«الشكوى في شعر الأمير الاحوازي علي بن خلف المشعشعي»
عاش الشاعر الاحوازي أوضاع مجتمعه بأبعادها كافة، وتأثر بها غاية التأثر،وعبر عنها أبلغ تعبير بشعره،طفح بها قلبه واهتزت لها أحاسيسه، فانبرى يشكو معضلات الحياة ويندد بمصائب الدهر، ويتحدى التعسف ويصر على انجاز طموحه ، فاتخذ من الزمان رمزا يصب عليه نار غضبه، لأنه الجهة التي لا يخشى بأسها، وهو اختيار مجازي بلا شك لتعذر البوح بالمشتكي منه.
ورد هذا النوع من الشعر في قصائد مختصة بهذا الغرض،اضافة الى مقاطع متناثرة بين القصائد المختلفة، تجمع في اغلبها بين الشكوى الذاتية للشاعر نفسه، وبين الشكوى العامة لمجتمعه.
فاشتكى الشاعر ضيق العيش والاحباط في الآمال ونكد الحظ وتقدم العمر وفراق الأهل و الاحبة. وتذمر من سلوك المجتمع واضمحلال اخلاقه واعتماده على وسائل متدنية في التعامل على حساب كرامته،وتجافيه للعلماء وأهل الفضل، وكيده للاباة الاحرار.
واسترعى انتباهه التعسف السياسي والقهر الاجتماعي الذي تعرض له أبناء الإقليم على أيدي العناصر الأجنبية الغازية، فعبر عنها بالشكوى السياسية المفعمة بنبرة الاحتجاج والمشبعة بالصرخة المدوية لمناهضة الاستعبا.
وكان الشاعر الاحوازي الأمير علي بن خلف المشعشعي أحد ضحايا هذا الانتهاك، ولذلك عبر عنها بألم صادق ونقد لاذع. وكانت قصائده المسماة «بالقزوينيات» كلها مليئة بالشكوى نظمها في دار الغربة حينما فرضت عليه الحكومة الصفوية الاقامة الجبرية في منطقة قزوين الإيرانية.
ومن هذه القصائد قصيدته التي يشكو فيها البعد عن الأهل و الوطن وشدة الحزن وطول السهر والتنقل بيم مناطق قزوين واصفهان وكاشان مرغما، منها :
ما الذي ضرّ صروف الحدثان لوأعادت ما تقضى من زماني
وزمــــان بالتنــــائي مــــولع يا تـــرى يسمح يوما بالتداني
ما لعيني لا يدانيها الكرى وفؤادي مولع بالخفقان
وبنفسي جيرة ودعتهم وزماني بنواهم قد رماني
تارة رحلي بقزوين لقى أو بكاشان وطورا باصفهان
لا أرى لي مسعدا إلا البكا ونجوم ليلها ملقي الجران
كم إلى كم رحلتي لا عن رضا والهوى حيث تسيل الكرختان
تلك أرض نبتها شوك القنا ومقر الاسد والبيض الحسان
أقرحوا الجفن وقلبي أحرقوا ونواهم شفّ جسمي وبراني
أوحشوا العين وحلوا خاطري آه ما أصنع في ناء مداني
وله يذكر وحشة الغربة وقلة الانس، اذ ليس حوله غير أناس أعجام لا يفهمون منه شيئا أو يأنس بهم:
هل عائدات بالحمى أيامي وأبل من ماء العيب أرامي
أيام أقتنص الظبا بظفائري فكــــأنهن حبائل الآرام
يمضي نهاري بالحنين والبكا والويل لي إن كر جنح ظلام
لا فرق بين الليل عندي والضحى فكأن دهر الصبّ ليل تمام
لا مسعد إلا حنين ركــــائب وصهيل سابقة ونوح حمام
عمري تقضّى بالتباعد والنوى وقليل قوت إن نظرت حرام
تأبي جنوبي أن تلائم مضجعي والجفن لم يهنأ بطيب منام
ناء عن الاولاد والاحباب و الاخوان والاخوال والاعمام
عربي أصل بالاعاجم مبتلي يا وحشة العربي بالاعجام
لا مسعد الا سواجـــم أدمع وعهدتها من قبل غير سجــــام
**************
اعادة الطباعة والتدوين حامد الكناني،يرجئ الاشارة لموقع كارون الثقافي عند اعادة النشر وشكرا.
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.