( محطات هامة من تاريخ الاحواز الحديث )
لندن – موقع كارون الثقافي- ولد الفقيد جبار العصمان الزايرعلي الطائي في احدى قرى قضاء البسيتين غرب الاحواز ( 1937 – 2017 م ) من عائلة تتميز بالمعرفة و الورع و الادب و الشعر اي “عائلة بيت زاير علي” من أبرز عوائل قبيلة بني طرف و هو كان الابرز في العائلة بل كان مثلا صادقا لهذا بيت الشعر للمتنبي :
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي ـــــــــ و بنفسي فخرت لا بجدودي
وقد استطاع شق طريقه رغم كل الصعاب التي كانت تحيط به عندما كان في قرية ابوكلاك البسيتين و التغلب على تلك الصعاب و أكمل دراسته وحصل على شهادة البكالوريوس من كلية القانون في جامعة طهران و دخل سلك القضاء بعدما كان مدرسا في البسيتين ثم عبادان…..
وتم نقله من البسيتين الى عبادان كمدرس في إطارخطة التفريس التي كان ينفذها نظام الشاه في الستينات من القرن الماضي في الاحواز حيث كان يقوم بنقل المدرسين العرب من مناطقهم الى مناطق اخرى واحلال مكانهم مدرسين فرس ، و في عبادان قاد الفقيد اول اضراب واعتصام للمدرسين هناك وكان ذلك في عام 1967 للمطالبة بتحسين اجورالمدرسين و اوضاعهم المعيشية و الاجتماعية ، و في نفس الوقت كان تحديا لنظام الشاه اذ يقوم شخص عربي بقيادة اضراب للمدرسين و في مدينة مثل عبادان ذات الاهمية الاستراتيجة بالنسبة لنظام الشاه الى جانب كونها بجوار العراق و يفصلها عن العراق مياه شط العرب و بها مصفاة عبادان للنفط .
و شهدت تلك الفترة اول زيارة للفقيد الى مقرات الامن ! اذ تم استدعائه إلى مقرالسافاك في عبادان وكان مقر السافاك الرئيسي في عبادان و ليس الاحواز و تم التحقيق معه والطلب منه المساعدة في انهاء اضراب المدرسين و اسئلة اخرى كانت مفاجئة بالنسبة له ، تتعلق بالرئيس العراقي الاسبق عبد الكريم قاسم وهل اذا قام بتقديم العون لعرب الاحواز يقبلون به و كذلك بالنسبة لجمال عبدالناصر ؟ و كان رد الفقيد عليهم، بنعم و قال لهم الشعب العربي الاحوازي يعاني الكثير من الحرمان و الاضطهاد و ليس من المستغرب ان لايرد اليد التي تمتد لمساعدته …
كما كان المناضل جبار الطائي من المشجعين للعديد من افراد العائلة ومن خارج العائلة للالتحاق بصفوف “جبهة تحريرعربستان” عندما كان يعيش في البسيتين .
ومنذ ذلك الوقت اصبح تحت مراقبة الأجهزة الأمنية لنظام الشاه و استمرت هذه المراقبة و الملاحقة في عهد الجمهورية الاسلامية والى اخر ايام من حياته … وعند وفاته حضرت عناصر من الامن الايراني في الاحواز لتحذير العائلة من ان لاتصاحب مراسم تشيع جثمان الفقيد شعارات سياسية ! حيث كانت مراسم التشيع و التأبين رهيبة تليق بمكانة الفقيد لدى مختلف اوساط الشعب العربي الاحوازي .
وعندما انهى الدورة التدريبية لدخول سلك القضاء كأول عربي يدخل هذا المجال في عهد الشاه، واختار ان يكون مكان عملة في الاحواز و بالرغم من انه تخرج من تلك الدورة بتفوق و امتياز وكان من حقه ان يختار مكان عمله الا ان السطات القضائية في ذلك الوقت اخبرته بان من غيرالمسموح له ان يكون عمله في مدينة الاحواز او عبادان او المحمرة ، ودون ذكر الأسباب ، فاضطرالى اختيار مدينة مسجد سليمان للعمل هناك ، لكن اكتشف لاحقا ان السبب وراء ذلك كان سياسيا و ان نظام الشاه لم يكن يرغب بوجود قاضي عربي في المدن الاحوازية ذات الغالبية العربية كي لايكون قدوة للعرب و دخول المزيد منهم الى سلك القضاء و يبدأون البحث عن حقوقهم .
و في مسجد سليمان وبعد ما قضى فترة ليست بطويلة كوكيل نيابة و قاضي في محكمة مسجد سليمان كانت اجهزة الامن له بالمرصاد وفي خطة مدبرة تم توجيه تهم واهية له و تم سجنه ثم تم فصله عن العمل ، وكان خلف تلك الخطة و المؤامرة رئيس وزراء الشاه “اميرعباس هويدا” و رئيس جهازالامن( السافاك ) و المدعي العام في ايران , حيث تمت محاكمته في المحكمة الخاصة بالقضاة و صدر حكم نهائي و نافذ غير قابل للاستئناف بحقه ، و كان ذلك يحدث لاول مرة في عهد الشاه إذ يتم حبس و فصل قاضي عن عملة!.
نبذة عن مسيرة حياة المناضل الاحوازي الفقيد جبار الطائي : ( الجزء الثاني )
( محطات هامة من تاريخ الاحواز الحديث )
إعداد : أحمد رحمة العباسي
وكان الفقيد يمتلك رؤية واضحة لإبعاد القضية الأحوازية حيث كان يؤمن
بالخلاص الوطني والانفصال نهائيا عن ايران ويرى ان لاتوجد قواسم مشتركة تربطنا مع الفرس ﻻ تاريخ و لاثقافة و لا عادات وﻻ تقاليد مثل (عيد النيروز و ال 13 بدر و مائدة ال 7 سين )- طبعا مع إحترامه لتقاليد الشعوب – و التي تعود لايران قبل الإسلام …
كما كان يتمتع أيضا بنظرة سياسية ثاقبة إذ عندما قام الضباط الأحرار في مصر بقيادة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر في عام 1952 بتغير النظام من الملكي الى جمهوري في مصر قال : ان هذا الحدث سيغير الكثير من الأمور وسيصل تأثيره الى اقليم الاحواز، و بالفعل تحقق توقعه وتم تأسيس “جبهة تحرير عربستان” مستلهمة من المد الناصري الذي اجتاح العالم العربي برمته و ذلك بقيادة الشهداء : “محي الدين الناصر” و” دهراب شميل” و “عيسى المذخور”.
وعندما استطاعت الشعوب التي تعيش على ارض تسمى ايران الإطاحة بنظام الشاه الدكتاتوري في عام 1979 واستلم رجال الدين السلطة و اعلنوها جمهورية اسلامية ! قال الفقيد : هذا الحكم لن يكون اسلاميا على الاطلاق ! حيث غالبية الشعب الايراني من الفرس ﻻيؤمنون بالإسلام و هم مازالوا قوميون وعنصريون .
وتوالت الأحداث بعد الثورة وقام الشعب العربي الأحوازي الذي كان له دوره الى جانب بقية الشعوب بالاطاحة بنظام الشاه قام بطرح مطالبه على النظام الجديد المطالب التي كانت تتمثل بصورة عامة باقامة حكم ذاتي في اقليم الاحواز، و شملت المطالب المذكورة تدريس اللغة العربية في مدارس إلاحواز ونشر الصحف و ان تكون لغة المحاكم في الاحواز عربية و هي مطالب اقل بكثير مما كان يطمح اليها الشعب الأحوازي.
و التف الشعب العربي الأحوازي حول قيادته الدينية المتمثلة بالفقيد رجل الدين : ” محمد طاهر شبيرالخاقاني” كما كانت الأجواء السائدة في ذلك الوقت تتطلب ذلك حيث كان رجال الدين يتصدرون المشهد السياسي في ايران وكان فقيدنا جبار الطائي ذات معرفة مسبقة بالخاقاني وكان يصفه الخاقاني بيده اليمنى و كانت لدى الخاقاني ثقة كاملة به .
وكان من بين الذين برزوا في الساحة الأحوازية في ذلك الوقت و عقب انتصار الثورة في ايران ، مجموعة من الشباب من الداخل و من الذين عادوا للتو من سوريا و ليبيا و العراق بعد انتصار الثورة و كانوا يحملون افكارا يسارية توصف بالماركسية فقررالخاقاني ابعادهم عن الساحة الاحوازية ! الا ان جبار الطائي تدخل لدى الخاقاني و قال له ان هؤلاء الفتية ليسوا ماركسيين و إنما شباب احوازيون مناضلون يحملون افكارا محددة .
وقبيل انتصار ثورة الشعوب في ايران جرت في مدينة عبادان مراسم في احدى ملاعب كرة القدم حضرها اكثر من 600 الف شخص لدعم المطالبة برحيل نظام الشاه و كان مندوبا من قبل الخميني حاضرا في تلك المراسم جاء من قم الى عبادان و دخل الفقيد الى الملعب و معه مجموعة من الشباب و طالبوا بان يلقي الفقيد جبار الطائي كلمة باسم عرب الاحواز ، الا ان القائمين على تلك المراسم وكان “كياوش” – الذي صار فيما بعد مندوب مدينة عبادان في البرلمان الايراني – مسؤول اللجنة المنظمة رفضوا هذا الطلب و قالوا مثل هذه الكلمة ليست موجودة على جدول اعمال هذه المراسم لكن الشباب اصروا على ان يلقي جبار الطائي الكلمة و هددوا بانهم يحملون السلاح و سيكون لهذا الرفض عواقب غير متوقعة ! و بعدها رضخ القائمون على المراسم و القى الفقيد كلمته ، و بدأها ببيتي الشعرالمعروفين للشاعر التونسي ابوالقاسم الشابي :
إذا الشعــب يومــا أراد الحيــاة ــــــــــ فلا بـــد أن يستجيب القــدر
ولا بـــد لليــــل أن ينجلي ـــــــــــــــــ ولابـــــد للقيـــــد أن ينكســـــر
وخلال كلمته أكد على رفض عرب الاحواز لنظام الشاه و ضرورة الاطاحة بهذا النظام .
و بعد انتصار الثورة بايام وصل قادة “جبهة تحرير عربستان” قادمين من العراق ،عبر الحدود البرية وصلوا الى بيت الفقيد في مدينة عبادان ، و دارالنقاش حول مطالب الشعب العربي الاحوازي من النظام الجديد و تم الاتفاق على ان تشمل المطالب الحكم الذاتي و حق تقرير المصيرو لعب الفقيد دورا بارزا فيما بعد في تكوين الوفد الذي ذهب الى طهران و المطالب المطروحة للنقاش مع المسؤوليين الايرانيين .
و تشكل الوفد المذكور و ذهب الى طهران حيث يرى الكاتب و الباحث و الصحفي الاحوازي” يوسف عزيزي بني طرف” ان ايفاد الوفد الى طهران في ذلك الوقت كان في حد ذاته اهم حدث سياسي لشعب الاحواز بعد سقوط الشيخ خزعل ” . و كان الوفد يتكون من عدد من النشطاء السياسين و المثقفين الاحوازيين و رجال دين من مختلف فئات الشعب الاحوازي يصل عددهم الى 30 شخصا و كان جبار الطائي الوحيد بينهم الذي كان يرتدي الزي العربي عند لقاء الوفد بكبار المسؤوليين الايرانيين و من بينهم اية الله محمود طالقاني الرجل الثاني بعد الخمينى ابان الثورة وامير انتظام نائب رئيس الوزراء مهدي بازركان و كان للفقيد دورا بارزا في طرح و شرح مطالب الشعب الاحوازي لدى النظام الجديد في طهران .
نبذة عن مسيرة حياة المناضل الاحوازي الفقيد جبار الطائي : ( الجزء الثالث )
( محطات هامة من تاريخ الاحواز الحديث )
إعداد : أحمد رحمة العباسي :
وخلال تواجد الوفد في طهران برز نوع من الخلاف في وجهات النظر بين اعضاء الوفد حيث قام البعض من اعضاء الوفد من المتشددين الذين كانوا يشكلون نصف عدد اعضاء الوفد قاموا بطرح مطالب خارج إطار ما كان يطالب به الشعب الاحوازي و المهمة التي جاءوا من اجلها من قبيل المطالبة بحكومة عالمية للطبقة الكادحة و شيء من هذا القبيل ! فتصدى لهم الفقيد ، الامر الذي خلق فجوة بين الفقيد و هولاء من اعضاء الوفد.
و حصل نقاشا حاد داخل الوفد لاسيما بين الفقيد و اعضاء الوفد المتشددين ، وصل الى حد التهديد و الوعيد ! ، وبما ان الفقيد كان يتمتع برؤية و فكر معتدل و مقدرة على البحث و النقاش المعمق حاول ثنيهم عن طرح مثل هذه المطالب على المسؤوليين الايرانيين حيث لن تكون ذات جدوى ، الا انهم اصروا على ارائهم و حصل نوع من الانشقاق في الوفد عندما كان في طهران ، و ثم انسحب هؤلاء من الوفد ولم يرافقوا الوفد في زيارة مدينة قم ولقاء كل من: الخميني ( قائد الثورة ) واية الله محمد حسين منتظري و اية الله كلبايكاني !
و توالت الاحداث في الاحواز و في المناطق التي تسكنها غالبية من الشعوب غير الفارسية و كانت معظم تلك الاحداث دامية إذ اختار النظام الجديد و بدلا من منح هذه الشعوب حقوقها و تلبية مطالبها اختار الصدام معها ، و حصلت احداث المحمرة و الاربعاء السوداء حيث كشف النظام الجديد عن وجهه القبيح و نواياه السيئة تجاه تلك الشعوب و العرب على وجه التحديد .
و بعد احداث المحمرة الدامية و التي قادها المجرم “احمد مدني” حيث اسفرت عن سقوط ميئات الاحوازيين بين قتيل و جريح ، دعا مدني و الذي كان في ذلك الوقت يشغل منصب قائد القوة البحرية الايرانية و محافظ الاحواز دعا مجموعة من الناشطين السياسين الاحوازيين يصل عددهم الى 15 شخص وكان غالبيتهم من بين الذين شكلوا الوفد الذي ذهب الى طهران ، دعاهم الى اجتماع زعم بانه يرغب فيه مناقشة اوضاع الاقليم معهم ، و كان مكان الاجتماع على متن باخرة حربية تابعة للقوة البحرية الايرانية في المحمرة و كان الفقيد جبار الطائي من بين المدعوين لتلك الجلسة و عند دخولهم طلبوا منهم الجلوس على كراسي لايوجد في المكان طاولة و لم تكن الاجواء توحي بانه مكانا للتباحث و النقاش و شك الفقيد بنوايا مدني و هدفه من وراء هذه الدعوة و اخبر الحاضرين بانه ربما توجد مؤامرة تستهدف حياتنا !
و فجأة دخل احمد مدني و بدأ الحديث بنبرة حادة و اتهم الحاضرين بالخيانة و انهم يهد فون الى فصل اقليم الاحواز عن ايران و انهم عملاء للاجانب و اتهامات اخرى ، و رد عليه جبار الطائي : باننا لم نأتي الى هنا لنسمع مثل هذا الكلام و اننا نشعر بانك ربما تخطط لامرسوء ضدنا الا اننا لانخشى الموت لكن ليكن في علمك بان كل واحد منا ينتمي الى قبيلة و عشيرة و اي مساس بحياتنا لن يكون في صالح النظام وسيتضرر النظام كثيرا و ستنكشف نواياه للعالم لاسيما للعالم العربي ، و انت الذي ستدفع الثمن غاليا لان المجتمع الاحوازي مجتمع قبلي ويؤمن بالثأر ولايتنازل عنه .
و خرج مدني من القاعة و بعد دقائق عاد و كان الغضب مازال يسيطر عليه و خاطبهم مرة اخرى بكلمات بذيئة تليق به وحده و من ثم طلب منهم الخروج ….و لاحقا انكشف الامرو لماذا لم يقم مدني بتنفيذ مخططه الاجرامي ضد هم، فحسب قول احد العاملين في محافظة الاحواز و احد الجنود العرب الذي كان حاضرا (نعتذر عن ذكر اسميهما لدواعي امنية ) ان احمد مدني لم يجد احدا من جنوده يمتثل لتعليماته و يطلق النار عليهم !
و بعد احمد مدني تم تعيين ” محمد غرضي” كمحافظ لاقليم الاحواز( لاحقا وزيرا للاتصالات ايران ) و بدعوة من غرضي ذهب الفقيد مع مجموعة من الوجهاء يصل عددهم الى حوالي 60 شخصا الى مقرالمحافظة في مدينة الاحوازللقاء غرضي وطرح معه مطالب الشعب الاحوازي من قبيل الحفاظ على الهوية العربية للاقليم و تدريس اللغة العربية في مدارس الاحواز و اصدار جرايد باللغة العربية في الاقليم و ان تكون اولوية التعيين و التشغيل لابناء الاحواز و ليس لمن يأتون بهم من خارج الاقليم .
( يتبع )
نبذة عن مسيرة حياة المناضل الاحوازي الفقيد جبار الطائي : ( الجزء الرابع و الاخير )
( محطات هامة من تاريخ الاحواز الحديث )
إعداد : أحمد رحمة العباسي :
و تحدث الفقيد جبار الطائي في الاجتماع المذكورمخاطبا غرضي بالقول : ان سياسة التهميش والاقصاء التي يمارسها النظام ضد عرب الاحواز لن يصبر عليها الشعب العربي الاحوازي طويلا و ان ابنائنا و احفادنا سوف يشهرون السلاح بوجهكم ، بل ان اقليم الاحواز سيتحول الى جنوب افريقيا ثانية من حيث التمييز العنصري .
و وعد غرضي بنقل المطالب المذكورة الى المسؤوليين في طهران ، ومتابعة الامر الا ان بعد فترة قال بانه لم يستلم الرد من المسؤوليين الايرانيين و انه قام بواجبه !
و عقب انتها الحرب الايرانية العراقية اي اوائل التسعينات عقدت كافة القبائل و العشائر الاحوازية اجتماعا موسعا حضره مندوبون عن تلك القبائل و وجهاء المجتمع في مدينة الاحواز لمناقشة و دراسة العادات و التقاليد و الاعراف السائدة في المجتمع الاحوازي و السعي لاصلاحها ، من قبيل “النهوة” و “الفصل” و “الثأر”و اطلاق الاعيرة النارية في مناسبات الاعراس والمأتم ، و فجأة و دون ان يكون مدعوا لهذا الاجتماع دخل المدعو ” موسوي جزايري” ممثل خامنئي في اقليم الاحواز و بعد ما اخذ مكانه قال : بانه يحمل مشروعا من قبل المرشد خامنئي لطرحه عليكم و يخص ما انتم مجتمعون لمناقشته ! و صمت الجميع ، و تصدى له الفقيد جبار الطائي وقال له بالحرف الواحد : نحن لسنا من لم يبلغ سن الرشد كي يأتي احدا من الخارج و يرشدنا لما نحن نصبوا اليه … و هذه امور تخصنا و ان الحكومة لاشأن لها فيها، و اضاف مخاطبا الجزايري : ان نظام الجمهورية الاسلامية و منذ استلامه السلطة في عام 1979 اي قبل مايقارب ال17 عاما اعطى الكثير من الوعود لابناء الاحواز و لم ينفذها ، في حين تدعون بانكم تحكمون باسم الاسلام و متمسكون باخلاق اهل البيت… و رد عليه موسوي جزايري بانه يتفهم ما تفضل به دون ان يقوم بطرح مشروع خامنئي الذي جاء به الى الاجتماع و غادر المكان .
