موقع كارون الثقافي| مجلة الأحواز الأسبوعية- نشرت کتابة تحت عنوان “بین ایقونتین للحراك” (العراقي) تتحدث عن رؤیتان و في الأساس هي رؤیة واحدة، يتضمنان رؤیة ثوریة للحراك الثوري العراقي وهي مظاهرة جماهيرية ومسيرة مليونية يوم الجمعة القادم على طريقة مسيرة كربلاء من كل المحافظات مشيا على الاقدام من البصرة حتى الناصرية ثم الى الغراف فالرفاعي فالكوت الى بغداد، وهكذا بقية المحافظات مثل النجف والعمارة والحلة وديالى بحيث يصل الناس في وقت واحد الى بغداد ومن ثم الى المنطقة الخضراء، وهي بطبيعة الحال مسيرة سلمية لاتحمل الجماهير خلالها سوى العلم العراقي فقط، واغصان ورورد.. مع ضرورة إبقاء ساحات التظاهر في المحافظات قائمة يشغلها نشطاء.
الفکرة ثوریة وحل جذري لاستمرار الثورة وتصعیدها حتی إسقاط الأنظمة الفاسدة. هي مسیرة الثورة وتکون ایقونة ونموذج للشعوب الأخرین. خطة قویة لفتح العاصمة وتحریرها من ید إیران وذیولها. الاختلاف بین الرؤیتین في وصولهم للعاصمة، دون أن یشعروا في حین وصول المسیرة للعاصمة و دخولها الی منطقة الخضراء – اذا وصلت – أي سقوط الأنظمة تماما.
اول مرة في تاریخ نضال المنظم للشعوب، تجلت “مسیرة الثورة” في قائد الثورة الصینیة “مائو” وعندما ارادت الأنظمة المستبدة الحاکمة قمع الثورة وجیش الأحمر الشعبي وبدأت بمطاردته بعد ما انسحب جیش الثوار من المناطق المحاصر فیه، حوَّل جیش الأحمر الإنسحاب الی المسیرة الطویلة ومن هناك بدأت الثورة في مسیرتها الطویلة لفك الحصار والخروج من المحاصرة وتحریر المدن والقرای. نعم من هناك بدأت الثورة بالانتصارات حتی إسقاط الأنظمة الفاسدة.
کما تجربة ایران في بدایة الحرب سنة 1981 الایراني، خطط المجاهدین لتکون مسیرة لهم من جنوب طهران العاصمة الی البرلمان وبیت الخمیني وکان مطلبهم سلمي، لکن الخمیني أدرك ان الخطة خطیرة وتحسم مصیرهم ولهذا قاموا بقمعها وقتل الالاف من المجاهدین قبل وصولها الی مراکز استقرار الأنظمة الحاکمة.
لکن الیوم العراق یختلف تماما عن ایران و الصین. العراق دخل بمرحلة الثورة و تجاوز القمع والإسکات ووصل الی مرحلة أن یحسم الأمر. ولحسم الأمر لابد أن يقوم بهذه الخطوة القویة والمبارکة.
کتابة “بین ایقونتین للحراک”، تلخص آراء الحراك الثوري العراقي في هذه المرحلة و خاصة بعد خروج مقتدی صدر من الصف الشعبي.
بين ايقونتين للحراك
الدكتور علاء الركابي والناشط عدي الزيدي
بقلم: عراقي وبس
المتابع لشأن الحراك الشعبي في العراق لا يمكن ان يتجاهل ايقونتين من ايقونات هذا الحراك، وهما الدكتور علاء الركابي، والناشط عدي الزيدي، فكلاهما صوت مرتفع، وجسور، ومثمر..
ومن الموافقات ان كلا الرجلين من مدينة الناصرية الباسلة، هذه المدينة التي كانت ومازالت تعرب للعراقيين كل يوم عن المزيد من الفعاليات والعطاء والعزم والإصرار، وثقافة أهلها ووعيهم، بما يجعل منها رمزا يستحق الاقتداء والإجلال..
ظهر لنا خلال هذه الأيام تسجيلات بالصوت والصورة لكل من الرجلين، الأول منهما كان للدكتور علاء الركابي بتاريخ 25 /1/ 2020م والثاني كان للناشط عدي الزيدي تعقيبا عليه..
وقد لا يكون ذلك ملفتا للنظر فوسائل التواصل الاجتماعي تذخر بتسجيلات من هذا النوع للرجلين.. لكن الجديد في هذين التسجيلين انهما يتضمنان رؤيتين للحل، الأولى منهما اعرب عنها صاحبها وهو الدكتور الركابي من خلال الدعوة الفعلية لجماهير الحراك للمباشرة بفعل ما، نأتي على بيانه بعد قليل، والرؤية الثانية للناشط الزيدي اكتفى فيها صاحبها بالتعقيب على ما دعا اليه الأول مبينا رؤية مخالفة للحل.
والذي يجعلنا نهتم بهذا الشأن ان الرجلين لا يعبران عن أراء شخصية بل عن اراء جماهيرية يتبنى بعضها رأيا ويتبنى بعضها رأيا آخر، في قضية مصيرية، ومرحلة مفصلية بالغة الحساسية ..
فما حقيقة رؤية كل منهما؟
أولا: الدكتور علاء الركابي:
1 ـ دعا الى خطوة تصعيدية بعد الاحداث الدامية في الناصرية من خلال مظاهرة جماهيرية ومسيرة مليونية يوم الجمعة القادم على طريقة مسيرة كربلاء من كل المحافظات مشيا على الاقدام من البصرة حتى الناصرية ثم الى الغراف فالرفاعي فالكوت الى بغداد، وهكذا بقية المحافظات مثل النجف والعمارة والحلة وديالى بحيث يصل الناس في وقت واحد الى بغداد ومن ثم الى المنطقة الخضراء، وهي بطبيعة الحال مسيرة سلمية لاتحمل الجماهير خلالها سوى العلم العراقي فقط، واغصان ورورد..
وطلب من رئيس اركان الجيش العراقي تامين المتظاهرين في الطريق وفي كل مكان وفي بغداد لانه معني بذلك قانونيا واخلاقيا
2 تقوم الجماهير بتطويق المنطقة الخضراء من كل مكان، وتحاصر أهلها داخل نطاقها، وتلتزم الجماهير بعدم اقتحامها.
3 من موقع الجماهير حول الخضراء يتم تقديم طلب الى المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى في حال لم يسم رئيس الجمهورية مرشحا مستقلا لاخذ زمام المبادرة من الرئيس، وتسمية رئيس وزراء مستقل، الذي سيكون فدائيا للوطن، ويلتزم بايصال الشعب العراقي الى صناديق الاقتراع، وعلى البرلمان خلال هذه الفترة اكمال قانون الانتخابات مع الجدول المرفق للدوائر المتعددة، والموافقة على تسمية رئيس الوزراء المستقل
4 ـ التركيز العالي على السلمية، والتبرؤ من أي مجموعة تسعى للانحراف عن السلمية، طالبا من الأجهزة الأمنية ممارسة واجباتها بحقهم.
ثانيا: الناشط عدي الزيدي
أعقبه الناشط عدي الزيدي بتسجيلين ..تضمنا الآتي:
1 ـ تأييد فكرة المجيء الى بغداد، أو لنقل إبداء عدم الإعتراض على الفكرة مع ضرورة إبقاء ساحات التظاهر في المحافظات قائمة يشغلها نشطاء2 ـ الاعتراض على فكرة تقديم الطلب الى المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى ليذهبا الى ترشيح رئيس وزراء في الوقت الحالي، وذلك للأسباب الآتية
أ ـ لو تمت تسمية رئيس وزراء في ظل العملية السياسية القائمة فلن يكون بمقدوره ان يفعل شيئا من الإصلاح ولو كان نبيا مرسلا او معصوما بحسب كلام الناشط الزيدي، لان كل من حوله فاسدون: البرلمان، والأحزاب، والميليشيات، فضلا عن وجود النفوذ الإيراني الذي مازال متحكما في مفاصل العملية السياسية.
ب ـ الحل يكمن في التغيير الجذري، وهذا يتحقق من خلال إيقافالعمل بالدستور، وحل البرلمان، وحل الميليشيات، وانهاء المحاصصة الطائفية، فهذا وحده الكفيل ببناء عملية سياسية عراقية وطنية، بعيدة عن هذا الفساد كله.
ونحن كعراقيين ناشطين او متابعين للحراك وداعمين له يرتبط مستقبلنا شئنا أم ابينا بهذه الفعاليات، وبالتالي لنا الحق في التعبير عن خلجاتنا في أقل التقدير حول ما سيحدث، والكاتب واحد من هؤلاء، آثر أن لا يذكر اسمه، لان المقصود هنا مناقشة الأفكار بعقلانية بغض النظر عن تسمية الأشخاص..
وبهذا الصدد أقول:
لو وضعنا الرؤيتين في ميزان، سنلحظ الآتي:
1ـ رؤية الناشط الزيدي انضج في حل المشكلة العراقية قطعا، وتنسجم تماما مع حجم الحراك الذي تجاوز فكرة التظاهرات او الانتفاضة ووصل حد الثورة، وبالتالي لابد ان تكون النتائج حلولا جذرية تنهي المعاناة الى الابد، وتكون بحجم دم الشهداء والتضحيات التي بذلها شبابنا في سوح التحرير..
بينما رؤية الدكتور الركابي دونها في النضج، لان الهدف ـ كما يبدو ـ من وراء تظاهرة جماهيرية ومسيرة مليونية تنطلق من كل محافظات الجنوب مشيا على الأقدام، هو الاقتصار على تسمية رئيس وزراء غير جدلي، مع بقاء الوضع
المحيط برئيس الوزراء الجديد على حاله من برلمان خائب وأحزاب فاسدة، وميليشيات دموية، ونفوذ إيراني متحكم بالمشهد.
وعلى الرغم من ان الدكتور الركابي مقدر صعوبة المهمة على مايبدو، وسمى الوزير القادم بالفدائي، لكن لنكن صرحاء ان رئيس الوزراء القادم ـ أيا كان شأنه ـ سينطبق عليه البيت الشعري:
ألقاه في النهر مكتوفا وقال له***إياك إياك أن تبتل بالماء
ومن الطبيعي اذا فشل رئيس الوزراء هذا في مهمته فإن الناس سيعذرونه، لانه سيكون لوحده في المعترك، وإذا افترضنا ان الرجل كان عند حسن الظن، بحيث انه حين يفشل يستقيل ويعتذر للناس، فإننا هنا نكون قد اضعنا الوقت، وفوتنا ثمرة زحف الجماهير بالملايين نحو بغداد، وهو مشهد إن حدث فمن الصعوبة بمكان تكراره.
كما ان فكرة الزحف مشيا على الاقدام حتى اللحظة مثيرة للتساؤل، لان الناس بعد سير مدته اسبوعان سيكونون في وضع لا يحسدون عليه من التعب والارهاق وربما الجوع، ولكني لن اناقشه لان رجلا مثل الدكتور الركابي لديه مبرراته من دون شك، ومن المفترض انه قد حسب لكل شيء حسابه.
لكن ـ للأمانة ـ ما يميز رؤية الدكتور الركابي عن رؤية الناشط الزيدي، ويجعلها مثار اهتمام اكبر ان الناشط الزيدي قدم رؤية من دون خارطة طريق وآلية عمل، فمع أني على يقين ان الجزء الأعظم من الشعب العراقي يتبنون رؤية الزيدي لانها تتضمن حلولا كاملة والخلاص الأمثل من هذا الكابوس، لكنه اكتفى ـ وهذه ليست المرة الأولى ـ بطرح الرؤية من دون تفاصيل تتضمن آلية مقبولة للوصول الى الأهداف، وهذه نقطة ضعف، إلا إذا كان الرجل ومن معه يعملون بحساب المراحل، وان المرحلة المناسبة للإفصاح عن ذلك لم تأت بعد بحسب تقديرهم للأمور..
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.