مدونة فلاحيتي- للحضارة الغربية ثلاث مزايا کبيرة تترک تأثيرات هائلة علی حياة الإنسان بحيث لايستطيع ينکرها و هن الديمقراطية و الصناعات و الإنترنت … و قد يکون أدق وصف و أرحب في نفس الوقت ، وصف هذه الحضارة بالعلمية … فکل افرازاتها الإيجابية الکبيرة هي فرع من فروع العلم المنتوج من لدنها ..
و أما مانريد الإشارة اليه في هذه المساحة الوجيزة هو الإنترنت الذي بدأ قبل عقود قصيرة و خلال هذه الفترة القليلة توسع إلی حدود عسيرة علی العد و الإحصاء فصار يکون عالماً مجازياً کبيراً الی جانب عالمنا الذي نعيش فيه عبر اجسادنا …
و لمّا نمعن النظر في هذا الرأي ، ليس لنا غير الإستغراب و الدهشة .. فلايکون من السهل خلق عالم يستطيع أن يوازي عالمنا و ينافسه بالحضور الانساني و التواصل و التفکير و التسلي و العلم و التجارة … الخ .و من المسلمات أن العقل الغربي الذي أثبت قدرته علی الإبداع و الديمومة المتفوقة سيکون بإمکانه أن يطور الإنترنت الی مالا نستطيع تخيله في السنوات المقبلة …
و اما نحن و الإنترنت … فبما أنا شعب من شعوب الأرض المستهلکة فلا نتطرق الی الإنترنت الا من خلال هذه الکلمة …أي کيف نستهلک الإنترنت … اَو کيف ندخل هذا العالم الغربي الجديد ….؟ لايفوتني أن المّح الی بديهة و هي ان الإنترنت هو عالم الروح و الغياب و اللاجسدية .. وهذا مايجعل المرء أن يدخل في فضاءاتٍ رحبةٍ و علی الرغم من مشاکل واقعية يواجهها فأنه سيجد الحرية و لو نسبيةً …
إذن الحرية التي يعادلها شيء بالقيمة هي مما يقدمه الإنترنت لمستخدميه . و خاصة نحن کشعب لا تُعد لغته لغة رسمية …سوف يجد المواطن فضاءاً اجتماعياً مسموحاً له بالإستفادة من لغته …فيحصل عنده تعويض کبير عن الواقع . کذلک يلقي حرياتٍ عدة منها أنه يتصل بالجنس الآخر ليتعرف عليه و يمتح من المشاعر الممنوعة علی ارض الواقع .. و حرية أخری هي سيکون بإمکانه أن يحصل علی المعلومة التي لاتتوفر لديه واقعاً …
و بالنتيجة أن للإنترنت فوائد جمة ثقلفية و سياسية و اجتماعية و اقتصادية … لکن في نفس الوقت انه يحمله بطياته آفاتٍ يمکن أن تضر بالفرد و الجمع سوية . لهذا الإلتزام بالأخلاق و الضمير و القواعد الإيمانية و الإنسانية ، يستطيع أن يحول دو الإضرار الناجمة عن هذا العالم الجديد علينا . انه لعالم عظيم و اذا ما استطعنا الإنتفاع به و منه سنکسب قضايا و اموراً هامة في حياتنا ، أولاهن العلم ثم الثقافة .. الخ .و من المؤکدات عندي ان اهم مکسبٍ لنا من الإنترنت هو الإحياء الثقافي . فصار مَا مُنعنا عنه ، بين أيدينا . اليوم أي مواطن يستطيع أن يفتح مدونة أو حساباً و يشرع بالتعبير عن الذات مما يؤدي إلی نمو العود للغة الضاد المقدسة عندنا کالغة ِ دين و هوية . و يُخال لي أننا بنينا صرحاً لأدبنا و ثقافتنا بمزاولة هذا العالم مع الإلتزام بالأخلاقيات و قبول المسؤولية تجاه الذات و الآخر حتی نُثبتُ جدارتنا کشعبٍ قابلٍٍ للحياة و مؤهل لخوض غمار البناء الحضاري الإنساني في ظل حضارة متقدمة تفسح المجال لکل انسان علی المعمورة ليُکرس حضوره ککائن حي يقدس الحياة …
اسبوعية جنوبي ها / السبت 7 دي 1392 * 24 صفر 1435 ** العدد 55
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.