أطباء ولكن…/ بقلم کريم عچرشاوي

efe4dd1785d2b4f864a0fd6eaf1fb4cd_asnaan270909pبروال الاحواز- كنت أذكى طالب في الثانوية مع درجات متفوقة والكل كان يرى مستقبلي الزاهر ويتكهنون بأني سأصبح مهندساَ أو طيارا ومثل هذه الألقاب وكان والدي يحلم بأن يراني طبيبا، وقد أخذ يناديني بين الأقرباء والأصدقاء بـ الدكتور. لكنني للأسف الشديد أبغض الأطباء وأكره الطب بدرجة لا توصف وقد تبدّل رأئي نهائيا حول الطب يوم دخلت على الطبيب في قريتنا وراح يفحص فمي فاكا شدقي بغصنين صغيرين من الخشب وكأنه يفتح حقيبته الطبية، وهو يوضّح لامرأة حامل بأن بامكانها أن تستخدم المسكنات لآلام الضرس، وإذا بأحد الغصنين يسقط في عقر حلقي، أدخل الطبيب يده اليمنى في فمي بالكامل باحثا عن ذيل الغصن وكأنه يحشي دجاجة من عجيزتها، أختنقت حينها وعيناي أصبحت جاحضتين محمرتين من شدة الألم وفي النهاية أخرج الطبيب الغصن، وتابع حديثه مع المرأة الحاملأ وكأن شيئا لم يحدث، والغريب لم تتأثر المرأة من هذا الموقف ولم تستغرب، لأن ما يأتي من يد الطبيب فهو من ضمن الطبابة لابد للرضوخ أمامه واحترامه دون أي مخالفة. لربما ما يحدث في القرى أقل قساوة مما نراه في المدينة، كم أسمع بأن في العمليات الجراحية ، عفوا في الأعمال الجراحية، ينسى الطبيب أو الجرّاح بعض أدواته الطبية كالمقراض والمشرط وحتى الضمادات، والشيء الجميل أن المستشفيات دافعت عن الأطباء ورفضت المحكمة الدعاوي لأن المراجعين قبل العمليات– الأعمال وقعوا على الاستمارة، وصار التوقيع على الاستمارة بمثابة تسليم النفس للجزار بكل طيب خاطر. في العام الماضي اشتد ألم الضرس عندي مما لم أقو الأوجاع فاضطررت للذهاب إلى أحد الأطباء حيث وصفوه بأنه يعمل على الأسنان وكأن يكتب قصيدة والحقيقة ما وصفوه عن هذا الطبيب كان صادقا، فهو يحترم المراجعين ويوضح لهم الصغيرة والكبيرة وكم تمنّيت لو كل الأطباء يكونون بمثابة هذا الرجل، ولو أنه انسان بسيط بعيدا كل البعد عن القضايا الإجتماعية والسياسية، ولربما الأطباء بعيدون عن السياسة، لا يعرفون يسارهم عن يمينهم، سوى افتتاح عيادات من ثم إقامة مجازر جماعية وزواجات مثنى وخماسا وسداسا وطلاقات لا تعد ولا تحصى، لكن هذا الرجل يختلف أنه لم يطلق زوجته الأولى وهما يجتازان السنة العاشرة وهذا لم يحدث في معشر الأطباء الا فيما ندر وكنت أسمع بين الحين والآخر من بعض الأصدقاء عن أطباء يحسّون بالناس ويرفقون بهم ولم يركبوا سيارات فخمة ويخصصون خصما لمن لا تصل يده، لكن هذا كله لن يكفي حين أرى الوجوه مندهشة من هذه القصص ترقب مستغربة، ولابد أن تصبح هذه الأعمال مألوفة، أما بالنسة لتجربتي مع هذا الطبيب للأسف كانت يائسة وتراجيدية إلى حد ما، حيث بضع لساني سهوا، وبقيت لفترة شهرين أصارع ألآلام وكنت لو زرت أحد الأقارب والأصدقاء أحذره في البداية بأنه لا ينزعج أو يتفاجئ إذا شاهدني أصرخ وأزعق بأعلى صوتي فالأمر خارج عن يدي. الواقع لم أرفع دعوى ضد هذا الطبيب لأنه انسان محترم وما جدوى الدعوى – أحيانا نرفع دعوى عالمين بأنها غير مجدية لكننا نقوم بها لنتخلّص من كلام الناس خاصة الأسرة ونتبجّح اذا سألنا أحد ونقول بكل جدارة: نعم اشتكيت عليه- لكن كل من هذا وذاك ان هذا الطبيب خيّب ظني بكل الأطباء وبالطب وخالة الطب، وهذا ما حفزني لأشتري من المكتبات كل ما يمت صلة بالطب وأبحث في النت عن طرق العلاج مما أصبحت أعرف كل الأدوية وصرت مرجعا للأقارب والأصدقاء وكم شتمت الأطباء الذين يرسمون بخطهم المزعج وصفات غير صحيحة للمرضى وأحيانا من خلال الوصفات أعرف بأن الطبيب لايزال مراهقا أو أنه من طراز قديم أو عنده مشاكل عائلية مع زوجته وكثرا ما أتفاجئ أنهم بخطهم المزعج يصفون أشياء لبقرة بدل أن يصفوها لطفلة وكأنهم سكارى في عالم ثان وهذا ما يقلقني حيث يثق الناس بزمرة أطباء جدد يملون كل تجاربهم على أجسادنا وكأننا فئران مختبر. الحقيقة أنا أشك كثيرا بهذا الطب وكأنه كذبة اصطنعت لتملئ الجيوب، وهذا الشك تدفق حين علمت أنهم لو عجزوا عن معالجة أحد الأمراض يربطونه بأشياء مضحكة كالأسباب التي تؤدي إلى السرطان وإذا أريد أن أعد هذه الأسباب فيجب على الإنسان ان يبقى في الصحراء يفتح فمه كالذئب واذا ما مات بمرض السرطان سيقولون بأن لم يفتح فمه كاملة أو لأنه كان ينظر نحو القمر أو لأنه كان باتجاه الشمال ويجب أن يكون في الإتجاه الآخر.

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: