
أنا بطبيعة الحال لست ضد مجتمع يعيش في كنف عدة ثقافات ويستقي أحلى ماهو دارج بينهم. ولكني ضد ما هو سخيف عند الثقافات الأخرى. فالمجتمع لا ينفك يسيد به
التطور والتنوير، وإذا بعاصفة الثقافة الغازية المدمرة تفاجئه حتى تدمر ما بُني له وسرعان ما تظهر عنده حالة التناقض في عمقه وجوهره وقشوره.
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة المسلسلات التركية في بيوتنا, وأسقتنا ثقافتها المليئة بالتناقضات، حتى وصل بنا الحال إلى تقليدها حرفيًا من حيث الزي والمكياج وحب المحرم و كره المحلل، حتى اتبعنا سلوك كل ماهو غير لائق. فالبنت أو الشاب المراهق/ة عندما يشاهد الشاب التركي يعشق زوجة عمه بداية لم يتقبل الأمر حيث غريب عما تربى عليه فيصاب بدهشة، ومن ثم يدخل رويدا رويدا في بحيرة المغالطات فيترسخ عنده الحرام المحلل والحلال المحرم وبالتالي يمسي ضحية جهل أبويه ليلاً ومراهقته نهارًا.
سن المراهقة هو أخطر ما في حياة الإنسان ، وتغير من مرحلة إلى أخرى فهي تبدأ من سن الثانية عشر إلى العشرين بالمرحلة التي يبني فيها المراهق شخصيته، إنها فترة صعبة يعيش المراهق مرحلة يعتقد أن ذويه لا يفهمونه، فيدخل عالم الكبرياء وعدم الإصغاء لوالديه، ويمارس السلوك الذي تعايش معه طوال سنين مراهقته.
فالمراهق في هذه الفترة يبتعد عن والديه ويتقرب من أبناء جيله؛ لذلك يصبح أسير أفكارهم. لذا يمر في فترة البلوغ الجنسي بتغييرات اجتماعية، فتخطر كثير من الأسئلة التي لها صلة بالهوية الجنسية و تبدأ تتغلغل في أفكاره.
لذلك يندفع المراهق نحو كل ما يحتاج إليه لكي يشبع رغبته، ويدفع ضريبة أفكاره بأغلى الأثمان من حيث لا يشعر، وبعد فوات الأوان تصبح حياته مهددة بالخطر ما لم ينتبه إليه ذويه.
فلا يمكن أن نفهم حجم الغزو بكل أبعاده إن لم نضعه ضمن منظور حياتنا، بمعنى آخر، فإننا بحاجة إلى أٌمٍ لا تلهيها المسلسلات التركية وحفلات الأعراس وشراء ما هو جديد من الملابس ويكون شغلها الشاغل ما نزل آخر قماش في الاسواق وتصبح من القواسم المشتركة لتضيء طريق المراهق. فاليوم نحن بأمس الحاجة إلى نساء تحمل على كاهلها عبء أطفالها بدل اهتمامها بالزي، تهتم بتربية أطفالها لا بعرض ما تلبسه من جديد، تكون حقاً أمٌ تحتضن أبناءها لكي تصبح أهلاً لهز المهد بيسارها كما هزت المهد سابقاً بيمينها.
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.