لم يعد خافياً أن إيران تستعمل “الشيعة العرب” كوقود لحروبها النجسة في الوطن العربي في إطار ولاية الفقيه، والتي تؤدي لتخريب الأوطان وتهديم البنيان وإبادة بني الإنسان.
ولقد نجحت على توريط الكثير من شيعة العرب في صراعات دامية، كما نجحت لحد ما على التسويق لنفسها من أن طهران هي عاصمة أهل البيت رضي الله عنهم وحاميتهم التي تذود عنهم في مواجهة مظلومية تاريخية مازالت مستمرة في سياقات يصنع الملالي والمراجع تصوراتها العقدية والسياسية.
تجلى هذا التوريط في تحويل من يعلن الولاء للولي الفقيه إلى ميليشيات إرهابية متمردة على سلطة الدولة، وساهمت لحد بعيد في اشعال حروب أهلية بوقود طائفية، وهذا الذي يظهر جليًّا في اليمن وسورية والعراق ولبنان، وإن كان هذا الأخير قد تحوّل إلى مجرد مقاطعة إيرانية يهيمن عليها “حزب الله”.
لقد سوّقت إيران لنفسها من خلال استعمال التشيّع واستغلاله كي تغيّب العقل وتسيطر على الوجدان الشيعي العربي، بعدما نجح الخميني في إزاحة أبرز من كان يهدد ولايته المطلقة، وهو موسى الصدر الذي اختفى في ليبيا وكان أكبر خدمة قدمها القذافي إلى الخميني ضمن صفقة سرية لا زالت مجهولة التفاصيل، رغم سقوط نظامه وسيطرة المعارضة على دواليب الدولة وأرشيفها السرّي.
العنصرية الإيرانية صارت واضحة وقائمة للعرق الفارسي أكثر من التدين الشيعي، ويتجلى هذا الأمر في مواقف عديدة تؤكد أنه لما يتعارض التشيّع والعرق الفارسي، فإن نظام الملالي ينتصرون لعرقهم ويرفسون تحت أقدامهم الشيعة أنفسهم ولو كانوا من بني جلدتهم في بعض الأحيان.
نذكر مثلا أن إيران وقفت مع أرمينيا المسيحية ضد أذربيجان ذات نسبة 75% من الشيعة، بسبب مناهضتها للحس القومي الأذربي الذي لا يجب أن ينمو على حساب النفوذ الفارسي الإيراني في المنطقة.
أيضا الاعدامات التي تطال الشيعة العرب في الأحواز، وقيام المخابرات الإيرانية بتدبير عمليات إرهابية ضد “مراقد” مقدسة في العقيدة الشيعية بالعراق، وكل ذلك لتأجيج الصراع الطائفي بين السنة والشيعة بما ينهك الطرفين ويعطي فرصة التدخل الميليشياتي الإيراني والهيمنة الكاملة على بغداد التي ستكون عاصمة الامبراطورية الفارسية الجديدة التي يحلم “الولي الفقيه” بتحقيقها.
بل أنه تم إعدام أكثر من 120 ألف مواطن إيراني من منظمة مجاهدي خلق رغم أنها شيعية أيضا، لكنها تعارض نظام الملالي وترفض توجهاتهم التخريبية والطائفية والعنصرية ضد شعوب المنطقة.
يجري تخدير الشيعة العرب خاصة بمظلومية الحسين رضي الله عنه التي عمرها قرون، من دون أن يعرفوا قيمتهم كعرب في الفكر الإيراني الذي لا يفرق بين السني والشيعي من ناحية العرق، وإن كان الشيعة العرب يُستعملون ضد السنة العرب لتصفية حقد تاريخي فارسي ضد كل العرب، والذي صار ممزوجاً بعقيدة شيعية حاقدة بدورها على السنة العرب، وبذلك نجد أن العرب في مخيال إيران جمعوا بين سببين لتغذية الحقد والكراهية تجاههم، وهما عرقهم العربي ومذهبهم السنّي، وهكذا جمع الملالي في مشروعهم بين طائفية دينية وعنصرية عرقية، كما أكد بذلك السفير الإيراني السابق عادل الأسدي، وتحدث به أيضا صادق زيبا كلام، وهو مفكر إيراني بارز وأستاذ بجامعة طهران، يقول: “أعتقد أن الكثير منا، سواء أكان متديناً أم علمانياً، يكره العرب”.
هذه الكراهية تظهر بوضوح في الأدب الإيراني مثلاً، حيث أنه في رواية فارسية حديثة اسمها “الحجر الصبور” يقول مؤلفها جوباك: “إن ما جلبه العرب إلى إيران هو بالطبع الإسلام، فهو أداة اضطهاد وخصوصاً تجاه المرأة”.
وبحسب باحث إيراني آخر اسمه أخوان، أن العرب أفسدوا كل جانب من جوانب الحياة الإيرانية، حيث يقول: “إن التقاليد العربية المشؤومة وعدوى التعريب الملوثة والفظيعة، أفسدت شعرنا التقليدي ليس فقط على صعيد الشكل والبحر والوزن والمنظومة البيانية، لكن على صعيد معظم الأعمال الشعرية، ورزحت لغتنا الوطنية (أي الفارسية) تحت هيمنة الخرافات العربية السامية والإسلامية”.
ثم يضيف: «نحن من كنا تحت رحمة غزوات الإغريق والبارثيين سنوات طويلة، لكننا في النهاية شمخنا برؤوسنا، لغتهم وأخلاقهم وعاداتهم (أي العرب) لا تلائمنا. كيف إذن مع هؤلاء العرب الحفاة العراة المتوحشين الذين لا يملكون شيئاً سوى لسان طويل وسيف؟”.
هكذا تظهر صورة العربي أنه بائس غير متمدن، وفي المقابل نجد أن الإيراني متنعم وحضاري كما ورد في كتاب الأسفار، لناصر خسرو، وهو عمل أدبي كلاسيكي ظهر في القرن الحادي عشر. وفيه يتحدث عن العرب الذين رآهم في أثناء عودته من مكة المكرمة ووصفهم وصفاً شديد السلبية.
الفرس يمجدون الشاعر الفارسي ابو القاسم الفردوسي، وقد حرص الرئيس الأسبق محمد خاتمي أثناء ولايته الرئاسية، على تقديم ديوان الفردوسي “الشاهنامه” المطبوع بالمطابع الحكومية في طهران والموشّى بالذهب الى البابا الذي هو الشخص الأول في المذهب الكاثوليكي المسيحي على مستوى العالم والرمز الأكبر في جمهورية الفاتيكان، وهذا الشاعر طعن بالعرب والعروبة في قصائد بلغت منتهى البذاءة.
الشاعر الفردوسي أنجز ملحمته الشعرية “الشاهنامه”، بتكليف ملكي قصد تحقير العرب وتقع في حوالي 60 ألف بيت شعري. وصف فيها العرب بأنهم حفاة ورعاة وأكلة الجراد والغزاة… الخ.
كما أن الشاعر الإيراني الشهير يغما جلرويي ألصق بالعرب قضية رشّ النساء بالأسيد، معتبراً ثقافة العرب، هي سبب هذا البلاء المنتشر في إيران، وذكر جلرويي في قصيدة نشرها تحت عنوان “أسيد باشي”: “نحن لم ندفن بناتنا وهن أحياء كما فعل العرب، أنتم العرب من كنتم تغنون بالسيوف وتنظرون لنسائكم كالجواري والخدم، ولم يتعد مكان المرأة لديكم إلا في الفراش والمطبخ”.
واحدة من أبرز القصائد التي تهين العربي، قدمها الشاعر الإيراني مصطفى بادكوبه ئي، تحت عنوان “رب العرب”، حيث هجاهم فيها ونعتهم بأسوأ التعابير والألفاظ، ووصفهم بالأعراب.
أما في القصة القصيرة فنجد الكثير جدا، نذكر على سبيل المثال أن الروائي محمد علي جمالزده، يضع “العرب” مرادفا لـ “الخرافة والتحجر”، أما “الإيران” فمرادف لـ “الفارسي والمسلم” وينظر إلى الإسلام باعتباره ركناً أساسياً في الهوية الإيرانية. ولا يخفي الأديب الإيراني صادق هدايت كراهيته للعرب ونفوره من الإسلام بوصفه “دينا عربيا”.
لم يقتصر الأمر على الأدب بل شمل مجالات مختلفة، ونذكر أن لعبة إلكترونية اسمها “اضرب واشتم العربي”، قام موقعٌ إيراني متخصص في مجال بيع هذه الألعاب الإلكترونية بنشرها، ونقلت وسائل الإعلام أن الموقع الذي نشر اللعبة واسمه “ساجو” مسجل في “مركز تنظيم المواقع الإلكترونية الإيرانية” التابع لوزارة الثقافة والإرشاد في إيران.
قد يزعم البعض أن هؤلاء من المتطرفين الموجودين في كل الأعراق والديانات، لكن نؤكد أن هذا ينطبق أيضاً على الخميني نفسه وهو زعيم الثورة الإيرانية ووليها الفقيه، الذي بلغ به التطرف لعرقه الفارسي بأن قال في كتابه “الوصية السياسية الإلهية ” ص 27:
“أنا أزعم بجرأة إن الشعب الايراني بجماهيره المليونية في العصر الراهن، أفضل من أهل الحجاز في عصر الرسول صلى الله عليه وآله ومن شعب الكوفة والعراق المعاصرين لأمير المؤمنين والحسين بن علي (عليهما السلام)”.
وهذا يعني أن الإيرانيين في نظر الخميني أفضل حتى من آل البيت رضي الله عنهم الذين يدّعي الانتماء إليهم والدفاع عن “مذهبهم” وملاحقة من ظلموهم!
نظام الحكم في إيران يريد أن يجتثّ كل ماهو عربي من الوجود خصوصاً في المنطقة التي يتواجد بها كيانها الجغرافي، فهاهي تسمي الخليج العربي بـ “الفارسي” وهو تزوير تاريخي مفضوح، نذكر على سبيل الاستدلال أن المؤرخ الروماني بليني المولود في 62 ميلادي والمتوفي في 113 ميلادي يسميه الخليج العربي، وذلك في وصفه لمدينة خاراكس والتي يرجح الباحثون أنها مدينة المحمرة الأحوازية.
لم يقتصر الأمر على روايات وأشعار وتصريحات وأفكار عرقية ودينية، بل تعدى الأمر إلى تدريس هذه العنصرية في مدارس إيران وزرعها بين الأجيال الصاعدة على الطريقة الصهيونية المتطرفة للعرق اليهودي، ومن يريد أن يعرف أكثر صورة العرب لدى الفرس الجدد عليه أن يعود إلى الكتب المدرسية الإيرانية، وسيجد ما يندى له الجبين من النظرة الدونية التي ينظر بها الفرس إلى العرب، وطبعا هذا ليس بالجديد فالحقد الفارسي ليس وليد الدولة الايرانية بل منذ عهود طويلة، فقد مزق كسرى كتاب الرسول (ص) وقام بتحقيره لأنه ذكر اسمه العربي قبل اسم كسرى الفارسي.
كما يحتفي الفرس بأبي لؤلؤة المجوسي الفارسي قاتل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قضى على امبراطورية المجوس الفارسية، وقد تجلى هذه الحقد في العقائد الشيعية كثيراً.
لقد حاول حكام إيران في العصر الحديث التأكيد على نظرية التفوق العرقي للجنس الآري الذي ينتمون اليه ويكفي تسمية الدولة الفارسية بتسمية إيران المشتقة من هذا الجنس.
في عهد الخميني يجري تصوير العرب في كتبهم المدرسية على أنهم كفار ومتآمرون على آل البيت وسذّج وبسطاء وأفقهم ضيّق وأغبياء وقاصرو النظر وبدويون متخلفون وجبناء ودونيتهم تتصف بالمكر والخديعة وضعفاء وخونة وغدّارون وكذّابون وطائشون وقبائلهم بدوية همجية ومتخلفون ويتسمون بالعنف ويحتكمون للسيف لحل مشكلاتهم وعبّاد أصنام يأدون البنات ويحتقرون المرأة ويعاقرون الخمور ومنحرفون عن الاسلام وأهل ضلال وباطل وكانوا سبباً في مظلومية الشيعة.
على عكس الفرس الذين تصوّرهم الكتب المدرسية الإيرانية على أنهم مؤمنون يحبون آل البيت ويتّصفون بالفراسة وأذكياء ومتحضرون وشجعان وراقيون وأقوياء وأوفياء وصادقون وحكماء وأصحاب التراث ورمز التقدم ورياديون يخدمون الانسانية وموحدون لله ويكرمون ويحترمون المرأة وأصحاب أخلاق نبيلة ومجتمعهم مثالي عبر التاريخ ويدافعون عن الاسلام وأهل حق ويتفانون في خدمة آل البيت.
لم يقتصر الأمر على صورة العرب فقد تعدى الإسفاف إلى وظائفهم، حيث تبرز الكتب المدرسية أن الإيرانيين فرسان ومحاربون ونبلاء وعلماء ومفكرون وشعراء وأنيقون في ملابسهم ومزارعون وأطباء وتجار، في حين نجد العرب جبناء ورعاة أغنام وحدادين وجهلاء وسذّج وملابسهم رثة… إلخ.
الفتوحات الاسلامية التي هي من أبرز أمجاد العرب في التاريخ، ينظر لها الايرانيون في كتبهم المدرسية على أنها غزو وعدوان واجتياح وحملة عسكرية قام بها بدو رحّل بلا حضارة عاشوا على النهب والسلب وغزاة طامعون سكنوا الخيام وهامشيون. وفي المقابل نجد الايرانيين يصورون أنفسهم على أنهم يدافعون عن حضارتهم ويميلون للاستقرار والهدوء ومسالمون ولا يعتدون وكانوا يسكنون البناء والعمران ولهم حضارة غنية بالإمكانيات وثروات وصنّاع التاريخ.
ونختتم هذه النماذج بمثل شهير يردده الايرانيون إلى يومنا هذا وهو:
“الكلب الاصفهاني يشرب الماء البارد والعربي يأكل الجراد في الصحراء” !
هذا غيض من فيض وقطرة من بحر وقليل من الكثير جدا، عن حال العرب وصورتهم في العقل الفارسي، والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة:
هل يعقل أن العرب صورتهم بائسة ورخيصة في الوجدان والعقل الفارسي الإيراني ستصير عكس ذلك بمجرد أن يتشيعوا ويبايعوا “الولي الفقيه”؟
هل من المعقول أن أدعياء القومية العربية يضعون بيضهم كله في سلة إيران وهي تنظر إليهم بهذه السلبية والاحتقار والدونية التي تعافها حتى الدواب؟
الجواب بالنفي طبعاً، فلا يمكن أن التشيّع يرفع من شأن العرق العربي، حتى وإن تدعي إيران أنها وصية على شيعة العالم ومن بينهم العرب، بل يكفي أنها تزجّ بهم في حروب نجسة يدفعون ثمنها باهظا، فالحوثية يواجهون مصيرهم المحتوم في حربهم الظالمة على شعب يمني من المفروض أنهم ينتمون إليه. أما شيعة العراق فقد قتل منهم الكثير جدا من أجل هدف إيراني بامتياز. في حين أن الشيعة والنصيرية الذين سماهم الاستعمار الفرنسي بـ “العلوية” بدورهم في سورية دفعوا أكثر من 100 ألف قتيل من أجل إيران، والأمر نفسه يجري على شيعة لبنان وغيرهم.
أخيراً نقول:
أن الشيعي العربي الذي يرى صورته بهذه السلبية والسفالة والانحطاط العرقي ويبقى في أحضان إيران وهي تضحك على ذقنه، إما أنه لا توجد عنده أدنى كرامة أو أن عقله مدجن ومغيب تماماً وفي الحالتين هو في وضع لا يحسد عليه، ولا يتمناه لنفسه أي إنسان مهما كان دينه وملته وجنسيته ولغته.
المصدر:أخبار تركيا
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.