بروال الاحواز– الدکتور جمال نصاري شاعرٌ حداثي یکتب قصيدة النثر بإتقان و براعة. له عدّة دواوين منشورة و أخری تحت الطبع، و قد کُتِبت عنه دراسات نقدية. إنّه استاذٌ جامعي و ناقدٌ للشعر، و له المام بمقوّمات القصيدة النثريّة و نقدها. ألقی الکثير من المحاضرات حول قصيدة النثر في الندوات التي أُقيمت في المحافظة فأخذ يبيّن فيها مواطن الجمال في هذه القصيدة و يدعي جيل الشباب لکتابتها. أمّا شعره فقد يتنفّس عبق التجارب الوعرة من خلال تجربة ثرّة حافلة بالمعاني الجزلة و الوسائل الخصبة التي توحي بمفاهيم تعجز اللغة عن تبيانها.و تشتغل نصوصه الخصبة على أكثر من ثيمة، لكن قطب الرحى فيها يدور حول الإنشداد لنداء الروح.
يمکن لنا أن نعتبر الدکتور نصاري شاعر حداثي يکتب قصيدة النثر و يجيد استخدام الوسائل و التقنيات الحداثية التي إعتمدها الرّواد من قبل بغية إثراء نصوصهم و شحنها بروافد خصبة؛ الدکتور جمال من الشعراء الذين إطّلعوا علی مظاهر الحداثة في الشعر الحدیث فتشبّعت نصوصه بالکثير من تقنيات التعبير کالأسطورة، و الرمز، و استدعاء الشخصيات التراثية و المعاني الحديثة، فهذه الوسائل يعتمدها الشاعر للإيحاء بدل المباشرة و التصريح، فينقل المتلقي من المستوى المباشر للقصيدة إلى المعاني و الدلالات التي تكمن وراء النص، كما يقوم باستكمال ما تعجز الكلمات عن تبيانه.
و في هذه الدارسة المتواضعة سوف نبحر في آفاق خياله الخصب و جماليات لغته السهلة الممتنعة و توظيفه لبعض المظاهر الحداثية:
اللغة الشعرية:
المعجم اللغوي هو قاموس الشاعر، و الذي يتکوّن من خلال ثقافته و بيئته و مناخه الذي عايشه، و عليه فليس المعجم اللغوي متکرراً عند الشعراء بالصيغة نفسها، و لکنه أداة الشاعر الخاصة. يعدّ المعجم اللغوي من أهمّ الخواص الأسلوبية التي علی أساسها يمکن الحکم علی شاعر، و تبيان ملامحه الخاصة. فالکل شاعر مفرداته الخاصة التي يعتاد عليها في بيان أفکاره و رؤاه، و من يفتّش دواوين شاعرٍ ما سوف يتبيّن له حجم المفردات المتکرّرة، و هذه الحصيلة اللغوية تتکوّن له من خلال تفاعله مع اللغة. فالتجربة الشعرية تدفع المبدع إلی التفاعل مع اللغة بکيفية خاصة، تتيح له إمکانية الإفضاء بتحويل مفرداتها إلی أدوات مطواعة، تتشکل وفقاً لهذه التجربة، و يعمد المبدع إلی إفراغ مفرداته – جزئياً أو کلياً – من معانيها المعجمية المحددة، لتحمل دلالات جديدة. و الدکتور نصاری في منجزه الشعري لا يستغني عن هذه القاعدة العامّة، فقد أجاد بجذب القارئ بكل حواسه باللغة الشعرية ذات الوتيرة السريعة التي تلامس مكنونات وجدانية بوعي عميق، فإنّ مفرداته مفردات شعرية ذات طابع حزين و هذا ما صرّح به في ديوان الجريمة:
ايها الأطباءِ
لا تخدشوا اناملها
هي تعزف علی وجهي
أنشودة الحب و البقاء
و أنا احمل لغة الشعر
و لغة الجروح (الجريمة، 24)
أهمّ ما يميّز لغة جمال في شعره هو إستخدامه للمفردات الحديثة المستوحاة من العلوم الجديدة، علی سبيل المثال:
و هي
تقترب من لحظة الميتافيزيقية (الجريمة، ص10)
و في المقطع التالي:
للقمر بريدٌ الکتروني
و الارض تدور في موقعها
أنا أبحث عن مومسات في Google(الجريمة، 29)
و أيضاً:
أنا کنت اتنفس الشيزوفيرنيا (الجريمة، 45)
و يقول:
و حسرة يتيمة
تبيعُ حنطتها
في دوّار القصر
متناسيةً الحدود
والميتاحدود (الجريمة، 49)
و من خلال عيّنة إحصائية قمنا بها في هذا الديوان تبيّن لنا أن الکلمات التي تکرّرت کثيرا عند الشاعر هي کالتالي: الأرض، السماء، عبادان، الحداثة، الماء، إمراءة، کارون، الأم، أبي، الصباح، المساء، النساء، الجسد، و ….. و البعض من هذه المفردات أصبحت رموزا تساعد الشاعر للتعبير عمّا يدور في قلبه.
مفردات جمال مستمدّة من مفردات الحياة اليومية، و ليس غريباً أن يمتلک الشاعر معجمه اللغوي علی هذه الشاکلة، فهو شاعر يکشف عن ثقافة و وعي و إطلاع علی الأدبين العربي و الفارسي، فقد درس کلا الأدبينِ في الجامعة و کتب العديد من الدراسات النقدية فيهما.
الرمز:
استأثرت تجربة الدکتور نصاري الشعرية بقدر کبير من الاهتمام و الاحتفاء في استخدام الرمز بوعي و استهداف. إن الرمز لديه عبارة عن فواصل من التجليات و التداعيات يملأ بها ما يفيض لديه من الصور و المعاني المتدفقة و المفاهيم المزدحمة ضمن السياق الذي يسير فيه مجری القصيدة.
اجتمعت حصيلة كبيرة من الرموز في مسيرته الشعرية، وكانت أبرز مصادرها: الاسطورة والدين والتاريخ والابتكار؛ و أبرز ما يميزه أنه يکثر في شعره من موجودات الطبيعة کالأرض و النهر و البحر و النخلة …
إن هذه الرموز تستمد حيويتها و قيمتها من خلال تعامل الانسان معها. و يستوحيها الشاعر من واقع الانسان و علاقته بهذه الرموز التي تحمل مدلول استمرار الحياة و الأمل و الوطنية التلقائية.
فهو يسخّر الابعاد الإيحائية لهذه الکلمات و الرموز من أجل خدمة فکرته. و الرمز في شعره بديل واضح عن اسلوب التعبير الواقعي و محاولته لتخطي الواقع الذي لا يتيح حرية التعبير المباشرة، کما يتبّين لنا من خلال المقبوس التالي:
أبيبطل الرواية
مجهوله معلومٌ
کل النوافذ في جسده مغلقة
و الضوء يبحث عن مخرجٍ
و نجيبة تبحث عن ضوئها
هنا
الشمسلا تصل إلی ذاتها
البحريترک قمصانه علی الساحل
و الجبال تخرُّ ساجدة (الجريمة، 9)
في هذا المقبوس جاءت عدّة رموز مؤتلفة لتدلّ علی الفکرة التي يريد الشاعر الإفضاء إليها. فالرموز لديه لاتقف منفصلة مفردة، انما تجتمع احياناً أو تتداخل فيما بينها حتى ليمكن اجتماعها في نص واحد، ويكثر هذا لديه.
و في مايلي يقول جمال:
الشطّ يبتعدُ عن ضفته
أمي تبتعدُ عن تاريخها (الجريمة، 25)
فهنا “الشط” يرمز إلی الواقع و الذات و “الأم” ترمز إلی الوطن و الشعب.
و في المقبوس التالي يقول الدکتور:
و إحتلت النساءُ خزائني
و لم تبقَ حمامة
علی قصائدي(الجريمة، 39)
العلاقة بين الشاعر و الحمامة علاقة تعاطف قائمة علی المشارکة الوجدانية التي تربطهما معاً.إن الشعراء اتخذوا من هذا الطائر وسيلة للتعبير عما رسخ من مکبوت نفسي مؤلم، و للتعبير عن الاستجابة الخاصة التي يبديها الإنسان الشاعر للطبيعة، فالعذاب والنوح الذي تعلنه الحمامة هو المکافئ الخارجي لانفعال الشاعر الداخلي و لحزنه و ألمه و نوحه علی من رحل منه، و کأن ما تعلنه الحمامة ينسجم مع ما يکنه الشاعر في نفسه، و کأنها تعبّر عن مکبوته و ما يحتضنه من ألم.
و في مايلي يقول الشاعر:
للصقر منقارٌ
و للمرأة أنياب
اين أنت ايهاالهدهد؟ (الجريمة، 44)
فالهدهد يرمز إلی البشارة و التطلّع إلی الخير.
الأسطورة:
اتکأ الشاعر علی (سيزيف) الذي يرمز إلی العذاب الإنساني اللانهائي، و الجهد غير المثمر، والعبث و اللاجدوی. فکان الرمز الأسطوري قد عوقب علی سخريته بالآلهة و تمرده عليهم بالعمل علی رفع الصخرة الثقيلة من سفح جبل في الجحيم إلی قمته، حتی إذا شارفت علی ذلک تدحرجت إلی الأسفل، و هذا حمل ثقيل يستنزف الدم و الجهد والعرق المتصبب. يحمل سيزيف صخرته صاعدا ً من جديد، و کلما همّ بالوصول إلی القمّة تسقط الصخرة، و هکذا دواليک. فالتکرار هنا، في جوهره، رمز لعبث التطلعات الانسانية و عقم الوجود الإنساني؛ يقول الشاعر:
ثلاثه أحرف تُقرأ عمودياً
الالف: لا إله موجودٌ في خيمة العرب
الميم: فَقَدت الماء و مصطفي خيالٌ لاينسی
اللام: لم تحتضن الفجر يوماً
و الحبيب يحملُ صخرته علی کتفه (الجريمة، 8)
تُقرأ هذه الحروف بصورة عموديّة لأنّها تحتاج إلی وقفة للتأويل و الشرح، فکلّ منها محطّة للمعاني و المفاهيم التي يريد الشاعر الإفضاء إليها. تدلّ هذه الحروف علی الـ “أمل” الذي لم يتحقّق بعد فأصبح “ألم”. ففي ظل هذه الظروف القاسية نری “الحبيب يحملُ صخرته علی کتفه”، و الصخرة ترمز إلی المعاناة و المحن. لقد استوحی الشاعر هذا المعنی من اسطورة “سيزيف”. فشبّه شخصية “مصطفی” بإسطورة سيزيف.
يرمز الشاعر بالصخرة إلی کل أحلام الإنسان المثالية، و کل آماله الخيالية في الحياة السعيدة التي لن تتحقق علی هذه الأرض، و الصخرة هنا ترمز إلی تلک العقبات التي تحول بين الإنسان و بين الوصول إلی أحلامه المثالية السعيدة، و قد تفنن الشاعر في تصوير صعوبة اجتياز هذه الصخرة و تسلقها..
استدعاء التراث:
قد أدرک الشعراء المعاصرون انّ التراث مصدر غني وهام يتوجب عليهم أن لا يستغنوا عنه. فکثيراً ما قاموا بإستدعاء الشخصيات التراثية في شعرهم بغية توظيفها في بنية النصّ، بما تحمله من دلالات وإشارات تنمّي القدرة الإيحائية للقصيدة. فاستدعاء هذه الشخصيات تُعتَبر من أبرز التقنيات التي اعتمدها الشعراء في قصائدهم، لتمنحها حمولة فكرية و وجدانية لا تخفى على المتلقي، لأن الشخصيات المستدعاة غالباً ما يكون لها في الذهن و الوجدان إيحاءات دلالية و عاطفية، تفرض على القارئ نوعاً من التماهي معها، بما تمثله في وعيه و لاوعيه الفردي و الجماعي من حضور و تأثير قويين.
لقد استدعی الشاعر التراث و أضفی عليه رؤية حداثية تتّفق مع الواقع الذي يريد التعبير عنه ففي قصيدة “مصطفی و نجيبة” يستدعي قصة هبوط آدم إلی الأرض:
مصطفي يبحث عن ذاته
ذاتٌ إنغمست في المساء
مساءٌ تجرّد من هويته
و نجيبة تصرخ بوجه قاتلها
لم أنزلتنا من الجنة
لَمْ نأکل التفاحة بعد (الجريمة، 8)
تجد “نجيبة” نفسها في حبها “لمصطفی” بريئة ليست جديرة بالطرد من جنة حبيبها فإذا کان آدم أکل التفاحة و استحقّ العقوبة فإنّهما لم يقتربا إلي المحرّمات. “مصطفی” يبحث عن ذاته و هويته التي افتقدها في المساء لکنّ “نجيبة” تحتجّ في وجه قاتلها و ترفع صوتها و تتحدّی کل القيّم المتخلّفة التي تسود المجتمع.
نجد مجموعةً من الأسماء التي يذکرها الشاعر لا تأتي لمجرّد الدلالة علی شخصياتٍ موجودةٍ علی أرض الواقع بقدر ما تدلُّ علی قيمٍ و أفکار و معانٍ يريد الشاعر أن يشيرَ اليها، منها شخصية الامام الحسين بن علي (ع). إنّه يستحضر مأساة کربلاء ليأخذ منها نموذج التضحية و الفداء، فالامام الحسين (ع) رمزٌ خالدٌ للتضحية و الفداء من أجل المبدأ / الدين، و هو رمز الباحث عن العدالة و نُصرة المستضعفين في وجه الجبروت کما کان المسیح (ع) من قبله:
ثقافةٌ تحيا بماضيها
و أنا لا أمتلک المرآة
لأریٰ المسيحَ
يمتدُّ في جسد أبي
بين أرض و سماء
و الحسين ينبعث من روما
إلی کربلاء (الجريمة، 16 و17)
نلاحظ کيف يستلهم وقفة الامام الحسين (ع) في کربلاء وقوة صموده و صلابته و صبره و تحوله إلی قيمة مطلقة للشهادة في سبيل المبادئ و الحق هذه القيمة التي ثبتت بالاستشهاد و الدم. و في ما يلي يستدعي شخصية المسيح مرّة أخری:
هناک أمام المقصلة
يعطي المسيحُ خبزه إلی الشعراء
فيولد الماء من الصليب (الجريمة،41)
و في قصيدة ” طفلٌ تيتّم مرّات” لقد استدعی الدکتور نصاري من الشخصيات الأدبية “بدر شاکر السياب”، و “محمود درويش”، و “جبران خليل جبران”.
و أحياناً يستخدم الشاعر في تجربته الشعرية الثرّة شخصيات أجنبية وفقاً للدلالة التي يريد التعبير عنها:
و إحتفلت سوزان سونتاج
بولادتها في عبّادان (الجريمة،20)
و في المقطع التالي يقول:
و نواب کلاسيکيون، طائفيون، عشائريون – ليبرإليون
باسم الأديان
يحاربون «فرويد»
لينقذوکم من الضلالِ
………………
يا ايها العربي المتفائل
لو رآنا ماريو فارغاس يوسا
هکذا هادئين لانتحر عصيانه (الجريمة،22)
الألوان:
اللون من أهم وأجمل ظواهر الطبیعة ومن أهم العناصر التی تشكّل الصورة الأدبیة لما یشتمل علیه من شتى الدلالات الفنیة، الدینیة، النفسیة، الاجتماعیة، الرمزیة والاسطوریة.
للألوان إيحاءات و دلالات تحملها في ذاتها و تضيفها إلی النسيج الشعري الذي تنتظم فيه؛ويسعين الشاعر بالألوان، ليعبّر عن عُمقه العاطفي و جوهره الفکري، و کأنه رسامٌ عارفٌ بخفايا الألوان و دلالاتها و علاقاتها بالإنسان.
و جمال نصاري بما امتلک من خيال و شاعرية أدرک ما للألوان من قيمة إيحائية و تأصيلية في بناء الصورة الشعرية، فاستخدم الألوان بدلالاتها الخاصة و برؤيته الحداثية.
اللون الأخضر:
من الألوان التي لها انتداب في نفسية جمال هو اللون الأخضر؛ يعد اللون الأخضر من أکثر الألوان وضوحاً و استقراراً في دلالاته. فهو لون الحیاة والحركة والسرور لأنه یهدئ النفس ویسرها وهو تعبیر عن الحیاة والخصب والنماء والأمل والسلام والأمان والتفاؤل وهو لون الربیع و الطبیعة الحیة و الحدائق و الأشجار و الأغصان والبراعم:
سيدتي
عندما تجلسين علی قبري
انتظري عيوني تخضر مرة أخری
لتکتب تاريخک الحزين (الجريمة: 14)
ففي هذا المقبوس العيون الخضراء ترمز للحلم الجميل بالحياة الرغيدة.. اللون الأخضر يسهم في إبراز دلالة عمق الحياة و سعتها في الحدث الشعري. فاللون هنا يتجاوز الدلالة الوصفية العامة له، ليتحول إلی حياة کاملة مفعمة بالأمل دافقة بالعطاء و مسلحة بقدرة کبيرة علی استشراف المستقبل، إن إيقاع اللون هنا هو إيقاع الحياة بکامل حرکتها و ديناميتها و طفولتها.
اللون الأبیض:
للأبيض تقاليد رمزية عالية التداول في صنع الدلالة و ترميزها في أفق الاستخدام المعنوي و السيميائي، فهو في السياق الدلالي العام رمز الطهارة و النور و الغبطة و الفرح و النصر و السلام، کما انه و في السياق ذاته و الرؤية ذاتها رمز للصفاء، و نقاء السريرة، و الهدوء و الأمل، و حبّ الخير و البساطة في الحياة و عدم التقيّد و التکلّف:
کلمتني عن ما بعد الحداثة
فرأيتها في شارع الثورة و الحداثة
کرديةٌ بيضاء (الجريمة، 18)
فالبیاض هنا يدلّ علی النصاعة و الجلاء. و قد وردت هذه الدلالة للون الأبيض في القرآن الکريم:
))یوم تبیض وجوه وتسود وجوه وأما الذین أبیضت وجوههم ففی رحمة الله)) آل عمران/107.
ففی هذه الآیة “أبیضت وجوههم” كنایة عن “صلحت أعمالهم وطهرت أرواحهم”. فهذه الآية الشريفة توضح لنا أن الطهارة والنقاء والإیمان والصفاء تتجسم بیضاء فی القیامة، فتصبح وجوه الصالحین والطاهرین بیضاء لامعة. و في المقتبس التالي جاء هذا اللون أيضاً:
أنا لا اکتب الشيزوفيرنيا
علی بياض الماء (الجريمة، 48)
اللون الأصفر:
یعتبر اللون الأصفر من أشد الألوان فرحا لأنه منیر للغایة ومبهج. هذا اللون یمثل قمة التوهج والإشراق ویعد أكثر الألوان اضاءة ونورانیة، لأنه لون الشمس مصدر الضوء و واهبة الحرارة والحیاة والنشاط والسرور، يقول الدکتور نصاري:
کلما إنتشر سمارها
في جسدي
صار وجهي اصفراً
و نار (الجريمة، 32)
و للون الأصفر دلالة أخرى تناقض الأولى وهی دلالته على الحزن والهم والذبول والكسل والموت والفناء ربما الدلالة هذه ترتبط بالخریف وموت الطبیعة والصحارى الجافة وصفرة وجوه المرضى:
کلمتني عن مابعدالحداثة
فرأيتها في شارع الثورة و الحداثة
کرديةٌ بيضاء
حاصرت إصفراري
و نادتني أيها العربي
کم بقي من العمر لقتل المرايا؟ (الجريمة، 18 و 19)
* الجريمة، جمال نصاري، آبادان، هرمنوتیک، ۱۳۹۲ش.
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.