كيف استخدمت إيران الإخوان لتصفية القضية الأحوازية على غرار الفلسطينية؟

الجوار برس- د/  محمد مسعود الأحبابي

kkقد يظن البعض أن زمن المُستعمر القديم قد ولَّى، وقد يغفلُ البعض أو يتناسى أن خروجه من أوطاننا كان جَبْرًا بعدما دفع أبناء الشعب العربي دماءَهم وأرواحهم ثمنًا لاستعادة الأرض، ولِباس الكرامة، لذا فإن الأيديولوجيات العدائية القديمة القابعة في أذهان المُستعمر القديم دفعته إلى البحث عن طرق أخرى لتفتيت بلادنا واستعمارنا من جديد.

لم تترك دولة من دول الاستعمار القديم ورقة جماعة الإخوان المسلمين إلا واستخدمتها لزرع الفتن بين أبناء الشعب الواحد، وتصفية أية ثورة تحررية مناهضة لأطماعها، بَدْءًا ببريطانيا ومرورًا بالولايات المتحدة الأمريكية، وصولا إلى تركيا وإيران، كل هولاء وأمثالهم كانوا يستخدمون على مدار التاريخ ورقة جماعة الإخوان المسلمين لتحقيق أهدافهم الاستعمارية والتخريبية في بلادنا، والأمر نفسه استغلته إيران تجاه القضية الفلسطينية، وكذلك الأحوازية.

وبداية السَّطو الإخواني على القضية الأحوازية كانت فى صباح أحد أيام شهر يوليو 2014م حيث افتتحت جماعة الإخوان المسلمين أول فرع لها على أرض الأحواز بعد أن أصدرت البيان التالي:

“تم بفضل الله تأسيس الجماعة في الأحواز المحتلة، بعد شهور من العمل السري تعلن الجماعة عن تأسيسها على الساحة الأحوازية وأن مشروعها الدفاع عن الهوية العربية لأرض وشعب الأحواز ونشر مذهب أهل السنة والجماعة على أرض الأحواز المحتلة وتعمل الجماعة بشكل سري على الصعيدين الدعوي والسياسي”

وهو البيان الذى حمل العديد من علامات الاستفهام والتعجب سواء فى توقيته الزمني، أو في نصه الذي خيَّمتْ عليه دلالات الغموض والإبهام، وأمارات التعتيم الفكري المُتعمَّد، ومن أمثلته عبارة: “شهور من العمل السري”، فأى عمل سري يتم على أرض الأحواز التى تضج بالملاحقات، والمداهمات، والاعتقالات التى يتعرض لها العرب في تلك البُقعة على يد الحرس الثورى، ووزارة الاستخبارات والأمن الوطني، ناهيك عن الانتشار المكثف لعناصر “سازمانى أمنيات فلكيسار” (مخابرات الدولة والتنظيم الأمني الإيراني) فى جميع أنحاء الأحواز!

أمَّا عن ادعائهم في “الدفاع عن الهُوية العربية لأرض وشعب الأحواز ونشر مذهب أهل السنة والجماعة” فـ”العرب الأحواز هم من الأساس مسلمون يتبعون مذهب أهل السُنة، فأي سنة تلك التى سينشرها صبيان حسن البنا إذًا! وأين كان نشر مذهب أهل السنة والجماعة من أرض الأحواز قبل توقيت صدور البيان!

أما عن التعجب الذي بلغ مداه وزاد الأمر افتضاحًا فيكمُن في عبارة “أرض الأحواز المحتلة”؛ فمن الواضح أن الساذج كاتب هذا البيان أراد أن يوهمَ العالم برسالة مفادها انعدام أية صلة بين فرع الإخوان المسلمين بالأحواز والنظام الإيرانى الذى يُحكم سيطرته عليها، ولعلَّه توهم أننا لا نعلم علاقة جماعة الإخوان بنظام الخمينى منذ كان فى باريس وقبل وصوله لسدة الحكم فى طهران!

فهل جماعة الإخوان بعد مرور عقود على تأسيسها تذكرتْ قضية الأحواز الأقدم من نشأتها؛ فلِمَ لمْ تصرِّحْ الجماعة فى أدبياتها أو نصوصها على مدار تاريخها بكلمة الأحواز أو عربستان، ولِمَ لمْ تنوِّه عن ذلك؟

وهل من المعقول أن يتزامن تذكر التنظيم الإخواني المفاجئ لأرض الأحواز المُحتلَّة مع بعثرة أوراقها، وشتات أمرها وتوالي الضربات عليها من كل حدب وصوب بعد ثورة 30 يونيو 2013م!

