الخاء خليل اللي تمنيته درع…صار لکن للعندي عز ومنع
ردته ايصيب لي وبيه انتفع…صاب وأجرح چبدتي وأدماها
الشاعر الاحوازي الفقید طاها اسحاق القیّم
وصلتني رسالة عبر البريد الإلكتروني من أحد الأصدقاء وفيها رابط عن موقع فارسي وفيه مقابلة صحفية مع احد المترجمين المعتمدين في الوزارة الخارجية الإيرانية والذي انشق عن السلك الدبلوماسي أخيرا و طلب اللجوء السياسي في تركيا.
وفي سياق اللقاء يصف هذا المترجم المنشق عن نظام ولي الفقيه أن فرصة حصول المواطن الإيراني العادي على وظيفة في وزارة الخارجية شبه معدومة وهذا الأمر يعد من أصعب الأمور في الوقت الحاضر حيث الخارجية الإيرانية ومثلها باقي الوزارات والدوائر السيادية في طهران تسيطر عليها قيادات من الحرس الثوري موالية للمرشد علي خامنئي ويشاركها أبناء رجال الدين الذين يؤمنون بالولي الفقيه والذي يطلق عليهم بالفارسية “آقا زاده ها”.
والمقصود من قيادات موالية من ضباط الحرس الثوري اولئك الذين آمنوا بنظام ولي الفقية و بايعوا المرشد علي خامنئي وعملوا تحت أمرة الأجهزة العسكرية والأمنية التابعة لهذا النظام ومنها الحرس الثوري وفيلق القدس الجناح الخارجي للحرس الثوري وضحوا بالغالي والنفيس من أجل تحقيق مشروع ولي الفقيه في المنطقة والحفاظ على النظام الإيراني في الداخل.
وأنا أويد قول هذا المترجم المنشق عن النظام الإيراني واقراره بوجود وانتشار اللوبيات في طهران حيث يسعى كل لوبي الحصول على مشاريع تنموية وانتزاع ميزانيات لهذه المشاريع من المركز لصالح أبناء قومه أو أبناء منطقته الجغرافية علما أن الميزانية السنوية الإيرانية تعتمد وبشكل أساسي على مبيعات النفط الذي يسرق من الاحواز العربية،المنطقة التي تقع في ذيل قائمة المناطق التي شهدت تنمية وعمران في إيران.
وبحكم متابعتي للشأن الإيراني أعرف أن اللوبيات التي تنتمي للمناطق المركزية من إيران أي الاقاليم الفارسية هي صاحبة اليد العليا في طهران،فاللوبي الاصفهاني على سبيل المثال نفذ وبعجالة مشروع نفق بهشت آباد والذي اعتبره نشطاء البيئة في إيران بمثابة الطلقة المميتة لنهر كارون الاحوازي،دون الاكتراث والتفكير بتبعات الأمر أو الاستماع لصرخات نشطاء البيئة واعتراضات مندوبي الاحواز في البرلمان الإيراني.
نفذت خطة مصادرة مياه كارون والمخالفة لسياسات طهران المائية لصالح سكان اصفهان وكرمان بواسطة قيادات فارسية كانت قد عملت في الحرس الثوري والأجهزة الأمنية في العقود الماضية لكنها استبدلت ملابسها العسكرية بملابس مدنية عندما حان وقت قطف الثمار وتوزيع الغنائم وذهبت للعاصمة الإيرانية طهران بعد انتهاء الحرب الإيرانية العراقية(1980-1988م) وذلك لأخذ حصة إقليمهم وخدمة أبناء جلدتهم ومثل ما فعل الاصفهاني عمل محسن رضايي اللوري البختياري لصالح اللور والبختياريين والذي خدم أبناء جلدته من خلال توطينهم في الأراضي والمدن الاحوازية ومكنهم من الهيمنة والسيطرة على المراكز الادارية والأمنية والاقتصادية في الاحواز وذلك على حساب العرب الأمر الذي دفع المستوطنين الذين سبقوا اللور والبختيارية أن يشعروا بالضيق والخطر حيث حاولوا الاحتماء بالعرب من خطر عصابات محسن رضايي.
بدأت عملية تقسيم الكعكة وتوزيع الغنائم بعد انتهاء الحرب الإيرانية العراقية وفي عهد رئاسة أكبر رفسنجاني واستدرجت قيادات الحرس الثوري التي أثبتت أخلاصها للنظام على الصعيد الداخلي حيث المشاركة بعمليات القتل والتنكيل بالمعارضة أو المشاركة في الحرب مع العراق للعاصمة الايرانية طهران وسجلت لهم مؤسسات وشركات وأعطيت لهم المشاريع الأنشائية والمعادن والمصانع وخصصت لهذه المشاريع ميزانيات ضخمة وبما أن كل عنصر كان يسعى لخدمة بني قومه وأبناء منطقته أنتقلت الكثير من الشركات ودشنت الكثير من المصانع والمعامل في المناطق المركزية من ايران حيث شهدت معظم المدن الفارسية ومنها اصفهان وكرمان ورفسنجان ويزد وشيراز و قم وكاشان حركة عمرانية لا مثيل لها خلال العقود الثلاثة الماضية.
لم تكتفي القيادات الفارسية في الحرس الثوري بمكاسبها وحصتها التي حصلت عليها مباشرة من طهران بل عادت إلى الاحواز من جديد خلف شركات ومؤسسات تحمل عناوين عمرانية. عادت قيادات الحرس الثوري والقوى الأمنية التي تركت الاحواز بعد انتهاء الحرب الإيرانية العراقية وهي تحمل لافتات مشاريع عمرانية لكنها بالواقع مشاريع توسعية وعنصرية خاصة وأن هذه القيادات تعرف تضاريس المنطقة جيدا،لأن المنطقة الغربية من الاحواز والمحاذية للحدود العراقية كانت ساحات قتال في الثمانينات من القرن الماضي ودارت رحى الحرب فيها لأكثر من ثمان سنوات حيث تعرّف الفرس على أفضل وأجود الأراضي الزراعية والمعادن الاحوازية وعادوا للأستيلاء عليها ونهبها من العرب ونجحوا في ذلك.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا وهو كيف يحدث كل هذا وهناك العشرات من القيادات الولائية في الحرس الثوري وهي محسوبة على الشعب العربي الاحوازي ،أين هي قيادات الحرس الثوري ذات الجذور العربية والتي خالفت التوجه الشعبي العام في الاحواز وانضمت لصفوف الحرس الثوري ودوائر الدولة الإيرانية والتي آمنت وخدمت وضحت وقدمت ضحايا لصالح نظام ولي الفقيه؟.
يحاججني الكثير من الاعلاميين العرب الذين التقي بهم هنا في لندن ودائما ما يذكروا لي أسم علي شمخاني و غيره من المحسوبين على الاحواز خاصة تلك القيادات التي انتشرت أخبار مصرعها في سوريا والعراق أخيرا،القيادات التي تنكرّت لأهلها ولم يسجل لها حتى موقف انساني واحد،القيادات التي لا نعلم نحن أبناء الاحواز عن وجودها وعن رتبها العسكرية إلا بعدما مقتلها!.. وهنا اتذكر دائما المثل الشعبي الذي يقول:
ابخيرهم ما خيّروني …ابشرهم عمّوا عليه.
كنت أتمنى أن تجبر هذه القيادات مخالفتها للرأي العام الاحوازي وتعمل كما فعل القيادي الاصفهاني والقيادي البختياري و… وأن تسجل لنفسها موقف مشرّف واحد قبل رحيلها وذلك من أجل حماية أبناء وطنها وتبعد عنهم الذئاب الفارسية المفترسة التي تكالبت على أرضنا واحاطة بشعبنا من كل جانب ولكن ومع شديد الأسف تخلت هذه الجموع عن شعبها وخذلت أبناء جلدتها والكلام موجه لمن باقي على قيد الحياة من هذه القيادات المحسوبة على الشعب العربي الاحوازي والموجودة في السلطة الإيرانية حاليا.
لا يحق لي ولا لغيري نفي أنتماء معظم هولاء للاحواز كونهم من أبناء القبائل العربية هناك ومنهم أمين مجلس الأمن القومي الإيراني الادميرال علي شمخاني ولا اطالبهم بالانشقاق عن النظام العقائدي الذي لطالما آمنوا بمبادئه وضحوا من أجله ولكنني اتسائل هنا وأطرح أسئلتي وعسى أن تصل الرسالة لاحدهم وهي:
– هل يعتقد هولاء المنضوين تحت راية خامنئي أن الشعب العربي الاحوازي لا يراقبهم ولا يسجل لهم كل هذا التواطؤ والتخاذل وبيع الضمير؟!.
– هل تسائل أحدهم عن سبب خروج عشرات الآلاف من الاحوازيين ومشاركتهم في تشييع جثمان الشاعر الفقيد ملا فاضل السكراني في منطقة الفلاحية وتكرار هذا المشهد الجماهيري في مراسم تشييع الشيخ خالد الخسرجي الأسبوع الماضي؟!.
– وهل تسائل هولاء عن سبب الرفض والتنديد الاحوازي الواسع على تصريحات أحد الشيوخ الذي تهجم على أميرنا الراحل و أحد أبرز رموز الوطن العربي الشيخ خزعل بن جابر؟
فأنتهزوا فرصة وجودكم في السلطة الإيرانية وسجلوا لأنفسكم موقف انساني ووطني مشرّف وتذكروا قول نبيكم :ارحَموا مَن في الأرضِ يَرحَمْكُم مَن في السَّماءِ.
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.