ذات مرة كنت اكلم شخصا احوازیا عن ثروات مدینة الفلاحیة و حرمانها و لكنه لم یعرف الفلاحیة و لم یعرف عن ای مدینة اكلمه الا بعد ان ذكرت له اسمها الفارسی(شادغان).. و الحقیقة انی استغربت الأمر منه لأن الفلاحیة من اكبر و اقدم المدن الاحوازیة و فیها الكثیر مما یمیزها عن الأخریات و مجرد اسمها تكفیها هیبة و شرفا و احتراما فكیف لم یعرفها البعض من اهل الاحواز..عار والله عار.
و طبعا عندما نتدقق فی الأمر نعرف الأسباب و لم نعد نستغرب هذا الشیء و لكن كل ما سیرافقنا هو التأوه و الحزن..
نعم هذا الأمر جعلنی اكتب السطور هذه من اجل تلك المدینة فقط.. لأنها قتلت بأیاد بشریة:
*****
((الفلاحیة ارض قُتلت بأیاد بشریة))
الفلاحیة من اكبر و اقدم المدن فی بلدنا و تسمى كذلك الدورق نسبة إلى عائلة الدورق التی تقطن هناك و كانت هذه المدینة مركز أمراء الاحواز قبل بناء مدینه المحمرة. و تم تغییر أسم المدینة من الفلاحیة إلى « شادغان:shadegan» خلال حكم عائلة البهلوی بشكل رسمی.
“ثروات و عطائات مدینه الفلاحیه”
١-تعد الفلاحیه من المدن الرئیسیة المولدة للتمور و یتم تصدیر الكثیر منها إلى الخارج .
٢-و نضیف الی ذلك الصنائع الیدویة التی تحصل من برکة هذه الشجرة.
٣- اضافه الی هذا تتربع الفلاحیة على بحر من النفط.
٤-کذلک تتمتع الفلاحیة بوجود أحد أكبر اهوار العالم و أحد الثروات الطبیعیة فیها و هذا الهور مع النكسة التی حصلت فیه لا یزال مرکزا سیاحیا کبیرا فی المنطقة بزیارات تصل إلى مایقارب ٣٠٠٠ شخص یومیا فی العطل الرسمیة(خاصه فی السنوات الأخیرة) كما انه مصدر رئیسی للأسماك فی المدینة.
٥- اضافة إلى وجود نبات «البردی» الذی یثمر مادة ثمینة تسمی «الخریط» (یتم طبخها و دمجها كحلوى باللون الأصفر) و یتم تصدیر «الخریط» عبر اللنجات إلى الاسواق الشعبیة فی الدول الأخری.
٦- و ایضا تتمتع الفلاحیة بوجود أراضی زراعیة كثیرة و تعتبر لأهالی القرى مصدر دخل أساسی.
٧- کذلک توجد فی الفلاحیة میناءا تم انشائها فی عام 2012 و تعد من المشاریع الهامه لرفع نسبة كبیرة من البطالة، ولكن رغم الأنتهاء منها لم یتم تفعیلها حتى الآن للتصدیر الخارجی بسبب عدم استخراج الترخیص لها(الإهمال) .
٨-كما تحتوی هذه المدینه على أحد أقدم و أكبر المكتبات العائلیة المتخصصة فی حفظ المخطوطات وتراث علماء المدینة والمنطقة بأسم مکتبه آل محسنی التی تأسست عام 1214ه.
٩-کما و تُعرف الفلاحیة بمدینة الأدباء او الشعراء نسبتاً للكم الكبیر من الأدباء الاحوازیین فیها وأبرزهم ابن «السکیت» و حدیثا امیر الأبوذیه الشاعر الراحل «ملا فاضل السکرانی».
نعم احبتی… هذه الأرض تربت فی مهد الحضارة و الأدب و تتمتع بوجود كل هذه الثروات العظیمة
و لكن رغم كل ما ملكت هذه الأرض المبارکة من علم و حضارة و ادب طوال التاریخ و رغم کل عطائاتها و شموخ نخیلها و خیرات میاهها و ثرواتها الطبیعیة و مصانعها للبتروكیمیاویات إلى أن وضعها مؤسف للغایة و تعد من افقر المدن الاحوازیة حیث سقف الفقر و البطالة فیها مرتفع جداً و هذه المدینة تعانی من إلإهمال فی کافة المجالات الإجتماعیة (کالنقصان الشدید فی الخدمات التعلیمیة و الخدمات المدنیة) و البیئیة فعلی سبیل المثال الهور الذی كان فی المرتبة الخامسة حسب أتفاقیة رامسار العالمیة تراجع الیوم للمرتبة ٢٢ بسبب الإهمال و حفر الآبار.
و هذا لیس کل شیء فأهل هذه المدینه یعانون من قلة المیاه الصالحة للشرب. یعانون من فقدان الرصیف لمعابرهم و شوارعهم و من عدم وجود طرق و معابر صالحة للأستخدام و لهذا لم تعد المدینة ترمز لأی تقدم حضاری فی البناءات و الشوارع و هذا هو السبب الرئیسی لحوادث السیر التی تسبب حالات وفیات کثیرة سنویا فی هذه المدینة. کما و فقدت الکثیر من ابنائها لفقد الخدمات فی المستشفی و بأیدی أطباء لم یعرفو الخبرة و اصبح هذا الأمر مما یشکون منه اهل الفلاحیة.
هناک المزید و المزید من الحرمان و المعاناة و الجراحات فی هذه المدینة و المدن الاحوازیه الأخری. جراحات ولدت بآفات الفقر و التكبل.فمن المخجل أن نرى خلف صرح الأدب والعلم و العطاء جهلا یقتل معالم الحیاة و هو جهل ألإحساس بالمسؤولیة من قبل اصحاب الشآن.
فنوجه خطابنا لهم؛لمن یمثلون عدل الله فی أرضه :
أین تذهب هذه الثروات و ما هی ثمارها لذویها؟
أین حق ابناءها من ارضهم؟
لماذا کل هذا الجمود؟
هل تستحق مدینة الفلاحیه و باقی مدننا کل هذا الحرمان؟
أغیثوا شعبکم و أنقذوا بلدکم و اخدموا مدنکم الجریحة إما تطبیقا لواجبکم و عملا بمسؤولیتکم و إما تلبیة لنداء الإنسانیة فی ضمائرکم و إما خشیة من العقاب الإلهی.
الم تسمعوا قوله تعالی: ((… و رفع بعضكم فوق بعض درجات لیبلوكم فی ما آتاكم إن ربك سریع العقاب)).
فأعتبروا یا أهل المناصب إن المولی مبتلیكم.
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.