قصيدة النثر بـ(الاحواز).. الرّقص على شفرة السكين

3
ميثم الحربي مع جمال نصاري (العالم الجديد)

الناقد جمال نصاري لـ”العالم الجديد”: الهجوم على قصيدة النثر العربية في إيران هو النقد السائد.

صحيفة العالم الجديد- ميثم الحربي- بعد المحطات والانتقالات التي حققتها قصيدة النثر في الساحة العربية متنا وجدالا، تبدأ النثرية في الاحواز بدفع جدار العزلة وتدفع بيدها عارية السلاح المُصوّب إلى صدغها، وتقول: ليس هناك سوى (الجريمة!).. هكذا هي اليوم في مدن عبادان، والمحمرة، والفلاحية وباقي محافظة خوزستان (الاقليم العربي في جنوب ايران) تمارسه حياتها الصعبة، وتعلن أنها تعيش حالة مخاض وريادة وتقود حركة حارة من الجدل القديم الجديد حول التراث والمعاصرة.

 

كما يعيش اللسان العربي الناثر في إيران فصلا من المرثاة النقدية التي تدير مفاتيح اللغة والأساليب والأخيلة بجهاز نقدي بات اليوم في حكم الخردة. لكنّ التقليديين يريدون أمام منجز الشعراء المتقدم عدم التصديق بأنهم واقفون في المُتحف.

 

أُقيم في مدينة عبادان قبل مدة قصيرة (مؤتمر قصيدة النثر) وعلى هامش هذا المؤتمر التخصصي والذي يُعد من بواكير عمل الحركة النثرية في إيران حاورت “العالم الجديد” الدكتور جمال نصاري مُنظم المؤتمر وسألته عن بداية الحركة وجغرافياها والأسماء التي تكتب قصيدة النثر ونوع الهموم والموضوعات التي يبحثها الشعراء وما هي الروافد المغذية وشكل المكتبية المغذية للعقل النثري هناك وكيف هي أحوال الحركة النقدية الموازية للمجموعات النثرية والقصائد التي تتناسل، ليحدثنا أخيرا جمال نصاري عن السياق الحضري حيث المكان الذي يُقام فيه الجدال وتبادل آخر صيحات الكتابة كما لو أنّ في الجوار ثمة (غودو) سيُنهي مأساة الوجه واليد واللسان لإنسان الاحواز ويُخلّصه من وقوفه الطويل والمُنهك على منصّة الطوارئ!

 

ليعلم التاريخ والجغرافيا

 

قال الدكتور جمال نصاري ونحن نسأله عن بداية وأمكنة قصيدة النثر، إنه في محافظة خوزستان(شمال الاحواز) عام 2012 عُقد مؤتمر بعنوان (شاعر النبي) وكان المثير للسؤال في هذا المؤتمر أنه لم يضع قصيدة النثر من ضمن الأشكال الشعرية المشاركة.

 

وبعد أربعة أشهر من هذا المؤتمر حضر شعراء قصيدة النثر في مكتبي وهو دار نشر هرمنيوطيقا للنشر والتوزيع وناقشنا هذا الموضوع. وكان الشعراء الحاضرون في مكتبي هم: يوسف السرخي، وحمزة كوتي من الاحواز حيث قاما بتنظيم ندوة لي تحت عنوان (قصيدة النثر وما بعد الحداثة) في (منتدى علوي) في الاحواز.

 

وشكل ذلك بداية حركة قصيدة النثر العربية في الاحواز بوصفها مجالا نظريا وحركة صاعدة. بعد هذه الندوة هوجمت الحركة وهي لما تزل بعدُ شبحا نظريا واعترفت الكلاسيكية الاحوازية بعد هذا الهجوم بوجود النثرية في الحوض العربي المعروف لكنها تنفيها في اللسان الاحوازي. بعد هذا الهجوم عقدنا في عبادان ندوة بعنوان (قصيدة النثر في خوزستان) وعالجنا في البحث والمُدارسة نماذج نثرية محلية منها قصيدة (قطار الشتائم) للشاعر سيد سعيد خجسته، وقصيدة (إعزفي الهارمونيكا) للشاعر كمال العنزي وقصيدة (العربيد) للشاعر حمزة كوتي، وقصيدة (بلاد لم تجدها على الخارطة) للشاعر يوسف السرخي، وقصيدة (تناقضات) للشاعر رسول عودة زادة. وشكل هذا المخاض لبنة التأسيس. كما نوقشت في هذه الندوة مجموعتي النثرية (عندما أموت) حيث اتخذها الفحص النقدي لحظة شبيهة بلحظة إعلان بيان أو الكلمة المفتاح لتشغيل الحركة وقد عوملت هذه المجموعة كمحطة انتقالية بين مَشغلين فأصبح يُقال: قبل (عندما أموت)، وبعدَ (عندما أموت). وفي الفضاء العام لم يهدأ الهجوم على الحركة النثرية في إيران والنظر إليها كَجَهيضٍ وقح ومارق، فاتُهِمَت قصيدة النثر وكتابها في مناطق الفلاحية، وعبادان، والمحمرة، والاحواز باتهامات الانزواء والانطوائية والانبهار بالغرب وغير ذلك من كلام القضّ والقضيض. مقابل ذلك كتبتُ مقالا بعنوان (الالتزام في القصيدة النثرية الاحوازية) فاعتبرت حركتنا من الداخل هذا المقال مقالا مُحافظا، فكتبتُ مقالا آخر بعنوان (التشاكل في القصيدة النثرية الاحوازية) فازدادتِ الحركةُ حركة واندلقت مَحبرةُ النُّـثراء بالخيال الخصب والمُشاكس.