يبدو جليًّا أن جماعة الإخوان بعدما انعدم توازنها، وضاقت عليها الأرضُ شرعتْ في البحث عن معْقل لها لتعيد تنظيم صفوفها، ووقع اختيار قادتها على أرض الأحواز العربية، ولم يكن ذلك رغبةً في نصرة عرب الأحواز أو مساعدتهم في استرداد أرضهم المُحتلة التي لم تقفز في أذهانهم إلا عند البحث عن ملاذ، ولكن وافق هواهم وفكرهم التخريبي المُستعمِر الرياحَ الإيرانية المواتية لميولِهم فاحتضنهم المُحتل الذي لم يصرحوا باسمه في بيانهم الهزيل، وحتى لا ينكشف المستور، وكي لا تُفضح المخططات الممتدة لعلاقة الجماعة بإيران سمحت إيران لهم، ومنحتهم الحماية الكاملة تحت ستار الأرض المُحتَلَّة، وحفاظًا على عدم كشف ورقة الشر خلف زعم كاذب لا يحتاج لكثيرٍ من التَّفكُّر لفضح أساليبه الممنهجة التي يتبعها كل مُستعمر ينتخب قادته القسريين مُستعمرة جديدة لنهبها.

كما يلاحظ فى البيان المزعوم أنَّه لم يحمل إمضاء رئيس الجماعة، أو مؤسسها بالأحواز، بل تم الاكتفاء بإمضاء “الإخوان المسلمين في الأحواز المحتلة” فقط، ولم يوضح البيان برنامجًا أو ملمحًا لنشاط الجماعة في الأحواز، ولم يُذكر أية بيانات مُفصَّلة عن تأسيس أي كيان سياسي، أو عن أهدافه، ولم يُذكر منها سوى إحياء مذهب أهل السنة والجماعة، فهل هذا سبب يتطلب تأسيس كيان سياسي في أرض مُحتلة بل منسية منذ عقود طويلة.   

 وحقيقةُ الأمر أن إصدار ذلك البيان في هذا الظرف الزمني الراهن لم يكن نتيجة لجهود عمل سري كما ادعى أصحاب البيان، ولتلك الخطوة من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان تداعيات كثيرة وأهداف استراتيجية عديدة، أبرزها:

أولا: إنشاء مَعقِلٍ لاستعادة التوازن الإخواني واحتضان عناصر الإخوان، وبخاصة العناصر الفارة من الخليج ومصر.

ثانيا: إعداد الأحواز كي تكون نقطة ارتكاز، وبَدء انطلاقة جديدة لتنفيذ مشروع الخميني وتطلعاته بالمنطقة.

ثالثا: ضرب القضية العربية الأحوازية فى مقتل، بإثارة البلبلة الفكرية، وخَلْق حالة من الصراع الداخلي بين أهل الأحواز وجماعة الإخوان، وكذلك بين أهل الأحواز أنفسهم سعيًا لإنهاك القوى الأحوازية وتشتيتها مثلما حدث في ثورات الربيع العربي المزعومة.

رابعًا: استغلال التنظيم الدولي لجماعة الإخوان قضيةَ الأحواز والإتجار بها عن طريق ترويجه لدعوته الكاذبة في نُصرتها التي لم يطلبْ من ورائها سوى جلبَ الدعم المادي، والتعاطف الشعبي لتواجد جماعته بالأحواز على حساب القضية الأحوازية نفسها، مثلما فعلتْ حركة حماس بالقضية الفلسطينية حيث انتهتْ إلى اختصارها فى قطاع غزة فقط.

خامسًا: احتواء جماعة الإخوان بالأحواز لأغلب العناصر القيادية المطلوبة من أجهزة الأمن العربية، والتي كانت تتنقل فى الفترة الأخيرة بين الدوحة، واسطنبول، ولندن كي يكونوا تحت أعين أجهزة الأمن الإيرانية.

وبإنشاء فرع لجماعة الإخوان المسلمين بالأحواز بعد صراع شعبها ضد الاحتلال الفارسي باتت أرضُ الأحواز العربية بين سَنْدان الفرسنة ومِطرقة الأخونة .

وستبقى جماعة الإخوان غير المسلمين ورقة بيد تركيا وإيران لتدمير بلادنا، وهي الجماعة ذو الأفكار الشيطانية التى من خلالها كان اختراق عقول شبابنا كي يكونَ بأيديهم لا أيادي أعدائنا حرق أوطاننا، وما يحدثُ الآن في سوريا، وليبيا، ومصر، وتونس، والسودان، وغيرها خير شاهد على ذلك، فهل من مُتفكِّر!      

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: