الحركات الإرهابية عبر التاريخ العربي الإسلامي – القرامطة/بقلم:د. عميش يوسف عميش

تمر امتنا العربية بأزمة خطيرة تتسارع فيها الاحداث بشكل غير مسبوق بسبب ظهور حركات شعارها الارهاب والقتل والتهجير القسري والتكفير باسم الاسلام. وفي حديث ودي مع صديق عزيز واسع المعرفة. سألته: هل ظهرت في تاريخ الحضارة العربية الاسلامية حركة تشبه ما نراه على الساحة العربية الان من تنظيمات ارهابية تدعي اسلاميتها وتسعى لبناء دولة الخلافة الاسلامية العظمى، فنصحني ان افتش في تاريخنا ولقد وجدت الجواب فشكراً له. فقبل حوالي 1200عام ظهرت حركة القرامطة (260هـ) ولقد وجدت بعض التشابه بينها وبين التنظيمات الارهابية الان وقد بحثت في مراجع التاريخ ووجدت هذه الحقائق عن حركة القرامطة: (1) حركة باطنية هدامة تنتسب الى ( حمدان بن الاشعت ) ولقب ( بقرمط) لقصر قامته وساقيه. وهو من الاحواز ثم رحل للكوفة. واعتمدت الحركة على التنظيم السري العسكري. وكان ظاهرها التشيع لآل البيت وحقيقتها الالحاد والاباحية والقضاء على الدولة الاسلامية وتتابعت الاحداث بزعمائها. (2): بدأ عبدالله بن ميمون القداح وعرف برأس الافعى القرمطية بنشر المبادئ الاسماعيلية في جنوب فارس (260هـ) ومن بعده الداعية في العراق (ابو الفرج بن عثمان القاشاني) المعروف (بذكروية) الذي اخذ يبث الدعوة سراً. وقام حمدان قرمط بن الاشعت عام 278هـ ببث الدعوة في الكوفة وبنى داراً اسماها الهجرة، وجعل الصلاة خمسين مرة في اليوم. ثم هرب واختفى (بذكروية) عشرين عاماً لكنه بعث اولاده يدعون للحركة في البلاد. وخلفه ابنه احمد القاسم الذي هرب لبغداد. وجاء ابنه ابي سعيد الجنابي الى البصرة 283هـ وهزم وبطش بقوافل التجار والحجاج في حمص. ثم جاء ابنه سليمان الحسن الذي استولى على معظم الجزيرة – ودام ملكه 30 عاماً ويعتبر مؤسس دولتهم الحقيقي ومنظم دستورها السياسي والاجتماعي – واستطاع ابتزاز حكومة بغداد بدفع الاتاوة بالإرهاب. وفتكت الحركة بالحجاج حين عودتهم من مكة وقطعوا رؤوسهم، ونهبوا اموالهم، وهاجم القرامطة مكة عام 319هـ وملأوا المسجد بالقتلى، وهدموا زمزم، ونزعوا الكسوة، وسرقوا الحجر الاسود واقتلعوه الى الاحساء وبقي هناك 20 عاماً حتى 339هـ. توفي سليمان فخلفه اخوه الحسن الاعصم الذي استولى على دمشق 360هـ، وتوجه لمصر، وهزمه الفاطميون،. لكن انتهت دولتهم في البحرين حيث قاتلهم ملك البحرين والاحساء الاصفر التغلبي. (3) ادعوا انهم يقاتلون من اجل آل البيت. وكانوا اول من اسس افكار (التشيع) في التاريخ وهي التي تقوم على شيوع الثروات واحتقار الملكية الشخصية ويجعلون الناس شركاء في النساء والدعارة بحجة استئصال أسباب المباغضة. وان ذلك يعمل على زيادة الالفة. نشروا معتقداتهم بين ضعفاء النفوس فكونوا مجتمع لصوص وسفاحين واهم معتقداتهم إلغاء أحكام الإسلام الأساسية: كالصوم والصلاة وسائر الفرائض، استخدام العنف لتحقيق اهدافهم-يعتقدون بإبطال القول بالمعاد والعقاب وأن الجنة هي النعيم في الدنيا والعذاب هو انشغال اصحاب الشرائع بالصلاة والصوم والحج والجهاد، استحلوا الاموال والاعراض، يقولون بالعصمة وانه لا بد في كل زمان من امام معصوم يؤول الظاهر ويساوي النبي في العصمة. يعتقدون ان الصيام (الإمساك عن كشف السر). البعث (الاهتداء إلى مذهبهم). يفرضون الضرائب دون حق. يؤمنون بوجود إلهين قديمين أحدهما علة لوجود الثاني. يعتقدون بان الائمة والاديان والاخلاق ليست الا ضلالاً. يتعلقون بمذاهب الملحدين مثل (مزدك وزرادشت). أساس معتقدهم ترك العبادات والمحظورات وقيام مجتمع الإباحية والشيوع في النساء والمال. (4) كانت فلسفتهم مادية تسربت اليها تعاليم الملاحدة والمتآمرين من ائمة الفرس. وتأثروا ببعض مبادئ الخوارج السياسية والدهرية. دامت حركة القرامطة قرابة قرن، بدأت من فارس وامتدت لتشمل رقعة واسعة من الجزيرة العربية والصحراء الوسطى وعمان واليمن وخراسان واستباحوا مكة ودمشق وحمص. حركة القرامطة كان هدفها محاربة الاسلام بارتكاب الكبائر وهتك الاعراض وسفك الدماء والسطو على الاموال وتحليل المحرمات واشاعة النساء والمال، الاعتداء على الحجاج وقطع رؤوسهم واقتحام الكعبة ونزع الحجر الاسود وانكارهم للقيامة والجنة والنار. كل ذلك بالادعاء الكاذب باسم الاسلام – لكن التاريخ الموثق يصفها بانها حركة تكفيرية ارهابية تشبه ما نشهده اليوم من حركات كثيرة تختبئ خلف الاسلام الحقيقي. ان الارهاب والتكفير الديني لا شك موجود في طريقة التفكير والعقل والتربية والثقافة عند الانسان، فلا بد من احترام الفكر وتفعيله الايجابي ليرقى الى مرتبة الحوار العقلاني السلمي لمنع التطرف والارهاب.

المصدر