 

ميثم الحربي مع جمال نصاري (العالم الجديد)
سارقو النار

 

وبين نصاري أن القصيدة النثرية وعوالمها في طالبات وطلاب الأكاديمية قد وجدت ملاذها ومناخها المناسبين على مستوى التلقي والكتابة. في المرحلة الأولى كان كل من جمال النصاري، ويوسف السرخي، وسيد سعيد خجسته، وحمزة كوتي، ورسول عودة زادة. وفي المرحلة اللاحقة كتب قصيدة النثر كل من علي عبد الحسن، وأحمد حيدري، وحسين طرفي، وحسن طرفي، وهادي سالمي، والشاعرة عقيلة بوغنيمة، وصادق آل بو غبيش، والدكتورة إلهام لطيفي وغير ذلك من الأسماء. ويجب الأخذ بالحسبان أنّ قصيدة النثر لاتدرس في الجامعات.

 

مرايا

 

من الهموم والموضوعات الأساسية التي تعتمل في نفوس النثراء وتكشفها نصوصهم ذكر نصاري أنّ هناك حضورا لنهر كارون ونهر الكرخة بوصفهما علامتين تندمج فيهما الذاكرة وتحولاتها المثيرة، كما بحثت قصيدة النثر كشكل شعري محرض إشكالية الإنسان العربي في الاحواز وحنينه إلى اللغة وما يشكله ذلك الحنين من نزوع ليس إلى تحقيق يوتوبيا بل إلى انتزاعها. وعالجت القصيدة النثرية الاحوازية مقولة الوطن العالمي المطبوخة على نار ثائر كوبا (إرنستو تشي جيفارا)، وتنفتح الهموم أيضا على استثمار ثيمات معرفة الجسد والأساطير والمرايا فضلا عن ارتيادها فضاء محكات فكرية ينتجها الضغط العالي للمُهمينات…

 

المُنجز

 

عدّد لنا نصاري جملة من المجموعات النثرية المطبوعة وهي: (مُنفرد بعمق القمر) للشاعر يوسف السرخي، و(قطار الشتائم) للشاعر سيد سعيد خجسته، وهناك مخطوطات للشعراء الشباب تحت اليد لكنهم لايملكون دعما ماليا لطبعها مثال ذلك الشاعر علي عبد الحسين لديه مجموعة (حديقة على ضفاف كارون)، أما الشاعر حمزة كوتي فلديه مجموعتان.

 

ظهر مكشوف

 

بشكل عام لاتوجد حركة نقدية موازية للجهد النثري المستمر بحسب قول نصاري. والذي يوجد هو كتابات غير علمية، ومزاعم نقدية، وسجالات شخصية التي تبتعد عن جوهر الأجواء الكتابية للشعراء. وإذا كانت هناك كتابة نقدية فهي تعد متأخرة قياسا بالتقدم الذي تحققه قصيدة النثر على مستوى الرؤيا.

 

روافد

 

فيما يتعلق بالأشكال الشعرية المعروفة في العربية بين القريض والتفعيلة فسر لنا نصاري أنّ القصيدة العربية في إيران تربطُ زمنها الحديث عموما بلحظة الشاعر العراقي بدر شاكر السياب، بوصفه محطة أبوية للشعر الحديث، كما يوجد اعتراف بمحمود درويش، إذ يُعدّ حالة تكميلية. أما قصيدة النثر العربية فتجد أفقها صوب ما دار في الإقليم العربي على يد كل من أدونيس والماغوط وأنسي الحاج وما خصّبته ترددات قصيدة النثر الفارسية على يد أحمد شاملو، وبيزن جلالي وغيرهم…

 

صديقنا إكزوبري

 

وأخيرا لفت نصاري إلى أنه بطبيعة الحال تستمر (مقهى الأمير الصغير) المسماة على اسم الروائي الفرنسي (أنطوان دي سانت إكزوبري) مكانا وزمنا حَضَريّا لجدالنا وحواراتنا حول آفاق قصيدة النثر العربية في إيران. كما أن منتدى الشعر العربي في عبادان هو نقطة استقطاب لدائرة الجدل حول مخاضات قصيدة النثر العربية في إيران نشأةً، وتطوّرا، ومصيرا.

 

سيرة ثقافية:

 

د. جمال نصاري

 

مواليد عبّادان 1979.

 

مدرس في دائرة التعليم والتربية، وجامعة بيام نور.

 

دكتوراه في الأدب العربي جامعة علوم- تحقيقات/ طهران 2012.

 

الكتب الصادرة:

 

بدر شاكر السياب إله الأسطورة (باللغة الفارسية)

 

عباس بور عباسي شاعر الألم (باللغة الفارسية)

 

الشعر سلاح للبقاء (باللغة العربية)

 

(بعيدا عن القارب) ترجمة وقراءة في شعر آمال عواد رضوان- فلسطين (فارسي- عربي).

 

(شذرات الحنين) ترجمة وقراءة في شعر لمياء عمر عياد- تونس (باللغة الفارسية).

 

(ظل الحلم) ترجمة وقراءة في شعر فوزية العكرمي – تونس (باللغة الفارسية).

 

(الصمت الناطق) ترجمة وقراءة في شعر فاطمة بوهراكه- المغرب (باللغة الفارسية).

 

المجموعات الشعرية:

 

(عندما أموت) قصائد نثرية

 

(الجريمة) قصائد نثرية

 

وله العديد من المقالات النقدية والترجمات في الصحف والمواقع الإلكترونية.

 

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: