العلاقات البريطانية مع الشيخ خزعل أمير المحمرة / الجزء الرابع

لندن- موقع كارون الثقافي- حامد الكناني-اليكم الجزء الرابع من ترجمة لملف يحمل عنوان: ” BRITISH RELATIONS WITH KHAZAL, SHEIKH OF MOHAMMERAH”، يعود للآرشيف الوطني البريطاني-وثائق وزارة الخارجية الريطانية ومنشور على موقع مكتبة قطر الرقمية و يتكون من 28 صفحة. جاء في موقع مكتبة قطر الرقمية حول محتوى هذا التقرير، مايلي: “يحتوي الملف على تقرير سرّي من وزارة الخارجية بعنوان ‘العلاقات البريطانية مع خزعل، شيخ المحمرة”. ويتحدث التقرير عن تاريخ مفصّل للعلاقة بين الحكومة البريطانية والشيخ خزعل بن جابر بن مرداو الكعبي، حاكم المحمرة (تُعرف حاليًا باسم خرمشهر). ويحتوي مُلحق التقرير على نسخ لعدد من الضمانات المكتوبة المقدمة للشيخ من قبل مسؤولين بريطانيين خلال الفترة الممتدة ما بين 1902 و1914″. احاول نشر ترجمة هذا الملف خلال عشر حلقات بعون الله. اليكم الجزء الثالث من هذا التقرير الذي يبدو انه دوّن عام 1946 اي بعد حوالي عقدين من الغزو العسكري لعربستان وفي فترة تزايدت فيها مطالبات العرب في الأحواز ومناشدات زعمائهم المكثفة للحكومة البريطانية، من أجل انصافهم واسترجاع سيادتهم العربية المسلوبة، وضمان استقلالهم.

وكانت تلك الفترة التي امتدت من اكتوبر 1940 حتى 1947 فترة انتفاضات وحراك شعبي في عربستان (الأحواز)، بدأت باحتلال دول التحالف لإيران، وخلع رضا خان البهلوي وإذلالة وطرده، وايضا فترة فراغ سلطة وفوضى في إيران. ويبدو لهذه الأسباب اعدت وزارة الخارجية البريطانية هذا التقرير السري لتزود به منتسبيها في ممثلياتها الدبلوماسية في المنطقة العربية وإيران، ليكون لديهم علم في تفاصيل القضية وقادرين على الرد على اية مناشدة او مطالبة تأتيهم ، وذلك وفقا للرواية البريطانية. وبالتالي هذا التقرير ورغم أهميته التاريخية لا يمكن اعتبارة مصدرا كافيا يكشف لنا كامل الحقيقة و انه كتب بامانه وبحيادية؛ بل التقریر معد من قبل طرف من اطراف الصراع ولغايات سياسية ومصالح استعمارية ویبقی الطرف الاحوازي، اي الضحية، وروايته للاحداث، مغيبا تماما في مثل هذه التقارير. اليكم الجزء الرابع:

أحداث عام 1923.

 27- كان عام 1923 بارزاً فيما يخص شؤون عربستان (الأحواز) من أجل بسط نفوذ الحكومة المركزية في بلاد البختيارية ، وللتسوية الظاهرية للخلاف المالي مع عربستان الأحواز الخاضعة لحكم الشيخ خزعل، وللتدابير التي اتخذها مفوض جلالة الملك في طهران، السير بيرسي لورين، لإقامة علاقات جيدة بينه وبين رضا خان، ومحاولة ثني الأخير عن الشروع في مسار عمل من شأنه أن يؤثر سلبًا على المصالح البريطانية في عربستان (الأحواز).

28 – تقع تفاصيل الإجراءات التي كسر بموجبها رضا خان سلطة وخطة البختياريين خارج نطاق هذه المذكرة ، لكن حقيقة أن ذلك الحدث كان له تأثير هام على موقف أمير المحمرة كما هو واضح، حيث أدى إلى انهيار الحاجز الذي كان يفصل بينه وبين الحكومة المركزية ؛  صحيح أنه كانت هناك متاعب متكررة بين امير المحمرة وبين البختياريين ، لكنهم تمكنوا عادة من الاندماج في مواجهة المخاطر المشتركة.  تم تغريم البختياريين بتهمة التواطؤ في الهجوم على القوات الفارسية في وادي شليل في العام السابق ، واضطروا إلى قبول تسوية نزاعهم بشأن الإيرادات مع الحكومة الفارسية ، وفي أكتوبر ، وصلت جثث 250 جنديًا فارسيًا إلى تستر (شوشتر) تحت اشراف العقيد باقر خان ، الذي بدأ بممارسة سلطة أكبر في عربستان (الأحواز) من الحاكم نفسه.

صورة من مسودة رسالة سرية تعود لعام 1923يتودد فيها السفير البريطاني، السير بيرسي لورين ،لأمير الأحواز الشيخ خزعل بن جابر ساعيا كسب ثقته والوثوق به,

29 – كانت الخلافات المالية مصدر قلق دائم لمندوب صاحب الجلالة (السفير البريطاني) في أغلب الأيام من العام ، ولكن نتيجة لمساعيهم الحميدة تم التوصل إلى تسوية في منتصف شهر تشرين الثاني / نوفمبر.  بموجب هذه التسوية ، كان على امير المحمرة أن يدفع 500000 تومان فيما يتعلق بالمتأخرات ، بعد خصم 100000 تومان، والباقي موزعة على عشرين عامًا ؛  كان على امير المحمرة ان يدفع مبلغ 150.000 تومان سنويًا في المستقبل فيما يتعلق بالضرائب المباشرة وغير المباشرة ، حيث يُسمح بخصم 20.000 تومان لتغطية مصاريف الأمير والضرائب المشروعة الأخرى.  وبالتالي ، كان الأمير مسموحًا له بمواصلة السيطرة على الإيرادات غير المباشرة ، ولكن كان على الوكيل المالي للحكومة المركزية أن يعمل ضابط تفتيش لكامل إقليم عربستان (الأحواز).

30. في أبريل 1923 ، عندما كانت الحكومة الفارسية تستعد لإرسال قوات عسكرية ضد البختياريين ، تحدث السير بيرسي لورين مع الشاه ، ورئيس الوزراء، ووزير الخارجية وهكذا مع رضا خان، عن مخاطر استفزاز القبائل في الجنوب ، محذرا من تداعيات محتملة وضارة لكل من البريطانيين والفرس.

لم يتراجع وزير الحرب، رضا خان،  عن مخططاته ، ومع ذلك في نهاية الشهر ذكر السير بيرسي لورين أن هناك مؤشرات كثيرة تؤكد أن عربستان (الأحواز) ستكون الهدف الخفي ، وفي هذه الحالة كان رضا خان بلا شك يتبع نفس التكتيكات مع امير المحمرة كما كان يفعل مع البختياريين. وتوقع لورين عندها ستطرح مسألة الضمانات البريطانية لأمير المحمرة.

بعد بضعة أيام أرسل السير بيرسي لورين تلغرافًا قائلاً إن اتخاذ قرارًا فوريًا مطلوبا سواء كنا سنؤيد أو نعارض توسيع السلطة المركزية في جميع أنحاء البلاد ، وفي كلتا الحالتين ،

هذا يعني؛ إن دعم رضا خان يعد نهاية شبه مؤكدة لصداقاتنا المحلية (والتي كانت القضية الأكثر أهمية وصعوبة من بينها هي حالة امير المحمرة) ، ولكن من خلال تقديم مثل هذا الدعم قد نحصل على قدر من السيطرة على رضا خان، وربما بعض التأكيدات المحددة فيما يتعلق بوضع الأمير خزعل.  من ناحية أخرى ، فإن معارضته تعني انهيار الصداقات المحلية نفسها تحت القوة الموجودة ، والانهيار التدريجي لموقفنا وتأثيرنا ما لم نكن مستعدين لاستخدام القوة ، ثم إحباط الفرصة الوحيدة التي ظهرت بعد عقود من الزمن وهي فترة خلافات وتوترات شديدة مع الحكومة الفارسية، وعدم استغلالها لجعل بلاد فارس مستقرة وتحت سيطرة الفرس، فمن المؤكد ان الأمور ستؤدي إلى تمزق ، وفي النهاية يكون الوضع لصالح روسيا. 

ومع ذلك ، لم يكن اللورد كرزون متسرعًا في صياغة سياسة جديدة في هذا المنعطف، داعيا السير بيرسي لورين ان ينتبه إلى ما قد فعلته حكومة جلالة الملك البريطانية لمساعدة الحكومة الفارسية، ولجحود رضا خان الواضح وعدم تقدير موقفنا حيث انه مستمر في تحقيق طموحه لخلق دكتاتورية عسكرية لنفسه؛ وفيما يتعلق بأمير المحمرة ، كنا ملزمين تجاهه بالتزامات خاصة لم يكن لدينا نية لتجاهلها؛ يجب جعل رضا خان يدرك أنه لا يستطيع أن يتابع قضية المركزية السياسية لدرجة أنها تتعارض بشكل مباشر مع المصالح البريطانية ؛ وفي النهاية ان رضا خان يعتمد على مساعدات مندوبي جلالة الملك البريطاني، وهم وحدهم القادرين على تزويده بالمال الذي يحتاجه. وزارة الخارجية أيضا باشرت الترتيب مع الأميرالية لتجهيز بعض السفن البريطانية الحربية للانتقال إلى المحمرة وأيضًا الصعود في نهر كارون إذا ثبت ذلك ضروريًا لدعم أمير المحمرة (الذي يمثل السلطة العربية في الأحواز).

31. في الحادي والثلاثين من مايو ، اجتمع السير بيرسي لورين مع رئيس الوزراء ورضا خان ، الذي أعرب عن رغبته في التحسين العام لـ العلاقات الأنجلو-فارسية وتكرار الضمانات فيما يتعلق بالمصالح البريطانية، مؤكدان لا توجد لديهما أية شكاوي ضد أمير المحمرة؛ كما يتمنان دعمه ومساعدته؛ ولأسباب داخلية رغبوا في إرسال 200 جندي إلى مدينة تستر (شوشتر)؛ وقال رضا خان إن تواجد بعض القوات في عربستان (الأحواز) قضية حيوية لهيبته وأنه إذا كانت حكومة جلالة الملك البريطانية لن ترفض ذلك أنه سيضطر إلى الاستقالة؛ كما أعطى كلمة شرف – ووعد مكتوبًا يضمن – أن القوات الفارسية لن تتدخل في الشؤون العربية وسلطة أمير المحمرة؛ وهذا الإجراء سيكون لصالحه ولدعمه ضد أي شخص قد يشكك في سلطته ؛ كما وعد رئيس الوزراء بارسال برقية الى أمير المحمرة، يؤكد فيها عدم وجود أية شكاوي للحكومة الفارسية ضده وذلك تعبيرا عن حسن نوايا (الحكومة الفارسية) واستعدادها للتعاون. وكان السيربيرسي لورين يرى أن الإذعان لقرار إرسال القوات (الفارسية)، إذا كان مصحوبًا بضمانات مناسبة ، يكون أقل خطورة من معارضتة، كما طلب من رئيس الوزراء أن يؤكد نيابة عن حكومته الموقف الخاص بأمير المحمرة كما منحه “فرمان مظفر الدين شاه”.  بينما وافق اللورد كرزون على أن النتيجة العامة لهذه المقابلة كانت مرضية ، فقد تمنى أن يتم التوقيع على تعهد رضا خان المكتوب للأمير خزعل من قبل رئيس الوزراء (ببلاد فارس) ، أو بدلاً من ذلك ، أن يوقع الأخير وثيقة مماثلة.

32- ولم يكن أمير المحمرة سعيداً عند إبلاغه بالمقترحات (الفارسية)، قائلاً إنه لا يثق بالوعود الفارسية ، شفوية كانت أو مكتوبة ، وأنه لن يسحب اعتراضاته إلا إذا تم دعم الضمان الكتابي من رضا خان، بضمانة خطية من وزير جلالة الملك البريطاني، يتعهد فيها بأن عدد القوات العسكرية الفارسية سيقتصر على 200 جندي، ولن يزداد بعد وصولهم ،وأنهم لن يتدخلوا في شؤون بلاده، وسلطاته المعترف بها قانونيا.

 بعد ذلك أصدر السير بيرسي لورين تعليمات إلى قنصل جلالة الملك البريطاني في مدينة الأحواز، ليشرح الأمر لأمير المحمرة، الشيخ خزعل، بانه لا يستطيع إعطاء مثل هذه الضمانات، وعلى الشيخ ان يكن راضيا عن تلك الضمانات التي أعطيت له في عام 1914 . وأن يدرك بأن أفضل ضمان بالنسبة للجميع وله، هي إعادة العلاقات الودية بين بلاد فارس و بريطانيا. وإن وزير الخارجية البريطاني، اعتبر تلك الضمانات التي قدمها رضا خان بانها كافية ومرضية؛ إذا وافق عليها رئيس الوزراء الفارسي.

وأجاب الأمير على هذه الرسالة قائلاً، لو كان السير بيرسي لورين واثق من وزير الحرب (رضا خان) وراض عنه” ويشعر بأن السياسة (البريطانية) تتطلب مثل هذه الأمور ، بأنه على استعداد لإفساح المجال ؛ ولكن إذا حدث في وقت لاحق أي عدوان ضد بلاده، بانه ينظر بثقة إلى دعم الحكومة البريطانية والوفاء بالتعهد والضمانات الممنوحة له من قبلها في عام 1914، وان تقدم له الدعم والمساعدة ضد تعديات الحكومة الفارسية.

يتبع

تنويه حول الأسماء والمصطلاحات:

تعمد الكتاب الإنجليز والفرس عند الحديث عن تاريخ عربستان الأحواز وقضيته الاكتفاء بذكر الشيخ خزعل وكأنما الاحداث كانت ذات طابع شخصي، وكانت الخلافات محصورة بين شخص الشيخ خزعل من جهة ورضاخان من جهة أخرى؛ في حين الشيخ خزعل كان يمثل شعب ويحكم وطن والصراع هو حول مصير ملايين البشر في الأحواز، ورضاخان كان وزيرا للحرب ثم رئيس وزراء ثم شاه في بلاد فارس. لذلك علينا ان نضع النفاط على الحروف، و ان نضع المسميات في إطارها الصحيح.

الشيخ خزعل هو= الأمير خزعل، امير المحمرة، وأمير الأحواز.

عربستان=عربستان (الأحواز)

خوزستان= عربستان (الأحواز)

خرمشهر= المحمرة

حكومة جلالته= الحكومة البريطانية

المرجع:

File 29/6 British Relations with Khazal, Sheikh of Muhammerah’ [‎2r] (3/28), British Library: India Office,Records and Private Papers

IOR/R/15/2/1747, in Qatar Digital Library

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: