرعیا امام اتمام الزواج و تتمکن الفتاة ان تعقد قرنها باذن حاکم الشرع و کذلک اذا کانا بعیدین عنها بسبب وجودهما فی بلد بعید او سجن او ما شاکل فیعتذر  طلب الاجازة منهما و الفتاة بحاجة الی التزویج ففی مثل هذه الحالة ایضا یسقط اذنهما فی الزواج و لا مانع فی وجهة نظر الفقهاء من اتمام الزواج بصورة شرعیة.(تحریر الوسیلة-منهاج الصالحین و…)

ومن منظور الاخلاق الاسلامیة قد ثم تحذیر المسلمین من قبل النبی و الائمة علیهم السلام من رفض النتقدم للخطبة اذا توفرت فیه شروط التدین و الاخلاق حتی و لو کان ذاک الشخص المتقدم او الخاطب بعیدا او غریبا او لئیما من حیث النسب  فقد جاء فی روایة عن الامام علی بن ابطالب انه نقل عن رسول الله محمد صلی الله علیه و آله و سلم قوله <<اذا جاءکم ممن ترضون دین وخلقه فزوجوه، قلت یا رسول الله ،وان کان دنیا فی نسبه ؟!قال صلی الله علیه وآله وسلم :ادا جاءکم اذا جاءکم ممن ترضون خلقه و دینه فزوجوه ، الا تفعلوا تکن فتنة فی الارض و فساد کبیر(فروع الکافی ص347،تحریر الوسیلة ج 2ص240)

وهناک اقوال و احادیث دینیة کثیرة لا حصر لها توکد اهتمام الاسلام بشان المرأة و ضرورة منحها حقوقها المشروعة لتتمکن من ممارسة دورها في الحیاة في تربیة الاجیال الصالحة و تقلد مهام عصریة فی مختلف الفروع و الحقول  العلمیة و العملیةفی واقعنا المعش ، و نحن نشاهد و نتحسس صدقیة اقوال الرسول الکریم صلی الله علیه و سلم من اطرافنا حیث راینا بام اعیننا ما حدثت من فتن و مشاکل بسبب وجود تقالید خاطئة و ضارة و سخیفة کالنهوة  التی سلطنا علیها الضوء و لا نتباحث حول اضرارها البالغة ،فما اکثر الفتیات اللواتی وقعن فی مخالب  النهوة و اسلاکها الشائکة لا لسبب الا لعدم رغبتهن فی الزواج من بعض اقاربهن و حرمن من اختیار شریک صالح للحیاة و بقین عوانس و منعزلات و منطویات علی انفسهن فی بیئت ابائهن ال ان یلبسوهن اکفان الموت الطبیعی او القتل بید جناة القبیلة و الهمجیین بدل ان یرتدین ازیاء الزفاف فی لیلة زواجهن فما اظلم هذا المجتمع القبلی الذی لا یرحم المراة  و لا یمنحها حقها الطبیعی فی الزواج و ما اکثر تخلفه و اقبحه!!!

هذا المصیر المشؤوم فی کثیر من الاحیان القی بضلاله السوداء علی اخوات تلک الفتاة المنهیة ایضا و بقین هن الاخریات ایضا رهینات البیت و حبیسات جدرانه بسسب لجاجة و تعنت بعض الاقارب و حرمن من المضی فی مسیرة حیاتهن اللتی اختطها الله سبحانه تعالی لهن و ما اکثر و اهول الجرائم اللتی تقترف فی هذه الاثناء و اما الفساد و الفتن و اللغط فلاحد له و لاحصر!!

انا شخصیا  اعرف بناتا عدیدة-ما یقارب 7 اخوات- وقعن ضحیة النهوة المشؤومة و اسغرهن فی السن تبلغ اثنین و عشرین عاما !! و قصتهن لا تختلف کثیرا عما نتحدث عنه من سلطة ابن العم فی العشیرة فقد منعهن ابناء عمومتهن من التزویج بسبب   خلافات قبلیة تافهة ثم علی اثرها استخدام  هذا الاسلوب  المتخلف و السلاح الخبیث للضغط علی الاخر بغیة النیل منه او اسکاته او ارغام انفه و قالوا کلمتهم المعرفة <<ستبقین فی البیت دو تزویج حتی یصبح لو شعرک مثل لون اسنانک!!>> تلک العبارة القذرة التی یتمشدق بها جناة القبیلة فی القرن الواحد و العشرین.

 المصدر:مدونة بروال الاهواز

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: