الجزيرة نت- “من أجل إحلال السلام وإنقاذ الأرض من الدمار الذي لحق بها جراء تصرفات بني آدم”، هكذا يلخص المواطن الأحوازي محمد كعبي (26 عاما) هدفه من حضور مسرحية “عندما تنتهي تسقط” في قاعة “آفتاب” بمدينة الأحواز جنوبي غربي إيران. ويشير محمد -في حديث للجزيرة نت- إلى العواصف الترابية وظاهرة الجفاف اللتين تعاني منهما المنطقة خلال السنوات الأخيرة، موضحا أن “سلوك الإنسان أضحى أشد قساوة تجاه الأرض، وأنه لا بد من هبة الشعوب لإنقاذها وإحلال السلام فيها”.
لقد وجدت الشيوخ مضيافين للغاية ، ومهذبين ، ولهم حضور جيد ، وأذكياء ، ومساكنهم نظيفة ويلتزمون جيدا بالمواعيد. وبالنسبة للتزاوج مع باقي القبائل يبدو أنهم متحفظون ولا يزوجون بناتهم لرجال بني لام أو البو محمد رغم أنهم يتزوجون من هذه القبائل. إنهم يحترمون ويهابون أمير المحمرة، الشيخ خزعل بن جابر بشدة.
بدا لي الناس ، ومن خلال هذه الإقامة القصيرة التي قضيتها بينهم ، انهم متمكنون وقانعون وودودون للغاية ولا يحملون ضغينة تجاهنا بسبب هجومنا عليهم في السنوات الماضية خلال أحداث الحرب العالمية الأولى. يتحدثون بابتسامة مريرة ، ويقولون حين كانت الكتيبة البريطانية تخييم في الخفاجية وتعرضوا للهجوم ، لم ينهب الجيش البريطاني السوق والمنازل التي تركوها خلفهم، بل رجال القبائل المجاورة التي تقطن التلال القريبة هم من قاموا بذلك.
لم يتأثروا كثيرًا بالموسم السيء لحصاد العام الماضي و رغم أن الأسعار المرتفعة تشير إلى نقص في المعروض يبدو انهم لم يدركو انهم يواجهون أزمة. يحتفظ الشيوخ بالقليل من الحوشيه (الخدم) ولا يحتفظون بالعبيد (الزنوج) ورأيت القليل جدًا من ذوي البشرة السوداء في هذه المنطقة.
بعد قضاء ليلة واحدة فقط في كوت سيد علي ، انتقلنا إلى العلة ومن هناك إلى الأحواز لمشاهدة المزيد من المتاجر وما إلى ذلك. وعند عودتي إلى العلة ، لاحظت وجود غابات جميلة على طول ضفة نهر الكرخة ولكن عند الاقتراب من هذه الأشجار تضاءلت بسرعة حتى وبدأ ارتفاعها يصل إلى بضع بوصات فقط. ربما كان سرابًا مشابهًا أدى إلى سرد الحكايات عن وجود غابات شاسعة على طول نهر الكرخة الأمر الذي جذبني لمشاهدة هذه الغابات.
لندن- موقع كارون الثقافي- خاص- حامد الكناني- وصلنا في اليوم التالي إلى الخفاجية الواقعة على ضفاف نهر الكرخة وهو نهر عريض يشبه نهر دجلة في العمارة ولكن مع تيار أقوى، ويمر في طريقه بجانب بعض المواقع الأثرية القديمة.
أظهرت لنا المشاهدة الأولى للخفاجية نقطة اختلافها مع البسيتين ، وهي الأشجار التي لا يوجد منها ذكر في البسيتين. تتكون أشجار الخفاجية ، باستثناء بستان كبير من حوالي 200 نخلة ، من عدد قليل من النخيل وأشجار الفاكهة الأخرى التي يقال إنها مزروعة ذاتيًا. ولكن باستثناء نقطة الاختلاف هذه ، كان كلا المكانين متشابهين للغاية. نفس الصرايف (بيوت القصب) الممتدة على طول ضفة النهر لنحو أربعة أميال ، وعدم وجود مسكن مبني من الطين أو الطوب وفيها سوق بائس – ربما أفضل من ما وجدت في البسيتين. حجم الخفاجية يزيد قليلاً عن حجم البسيتين.
بدأنا الرحلة الساعة الخامسة والنصف صباحًا. في يوم 20 أبريل، بواسطة قارب خشبي مجهز بمحرك صغير، يسحب خلفه مشحوف محمل بالامتعة. كنت أنوي عبور الأهوار (المستنقعات المائية) من قلعة صالح إلى البسيتين عبر قناة المجرية (شط المچریة). بعد أن تركنا هذه القناة خلفنا ، وصلنا إلى المياه المفتوحة ، وسرنا عبرها لأكثر من ساعة، ثم وصلنا إلى كتل من القصب المنخفض، ومع تقدمنا بدأت هذه الكتل تتكاثف تدريجياً.
لندن موقع كارون الثقافي- خاص- حامد الكناني- تشير احدى الوثائق الخطية والموجودة في أرشيف وزارة الخارجية البريطانية- حكومة الهند الشرقية ومكتبة قطر الرقمية، إلى جوانب مهمة من فترة حكم الأمير فارس بن غيث وهو احد امراء الدولة الكعبية في الأحواز.
هذه الوثيقة الخطية مرسلة من الباليوز البريطاني في منطقة الخليج عام 1865 إلى حاكم الإمارة الكعبية، الأمير فارس بن غيث، حيث تنقل هذه الرسالة شكوى تقدم بها احد التجار العرب المحسوبين من الرعايا البريطانيين في تلك الحقبة، ضد احد مسؤولي الإمارة الكعبية العاملين في ميناء معشور. وتشير لموضوع الضرائب التي كان أمراء بني كعب يفرضونها على التجارة في امارتهم والتي كانت تعرف باسم (العشور) أي مبلغ عشرة بالمئة من قيمة البضاعة المستوردة او المصدرة أنذاك. كما تكشف لنا هذه الوثيقة ان الأمير فارس بن غيث الذي تزامن حكمه مع حكم الأمير الشيخ جابر بن مرداو في المحمرة، حتى ذلك الوقت كان يتحكم بالأمور في منطقة حكم بني كعب.
تغيير اللغة يقتضي ضمناً نوعاً من «المأساة الشَّخصيَّة». تجربة الهجرة تُخاض، ولكن من دون فقدان الماضي، لأنَّ الماضي، والحال هذه، يُزار ثانيةً في ضوء لغةٍ جديدة. عند هذه النُّقطة، يبدو لنا أنَّنا نمتلك حياةً متصدِّعةً، مقسومةً على لغتين أو أكثر؛ وكلُّ ذكرى من ذكرياتنا تتحدَّث بلغتها.
في كتاب سيرته الذَّاتيَّة «تكلَّمي أيَّتها الذَّاكرة»، يروي لنا نابوكوف أنَّه خلال منفاه في كامبردج (بعد أن غادر أوَّلاً سان بطرسبرغ في عام 1917، ومن ثَمَّ شبه جزيرة القرم في عام 1919) كان قد كرَّس نفسه للأدب وحسب، غيرَ عابئٍ بالأمور الأخرى، بما في ذلك السِّياسة. في «غرفِهِ بكامبردج» قرأ «أغنيةَ حملةِ إيغور»، وأشعارَ بوشكينوَتيوتشيف، ونثرَ غوغولوَتولستوي، ومؤلَّفاتِ علماء الطَّبيعة الرُّوس الذين وصفوا المناطق البرِّيَّة في آسيا الوسطى. وفي أحد الأيَّام عثر في كشكٍ في ساحة السُّوق العامِّ على نسخةٍ مستعملةٍ، في أربعةِ مجلَّداتٍ، من قاموسِ دال[1] التَّفسيريِّ للُّغة الرُّوسيَّة المعاصرة. اشتراه عاقداً الأمل على قراءة ما لا يقلُّ عن عشر صفحاتٍ منه في اليوم:
إنَّ الخوف من فقدان الشَّيء الوحيد الذي استطعت استبقاءَه من روسيا، أو من تلويثه بالتَّأثيرات الدَّخيلة – أعني اللغة – قد أصبح بلا ريبٍ وبيلاً ومُلِحَّاً أكثر بكثيرٍ من الخوف الذي اختبرته بعد عقدين من ذلك، الخوف من أنَّني غير قادرٍ على الارتقاء بالنَّثر الذي أكتبه بالإنجليزيَّة إلى مستوىً يوازي مستواه في الرُّوسيَّة.[2]