تبدأ الثورة الثقافية على ما مضى من التأريخ لتنقيته وإزالة التخلف لتكوين مجتمعاً راقياً حراً نزيهاً عادة من خلال دعم الحكومة ومؤسساتها الثقافية وتبديل المواد الدراسية في المدارس لاسيما تخصيص الميزانيات للعمل الثقافي كي يكون نافعاً مثمراً جاهزاً لطلوع شمس النمو الثقافي لتبديله نحو الأفضل. وإذا كان كل ما ذُكر أعلاه وضع في سلة المهملات فلم تطلع على المجتمع شمس الرقي التي باتت خلف قضبان سحاب التخلف وتظل ظلمة ليل التخلف الدامس سيدة الموقف.
لكن في الآونة الأخيرة نضج العقل وبدأ ينتهي من سن مراهقته بفضل تخرج الشباب من الجامعات واحتدام النقاشات وفرض واقع التعليم الذي أصبح ضرورة ولاسيما عالم الشبكات العنكبوتية كالحوارات والنقاشات التي يشع نورها عبر شاشات التلفاز والتعرف على ثقافة العالم، فبدأ المثقف الاحوازي ينعي قسمته ويدعو ربه أن يمن عليه بغيث رحمة الانفتاح ليدعم المشروع الثقافي كي تطل عليه شمس التعليم والرقي من خلف قضبان سحاب التخلف وتشرق
واضحة لعل وعسى يدعمه ذاتياً ليخرج المجتمع من ظلمة الصراع القبلي والتحلي بالموروث والتفاخر بالأنساب. لذلك بدأ يبذل جهداً ذاتياً ويضيء شموع العمل الثقافي عبر
المحاضرات والمهرجانات والأمسيات الشعرية وأخيراً معرض الاحواز عبر التأريخ الذي كان عملاً بسيطاً مرئياً يعطي المعلومة دون جهر وكأنه يهمس في أُذني كل مواطن، هذا العالم إذ كان من هذه الارض، وهذا الحاكم كان يحكم هنا، وهذا الشاعر هو جد إحدى هذه القبائل، وكلهم الان أصبحوا في خبر كان، أي في عداد الأموات، فماذا عنك أنت؟ ألا تعلم إن الإمام علي عليه السلام قال (إن الفتى مَن يقول ها أنا ذا ليس الفتى مَن يقول كان أبي)
لذلك تم إنشاء المعرض المعبر عن تأريخ شخصيات الشعراء والحكام والحقبة الزمنية التي حكموا فيها المشعشعيون والكعبيون كي يكون تعبيراً شفهياً عن نبذة تأريخية تغني الزائر عن قراءة الكتب.
ولا سيما المحاضرات التي أقيمت في المعرض، كانت تكملة له ورسالة توعوية لينبئوا الشعب على أنك لست كهذا وإنما أنت بركان أدبي وثقافي خرجت من صلب هذه الأرض لتكون نموذجاً للمستقبل.
والجديرة بالإشادة ايضا مسابقة فرسان الشعر التي أنشأتها مؤسسة المعلم حيث عملت على ترسيخ الأدب العربي في أذهان الأطفال من خلال حفظهم للشعر وهذه ثورة ثقافية تستيقظ الطفل من سبات التخدير وتفتح له فضاءً واسعاً في لغته وتعدم التهجين في شخصيته وتخلق في لاشعوره صنم الانفتاح لثقافته المليئة بحِكمِها وجمال آفاقها الواسع دون تدنيسها بألوان اللغات الأخرى حيث فكر الإنسان يتغذى من لغته و يفكر مما يتكلم به.
وإذن النشاط الثقافي الذي بات على يد النخبة الاحوازية اليوم، هو بمثابة حرق الأفيون المخدر واستيقاظ المجتمع من سبات التخدير الذي يجعل الإنسان تابعاً لا متبعاً، ضعيفاً لا قوياً، أسيراً لا حراً، متخلفاً لا نامياً.
لذلك كان عملاً رائعاً وعقلانياً. لذا لعب المثقف دور الطبيب الذي يحقن المريض الجرعة لتجعله بعيداً عن الأمراض المعدية. ولكن نطلب منه المزيد حتى يصبح صانعاً للآلة التي تكسر أصنام التخلف المستبد الذي جعل نفسه قبلة لنا لنصلي لها ونسبح بحمده. ولا يبقى لي إلا أن اشكر كل من قام بهذا العمل الثقافي سواء كان محاضراً أو مؤرخاً أو مشرفاً أو داعماً أو مغطياً وأيضاً الشكر الموصول لإدارة موقع البروال عما بذلوه من جهد وتحمل العناء في سبيل تغطية مسابقة فرسان الشعر ومعرض تأريخ الاحواز والاحتفالات التي أقيمت في شتى أنحاء الإقليم.
المصدر:موقع بروال
للتنويه فقط:
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.