خلط المفاهيم على المستوى العالمي

بقلم: أحمد رحمة العباسي

  موقع كارون الثقافي– مازالت تصريحات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون و دعمه للكاريكاتيرات المسيئة لرسول الإسلام (صلى الله عليه وسلم) مازالت تتفاعل و تطرح مرة أخرى خلط المفاهيم بين الإرهاب و حق المقاومة ،و بين حق التعبير عن الرأي و عدم الإساءة للمعتقدات . 

فقد تحدث ميثاق الأمم المتحدة، عن مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، وحق الدفاع المشروع عن النفس، وعن مبدأ احترام حقوق الإنسان وحريته.

و ساد النقاش و الجدل بين مختلف الأوساط السياسية و الثقافية منذ الستينات من  القرن الماضي و أستمر هذا النقاش حتى العقد الأول من هذا القرن حول تعريف ما هو  الإرهاب ؟ و ما هو  حق المقاومة ؟ و لم يصل الى نتيجة قطعية و كان المثل الأبرز في هذا المجال هي القضية الفلسطينية ، حيث كانت الأكثرية تعطي للفلسطنين الحق في مقاومة الاحتلال ، بينما الدول الغربية تصف هذه المقاومة بالإرهاب .. حتى جاءت احداث 11 سبتمبر و قلبت الموازين رأسا على عقب وأصبحت المقاومة من الأمور المحرمة ! و في النهاية تراجع اصحاب حق المقاومة أمام من يصفونها بالإرهاب بالصورة التي بدأنا نشاهد و منذ العقد الأول من القرن الراهن كيف بدأ تطبيع العلاقات مع إسرائيل  و استنكار حق المقاومة على الفلسطينيين و غيرهم من الشعوب التي ترزح تحت نير الاحتلال . 

و جاء ذلك بالرغم من النصوص الدولية والمواثيق الإنسانية العديدة التي تنص على حق المقاومة في صد العدوان ، لأن العالم دخل عصر القطب الواحد وعصر الهيمنة و الغطرسة الامريكية و النمط الواحد .

 كشفت هذه الوضعية الخطيرة عن حالة التقهقر التي مرت بها قوى التحرر العالمية  فاسحة المجال لقوى الهيمنة . . 

و اليوم و نحن نعيش العقد الثاني من القرن الواحد و العشرين تبرز إلى السطح قضية اخرى و هي “العلمانية و ضرورة فصل الدين عن السياسة وحرية التعبير ”  و التي يقابلها المطالبة بعدم  الإساءة للمعتقدات الدينية .

وبشكل عام يمكن القول إن حرية التعبير هي قدرة و رغبة الإنسان على أن يعلن عن الأفكار التي تجول في خاطره، وعن قناعاته المختلفة التي يعتقد أن فيها مصلحته ومصلحة غيره إزاء أمر معين..

و بالمقابل تُجمع غالب الحركات والاتجاهات الإسلامية المعاصرة على اعتبار العلمانية نبتة بعيدة و غريبة عن الإسلام والمسلمين، تتناقض مع تشريعاته وأحكامه، لأنها تستبدل حاكمية الشرع بحاكمية البشر، فهي مرفوضة ولا يمكن القبول بها ..

وهي تسعى كذلك أي العلمانية  إلى تجريد الدين من سلطته الحاكمة والمهيمنة على سائر شؤون الحياة، سياسة واقتصادا واجتماعا، وتحصر ميدان عمله في ضمير الإنسان وممارساته الشخصية..

و بالرغم من الحكم التاريخي الذي نطقت به المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وقضت بتجريم الإساءة لرسول الاسلام الكريم انتصرت للمقدسات الدينية ورفضت إدارج الحط من قدر المقدسات بعمومها ومنها العقيدة الإسلامية،

و مع ذلك توالت الهجمات الغربية المسيئة للإسلام بدءًا بالرسوم المسيئة للرسول الكريم في إحدى الصحف الدانماركية ، و انتهائا برسوم الصحيفة الفرنسية  ؛ شارلي ايبددو ؛ و تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون و ما تلته من أحداث و تبعات  و الضجة التي احدثتها .

 و رد المسلمون على هذه الإساءات و اتخذ هذا الرد أشكالا عدة تنوعت بين المقاطعة الاقتصادية والمظاهرات والاعتصامات الاحتجاجية و اعمال عنف و اغتيالات طالت اشخاصا في فرنسا و النمسا .

السؤال المطروح هو هل ينتهي هذا الجدل حيث انتهى اليه جدل حق المقاومة و وصفه بالارهاب و مرة أخرى يتراجع المدافعون عن عدم الإساءة للمعتقدات و المقدسات أمام أصحاب حرية التعبير بلا حدود ؟ !

المقال يعبر عن رأي الكاتب ولايعبر بالضرورة عن رأي موقع كارون الثقافي.

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: