هل فعلا بدء المرشد باجتثاث احمدي نجاد وتياره؟/بقلم:حامد الكناني

حامد الكناني
حامد الكناني                   

استوقفني مشهد رفض الرئيس احمدي نجاد تقبيل يد ولي الفقيه علي خامنئي  أثناء حفل تنفيذ حكم رئاسته الثانية قبل عامين تقريبا، الأمر الذي أحرج خامنئي و لفت انتباه الجميع و دفع البعض من الحاضرين في القاعة أن يقفوا ليشاهدوا ردة فعل المرشد تجاه أولى علامات التمرد والخروج عن الطاعة، لكن صوت احدهم كان واضحا و الذي صاح بالفارسية :”بنشين،بنشين”،وتعني “اجلسوا،اجلسوا” مما أعاد الهدوء للقاعة و انتهت المراسم  ذلك اليوم بسلام وأصبح احمدي نجاد رئيسا قانونيا لولاية ثانية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وحاولت الصحف المحسوبة على التيار المتشدد و المقربة للمرشد تبرير هذا الحدث حيث قالت صحيفة كيهان:” أن الرئيس احمدي نجاد كان مصابا بالزكام ولهذا لم يقم بتقبيل يد المرشد.”

 لم اقتنع حينها برواية صحيفة كيهان الإيرانية و من الواضح أن الأمر كان مقصودا و لم يأتمن باب الصدفة، فأما كان مخطط له وفق سيناريو معد سلفا من قبل الطرفين و أما من طرف احمدي نجاد وحده.

في الحالة الأولى،أنهم أرادوا أن ينشغل الشارع بموضوع عدم تقبيل يد المرشد بدل الحديث عن موضوع تزوير الانتخابات الرئاسية و الذي كان حديث الساعة في إيران آنذاك.

و في الحالة الثانية: أراد الرئيس احمدي نجاد بعد تخطيه لآخر عقبه دستورية أمام رئاسته الثانية و المثيرة للجدل أن يعلن للشارع الإيراني انه على عكس ما كان يعرف في رئاسته الأولى،اليوم هو رئيس قوي و مستقل و ليس تابعا للمرشد علي خامنئي.

احمدي نجاد كان يدرك أن أسوى أنواع الديكتاتوريات هي ديكتاتورية الرجل الضعيف و حتى تصريحاته الأخيرة تشير إلى هذه النقطة بالذات،حيث قال: أن الرئيس القوي و الجسور يرفع من مكانة الوطن والشعب و القائد ،و باعتقادي أن احمدي نجاد بعدم ركوعه على يد المرشد أراد أن يكسب ودْ  منتقدي المرشد من رجال الدين و المراجع  في قم و  يتقرب لشريحة واسعة من المجتمع الإيراني في آن واحد.

منذ البداية كان واضحا أن احمدي نجاد خطط لإيجاد قاعدة جماهيرية له مابين الطبقات المسحوقة و الفقيرة من الشعب حتى تضمن له و لمجموعته الاستمرارية في السلطة السياسية في إيران، فشعبوية خطاباته و ذهابه إلى المدن و الأقاليم الإيرانية و قيامه بجمع رسائل المحتاجين و الفقراء من الشعب لارسال مبالغ و لو زهيدة من المال عبر حساباتهم البنكية خير دليل على ذلك.

لكنه و من اجل تعزيز موقعه في السلطة حاول التقرب من قيادات الحرس الثوري للاحتماء بهم من ردة فعل المرشد و غضبه،فقام  بفتح أبواب المشاريع الاقتصادية العملاقة أمامهم على مصراعيها حتى أصبح الحرس الثوري كالإخطبوط في الخارطة الاقتصادية للدولة الإيرانية.

و في محور آخر حاول هو و مجموعته  أن يبالغوا باعتقادهم  بالمهدوية و الأمام الغائب و الارتباط به،حيث قاموا بنشر تقرير مسجل على قرص سي دي عن الإمام المهدي الغائب و قرب ظهوره و تم توزيع ملايين النسخ المجانية من هذه الأقراص في أنحاء إيران،كان هذا التقرير يحمل اسم “الظهور القريب” و فيه إشارة على أن خامنئي هو السيد الخراساني و احمدي نجاد هو صالح ابن شعيب وهما الشخصيتان التان تسبقان ظهور المهدي و تمهد له الظروف حتى يخرج بعد غيبته حسب اعتقاد الشيعة الاثني عشرية ،الأمر الذي أزعج المراجع الدينية في قم و زاد من غضبهم تجاه الرئيس و تياره الذي بات يعرف بالتيار المنحرف هذه الأيام.

كما جرب الرئيس احمدي نجاد العزف على وتر القومية الفارسية و ظهرت مفردات جديدة في خطابات الرئيس و مدير مكتبه اسفنديار رحيم مشايي و بدئوا بدغدغة مشاعر الفرس الإيرانيين من خلال عزل الإسلام الإيراني عن الإسلام العربي و تمجيد أباطرة الفرس مثل غوروش  و داريوش و إقامة مهرجانات مختلفة و منها مهرجان ضخم للاحتفال بوصول الكتيبة  المعروفة بميثاق غوروش و التي استعارتها إيران  من المتحف البريطاني.

كان المرشد و حاشيته يوجهون الانتقاد تلو الانتقاد للمقربين من الرئيس احمدي نجاد،عسى و أن يكف هولا من تصرفاتهم لكن قطار احمدي نجاد كان يسير دون كوابح  حتى وصل الأمرالى طرد وزير الاستخبارات حيدر مصلحي المحسوب على المرشد ،كما انتقد احمدي نجاد الحرس الثوري و اتهمهم بامتلاك منافذ حدودية و موانئ خاصة للاستيراد و التصدير دون علم الحكومة.

 ومن سوء حظ احمدي نجاد فقد أدت هذه التصرفات إلى توحيد صفوف أعدائه من المتشددين في البرلمان و جنرالات الحرس الثوري و وزارة الاستخبارات و القضاء،حيث قاموا بخطوة استباقية لكبح سرعة قطار الرئيس و سلب صلاحياته من خلال فرض لجنة إشراف على رئاسة الجمهورية مكونة من قيادات الحرس الثوري و مندوب عن المرشد علي خامنئي ترافق الرئيس احمدي نجاد حتى انتهاء رئاسته و عليه مراجعتها قبل اتخاذ أي قرار حكومي.

و تقول التسريبات الواردة من بيت المرشد علي خامنئي أن الرئيس احمدي نجاد رفض الرضوخ لهذه اللجنة لكن اللجنة كانت مصممة على ان تلزمه الاستجابة لمطلبها ، عندماكشفت له هذه اللجنة  رسالة موقعه من القائد الأعلى للقوات المسلحة المرشد خامنئي و فيها أمر باعتقاله هو و مجموعته و تكليف علي اكبر ولايتي مستشار المرشد القيام بمهام الرئيس حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة ،حينها تراجع  الرئيس احمدي نجاد و استسلم لهذه اللجنة المشرفة.

و السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو :هل سينتظر الرئيس احمدي نجاد اجتثاثه و تياره أم ما تزال هناك أوراق  يلعبها حسب ما لمح اليها مرات عديدة  من الممكن أن يكشفها و يفاجئ بها الجميع خاصة واننا نقترب من موعد الانتخابات النيابية في إيران؟!.

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: