
مركز دراسات دورانتاش- في خضم الأحداث المتسارعة سیاسیاً واجتماعیاً وثقافیاً في الأحواز، ظهرت “جمعیة الهلال الثقافية” بخطاب جدید لم یکن عرضة لریاح التغییر والتذویب الممنهج. عمد هذا الخطاب الفرید من نوعه الی تخطي الإطار المغلق الذي حددته مشاریع الاحتواء السلطویة، تلک التي ذاب الکثیر من ابناء الأحواز فیها عمداً او سهواً. علی صعید الجمعیات الثقافیة التي اهتمت بتحدیث اللغة والثقافة العربیتین في الأحواز، أتت جمعیة الهلال بخطاب ثقافي صرف بعیداً عن کل ماهو ذو مصلحة شخصیة او فئویة وکانت لها مساهمة عریضة في تجدید الخطاب الوطني المخلص والتنبیه الی قیمة التراث الثقافي واللغوي. إذن بعیدا عن الاتجاهات الفئویة والسیاسیة کان لمسألة اللغة العربیة الأم والنهضة الثقافیة حضور بارز في أعمال هذه الجمعیة وقامت بروافد مختلفة لتبرزها ولتطور هذه اللغة وتؤلف وتنشر تألیفات موسوعیة ومعجمیة ونظریة وأیضا تاریخیة تنوي إلی إعادة صیاغة التاریخ الحقیقي. کانت کلها ترمي إلی الهدف ذاته وهو إعادة تشکیل الهویة ودعمها بعدما صارت أکثر عرضة للتهمیش والتشویه.
علی أساس ان الحکمة ضالة المؤمن، یاخذها حین وجدها، لاقت أعمال جمعیة الهلال اقبالاً واسعاً في مختلف مدن الأحواز. وکما نعرف الحق أحق أن یتّبع صار للجمعیة وفکرها الثقافي مناصرون في الوسط الأحوازي. هذا لیس لأن الجمعیة أتت بشیء جدید بل لأنها رکزت علی اللغة والثقافة والتاریخ، بعیدا عن صیت الفئویة والربح والمصلحة الحزبیة. إحتوت لغة خطاب الجمعیة مؤشرات وطنیة کثیرة ویعد جهازها المفاهیمي جهازاً مبنياً علی مرجعیة فکریة غیر مغلقة أو مؤطرة. لکل مؤسسة ثقافيه خطاب معين وكان خطاب مؤسسة الهلال يصب في مصلحة الهوية الوطنية ولا يقبل التأطير على أساس مشروع الإحتواء السلطوي، لكنه لم يتخطى الحدود الحمر التي وضعتها السلطة وركزت المؤسسة على أخذ الرخص من دائرة الإرشاد التابعة للحكومة الايرانية. لهذا رأينا أن جهود المؤسسة الثقافية لم تبقى على مؤسسيها بل اتسعت رقعة مناصريها في الشارع الأحوازي.
خطاب جمعیة الهلال الثقافیة نزع ایضاً بعض الأقنعة عن بعض المتماهین الناشطین، فحدثت مواجهات و ضُربت الجمعیة و اُعد ضدها من قبل هؤلاء المتماهین حتی یستمروا بنشاطئهم الزائف وتخل لهم الساحة. فمن خلال ظهور خطاب جمعیة الهلال الثقافیة ظهر الوجه الحقیقي لهؤلاء الذین سیطرت علیهم فکرة الربح حيث خسروا الشارع الأحوازي. وأمتد الأمر حتی أصبحت الهلال بأعضائها محکومة بإکراهات من هؤلاء الإنتهازیین من جانب، و من السلطة الحاکمة من جانب آخر. هذا لأنها أبت أن تکون في إطار مزیف وکاذب حتی وصل الأمر إلی حظر نشاطها عام ٢٠١٧ وسجن أعضائها بعد حظر النشاط بعام واحد.
بعیدا عن تنویه الشارع الأحوازي ببعض المشاریع التي تضر بالهویة الأحوازیة، والخطابات المزدوجة التي صاح بها البعض، ماذا قدمت الهلال في الخمسة أعوام الماضیة، یتسائل البعض؟ إحتوت لغة خطاب الجمعیة، علی الرغم من مظاهر التعثر وظروف الصعبة وغير الملائمة للنشاط الحر والمستقل مشاريع مبتكرة کثیرة لم تقوم بها مؤسسة أو جمعیة من قبل. فيما يلي نذكر بعضها على سبيل المثال ولاحصر:
قامت المؤسسة في صیف ٢٠١٥ بجمع قصائد الشاعرات من مختلف المدن الأحوازیة لدراستهن واقامة ندوة شعرية نسوية لتکریمهن وتعریفهن ولكن تم إلغاء الحفل قبل أقامته بساعة من قبل الجهات الأمنية.
بعد الغاء الندوة النسائیة من قبل الجهات الأمنیة استمر العطاء ونشر کتاب علی خطی الخنساء وهو کتاب یشمل دراسة نظریة لنصوص هذه الشاعرات الأحوازيات.
في عام ٢٠١٦ قامت الجمعیة بطباعة ونشر تقویمات جدارية تحتوي علی صور تاریخیة واخذت هذه التقویمات تتوزع في مختلف الأمکنة وتلصق علی جدران المحلات والبیوت.
بالتعاون مع إحدى المؤسسات المرخصة الأخرى قامت جمعية الهلال الثقافية مهرجان “لغتي هویتي”. أثرت حملة لغتي هویتي في ذهن الشارع الأحوازي واستمرت لسنوات عدة والجدیر بالملاحظة ان الکثیر من ابناء الأحواز باتوا واعون بالیوم العالمي للغة الأم واستمروا بإحیائه سنویاً.
في نفس العام قامت المؤسسة بنشر وتوزیع عدة أقراص (CD) ومنها قرص غنائي یحتوي علی أغنیات للأطفال باللغة العربیة وقرص یحتوي علی الأعمال الکاملة لرائد الفن الروائي الأحوازي الفنان حسان اگزار.
في إطار آخر اهتمت الجمعیة في التأریخ الحقیقي للأحواز و طبعت ملصقات تحتوي علی صور لعلماء و شعراء و فنانیین لمعوا في تاریخ الأحواز لیتعرف ابناء الأحواز علی أعلامهم الذي دثرهم التزییف الممنهج.
فی التألیف الموسوعي والمعجمي ایضا دعمت الجمعیة الکاتب ناجي عبود السواري وطبعت کتاب قاموس المصطلحات الیومیة في مختلف أنحاء الأحواز لیزین رفوف الأحوازیین.
في مجال آخر وهو القصة القصیرة في الأحواز دعمت الجمعیة تأليفات الأديب سعید مقدم وقامت بتوزیع کتبه التي لاقت اقبالاً واسعا.
و هكذا استمر العطاء و دعمت الجمعیة اول کتاب تعليم الحروف الأبجدية في الأحواز و هو کتاب یحتوي علی صور و اشعار لتعلیم الحروف للأطفال.
من الملفت أن کل هذه الأعمال کانت في إطار مکشوف و بأخذ رخصة حکومیة من دائرة الثقافة و الأرشاد و تم طبع الصور و التقویمات في المطبعات الحکومیة، فیتسائل الشارع الأحوازي واعضاء المؤسسة ومناصریها لماذا هذا الضرب و لماذا هذا الحظر و لماذا السجن، هل العمل الثقافي جریمة؟
تعود الشارع الاحوازي علی عطاء الجمعیة الثقافي و الرزمات التي کانت تصل البیوت من خلال الإشتراکات السنویة ودارت عجلة الزمن ومضت اعوام حتی اتت الفرصة المناسبة لضرب الجمعیة و سجن اعضائها و توجیهها بتهم فارغة لیخلو الجو للاخرين الذین لم یحملوا همّ الوطن بل هم عبئا علی الوطن. في الوقت الذي تُطبع وتتوزع الکتب الفارسیة بالمئات و تقام الندوات البختیاریة یومیاً وتجول و تصول مؤسسات عنصریة مثل “تاریانا” وقنوات تلغرامية مثل “خوزستان پاره تن ایران زمین”، بينما تضرب السلطة النشاط الاحوازي الوحید والمکشوف و المرخص بغية ضرب الهویة الأحوازية. والآن وبعد أربعة أشهر یتحمل أعضاء الجمعیة أشد التعذیب في زنزانات الإستخبارات الإيرانية.
في ما يلي اسماء بعض المعتقلين الذين أسسوا و نشطوا في جمعية الهلال الثقافية :
١-احمد رحيم دغاقلة ؛ مواليد ١٩٧٩ ، متزوج و له بنتين ، خريج بكلوريوس علوم السياسية من الجامعة الأهلية ، ساكن حي العزيزية (خشايار)، تاريخ الإعتقال ٢/٦/٢٠١٩، تم اعتقاله أثناء عمله في إدارة البلدية في حي کمپلو مدينة الأحواز العاصمة.
٢- ناجي عبود السواري؛ موالید ۱۹۸۰ سنة، متزوج وله بنت وولدين، مدرس و كاتب، ماجستير علم النفس من الجامعة الأهلية ، ساكن حي الچنیبة (شهرك برق)، تاريخ الاعتقال ٢٩/٤/٢٠١٩، تم اعتقاله في محل عمله في مدرسة طالقاني في منطقة كيان مدينة الأحواز العاصمة.
٣-ماهر مهدي دسومي ؛ متزوج و له بنت، بكلوريوس هندسة التخطيط ، ساكن حي گرانه (پاستوریزه) ، تاريخ الاعتقال ٢٩/٤/٢٠١٩، مدرس في مدراس منطقة شيبان.
٤- احمدامين (قيس) قمندار غزي؛ مواليد ١٩٨٥ ، اعزب، ماجستیر أدب عربي جامعة عبادان، ساكن حي الشعب (كورش) ، اعتقل في تاريخ ١٨/١٠/٢٠١٨ في بيته.
٥- علي عبيداوي؛ مواليد ١٩٨٣، متزوج و له أربعة أطفال، ماجستير أدب عربي من جامعة سنندج ، مدرس وتم اعتقاله في مدرسة قدس في مدينة الحميدية في تاريخ ٢٩/٤/٢٠١٩.
للتعرف على بعض اعمال المؤسسة يمكنكم متابعة الروابط التالية:
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.