الأحواز بين فكي طهران وبكين/ بقلم: نوري حمـــزة

465465676موقع كارون الثقافي| متابعات- مجلة الأحواز، العدد الرابع، نوري حمزة، صحفي ومحلل سياسي.

فيما يرتبط بعلاقات طهران وبكين، يبدو أن مساعي إيران الرامية إلى استنساخ تجربة الصين، وخلق نموذج محلي للتنمية الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية، أوصلت الأمور بإيران إلى حد معين من التوسع الأمني والعسكري غير المكتمل. وفي نفس الإطار فشلت الإدارة الإيرانية لحداً كبيرا في تسيير شؤون البلاد على مستويات السياسة الداخلية والخارجية والاقتصاد والأمور الاجتماعية وإدارة البيئة وغيرها من شؤون.
وفي إطار تلك التنمية المزعومة إن ما فعلته إيران من كوارث بيئية في اقليم الأحواز وذلك بمشاركة فاعلة من قبل الشركات الصينية، خلال السنين الماضية، ترك تأثيرًا بالغ السوء على سكان تلك المنطقة في الحال والمستقبل، وخلفت المشاريع التي عرفت بمشاريع تنموية صناعية، خلفت أنواع الأمراض مثل السرطانات والأمراض الرئوية، والجلدية وغيرها، وبتبعها شهدنا زيادة في أعداد الوفيات. وكذلك حسب ما كان متوقع أن شركات المقاولة الصناعية الصينية، لم تخدم المنطقة وسكانها حتى في أبسط موضوع ألا وهو توظيف الشباب العاطل عن العمل وخاصة من يحمل شهادة جامعية. كما تسببت نشاطات إيران التي تزعم أنها تنموية في الأحواز، تسببت بتشديد الأمن والتضييق على الناس في جميع مرافق الحياة، رافقها الجفاف والفيضانات، والتهميش المنهجي بغية تهجير السكان الأصليين أي العرب عن قراهم ومدنهم. كما جلبت النشاطات الاقتصادية الإيرانية الصينية في المنطقة توافد المزيد من المليشيات الأجنبية المنتظمة تحت أمر قوات القدس التابعة للحرس الثوري حيث استقرت هذه القوات في معسكرات عدة في الأحواز. وفي أخر مداخلة عسكرية لهذه القوات الإرهابية العابرة للحدود كانت تلك القوات داهمت بيوت الناس، بجانب القوات الإيرانية، في مناطق الكورة ومعشور والجراحي خلال الانتفاضة التي حدثت في أكتوبر ونوفمبر ٢٠١٩ جراء رفع سعر البنزين في إيران، وأعتدت هذه المليشيات على الناس الأمنين في بيوتهم وتسببت بقتل وجرح العديد حسب شهود عيان من نفس المنطقة.
إن ما عملته إيران بالاقتصاد والبيئة في اقليم الأحواز، وذلك عبر فتح بوابات الاقليم أمام الشركات الصينية، التي يصفه عامة الناس في إيران بفتح بوابات النهب على مصراعيه أمام الصين، قد اتضح للعلن لأول مرة في عام ٢٠٠٦، ولكن قبل ذلك ومنذ بدايات نهاية الحرب الايرانية – العراقية في عام ١٩٨٨ تكاثرت الرحلات بين طهران وبكين، وحين دار الحديث عن إمكانيات اقليم الأحواز استضافة الشركات الصينية أثار الموضوع ضجة في وسط المافيا الاقتصادية المرتبطة بالاستخبارات والحرس الثوري الإيرانيين. وسار كل من هؤلاء أي الحرس والاستخبارات أن ينشأ شركات خاصة للتعامل والتعاقد مع الشركات الصينية، ولكن تأخر الأمر نتيجة وجود عقبة قانونية تعرف بـ “منع الاستثمار في الأحواز” التي كانت بمثابة رادع أمام المستثمر، وكان قد صدر ذلك الأمر عن المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني أثناء الحرب الايرانية – العراقية.
وبعيد سقوط نظام العراق في ٢٠٠٣ وعدم وجود خطر من خارج الحدود، وحدوث انتفاضة الـ ١٥أبريل/نيسان ٢٠٠٥ قد سمح المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني للاستثمار في الأحواز، شريطة أن يكون الاستثمار في إطار برنامج تغيير الديمغرافيا لصالح الوافدين من خارج الاقليم حتى يصبح السكان الأصليين أقلية غير مؤثرة في موطنهم.
وحين تطورت الأحداث بين ايران ودول مجلس الأمن نتيجة اكتشاف الغرب مشروع إيران النووي العسكري السري وإلزام طهران بمقابلة مندوبي دول اعضاء مجلس الأمن والمانيا، حدثت رحلات مكوكية بين بكين و طهران لوفود سياسية واقتصادية من المسؤولين المحليين في اقليم الأحواز، مما أدى إلى تعاقد بين “شركة كيسون الصينية” و”شركة مترو الأنفاق” حديثة التأسيس في الأحواز، وذلك كان في عام ٢٠٠٦ وحسب العقد كان من المفترض أن تنهي شركة كيسون عملها في مشروع قطار الانفاق في الأحواز خلال خمسة سنوات فقط، ولكن لم يكتمل المشروع حتى يومنا هذا نتيجة تدخل المافيا الاقتصادية بالمشروع ذاته، وعرقلة المشروع من قبل أصحاب المصالح من بين الفرس المتنفذين في شتى دوائر الأمن القومي الإيراني وغيرها من دوائر حكومية.
تطورت الأمور بين الطرفين أي الصين وإيران، حتى أن محافظ اقليم الأحواز جعفر حجازي زار الصين في تشرين الثاني / نوفمبر ٢٠٠٨ وحين عاد من هناك أعلن المحافظ حجازي عبر وكالة مهر الاخبارية: “إن مسؤولي اقليم الأحواز واقليم “شان دونج” الصيني اتفقوا على التعاون في الشؤون الاقتصادية والتجارية والعلمية والتقنية والثقافية والتعليمية والرياضية والصحية وتنمية الطاقات البشرية.
وأضاف حجازي:” أن جميع الفرص والقدرات التنموية عبر الاستثمار في المياه والتربة، والطاقة ومحطات إنتاج الطاقة، والصلب، والبتروكيمياويات، وشبكات الري والصرف الصحي، والتكنولوجيا الأم، وقطاع السياحة، وأساليب إيجاد التعادل ما بين القطاعات المختلفة في إطار التنمية، وغيرها من شؤون، وضعت تحت تصرف محافظ ومسؤولي اقليم شان دونج الصيني.
كما أعلن من قبل وكالات الانباء الايرانية أن اقليم الاحواز واقليم شان دونج اتفقا على “عقد التوأمة” بمعنى أن الطرفين أي اقليم الاحواز واقليم شان دونج يساهمان في صنع السياسات التنموية عبر الاستثمار في جميع القطاعات التي من شأنها أن تؤدي الى تطوير اقليم الأحواز، ومن المرجح أن تأتي الأمور برفع مستوى حياة السكان على كافة الأصعدة، ولكن ما حدث في الأحواز العكس تمامًا، وسارت الأمور حسب مخطط المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني فيما يتعلق بإضعاف السكان الأصليين في الأحواز في العديد من مستويات الحياة.
ومروراً على بعض المشاريع الصينية في الأحواز نرى التالي؛
أعلن موقع وكالة فارس الايرانية في ١٢ آذار/ مارس ٢٠١٤ أن تم الاتفاق بين إيران والصين على استحداث مدينة صناعية في اقليم الاحواز لعرض المنتجات الصينية.
ونشر موقع إيرنا التابع لوكالة الانباء الايرانية الرسمية خبر تعاقد ما بين “شركة نورنكو الصينية” و “شركة متن” الايرانية الناشطة في قطاع النفط على أن تم الاتفاق والتعاقد بقيمة ٦ ميليار دولار امريكي للاستثمار في حقول نفط غربي نهر كارون، المسميات بحقول؛ آزادكان، وياران، ويادآوران بتاريخ ١٣ تشرين ثاني / نوفمبر ٢٠١٦.
كما أتفق الايرانيون والصينيون على تنمية مصفاة النفط في عبادان تحت إشراف “شركة سينوبك انترنشونال الصينية” حسب وكالة انباء شانا التابعة لوزارة النفط الايرانية بتاريخ ١٨ شباط / فبراير ٢٠١٧.
وأجتمع كل من مسؤولي “شركة صناعة الصلب” في الأحواز و”شركة جي دونج” الصينية خلال لقاء جمع بين مسؤولي الطرفين في ١٢ أيلول / سبتمبر ٢٠١٧ في سلطنة عمان على أن الصين تستورد جزء من احتياجاتها من الصلب من مصنع الصلب في الاحواز.
كما نقلت وكالة بُرنا الفارسية ان عقد اجتماع بحضور رؤساء شركات صينية وإيرانية ومعاون الشؤون الاقتصادية لإقليم الاحواز سيد علي بحريني مقدم في ٢٤ كانون الاول / ديسمبر ٢٠١٧ وتم الاتفاق على فسح المجال أكثر أمام الشركات الصينية في العمل في قطاعات الكهرباء والمياه والصرف والمجاري، وقطار الانفاق، وتشييد السدود. وأعلن خلال الاجتماع أن الصين استثمرت ١٥ مليار دولار في إيران وكسبت ١٢٠ مليار دولار وعلى هذا الاساس سيتم استمرار الاستثمار في اقليم الاحواز من قبل الصين.
وقال محمد خالدي مدير مكتب الشؤون الاقتصادية في وزارة الزراعة الايرانية ان تم الاتفاق بين “شركة أوييك” الصينية ووزارة الزراعة الايرانية على ان تعمل شركة أويك الصينية على تطوير الاراضي الزراعية في شمال غرب الاحواز ومحافظة عيلام بمساحة ٢٠٠ ألف هكتار وبعقد مالي قيمته ١١ مليار يوان صيني حسب موقع انتخاب الإخباري بتاريخ ١٣ أيار/ مايو ٢٠١٨.
وفي تموز/ يوليو ٢٠١٨ تم الاتفاق بين “شركة سبكو الصينية” ومنظمة المياه والكهرباء في الاحواز على ان يتم تطوير شبكه المياه في مدن ايذه وباغملك وميداوود ورامز وصيدون وقلعة تُل بشمال شرق الاحواز عبر عقد قيمته ٢٧٠ مليون يورو حسب وكالة مهر الإخبارية.
كما اتفقت ادارة المنطقة التجارية الحرة في المحمرة وعبادان بتاريخ ٢٠ آب/ أغسطس ٢٠١٨ مع شركة صينية فيما يتعلق باستخراج مادة “السلستين” من مناجم الاحواز وتصديرها الى الصين وبلدان اخرى، حسب وكالة مهرا لإخبارية وذلك نقلاً عن لسان سيد علي موسوي مساعد المنطقة التجارية الحرة.
وأعلن محمد رضا رضائي رئيس مطارات اقليم الاحواز أن الصين وافقت على تأسيس مطار جديد في الأحواز وستستثمر في المطار الحالي عبر تطوير القسم التقني وبناء صالات واستخدام ادوات الطاقة الشمسية وتكييف المطار وغيرها من أمور مما يحتاجها المطار حسب موقع “دنياي خودرو” الإخباري بتاريخ ٢١ كانون الاول/ ديسمبر ٢٠١٨.
ونقلت وكالة انباء آريا في 19 كانون الثاني/ يناير 2019 أن محافظ الاقليم اجتمع برؤساء شركات صينية متخصصة في صناعة القطارات وسكك الحديد ونسجت اتفاقات مبدئية حول استحداث سكة حديد لقطار يربط بين أصفهان وشهركُرد والأحواز وتطوير السدود وغيرها من مشاريع.
ونشرت وكالة مهر الاخبارية في ٢١ شباط /فبراير ٢٠١٩ خبر مشروع تأسيس مصنع بتروكيماويات في الصالحية (انديمشك) بشمال الأحواز، وكذلك تأسيس محطة كهرومائية على سد الدز، وتطوير الري بالتقطير على مساحة ١٦٣ ألف هكتار في ذات المنطقة.
كما مارست الصين الصيد الجائر للأسماك في سواحل الأحواز المطلة على الخليج العربي وسواحل بلوتشستان المطلة على خليج عمان، على أثر اتفاق بين دوائر الثروات البحرية في إيران والصين. وحدثت مصادمات بين الصيادين الصينيين وصيادي جنوب الأحواز وصيادي سواحل اقليم بلوتشستان المطلة على خليج عمان، حيث كنس الصينيون جوف البحر على حد تعبير الصحافة الفارسية وذلك على أثر تجهيز القوارب الصينية بشبك كهربائي يستخدم للصيد، ما يؤدي إلى نفوق الأسماك وكل ما متواجد من قاع البحر حتى السطح، نتيجة تأثير الصعق الكهربائي.
وحدثت نقاشات حادة في الآونة الأخيرة بين البرلمانيين الإيرانيين حيث أتهم بعضهم حكومة حسن روحاني بتسليم جزيرة قيس (كيش) في جنوب الأحواز لمدة ٢٥ عاما بأكملها تحت تصرف الصين حسب “موقع ألف الاخباري” بتاريخ ٢٤ آذار/ مارس ٢٠١٩.
وكتبت صحيفة كيهان الايرانية في الـ ٢ شباط/ فبراير ٢٠١٤ نقلا عن احمد رضا لاهيجان زادة رئيس منظمة البيئة في الأحواز أن العمال الصينين الذين يعملون في مشروع تنقيب النفط في منطقة هور العظيم لم يرحموا بعد بكل ما متواجد في الهور. ووصلت الأمور إلى حد أن كل دابة في الهور أصبحت على وشك الانقراض نتيجة إطعام العمال الصينيين من الزواحف والأسماك والبرمائيات، ناهيك عن تجفيف المستنقعات وحرق القصب وكل ما توجد من أعشاب.
كما أن كل ما تأتي من موارد مالية نتيجة تلك المشاريع العملاقة في الأحواز، تذهب إلى تنمية المدن والاقاليم الفارسية، وكذلك تستخدم لتغذية حروب إيران في المنطقة. ويؤكد خبراء الشأن الإيراني أن أهم سبب في إسهام طهران لبكين بمشاريع اقتصادية ضخمة، يأتي في إطار استنجاد إيران بدور الصين واستخدام ثقل بكين في المنظمات الدولية. وبمعنى أخر أن النظام الإيراني وضع الأحواز وما فيها تحت تصرف الصين قبالة ضمان أمنه عبر استخدام الصين حق النقض في مجلس الأمن إذا اقتضى الأمر، كما فعلوها الصينيين سابقاً بحق نظام دمشق، الأمر الذي تماشى مع سياسات إيران في الشرق الأوسط.

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: