إسمي أحمد، أنا طالب في الجامعة عمري عشرون سنة وکنت أدرس القانون في الجامعة الحرة أسکن في حي الملاشیة، بعد الدوام، أخذت سیارة أجرة للوصول الی البیت، في الطریق کان ازدحامٌ شدیدٌ وسبب هذا الإزدحام حادثُ مرور، ثم سمعتُ صوتَ رجلٍ کان یلعن ویسب شخصاً آخر، لما اقتربتُ کثیراً،علمتُ بأن هذا الرجل هو الذي عمل ذلک الحادث والشخص الآخر کان المسبب للحادث أثناء الطریق.
نزلتُ من السیارة وذهبت کي أری حجم الدمار الذي حلَ بالسیارتین وراکبیها،لما وصلت تفاجأت کثیراً ،کان الدمار کلهُ في السیارتین خدشًا صغیرًا جداً لم یتجاوز الأربعمائة ألف ریال . صعدت السیارة مجدداً حین انفتح الطریق و ذهبتُ الي البیت .
جلست في غرفتي وفکرت في نفسي وقلت لماذا هذا اللعن والسبّ والعصبية، وکان کل المسافرين سالمین وحتي إذا کان أحدهم قد توفي، من غيرعمد، فأین التسامح والإحترام.
کنتُ في حالة تعبٍ من هذه الأفکار، فکان الوقت متأخراً من اللیل فذهبت الي فراشي کی أنام. رأیت في المنام حلمًا جمیلاً، کانت مدینة الأهواز کلها خضراء والزهور في کل مکان ورائحتها الزکیة تطیبُ الأنفاس وکان في نهر کارون السفن الکبیرة من کل مکان ، کان الناس یحترمون حقوق بعضهم بعضًا ، فرأیت شاباً یحملُ شخصاً عجوزًا و یعبر به الشارع ، رأیت أبواب البیوت کلها مفتوحات ولم أر سارقًا أو حارسًا و شرطيًا. کان الأمان في کل المدینة، کنتُ في حلمي الجمیل وإذا بصوت طلقات ناریة أيقظتني من منامي، نظرت الي الساعة وکانت الثامنة صباحًا ، فقلت في نفسي ما هذا الضجیج والطلقات في أول الصباح.
ذهبتُ بسرعة الي خارج البیت، حین فتحتُ الباب رأیت کثیراً من الناس و بأیدیهم البیارق والأعلام وکانوا “یهوّسون” في الشارع بأعلی أصواتهم وکان بینهم شبابٌ بأیدیهم بندقيات کلاشینکف ویطلقون الرصاص في الهواء، سألتُ من أحدهم ما الأمر، أجابني بان شخصًا توفي وکل هذا الضجیج والطلقات بسبب هذا المتوفي.
رصاصة أصابت الأسلاک في حيّنا وانقطعت الکهرباء، فخرج حجی عباس جارنا وهو مدرس في اللغة العربیة في المتوسطة وکان إنسانًا شریفًا ومثقفًا وقال لأحد المجتمعین لماذا تطلقون الرصاص هل نحن في حالة حرب أم نحن في غابة، ردَ علیه أحدهم و کان من أکابر القوم : ادخل بیتک ولا تتفوه بکلمة واحدة نحن لسنا في بیتک، فقال حجی عباس: إذا أنت تتکلم بهذه الطریقة معي و أنتَ من أکابرهم ، فويلٌ للآخرين.
دخل حجي عباس الی بیته وأنا قررت الدخول إلی البيت أیضًا کی لا أری هذا الجهل مجدداً، حین أغلقت الباب وذهبت بإتجاه غرفتي سمعت صوتًا عاليًا وصراخًا وعویلًا، رجعت بسرعة وفتحت الباب مرة أخری ورأیت الناس یحملون شاباً وکانت الدماء تنزف من رأسهُ، سألتُ ما حل به، أجابني أحد: إن إحدی البندقیات سقطت من یديّ حاملها فخرجت رصاصة وأصابت ذلک الشاب وکان عابرًا وهو طالب فی الجامعة عمره إثنان و عشرون عاماً.
فقلت في نفسي یاليت ما استيقظت من منامي وکنت باقيًا في ذاک الحلم الجمیل الی الأبد.
المصدر:بلّام
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.