و في فترة رئاسة محمد خاتمي من التيار الاصلاحي حيث حصل انفتاحا سياسيا و ثقافيا في ايران استغل الفقيد هذه الفرصة و قام بجهود كبيرة كانت تصب في اتجاه توعية الشباب العربي الاحوازي لاسيما حثهم على تعلم اللغة العربية و اجادتها حيث جعل من بيته مكانا لتدريس الشباب اللغة العربية و العديد منهم مازالوا يثمنون و يقدرون تلك الجهود .
و بما ان للفقيد مكانة و احترام بين فئات الشعب الاحوازي طلب منه مندوب الاحواز السابق السيد جاسم التميمي (شديدزاده) ان يكون بيته مقرا انتخابيا للمرشحين العرب للبرلمان وقال له” ان الناس هنا يعرفونك اكثر منا “.
1. كما كانت الاجهزة الامنية لنظام الجمهورية الاسلامية تطارده حتى في رزقه و عمله ، اذ عندما عمل في مؤسسة المستضعفين (بنياد مستضعفان ) في طهران في اوائل الثمانينات من القرن الماضي تم انهاء عمله من هناك و دون ذكر الاسباب ، و عندما عمل في دائرة الغابات في الاحواز كمستشار قانوني و ساعد العديد من المزارعين الاحوازيين على استعادة اراضيهم التي تمت مصادرتها من قبل السلطات امتنعوا عن تجديد عقد عمله و دون ذكر الاسباب ايضا ، الا انه اتضح فيما بعد حيث عندما كان الفقيد يعمل في مؤسسة المستضعفين في طهران و دائرة الغابات في الاحواز كانت هناك تقارير تصل من مخبرين احوازيين للامن الايراني ضد الفقيد .
كان الفقيد الى جانب نشاطه السياسي من اجل الدفاع عن الحقوق العربية في الاحواز وقد كانت تلك الجهود متواصلة حتى اخر ايام من حياته و دون كلل أو ملل ، كان رحمه الله يتمتع بمواهب عدة وكان متحدثا بارعا وشجاعا إلى جانب موهبته الشعرية حيث صدر له ديوان من الشعر تحت عنوان ” ديوان جبار الطائي ” يتضمن قصائد رائعة تحتوي على مفاهيم دينية و اجتماعية وثقافية و تاريخية و ديوان اخر قيد الطباعة .
وغادرنا الفقيد الى باريه وقد ترسخت و انتشرت القيم و المبادئ التي كان يؤمن بها و يناضل من اجلها بين غالبية الشعب العربي الاحوازي من مختلف اطيافه وفئاته ، حتى اطفال الاحواز انتشر بينهم الوعي السياسي إذ نشاهدهم اليوم يكررون ما يقوم به الاكبر منهم سنا من الاهازيج و الهوسات ، اي ان هؤلاء الاطفال اصبحوا كقناديل تضيء طريق المستقبل و جاؤوا كبشارة ….
المصدر صفحة الكاتب احمد رحمة العباسي على الفيسبوك
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.