المعلم الفقيد علي بن سلطان الطريفي كان مثقفاً بارزاً ومغرماً بالخيول العربية الأصيلة في الأحواز

لندن- موقع كارون الوثائقي- حامد الكناني- “بدأوا مغرمين بشغف بخيولهم ، وكثير من الخيول تتبعها المهور التي ولدت خلال العامين الماضيين. أضاف الصهيل والمرح الصادر عن هذه المهور من جمال المشهد إلى حد كبير..العدد الأكبر من هذه الخيول كان ذات لون رمادي ولا يبدو أصحاب الخيول والمربون لديهم رغبة في تصدير خيولهم من أجل الربح التجاري. لأنه عندما أخبرت أحد المرافقين أنني متأكد من أنه سيحصل على ألفي روبية على الأقل للحصان الواحد ، أجاب “لن أبيعه مقابل عشرة آلاف””. (ألرحالة البريطاني استوشلر عند زيارته الأحواز عام 1831)

هكذا تحدث الرحالة البريطاني استوشلر عن حب الأحوازيين لخيولهم العربية الأصيلة واصرارهم على العناية بها ورفض المغريات المالية عام 1831. والقصد من الخيول الأصيلة هنا تلك الخيول التي لم تهجن وكلمة اصيل تطلق على جميع الخيول التي تحتفظ بصفات سلالتها دون مخالطة.  

المعلم الفقيد علي بن سلطان الطريفي

والشيخ علي بن سلطان الطريفي (1949-2019) من أبرز محبي الخيول العربية الأصيلة والاعتناء بها في الأحواز. كما جمع الطريفي ما بين حبه للتعليم في المناطق النائية والمحرومة وذهابه للقرى العربية البعيدة عن المدن وامكانياتها الرفاهية لتعليم اطفال الصرايف في قرى البسيتين والخفاجية والاعتناء بهم، وممارسة نشاطه السياسي من خلال المشاركة في المظاهرات والمناسبات العربية التي كانت تقام في المدن الأحوازية ومنها المحمرة والأحواز والحويزة، تلك التجمعات التي بدأت مع سقوط النظام الملكي في إيران عام 1979، فكان الطريفي نشطا بارزا في هذه التجمعات الوطنية حاملا كاميرته الصغيرة ليلتقط لنا الصور ومقاطع الفيديو من أجل توثيقها.

ولد علي بن سلطان الطريفي عام 1949 في مدينة آقاجاري من توابع مدينة العميدية الواقعة شرق الأحواز كان والده يعمل في شركة النفط وتعود اصوله إلى منطقة آل كثير – بيت سعد. وفي عام 1961 انتقلت العائلة إلى مدينة الأحواز حيث استقرت في منطقة الصخيرية على الجانب الشرقي من نهر كارون بالقرب من الجسر الأسود.

تخرج علي عام 1970 من الثانوية العامة حيث حصل على درجة الدبلوم. ودخل الخدمة العسكرية الالزامیة في ایران عام 1971، انضم حينها إلى برنامج “جند العلم” أي ما یسمی بـ ” سپاه دانش” وهو مشروع كان يستقطب المتعلمين من الجنود وتكليفهم بممارسة التعليم في القرى والمناطق النائية في إيران. في بداية الأمر تم ارساله إلى منطقة نائية تابعة لمدينة شيراز مركز محافظة فارس الإيرانية لكنه فضل ان يقوم بخدمة أبناء جلدته فانتقل إلى منطقة الحويزة ليصبح معلما رسميا في قرية العمى المطلة على هور العظيم المحاذي للحدود العراقية. وفي عام 1975 انتقل إلى قرية السويداني التابعة لمدينة الخفاجية.

كان الفقيد ومنذ الطفولة يعشق الخيول العربية الأصيلة ويبحث عن النوادر منها ومعرفة أنواعها وأصولها ويهتم بتربيتها والعناية بها حيث كان يرافق عمه الشيخ علوان بن طريف في رحلاته إلى منطقة بيت سعد – آل كثير ويمضي أيام طويلة في هذه المنطقة لمعرفة الخيول العربية وأنواعها. ففي عام 1974 حصل على هدية من عمه الشيخ علوان وهي مهرة صغيرة اطلق عليها اسم (سميرة) وعاشت هذه المهرة الجميلة فتر طويلة في منزلهم في منطقة الصخيرية.

ونظرا لحبه المتزايد واهتمامه بالخيول الأصيلة وخبرته في هذا المجال تم تعيينه عام 1979 رئيسا لنادي الفروسية في الأحواز لكن هذا المنصب لم يدم له حيث تزامنت هذه الفترة مع بدء الحراك العربي الذي قاده الزعيم الروحي الفقيد آية الله الشيخ محمد طاهر آل شبير آل خاقاني في بداية الثورة مطالبا قيادة الثورة أنذاك بمنح العرب حقوقهم القومية، الأمر الذي دفع الشيخ علي طريفي للانضمام لأبناء شعبه وممارسة نشاطاته الوطنية من خلال دوره الفعال في تنظيم الفعاليات الثقافية والسياسية والحضور اليومي في المركز الثقافي في ميدان (باداد) في مدينة الأحواز، كما سافر عدة مرات إلى مدينة المحمرة والحويزة وقام بتصوير المسيرات والتجمعات العربية التي قمعت فيما بعد بوحشية من قبل محافظ الأحواز المقبور احمد مدني وبأوامر من قائد الثورة أنذاك روح الله الخميني.

اعتقل الفقيد بمعية اثنان من اشقائه وهما صادق ورحيم بني طريف بعد مجزرة الأربعاء الأسود التي حدثت ثلاثة شهور بعد سقوط النظام الشاهنشاهي الجائر عام 1979 وتم الافراج عنه وعن اشقائه بعد عدة شهور لكنه فقد والده الشيخ سلطان بن يراح بنيران الحرس الثوري عام 1984 أثر شجار حصل بعد حادث مروري بين سيارة كانت تقل والده وأخرى فيها مجموعة من افراد الحرس الثوري في العاصمة الإيرانية طهران حيث تقدم احد أفراد الحرس الثوري بدم بارد واطلق عدة رصاصات على رأس الشيخ سلطان وارداه قتيلا.

بعد هذه الحادثة التي ألمت بالشيخ علي والعائلة حاول الفقيد ان يركز على الخيول العربية الأصيلة ويؤكد على ضرورة الحفاظ عليها والعناية بها باعتبارها ثروة من التراث العربي في الأحواز لا تقدر بثمن، لذلك كان يتنقل ما بين المدن والقرى كمستشار وخبير لتسجيل الخيول وتصنيفها وتشجيع أصحابها على الاهتمام والعناية بها. كما كان ينضّم السباقات ويشارك فيها كمستشار وحكم حتى أيامه الأخيرة من حياته، حيث تعرض لأزمة قلبية أدت إلى وفاته في 12 نوفمبر 2019. رحم الله الفقيد الشيخ علي بن سلطان الطريفي برحمته الواسعة واسكن روحه فسيح الجنة.

هور العظيم سنة 1978

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: