موقع كارون الثقافي| خاص| حامد الكناني- تشير احدى الرسائل التحريضية المرسلة من قبل المستوطنين ولجان الحرس الثوري في المحمرة سنة 1979 إلى طهران، إلى وجود 6 تنظيمات سياسية عربية كانت تطالب بحقوق العرب والاستقلال عن إيران في تلك الفترة. ادرج لكم هنا ترجمة لهذا التقرير المعادي للعرب والذي يثبت مساعي الجماعات الفارسية المستوطنة ودورها في تشويه صورة النضال الأحوازي وتحريض طهران ضد العرب باستمرار:
- جبهة تحرير عربستان والحركة الجماهيرية وقياداتها التي انتقلت للداخل مع سقوط النظام الملكي و يقدر عددهم من 20-30 شخص سياسي جميعهم مدربين عسكريا ولديهم مهارات عسكرية عالية حيث سبق وان تدربوا في سوريا والعراق وفلسطين.
- اتباع حزب البعث الذين دخلوا مدرسين للغة العربية.
- مجموعة من الشيوعيين حيث التحق بهم رفاقهم من الذين كانوا منفيين بالخارج.
- قسم من البختياريين وعناصر الماسونية والسافاك .
- الجبهة السياسية العربية ومعها جميع من يناصر آية الله محمد طاهر آل شبير الخاقاني وتتشكل من:
1- جمعية رجال الدين العرب المسلمين.
2- اللجنة التنفيذية لمؤتمر الشعب العربي في إيران.
3- جمعية مثقفي عرب ايران/الاحواز.
4- المركز الثقافي العرب/المحمرة.
5- المركز الثقافي العربي/الاحواز.
6- المنظمة السياسية للشعب العربي المسلم في غيران/المحمرة.
7- القبائل العربية في الفلاحية،عبادان،الاحواز،الحويزة،الخفاجية،المحمرة والسوس.
8- مركز عرب ايران الثقافي/عبادان.
9- منظمة مجاهدي الشعب العربي الايراني/المحمرة.
10- الجبهة السياسية للشعب العربي المسلم في إيراني.
11- المركز الثقافي للشعب العربي الايراني/طهران.
12- النهضة الشعبية للشعب العربي في ايران.
( وثيقة رقم: 90305 مركز الدراسات والبحوث الحربية –تقرير مكتب البحث والتحري،الحرس الثوري في الاحواز)
على عكس ما ورد في التقرير التحريضي المرسل من قبل لجان الحرس الثوري والمستوطنين في الأحواز، جميع التنظيمات السياسية العربية كانت قد تخلت عن الكفاح المسلح، وذهب بعضها إلى أبعد من هذا ، حيث سمعت انا شخصياً من الشهيد شبل حمود العاصي حين كنا نعمل بالمركز الثقافي بمدينة الخفاجية، اخبرنا الشهيد شبل بعد عودته من اجتماع عقد بمدينة الأحواز، انه تم الاتفاق على تغيير اسم “الحركة الجماهيرية لتحرير عربستان” إلى “الحركة الجماهيرية للشعب العربي في عربستان”، والتنظيمات السياسية في تلك المرحلة كانت تعتمد النضال السلمي وتقوم بنشاط توعوي بارز بين صفوف أبناء الشعب وتدعوا لإقامة مظاهرات سلمية وتصدر بيانات شجب واستنكار ضد الممارسات اللاإنسانية للسلطات الإيرانية، كما تعمل على وقف السياسات العنصرية المستمرة ضد العرب وتهميشهم والتي وضع أساسها في عهدي البهلوي الأول والثاني.
يذكر محمد الخاقاني وهو شاهد عيان أن لجوء العرب لتدشين مركزاً ثقافياً في مدينة المحمرة أثار حفيظة المستوطنين الفرس في هذه المدينة العربية المحتلة التي كانت عاصمة لامارة خليجية عربية حتى عام 1925م : “كانت مشكلة المحمرة تتعلق ببعض العرب الذين أسسوا ضمن حقهم الدستوري منظمة ثقافية عربية ومنظمة سياسية عربية، أحدهما تقع في بيت للشيخ خزعل امير المحمرة قبل الإحتلال الإيراني لها عام 1925، رأى الفرس الذين اسسوا بدورهم المنظمة الثقافية الفارسية في المقابل، بان المنظمة السياسية العربية تمثل استفزازا واضحا لمشاعرهم وأنها تجمع القوميين العرب، وانها تحتل احدى المباني الحكومية!!، وعندما سيرت المنظمة العربية مظاهرة في وسط المدينة اطلق الفرس النار على المظاهرة من مبنى المنظمة الثقافية الفارسية”
أحداث المجزرة
استفاق اهالي المحمرة عاصمة الشيخ خزعل بن جابر بعد نصف قرن من احتلالها على أصوات اطلاق النار المكَثف و الانفجارات و مزامير سيارات الإسعاف و السيارات العسكرية وانتشار القوات البحرية و الميليشيات الفارسية والموالية لهم من العرب المرتزقة في شوارع المدينة. كان ذلك في الصباح الباكر من يوم الأربعاء الثلاثون من مايو 1979م ، طوقت هذه القوات المراكز الثقافية و السياسية وتم اطلاق النار بشكل عشوائي على المارة و أصحاب المحلات و استشهد المئات على اثر ذلك. كما اغرقت القوات البحرية قوارب كانت تحمل العمال و الموظفين الذاهبين من منطقة كوت الشيخ إلى أعمالهم في الجانب الثاني من النهر وشط العرب وتم مداهمة المئات من المنازل من قبل الميليشيات و اعتقل المئات من الشباب العربي و كانت السيارات العسكرية تقوم بنقلهم إلى الشمال الاحوازي حيث مدينتي تستر و القنيطرة (دزفول) على بعد أكثر من 120 كيلو متر عن المحمرة. بعد الاحداث الدامية التي شهدتها مدينة المحمرة والمجزرة البشعة التي ارتكبتها القوات المسلحة الإيرانية والميليشيات المسلحة الفارسية والموالين للفرس من العرب حاول الاحوازيين تدويل قضيتهم ونشرت وكالات الانباء الأجنبية والاذاعات هذه الأحداث والمظلمة التي تعرض لها أبناء الشعب العربي في ربيع الثورة الإيرانية وعلى يد من يدعي الثورية والتغيير.
الحكومة تغدر بالشعب العربي الأعزل
وكان محافظ الأحواز (خوزستان)،احمد مدني قد اجتمع مساء يوم الثلاثاء 28 مايو 1979 بالشيخ عيسى الخاقاني الذي عينه الخميني رسميا وكيلا عنه لحل الأزمة، في مبنى قائم مقامية المحمرة وكان علوي قائم المقام وحقاني رئيس البلدية وأثنان من المعممين الفرس، ديباجي والياسي ضمن المشاركين في هذا الاجتماع ، وأخبرهم مدني بصفته محافظ الأحواز بانتهاء الأزمة وأن الخميس سيشهد اليوم الأخير لهذه المشاكل إن شاء الله، وانتهت الجلسة في الساعة الثانية والنصف قبل الفجر.
” وفي الساعة الرابعة صباحاً أي بعد أقل من ساعتين، ومع اذان الفجر كانت كل مدينة المحمرة تحت مرمى نيران المدفعية من البحرية الإيرانية وإطلاق الرصاص الحي على كل من يتحرك فيها، وهجوم مكثف من قوات الجيش والحرس على المنظمات السياسية والثقافية العربية وقتل من فيها، مجزرة المحمرة هذه استمرت لثلاثة ايام انقطعت فيها المدينة عن العالم الخارجي وقد خلفت المجزرة أربع مئة قتيل أغلبهم لا يدرون لماذا قتلوا؟ وامتلأت المستشفيات بالجرحى، وقد عثر على أكثر من سبعين جثة طافية في شط العرب!!، كان يؤلمني جداً تذكر جثمان السيدة العجوز التي ادت صلاة الفجر وصعدت الى سطح البيت حيث التنور لتخبز لأبناءها فاصطادها قناص فارسي اهوج، وكذلك الطفل عباس بن صبري الذي يخرج قبل طلوع الشمس لغسل السيارات لمعاونة والده المعوق، حيث اخترقت جبهته رصاصة طائشة، جعلت والده المعوق طائش الفكر يجوب الشوارع بحثاً عن عباس ثم يقف مطرقاً ليخبر المارة ان عباس قد مات!.” (الخاقاني، 2013)
تقارير الصحافة عن المجزرة
وأثناء تلك الحملة العسكرية الهمجية كان يتواجد مراسل صحفي لمجلة (طهران مصوّر) وكان يغطّي الأحداث حينها وقد كتب يقول عن هذا الطفل وهو يرافقه في الإسعاف حتى وصوله للمستشفى، وقد روى ما حدث هذا المراسل عن ما كان قد حدث للطفل وأمه التي كانت قد أرهقها البكاء ولطمها على وجهها جرّاء ما حصل لابنها حيث قالت: عزيزي يا بني، من أين أتاك هذا المصاب؟ وهي تبكي وترى ابنها والدم يغطّى وجهه وجسمه، وأبو الطفل يحاول أن يرفع من معنويات الطفل و- من خلاله للأم – فيقول له:سوف تشفى غدا إِنشاء الله يا بني، كي ترجع وتلعب مع الأطفال، ولكن الطفل البريء تمر عليه لحظات صعبه وكأنه يقول لهما : إلى اللقاء يا أمي ويا أبتي، وعلى غير موعد يفارق الحياة، وتذرف دموع المراسل ويخرج من المستشفى. (رنجبر, 1979 م) أجرى مراسل وكالة أنباء رويترز مقابلة صحفية مع آية الله الخاقاني في المحمرة جاء فيها:” حذر الخاقاني من تدهور الأوضاع و قال أن الهجوم قد بدأ بعد أقل من نصف ساعة من المحادثات والتوافق مع جهات حكومية وأخرى مدعومة من الحكومة حيث هاجمت القوات الحكومية والميليشيات المسلحة بقيادة محافظ الاحواز سيد احمد مدني المنظمة السياسية للشعب العربي الاحوازي والمركز الثقافي العربي في المحمرة وأكد الخاقاني على استعداده لمتابعة الحوار والتفاوض مرة اخرى في حال أن رغبة الحكومة في طهران وأضاف علينا تحقيق السلم والوصول الى السلام غير ذلك من الممكن أن تخرج الأوضاع عن السيطرة وتزداد الأمور أكثر دمارا”.
(وكالة انباء بارس، التقارير الخاصة،النشرة رقم: 1358/3/11 ،نقلا عن رويترز،ص10)
اما اذاعة لندن قالت: “حذر الخاقاني من اتساع الأزمة وانفجار الاوضاع في حال عدم اقالة محافظ الاحواز احمد مدني.”
من جانب آخر نشرت وكالة الانباء الفرنسية تقريرا مطولا نقلا عن أحد المقربين للشيخ الخاقاني أن المنظمة السياسية للشعب العربي الاحوازي تنوي ارسال شكوى للأمين العام للأمم المتحدة كورت فالدهايم ولجنة القضاة الدولية ومقرها لندن تدعوهم للتحقيق في ملابسات المجازر التي ارتكبت ضد العرب العزل.
(وكالة انباء بارس، المصدر السابق،ص 10)
شهود عيان على المجزرة
هناك العشرات من الشهود العيان من أبناء المحمرة وغيرها من المدن الأحوازية الذين عاشوا أحداث المحمرة سنة 1979 وكتبوا عن المجزرة ووثقوا شهاداتهم عبر الكتابة والتسجيل المصور ،ومنهم هادي بطيلي (ابو محمد) وهو من المناضلين القدامى وسجين سياسي سابق، يقول هادي: “استمر الهجوم ثلاث ايام بكافة انواع العتاد العسكري، وقد تصدى الشباب بصدور عارية .لم يرحموا احدا لا النساء ولا الاطفال، 400 شهيد والاف الجرحى في الشوارع. وقدعبرنا الشط ودخلنا للمنظمة فهجموا على المنظمة السياسية بالرصاص الحي.
كنا نهرب من مكان الى مكان. اول شهيد،على ما اذكر كان جبار ثامري .وكان عمره 19سنة،حاولت اسعافه ولكنه قضى بين يدي،لن انساه , كانت حتى السفن تقصف, والقوات الخاصة ترمي كل شيئ يتحرك. وكل ما سنحت الفرصة ،كانت الناس تحرق المؤسسات ,كردة فعل غاضبة على حرب الابادة هذه.والناس من المناطق الاخرى من عبادان جاؤوا لكسر الحصار على المحمرة،جاؤوا مشيا على الاقدام. ونحن من الضفة الثانية ، وعبرنا الجسر وكسرنا الحصار بصدور عارية استشهد تسعة وتحصنا بمسجد الصادق أسبوعا، ثم بعد أخذ و رد وتفاوض .أرادت الحكومة تهدئت الأمور فك الحصار .ولكن بدأووا بموجة الاعدامات العشوائية. كانت مجازر مروعة استشهد رفاقي،وتمزقت اجسادهم بالرصاص الشهيد “شريف الناصري “جابر شهاب عريبي ابوحمدي” عبدالزهرة شريفات الحجي” محمد مزرعة بن حاج مريس” .
هؤلاء رفاقي الذين سقطوا 1980,وخضبت يدي بدماءهم منهم زوج بنت خالتي كان اشلاءا ممزقة, حتى الدماغ مرمي على الارض . وكنا نهتف ونصيح سناخذ بثاركم ,وكنا قد فقدنا اعصابنا امام هول المشا هد وفضاعتها واتمنى ان يتحقق هذا الشي . كان اكثر الشهداء من المحمرة واغلبهم من الشيعة. فايران لا تفرق بين الشيعي والشيعي ، اذ لماذا تدافع عن شيعة البحرين ،وتقتل شيعة الاحواز؟ فقط لانهم قوميين وتحرريين وعروبيين ضد الفرس الصفويين”. (المطيري(بطيلي)، 2014)
أما الدكتور محمد الشيخ عيسى الخاقاني، يقول: “كنت شاهد عيان على يوم الاربعاء الاسود في مدينة المحمرة، حيث استباحت القوات الايرانية المدججة بالسلاح الثقيل والخفيف المدينة من اطرافها الاربعة واطلقت النار على كل متحرك فيها وذلك في التاسع والعشرين من شهر مايو من عام 1979 للميلاد، وقد حفرت الاحداث بذكرياتها الاليمة اثراً في نفسي لا يمكن ان يمحى، لم يسعفني الحظ حينها ان اسجل ما جرى امامي آنذاك، فقد كنت اعيش دهشة تكّون التاريخ المضمخ بالدم وانا ابن الثامنة عشرة عاما، لدي بعض الوثائق التي تؤرخ لهذه الحادثة الاليمة واوجزها في ذكراها بما يلي:
– الخميني وعد الوفد العربي في طهران بتنفيذ كل المطالب المعروضة وقال انها مطالب حقه يستحقها الشعب.
– الخميني كلف الشيخ عيسى الخاقاني شقيق آية الله الخاقاني بالانابة عنه وعن الحوزة العلمية في مدينة قم لمتابعة هذا الملف.
– الشيخ عيسى طلب من الخميني اصدار امر رسمي بهذا الخصوص يدعم من مهمته، وقد صدر بيان يؤكد على ان الشيخ عيسى الخاقاني مكلف من قبل الخميني والحوزة العلمية في قم لمتابعة الازمة في المحمرة.
– أصدر الخاقاني بياناً رسمياً أوضح فيه المؤامرة وملابسات القضية وقد نشرته الصحف الإيرانية آنذاك.
– كما عقد الشيخ عيسى الخاقاني مؤتمراً صحفياً في طهران نشرت أغلب الصحف الإيرانية تفاصيل وملابسات الجريمة النكراء التي ارتكبت ضد الشعب العربي الاحوازي.
عودة مدني للمحمرة وارتكاب جريمة أخرى
بينما كان الشيخ عيسى الخاقاني في طهران يوضح الأمور ويكشف المستور عن دور الجنرال مدني الخياني في المحمرة، فاذا بالجنرال يغدر مرة اخرى بواسطة الجيش والحرس الثوري الذي أتى به من مناطق ومحافظات أخرى مرة أخرى وكان الهدف هذه المرة بيت الشيخ محمد طاهر الخاقاني، واستباح كذلك بيوت العرب، وحدثت مجزرة جديدة راح ضحيتها العشرات وامتلأت المستشفيات بالجرحى وقتل الاخ الغالي عباس صفاحي(فلز) والاخ عمران الذي جرح ونقل الى المستشفى لينفذ فيه حكم الاعدام، والاعزاء هم من حرس بيت الامام الخاقاني، وأخذ الشيخ الخاقاني المرجع المجتهد إلى جهة غير معلومة… بعد ذلك تبين أنه أسر ونكل به وبأهل بيته ومن ثم نقلوا بطائرة مروحية إلى دزفول ومنها إلى مدينة قم ليوضع تحت الإقامة الجبرية!!
مدني يزعم البطولة ومنع تحرير الأحواز
ثم أعلن الجنرال مدني القضاء على (الفتنة) في المحمرة وأنهم أبعدوا الشيخ الخاقاني عن المحمرة حتى لا يتعرض إلى الخطر!، وبعث برسالة إلى الخميني والمراجع والدولة الفارسية معلناً أنه قضى على مؤامرة لفصل المحمرة عن إيران!. وابتهجت بلاد فارس بمنقذها وأصبح المستوطن محمد جهان آراء الذي قاد الميليشيات المسلحة التي شكلها المستوطنين وشاركت بقتل العرب في المحمرة وعبادان سنة 1979 بطلاً قومياً بعد مقتله في الحرب الإيرانية-العراقية.
الوثائق تثبت استعدادات حكومية مسبقة لارتكاب المجزرة
في الوقت الذي نشرت فيه صحيفة اطلاعات الإيرانية خبر مفاده ان الحكومة الإيرانية دعت ممثلي الشعب العربي الاحوازي للتفاوض حول مطالبهم القومية (اطلاعات, 1358) كان الادميرال احمد مدني وبدوافع عنصرية فارسية يعد العدة لقمع الشعب العربي ومنعه من تحقيق أي مطلب قومي، “ارسل الادميرال احمد مدني بتاريخ 19 مايو 1979 برقية الى وزير الداخلية الايراني اصغر حاج سيد جوادي طالب فيها مراجعة رئيس الوزراء وقائد الاركان وباقي الجهات المسئولة في الدولة الايرانية بشكل عاجل وذلك من أجل ما وصفه في برقيته بوضع المنطقة الخاص والتصدي الحازم لأعداء الثورة في المنطقة ومنحه قيادة القوات الأرضية والجوية الموجودة في الاحواز بالاضافة الى قيادة القوة البحرية التي كان يتمتع بها من قبل حتى يتمكن من توظيفها في قمع العرب في المدن والارياف وعلى الحدود الاحوازية مع العراق.
[وثيقة رقم :114611 مركز دراسات والبحوث الحربية رقم 2/65 بتاريخ 29-02-1358 برقية محافظ الاحواز إلى وزير الداخلية].
مراجع الشيعة الفرس لا يدينون الجرائم الفارسية في الأحواز
انتقد المفاوض العربي الشيخ عيسى الخاقاني المكلف من قبل قائد الثورة الخميني والحكومة الإيرانية المؤقته، صمت مراجع الدين الشيعة من الجرائم البشعة التي ارتكبت ضد الشعب العربي الأحوازي الأعزل قائلاً:” في نهاية هذا الموضوع أنه مما يؤسف له أن جميع الآيات العظام لم يكلفوا خواطرهم ببعث برقية مواساة إلى المنطقة بسبب الأحداث الأخيرة، وبالطبع كان الناس يتوقعون منهم أكثر من ذلك”.
الخاقاني يرفض اعتذار الخميني
بعث الخميني الذي زعم براءته من المجازر التي ارتكبت ضد العرب في المحمرة، ابنه أحمد للاعتذار من الشيخ محمد طاهر الخاقاني وهو قيد الاقامة الجبرية بأوامر من الخميني نفسه بمدينة قم الإيرانية، لكن الخاقاني رفض الاعتذار مخاطباً أحمد الخميني: “أخبر أباك بأن موقفة سيطول معي أمام الله ورسوله يوم يعرض الناس عليه أجمعين”. وقد توفي آية الله العظمى الشيخ محمد طاهر الخاقاني في منفاه بمدينة قم، أما الشيخ عيسى الخاقاني فقد تعرض لهجمة هوجاء من أجهزة النظام الإيراني الأمنية.
النظام يتهم احمد مدني بالعمالة لأمريكا!
وبعد استحواذ رجال الدين على السلطة في إيران وتصفية التيارات الليبرالية واليسارية الإيرانية وتنظيمات الشعوب غير الفارسية التي ساهمت وشاركت بشكل كبير أحداث ثورة عام 1979 والاطاحة بالنظام الملكي واستبداله بنظام جمهوري اسلامي، اقدمت مجموعة من اتباع الخميني من الطلاب على اقتحام السفارة الأمريكية في طهران تمهيداً لاجتثاث القوى السياسية المنافسة من خلال نشر وثائق تخوين مستخرجة من آرشيف السفارة الامريكية، الأمر الذي ادى إلى تجميد عمل رئيس الحكومة المؤقته، مهدي بازركان وعزله عن العمل السياسي، وهروب الرئيس الإيراني المنتخب ابو الحسن بني صدر واعتقال مجموعة من اعضاء حكومته واتهام الجنرال احمد مدني بالخيانة، حيث هرب مدني من إيران عام 1980 وعاش في ولاية كولورادو الأمريكية حتى أصيب فيها بمرض عضال ومات عام 2003م.
وطالب الخاقاني بضرورة محاسبة كل من ارتكب جريمة ضد الشعب العربي الأحوازي وبقية الشعوب غير الفارسية بقضاء نزيه بعيد عن العنصرية، مخاطباً الخميني وجها لوجه، قائلاً:” إنه ليس بخفي عليكم الظلم الذي عاشته الناس على أيدي النظام السابق وبالأخص ما عاشته الشعوب غير الفارسية من الظلم والفقر والإضطهاد وعلى رأسهم الشعب العربي في بلادنا لما كان عليه النظام السابق من العنصرية التي دفعت به أن يظلم شعبنا العربي ظلماً مضاعفا ويستهين من كرامته فإذن أقول لابد من إعطاء جميع القوميات سواء العرب أو الأتراك أو الأكراد أو البلوش أو التركمان أو غيرهم جميع حقوقهم كما وأنه لابد من مراعات حقوق الأقليات المذهبية كاليهود والنصارى والصابئة وغيرهم كما وأنه لابد من النظر بعين الإعتبار للحريات التي كانت مكبوتة بكل قسوة وعنف على عهد النظام السابق وعليه فلابد أن تكون للصحافة والإعلام حرية بما تتماشى مع روح الإسلام ما لم تبلغ الحرية عدواناً على الآخرين”. (IHRDC, 2015)
آية الله محمد الكرمي صاحب الدور السلبي

تزامنا مع أحداث المحمرة الدامية خرجت مظاهرات احتجاجية ضد السلطات الفارسية في شوارع المدن الاحوازية ومنها مدن عبادان والفلاحية والاحواز والخفاجية وتم قمعها بالنار والحديد من قبل القوات المسلحة والميليشيات الموالية للخميني يرافقهم نفر من زعماء القبائل العربية ورجال الدين الشيعة على رأسهم خطيب صلاة الجمعة في الأحواز، آية الله محمد الكرمي الذي لعب دورا سلبيا في اثارة الازمة السياسية والاحتقان قبل احداث المحمرة، وكان دور رجل الدين الأحوازي آية الله الشيخ عيسى الطرفي في الأزمة أسوا من دور الكرمي حيث كان الأخير يحرض مدني على قمع العرب واغلاق مراكزهم الثقافية وخلع أسلحتهم. يقول الكاتب الاحوازي يوسف عزيزي وهو احد أبرز اعضاء الوفد العربي الذي ارسله الشيخ الخاقاني للتفاوض مع الحكومة الإيرانية وقيادة الثورة على رأسهم الخميني إلى طهران: “زار الوفد العربي الخميني والمنتظري وگلبايگانی في قم وانا لم اذهب إلى قم مع الوفد، ولكن بعد اكثر من عشرين سنة وعندما زرت الشيخ محمد الكرمي في مدرسته في شارع نادري بمدينة الاحواز ابلغني بأنه يحتفظ برسالة خطية من الخميني يؤكد فيها الاخير على حق العرب في الحصول على حكم ذاتي”، (مهدي، 2013)
وقد اعطى الخميني نفس الوعود للشيخ الخاقاني لكنه لم ينفذ وعوده هذه ابدًا..كان الشيخ محمد الكرمي صاحب حوزة علمية في مدينة الاحواز ويعتبر نفسه منافس للشيخ محمد طاهر الخاقاني في مدينة المحمرة، وهذا ما ادى إلى الانقسام في الحركة السياسية للشعب العربي آنذاك.
“كان الكرمي مواليا للسلطة الإيرانية في عهدي الشاه و الخميني لكن الشيخ الخاقاني كان معارضًا للشاه ومساندًا للثورة ومطالب الشعب العربي التاريخية كما أنه ساند الحركات العمالية فی عبادان ومعشور ودعمها بالمال. .لكن شهر العسل بين الشيخ الكرمي والسلطة الاسلامية الوليدة لم يدم طويلاً، حيث توترت العلاقات بينهما في اواسط الثمانينات وحل مكانه الشيخ موسوي جزائري”.(مهدي، المصدر السابق)
تصرف الخميني بذكاء مع مراجع الدين العرب الاحوازيين ونقل مرجعية الشيعة العرب في الاحواز للمرجعية الشيعية الفارسيةبمدينة قم بعد ما كانت تابعة لمرجعية النجف تاريخياً، حيث في البداية قمع الشيخ الخاقاني وانصاره في المحمرة وتمكن فيما بعد من سحب البساط من تحت الشيخ الكرمي وعزله و طرده من الواجهة السياسية وحتى الدينية بذكاء.
وتجنبا لتعرض مبنى الاذاعة والتلفزيون الإيراني في الاحواز قامت قوات الحرس الثوري والميليشيات الموالية لطهران باحتلال هذا المبنى واستقرت الدبابات بالقرب من المبنى كما تم تعيين مدراء من الحرس الثوري موالين للخميني للاشراف على نشاط الاذاعة والتلفزيون.
وفي اليوم الثالث من الهجوم الدامي خرج الالاف من المتظاهرين يطالبون بجثامين القتلى و قال القسم الفارسي في اذاعة صوت امريكا:” شهدت المحمرة صدامات واسعة هذا اليوم حيث بدأت المصادمات عند فتح النار من قبل الحرس الثوري ضد الالاف من المحتجين العرب الذين يطالبون السلطات بتسليم جثامين قتلاهم.( وكالة انباء بارس، التقارير الخاصة،ص 13،القسم الفارسي بإذاعة صوت امريكا)
وقالت إذاعة كولن الألمانية في تقريرها:” خرج أكثر من 3000 متظاهر من العرقية العربية في مدينة المحمرة وطالبوا بتغيير اسم محافظة خوزستان وارجاع أسم عربستان كما طالب مندوبي هذه العرقية الحكومة المركزية الإيرانية بعزل المحافظ الادميرال احمد مدني على وجه السرعة.
“(وكالة انباء بارس، التقارير الخاصة،ص 9،القسم الفارسي بإذاعة كولن)
وقال مراسل إذاعة البي بي سي فارسي من طهران من المقرر أن يذهب وفدا من السياسيين وخبراء القانون إلى الاحواز وذلك من أجل بحث موضوع الحكم الذاتي والتفاوض مع العرب ويبدو أن هذه المبادرة اطلقت من قبل الجبهة الوطنية الديموقراطية وأكد المتحدثين بأسم هذه الجبهة أن منظمة فدائي الشعب اليسارية والجبهة الوطنية ونقابة المحامين تؤيدهم في هذه المبادرة لكن تم رفض هذه المبادرة من قبل الادميرال مدني وانه لا يرى ضرورة للحوار. (بارس, 1979)
#حامد_الکناني
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.