
لندن- موقع كارون الثقافي- كانت دولة الأحواز العربية أول دولة عربية تشكلت بعد انهيار وسقوط الخلافة العباسية مطلع القرن السادس عشر، واعترفت بها الدولتان الصفوية في فاس والعثمانية، وكان اسمها آنذاك الإمارة المشعشعية، التي تمكن بني كعب من حكمها في القرن الثامن عشر، وكان آخر أمرائها الشيخ خزعل الكعبي، الذي سقط حكمه مع احتلال إيران الفارسية لها عام 1925، وما زال شعبها العربي حتى يوم الدنيا هذا يكافح من أجل التحرر الوطني من الاستعمار الفارسي.
وللعلم راهن أبناء الشعب العربي الأحوازي على الخميني وثورته عام 1979، ولذا دعموا آنذاك الثورة ضد الشاه، ولكن حكم الملالي كان أكثر جورا وعنصرية ووحشية في عدوانيتهم ضد العرب الأحواز حتى غيروا اسم الإقليم إلى “خوزستان”، وهو من الأقاليم الأكثر غنى بالنفط والمياه. بيد أن سياسات رجال الدين الصفويين الاستعمارية على مدار العقود الأربعة الماضية حولت دولة الأحواز المحتلة إلى أرض يباس وجوع وفقر وتمييز عنصري من خلال اقامة السدود على الأنهر الخمسة، التي تمر في الأقليم، وتحويل المياه إلى الأقاليم الإيرانية الأخرى لحسابات استعمارية، ما فاقم من أزمة المياه، وتحولت الأرض إلى صحراء قاحلة، تعاني من الجفاف، حتى ان الآبار الجوفية تم تجفيفها، ونهب مخزونها الاستراتيجي من المياه، ولم تعد تصلح للزراعة. وهذا بالمناسبة ما حذر منه عيسى كالانتاري، وزير الزراعة الإيراني الأسبق في عام 2015، عندما أكد أن “ندرة المياه سترغم 50 مليون ايراني، أي 60% من مجموع السكان في إيران على مغادرة اليلاد بعد عقدين او ثلاثة بحد اقصى. واشار الوزير الأسبق، الى ان القيادات الإيرانية تجاهلت أزمة المياه لفترة طويلة، مما زاد الطين بلة. وهو ما عمقه الصحفي الأميركي بوبي جوش عندما نشر تقريرا قبل عامين في وكالة “بلومبيرغ” أكد على ما أشار له آنفا كالانتاري. الذي توقع نشوب “حرب مياه” بين الأقاليم الإيرانية، ولكن الأقاليم كلها حولت سهامها ضد علي خامئني، المرشد الإيراني.
فضلا عن أن الحكومة المركزية ضاعفت من انتهاك الحقوق الإنسانية بأبسط معاييرها ضد ابناء دولة الاحواز العرب، ونهبوا النفط وكل الثروات الطبيعية، ما عمق الأزمات داخل الإقليم، ودفع الشارع العربي في الـ15 من تموز / يوليو للنزول للشارع رفضا للواقع الجائر القائم، ونتاج حرمانهم من ثرواتهم المائية والنفطية والاقتصادية، ونادوا بالحرية والاستقلال للدولة الأحوازية العربية. نتجت عن ذلك مواجهات حادة مع البسيج ورجال اجهزة الأمن الفارسية، اضف إلى ان قادة دولة الفرس استعانوا بميليشياتهم العراقية مثل الحشد الشعبي وحركة النجباء وغيرهم لقمع المظاهرات الشعبية، بهدف تعميق الفتنة بين ابناء الشعب العربي الواحد.
وسقط خلال الأيام الماضية ما يزيد على عشرة شهداء وعشرات الجرحى، وأكثر من 200 معتقل، وفرض الحصار والتجوال على مدن الإقليم في جنوب غرب ايران. مع العلم ان ثورة الأحواز انتقلت شرارتها إلى المدن الإيرانية كأصفهان وكرج، والمدن ذات الاغلبية الكردية، وحتى المدن ذات الأغلبية الأذرية، بتعبير آخر لم تنحصر الإنتفاضة الشعبية في بلاد الأحواز، انما امتدت للمدن الإيرانية المختلفة بسبب عمق الأزمات الاقتصادية والسياسية ونقص الثروة المائية، التي تعصف بايران كلها. وهنا تكمن اهمية تجدد الثورة والانتفاضة الأحوازية، كونها مثلت وتمثل رأس حربة في مواجهة نظام طهران الإستعماري.
وهذة الازمات تلقي بظلالها على الرئيس الإيراني الجديد، ابراهيم رئيسي، الذي سيتولى الحكم في مطلع آب/ اغسطس القادم، والتي لا تنحصر في دولة الأحواز العربية، انما امتدت لغالبية الأقاليم في بلاد فارس. وهو ما يشير إلى ان تباشير ثورة شعبية عميقة قد تهز اركان النظام المأزوم، إن قدر لقوى التغيير النجاح في دفع الشارع الإيراني المكلوم من النزول والتمترس في الشارع، وإسقاط عرش خامئني ومن والاه، ومن يدافع عنه، ومن يرفع رايته من دول المنطقة.
وكما كان شعب الاحواز العربي دائما حامل بيرق مواجهة اجهزة الأمن الفارسية وميليشيات النظام، سيبقى حاملا راية التغيير داخل بلاد فارس كلها، وفي بلاد الأحواز العربية من خلال تطهيرها من الحكم الاستعماري، وتأمين الاستقلال السياسي الناجز في المستقبل غير البعيد بفضل ارادة ابنائه ودعم اشقائه العرب واحرار ايران المؤمنين بالعدالة الاجتماعية والسياسية وحق تقرير المصير للشعوب.
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.