في ربيع عام 1390 شمسية…بكّرتُ مع نفر من بني قلبي نحو الجنوب من الوطن حاملاً في روحي شوقاً اصيلاً الى تربة اَجدادي حيث ارض ابن السكيت ومؤسسي الدولة الكبيعة. اَنها البقعة المظلومة رغم أنها تُشكل اساس الوطن كله وخاصة من حيث الثقافة والهوية والادب العربي.
وصلنا الريف المقصود في ساعة عذبة النسيم..ترجلنا من مركبٍ لنا فُحُيينا تحية عربية باَهازيج شعبية من قبل اَهل الدارِ. وغرّد الحب في سماءٍ صافية الرحاب باسمة الضياء…وسرعان ما دارت فناجين القهوة في مضيف
مُعمَر بالمحبة والاخويةِ…ثم جاءت المائدة بما قدمته الطبيعة من اَلبان وخبز شهي ومن لدن اَيادي خالصة الضيافة والجود.
إمتلأنا وروينا بكرم عُروبي فائض الجوانب ، فقمنا قاصدين الهور بهدف الترويح عن النفس والامتاع بمناظر القصب والمياه والطيور…وركبنا مسرعين لطبيعة اصيلة أهملتها اِرادة الانسان. واَقتربنا فدخلنا الهور من ناحية
الغرب حيث منتهى ارياف الدورق. فأتوا بمشاحيف صغيرة مصنوعة محلياً.
و وجدنا الهور جافاً اِلا قليلا…فقد كان قد مات..واحتيا مرة اُخرى بشكل زهيد وبسبب مياه البزل المالحة الآتية من مشروع قصب السكر. وكان نفرٌ من الصيادين مع من يجمع الادغال لحيواناته الاهليه في حاشية الهور. وقسمنا
الوظائف لبدأ الجولة فمنا من صار يقود المشاحف وهناك من فتح نقالا او مصورة و شرع بالتصوير…وبعضنا جهز بندقيته ليختبر حظه في صيد الطيور..
وبعد دقائق أصبحنا وسط مياه الهور الآسنة الزرقاء القليلة…ببنادق مشرعة تطلق الرصاص بقصد الصيد محدقة بكاميرات لتثبيت الخاطرة في الزمان والمكان الدورقيين. وهب النسيم وكان لطيفاً بارداً…وغردت بعض الطيور صداحة خشية الموت هاربة من بلاء زوار غير مدعووين…وطال التجوال..تجوال عربٍ متلهفين لبقعة الطير والماء والبردي..وكان الحظ ضئيلاً للهور ولرواده…شحة الماء والطير والقصب..ينذر بموتٍ عاجل لمصدر هام لحياة
طبيعية في منطقة الدورق الاصيلة…
وخرجنا من الهور بعد ما يقارب الساعة…بعد ما اطلقنا رصاصاً كثيراً في ارجاء الهور…وبحثنا مديداً عن الطير والمناظر و…ولم ننل خيراً..غير أننا أثبتنا في ارواحنا خاطرة هور الدورق مكللة بالحب لهذا المكان الذي كان ذا رونق في زمنٍ ما ومصدر خير جم لسكان تلك المناطق بما يحتوي من سمك و طيور وادغال واثمار…لكن يد الانسان لا تدع نعمات الله لعباد الله…
المصدر:مدونة فلاحيتي
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.