لا يمكن مقاربة تجربة المسرح العربي في الأحواز بوصفها ظاهرة فنية محضة أو نشاطًا ثقافيًا معزولًا عن شروطه التاريخية والسياسية، بل هي نتاج مباشر لواقع مركّب من الحرمان الشامل، والتهميش المنهجي، والفقر المدقع، في إقليم يُعدّ من أغنى أقاليم المنطقة بالثروات الطبيعية، وأفقرها من حيث العدالة والتنمية والحقوق الثقافية. ففي الأحواز، حيث النفط والمياه والغاز والزراعة، يعيش الإنسان العربي على هامش الدولة، محرومًا من أبسط مقومات العيش الكريم، ومجردًا من حقه الطبيعي في لغته وثقافته وذاكرته الجمعية.
فيما يخصّ الكتب التاريخية التي تناولت القضية الأحوازية، وكذلك القضايا العربية عمومًا، ولا سيما تلك التي كُتبت باللغة الفارسية على يد كتّاب فرس، أو باللغة الإنجليزية على يد كتّاب غربيين، فإن هذه المؤلفات لا يمكن قبولها بوصفها وثائق تاريخية موثوقة أو نصوصًا علمية محايدة، وذلك لأسباب منهجية وسياسية متعددة.
لندن- مركز دراسات عربستان الأحواز- حامد الكناني- تعد هذه المجموعة من الوثائق الصادرة عن القنصلية البريطانية في المحمرة عام 1958، واحدة من المصادر الدبلوماسية المهمة التي توثق الوضع السياسي والاجتماعي في الأحواز خلال فترة ما بعد انقلاب العراق وعقب أزمة السويس. تتناول الوثائق بشكل رئيسي ثلاث محاور متشابكة: التوترات السياسية المحلية، العلاقات بين السلطات المدنية والعسكرية، وواقع الأقلية العربية في الإقليم، مع التركيز على تأثيرات القومية العربية والدعاية القادمة من الجمهورية العربية المتحدة والعراق.
لندن- مركز دراسات عربستان الأحواز- حين تتعرض الأوطان للاحتلال يصبح كل شيء فيها معرّضًا للسرقة والطمس والنسيان. وعندما سقطت السيادة العربية في الأحواز عام 1925، وتعرّض هذا الوطن العربي لاحتلال عسكري فارسي، صودرت الحقوق، ونهبت الثروات، ومورست سياسات ممنهجة لطمس الهوية وقطع الصلة بالماضي.
وجاء هذا كله في توقيتٍ كان موازيًا لظهور الثورة الصناعية وتطور العالم والمنطقة العربية، الأمر الذي أدى إلى ضياع الكثير من التراث والموروث الشعبي الأحوازي، من موسيقى وفنون وتراث مادي وغير مادي، الذي نُهب وصودِر حتى من قبل بعض الأشقاء العرب. فقد كانت المحمّرة – التي عُرفت آنذاك بأنها عاصمة الموسيقيين والمطربين والفنانين العرب – ملتقىً لهم في عهد الشيخ خزعل. ومع ذلك صودرت منتجاتها الثقافية والفنية، ونُسب الكثير منها إلى دول أخرى قريبة، كالعراق والكويت على وجه التحديد، رغم أن جزءًا كبيرًا من الموروث الموسيقي العربي في تلك الدول تعود جذوره إلى المحمرة.
لندن – یوم الاحد 7 ديسمبر 2025 شهدت العاصمة البريطانية لندن مساء يوم أمس الأحد مجلسًا لتأبين الفقيد المغفور له بإذن الله، لفتة بن عبيد الرخيص الساري، والد الشهيدين محمد علي وجعفر الساري، والأسير حمزة الساري، الذي انتقل إلى رحمة الله يوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025 بمدينة الأحواز. وأقيم مجلس التأبين والعزاء في عنوان Alscot Way، Bermondsey، London، SE1 5XN، بحضور جمع من أبناء الجالية الأحوازية في بريطانيا، حيث بدأت الفعالية بتلاوة آيات من القرآن الكريم، معربين عن تعازيهم لأسرة الفقيد ومؤكدين صبرهم وإيمانهم العميق بالقضية الأحوازية. تخلل المجلس كلمات عدة من أبرز الحاضرين، حيث صعد المنصة كل من عبد الله الطائي والدكتور فيصل المرمضي لتقديم كلمة افتتاحية حول أهمية المناسبة وتكريم الفقيد، تبعهم المتحدثون يوسف عزيزي بني طرف، حامد الكناني، الشاعر عودة أبو كريم الساري، عبد الرحمن الحيدري، وجدان عفراوي، بالإضافة إلى كلمات مؤثرة لعلي الشمري أبو خلود، جاسم الساري، نجل الشهيد محمد علي، تناولت سير الفقيد ومواقفه البطولية وجهوده المستمرة في دعم الأسرى والشهداء. كما سلط المتحدثون الضوء على التضحيات التي قدمتها عائلة الفقيد، بما في ذلك الصعوبات التي واجهها أبناؤه في معتقلات الأحواز، ومواقفهم الوطنية الثابتة رغم الظروف القاسية، مؤكدين على إرث الفقيد في الدفاع عن الحقوق الوطنية الأحوازية. اختتم المجلس بكلمة شكر من حفيد الفقيد، والتي تضمنت ذكرى والده الشهيد محمد علي الساري، وتسليط الضوء على الدعم المستمر الذي قدمته العائلة للمجتمع الأحوازي رغم كل التحديات. واختتمت المراسيم حوالي الساعة 9:30 مساءً، وسط أجواء من الحزن والتقدير العميق لإرث الفقيد ومكانته في قلوب أبناء الجالية الأحوازية. نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
الموقع لا يتحمل أي مسؤولية عن المواد المنشورة ويتحمل الكّتاب كامل المسؤولية عن الكتابات التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكية أو حقوق الاخرين
الألفيّة تُعدّ من أشهر القصائد في الأحواز، وقد انتشر صيتها أيضاً في دول الخليج مثل البحرين والكويت. وهي تأتي على هيئة رباعيّات تبدأ من حرف الألف وتنتهي بحرف الياء، وتجمع بين الحِكَم والمواعظ بأسلوب شعبي عميق. ومن أبرز نماذج هذا الفن في الشعر الشعبي الأحوازي ألفيّة الشاعر طاهر إسحاق القيّم، المتوفى سنة 1952م، والتي لا تزال حاضرة في الذاكرة الأدبية لما تحمله من تراثٍ ولغةٍ وحكمة.
ملاحظة: الفيديو منقول من صفحة الدكتور عبدالنبي قيّم على منصة اليوتيوب.
الموقع لا يتحمل أي مسؤولية عن المواد المنشورة ويتحمل الكّتاب كامل المسؤولية عن الكتابات التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكية أو حقوق الاخرين
في الثاني من ديسمبر عام 2025 رحل في الأحواز الحاج لَفْتة بن عبيد الساري، والد الشهيدين محمد علي وجعفر، ووالد الأسير حمزة الساري الذي لا يزال يقضي حكماً مؤبداً منذ عشرين عاماً. رحل الرجل الذي حمل من الوجع ما يفوق قدرة البشر، وتحمل مصائب متتالية بدأت بإعدام اثنين من أبنائه ثم بحرمانه من الثالث القابع في السجن، وظل رغم ذلك صبوراً ثابتاً يحمل هموم أسرته وقضية شعبه العربي الأحوازي.
كان الفقيد لفتة الساري مثالاً للأب الصابر، فقد شاهد ابنيه محمد علي—المعلم المثقف—وجعفر يُسحبان إلى المشنقة عام 2006 بعد محاكمة لم تستغرق سوى دقائق، بينما حُكم على ابنه الثالث حمزة بالإعدام قبل أن يُخفف إلى السجن المؤبد. عاش الوالد سنوات طويلة يتابع أخبار حمزة من خلف الأسوار، وهو متنقّل بين سجون كارون ورجائي شهر وقزلحصار، محروم من حقوقه الأساسية، يعاني التعذيب والعزلة والأمراض، فيما لا يُسمح لذويه بزيارته إلا نادراً. ومع كل ذلك ظل الفقيد متمسكاً بالأمل، يواجه صدماته بصمت الرجال.
هناك سؤالٌ يطرح نفسه دائماً: في ظل الهيمنة أو الاحتلال الأجنبي على أي بلد، ومع سلب سيادته، من هي الجهة التي يمكن اعتبارها ممثلاً شرعياً لشعبه؟ يرى كثير من المفكرين والسياسيين والخبراء أن كل فرد أو مجموعة تقاوم الاحتلال أو الاستعمار أو الهيمنة الأجنبية تعبّر فعلياً عن إرادة الشعب، وتُعد قوة شرعية تمثّله. فالشرعية لا تنحصر في شخص أو حزب أو تيار بعينه، بل يمكن لمختلف الفئات والتيارات المنخرطة في مقاومة الاستعمار أن تمثل شعبها.
إن الخطاب الأحوازي، في عمومه، خطاب انفعالي أكثر مما هو عملي. وهذا الانفعال مفهوم، وهو نتيجة تراكمات الظلم والاضطهاد والاحتلال والقمع العسكري الذي مارسته السلطات الفارسية منذ سقوط السيادة العربية واحتلال عربستان عام 1925 وحتى يومنا هذا. ولا أحد يقف أو يرغب في الوقوف بوجه أمنيات الشعب العربي الأحوازي بالتخلص من الاحتلال والعبودية. وأنا شخصيًا لا أنصح أي أحوازي بالتخلي عن حلم التحرر من الهيمنة الأجنبية. لكن من الضروري أن نعيد مراجعة هذا الخطاب وتقييمه وفق المستجدات الداخلية والإقليمية والدولية على مختلف الأصعدة.
خلال استراحة غداء مزدحمة في الاجتماع السنوي للأكاديمية الأمريكية للدين عام 1991، رأيتُ زميلة دراسة سابقة تسرع نحوي. قبل سنوات طويلة، في جامعة شيكاغو، كنتُ قد التحقت مع مارشيا بدورة في معهد الدراسات الشرقية. وبدا عليها الانفعال وهي تقول: «جورون، يجب أن أحدثك؛ لقد وجدتُ لكِ المندائيين!»
قلتُ بدهشة: «هل تمزحين! أخبريني! هل لديك دقيقة؟»
أجابت بأنها تملك الوقت. وأوضحت مارشيا هيرمانسن، التي كانت حينها أستاذة في جامعة ولاية سان دييغو، أن حوالي أربعين مندائياً عراقياً يعيشون في سان دييغو وضواحيها. وأضافت أنها صارت صديقة لعائلة عمارة، واقترحت أن آتي للقائهم ولإلقاء محاضرة في قسمها في الخريف التالي.
وهكذا فعلت. كانت هذه أول مرة ألتقي فيها بالمندائيين في الولايات المتحدة. فقد جمعت عائلة عمارة، برئاسة لمياء عباس عمارة—الشاعرة المعروفة في العالم العربي والناشطة السياسية والثقافية السابقة—حوالي سبع عائلات مندائية على مأدبة طعام مشتركة. وكلما التفتُّ لأحادث شخصاً جديداً، وجدتُ أطباقاً شهية تظهر فجأة في صحني. كانت أمسية ودّية للغاية، مليئة بالحديث والتعلم والمتعة. لكن وقتي كان قصيراً آنذاك، واتضح أن عليّ العودة لزيارة أطول؛ وقد تحقق ذلك بعد عام، في ديسمبر 1993.
لندن- مركز دراسات عربستان الأحواز- في عام 1946، أصدرت السلطات البريطانية قرارًا بنفي الشيخ عبدالله بن خزعل من الكويت إلى مدينة عدن، التي كانت آنذاك مستعمرة بريطانية، وذلك بهدف منعه من قيادة أي تحرك سياسي أو ثورة أحوازية ضد الحكومة الإيرانية. وتُعد الوثيقة البريطانية التي تناولت هذا القرار من أبرز الشواهد على النظرة الاستعمارية المتعالية تجاه قضايا العرب عامةً، والأحوازيين على وجه الخصوص.
لندن- مركز دراسات عربستان الأحواز- حامد الكناني- شهدت الأسابيع الماضية جدلًا واسعًا، داخل الوطن وخارجه، حول بعض الروايات الشفهيّة المتداولة عن التاريخ الأحوازي. تحوّل النقاش إلى حالة من التوتر والانقسام، وصلت أحيانًا إلى حدّ التخوين والتحريض ضدّ من شاركوا في نقل تلك الروايات كما وصلتهم، من غير وعي أو تمحيص، فتعرضوا لموجةٍ من الانتقادات اللاذعة خلال تلك الفترة.
وفي خضمّ هذا الجدل، الذي تورطت فيه جزئيًا، راسلني أحد السياسيين الأحوازيين باحثًا عن الحقيقة. عندما ذكرتُ له أن الرواية الفارسية عن تاريخنا العربي في الأحواز مشوّهة عمدًا لدى كثيرٍ من الكتاب الإيرانيين، حتى من ينتمون إلى عرقيات غير فارسية، نصحني بأن أردّ الصاع صاعين — بحسب تعبيره — وأن أشوّه الأحداث التاريخية بالمثل، وأن لا أخشى لومة لائم لأنه سيقف بجانبي.
في الغالب تبدأ معاناة الأحوازيين مع سلطة الأجنبي منذ اليوم الأول في مقاعد الدراسة، حين يصطدم الطفل بلغة لا تشبه تلك التي تعلّمها في حضن أمّه وأهله. لكن معاناتي أنا شخصياً بدأت قبل ذلك بكثير، يوم كنت في الخامسة من عمري، وقبل أن أعرف معنى المدرسة أو سلطة الحرف الغريب.
كان ذلك صباح يوم صيفي حار في مدينة البسيتين، المدينة الصغيرة الواقعة غرب الأحواز، على مقربة من الحدود مع العراق. هناك، حيث يشق نهر الكرخة المدينة إلى شطرين، مكوّناً لوحة من الجمال والخصب والحنين، تبدأ الحكاية.
ذلك النهر العظيم، الكرخة، الذي يجري منذ آلاف السنين حاملاً معه أسرار الأرض ورائحة الطين وعبق النخيل، كان مصدر حياة وملاذاً لأهل المنطقة. مياهه العذبة تهمس للصيادين، وتغريهم بما تخبئه من أسماكٍ فضية تلمع تحت أشعة الشمس.
مركز دراسات عربستان الأحواز- حامد الكناني_ انتشر مؤخرًا مقطع فيديو لثلاثة من العرب الأحوازيين يتحدثون مع شاب فارسي، وكان موضوع حديثهم الوضع السياسي لإمارة المحمرة التي ورثها الشيخ خزعل بن جابر عن أسلافه.
المتحدث الأول أكد تبعية الشيخ خزعل للدولة الفارسية، مستشهدًا بقضية أحمد شاه القاجار. أما الثاني فتحدث عن رفض الشيخ خزعل لمشروع بريطاني كان يهدف إلى جعله أميرًا مستقلاً، في حين أشار الثالث إلى حادثة رفع العلم البريطاني وإنزاله من قبل الشيخ خزعل، إضافةً إلى واقعة ضرب الضابط البريطاني.
وفيما يخص تبعية الأحواز للتاج القاجاري، فإن هذا الأمر موثق تاريخيًا. فقد جاءت التبعية بعد توقيع معاهدة أرضروم الثانية عام 1847، التي نصت على عدة شروط، أهمها: عدم تدخل الدولة الفارسية في شؤون إمارة المحمرة الداخلية، والتزامها بالدفاع عن سلامة أراضي الأحواز وحكامها في حال تعرضها لعدوان خارجي، مقابل خراجٍ سنويٍّ يدفعه أمراء المحمرة للتاج القاجاري.
في خريف عام 1958، وبعد أن اجتاحت ثورات العراق وسوريا ومصر أرجاء الوطن العربي، ارتفعت موجة القومية العربية لتصل إلى قلب الأحواز. كانت هذه التغيرات السياسية تُثير القلق في أروقة القنصليات البريطانية، التي كانت تراقب عن كثب كل تحرك يمكن أن يهدد مصالحها وحلفاءها في المنطقة. رسالة سرية من القنصلية البريطانية في البصرة تعكس هذه المخاوف بوضوح.
فقد ناقشت الوثيقة إمكانية إقراض المحمرة “عربة سينما” وملحقاتها، بهدف نشر أفلام عربية، لكن مع الحرص على وضع شروط صارمة تحمي مصالح بريطانيا، وتضمن ألا يتحول هذا النشاط الثقافي إلى أداة للقومية العربية المستعرة.
مركز دراسات عربستان الاحواز- حامد الكناني- في الحادي والعشرين من أغسطس عام 1929، أرسل ضابط مسؤول في الفرع الخاص بالبصرة برقية سرية إلى الكابتن إ. و. فليتشر، نائب القنصل البريطاني في المحمرة، بشأن أنباء تتعلق باستعداد وتحركات القبائل العربية في منطقة الحوَيْزة للثورة ضد السلطات الفارسية.
جاء في البرقية أن تحقيقات الضابط أظهرت انتشار حديث واسع بين سكان الحوَيْزة حول احتمال اندلاع ثورة قريبا ضد الحكومة الفارسية. وأشارت التقارير إلى أن القبائل تعمل على تسليح نفسها، وأن بعض العائلات من قبيلة بني لام قد وصلت إلى الحدود وانضمت إلى الجزء الثاني من القبيلة هناك.
مركز دراسات عربستان الأحواز- حامد الكناني- في السادس عشر من ديسمبر عام 1944، دوّنت القنصلية البريطانية في المحمرة (خرمشهر بالفارسية) في يومياتها السرّية رقم 23 ملاحظاتٍ تعكس بوضوح حالة الاضطراب التي كانت تسود الأحواز آنذاك، بين العرب والسلطات الفارسية.
تشير الوثيقة إلى وصول الشيخ عبد الكريم، النجل الرابع للشيخ خزعل بن جابر، إلى البصرة قادماً من طهران في الثالث عشر من الشهر نفسه. ويبدو أن تحركاته كانت موضع اهتمام بريطاني، إذ مثّل أحد أبناء أمير الأحواز الذي كانت عملية اغتياله عام 1936 قد خلّفت فراغاً سياسياً في الأحواز.
كما رصد التقرير انتشار أنباء بين العرب عن وقوع اشتباكاتٍ في سهل ميسان والقوات الفارسية، وأخرى بين أفرادٍ من قبيلة بني تميم – من فرع العيايشة – وجنودٍ فرس في منطقة الكرخة العميّة القريبة من الأحواز. لم يُؤكَّد وقوع هذه المواجهات رسمياً، لكنها كانت مؤشراً على تصاعد التوتر في غرب الأحواز.
مركز دراسات عربستان الأحواز- حامد الكناني- في خريف عام 1944، وتحديداً بين السادس عشر والثلاثين من نوفمبر، دوّنت القنصلية البريطانية في المحمرة في يومياتها تفاصيل حادثة غامضة طواها النسيان لعقود طويلة. فقد تحدثت تلك الوثائق عن اشتباكٍ دار بالقرب من قرية سويجتي، الواقعة على الضفة الغربية من نهر كارون، على بُعد نحو ستين كيلومتراً من مدينة المحمرة.
مركز دراسات عربستان الأحواز- حامد الكناني- في صيف عام 1929، كتب القنصل البريطاني في المحمّرة برقية سرّية إلى المقيم السياسي في الخليج العربي يطلب فيها إرسال سفينة حربية إلى شمال الخليج “لمنع النهب” و”لإجبار الزعماء العرب على احترام المصفاة”. كانت المصفاة المقصودة هي مصفاة عبادان التابعة لشركة النفط الأنجلو-إيرانية، التي تمثّل في تلك الفترة رمزاً للمصالح البريطانية في الأحواز التي تحوّلت منذ ذلك العقد إلى ساحة صراع بين سكانه العرب والسلطة المركزية الفارسية المدعومة من لندن.
مركز دراسات عربستان- حامد الكناني- سري – رقم ٧٧ لسنة ١٩٢٩– قنصلية صاحب الجلالة البريطانية – المحمّرة ٢٧ يوليو ١٩٢٩
في ظل الاضطرابات التي شهدتها الأحواز أواخر العشرينيات، أرسل القنصل البريطاني في المحمرة تقريراً سرياً إلى حكومته يشرح فيه تدهور الأوضاع القبلية والعلاقات بين العرب والسلطات الفارسية. وقد جاء في مستهل التقرير أنه، بالنظر إلى التطورات الأخيرة بين القبائل البختيارية في جوار الأحواز والتقارير المتكررة عن اضطرابات في صفوف القبائل العربية، فقد سعى القنصل للبقاء على اطلاع دائم بالأوضاع المحلية، إلا أن موقف الحكومة الفارسية المريب تجاه المسؤولين البريطانيين دفعه إلى تجنب التعامل مع أي عملاء محليين للحصول على المعلومات، وقد تمكن من جمع ما يلزم من خلال التعاون مع فرع المخابرات البريطانية في البصرة.
مركز دراسات عربستان الأحواز- تُظهر هذه الوثيقة الصادرة عن شركة بلاد الرافدين – بَرسيا المحدودة بتاريخ 17 أغسطس 1925، شكوى رسمية موجهة إلى نائب القنصل البريطاني في المحمرة، تعكس جانباً من التوترات التي سادت عربستان (الأحواز) عقب الاحتلال الفارسي للمنطقة في عام 1925.
يتضح من مضمون الرسالة أن الجنود الفرس مارسوا سلوكاً عدوانياً ومنفلتاً تجاه السكان والمؤسسات العاملة في المنطقة، إذ حاولوا مراراً الاستيلاء بالقوة على المراكب والزوارق التابعة للشركة واستخدامها لأغراض عسكرية دون إذن. كما لم يترددوا في إهانة وتهديد العاملين حينما رفضوا تنفيذ أوامرهم، وهو ما اعتبرته الشركة تعدياً سافراً على حقوقها ومساساً بسلامة موظفيها.
مركز دراسات عربستان الأحواز- حامد الكناني- خلال فترة الحرب العالمية الأولى، شهدت منطقة الخليج العربي تحركات سياسية وعسكرية دقيقة تعكس النفوذ المتبادل بين القوى المحلية والبريطانية. ففي إطار متابعة الأوضاع في جنوب إيران، أرسل القنصل البريطاني في أبو شَهر، تريفور، برقية بتاريخ 1 أكتوبر 1915 إلى السير بيرسي كوكس المقيم في البصرة، مرفقًا فيها معلومات حول عدة رسائل استلمها من حيدر خان تتعلق بالأوضاع في كوهجيلوية وأرجان (بهبهان).
مركز دراسات عربستان الأحواز- حامد الكناني – هذه مادة وثائقية من التقارير السرّية البريطانية في المحمرة عام 1945، وتكشف بدقة عن التوترات الاجتماعية والإجراءات القمعية ضد العرب الأحوازيين، فضلًا عن الممارسات الإدارية التي حاولت سلب أراضيهم أو تقييد حركتهم.
التقرير السرّي الصادر عن القنصلية البريطانية في المحمرة
في خريف عام 1945، كانت الأحواز تغلي تحت وطأة القلق والاضطراب. لم يكن الناس فرحين بعودة الحكم البهلوي الدموي، ولا بتتويج محمد رضا خلفًا لوالده رضا خان شاهًا على إيران. فالتغيير لم يتجاوز الكرسي، بينما بقي النهج كما هو. عاد ضباط رضا خان العنصريون في الجيش وقوات الدرك أكثر شراسةً، وقد ازدادت شهيّتهم للقتل والنهب واضطهاد العرب.
اعتقلت السلطات الإيرانية يوم الجمعة 10 أكتوبر الشاب الأحوازي عباس دغاغلة المعروف باسم «رشاش»، بعد مداهمة منزله في مدينة الأحواز العاصمة.
ووفقًا لمصادر محلية، صادرت القوات الأمنية أجهزته الإلكترونية واقتادته إلى جهة مجهولة، دون الإعلان عن أسباب الاعتقال أو التهم الموجهة إليه.
«رشاش» يبلغ من العمر 22 عامًا، ويُعرف بأغانيه التي تتناول قضايا اجتماعية ومعيشية في المجتمع الأحوازي. منظمات حقوقية رجّحت أن يكون اعتقاله مرتبطًا بمحتوى أعماله الفنية، في حين لم يصدر أي تعليق رسمي من السلطات الإيرانية بشأن الحادثة.
الموقع لا يتحمل أي مسؤولية عن المواد المنشورة ويتحمل الكّتاب كامل المسؤولية عن الكتابات التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكية أو حقوق الاخرين
مركز دسات عربستان الأحواز- ترجمة وتدوين: حامد الكناني- ملخص المحادثة بين وزير جلالة ملك بريطانيا السير بيرسي لورين، وسمو شيخ المحمرة، على متن السفينة الحربية البريطانية “كروكوس”، بتاريخ 5 ديسمبر 1921.
كان العقيد تريفور، المقيم السياسي، والسيد بيل، القنصل في الأحواز، حاضرين أيضًا.
تحدث الشيخ مطولًا عن خدماته لحكومة جلالة الملك البريطانية قبل الحرب وأثناءها، وقال إنه كان يأمل أنه بعد انتصار الحلفاء، سيجد أن نفوذه ومكانته قد تعززا كثيرًا. إلا أنه لاحظ أن حكومة جلالة الملك تميل إلى دعم الحكومة الفارسية بدلًا من دعمه في مسائل تمس مصالحه الحيوية، واستشهد في ذلك بقضية الخراج، التي رأى أن حكومة جلالة الملك كان ينبغي أن تُصرّ على اعتراف الحكومة الفارسية الحالية بالاتفاق الذي تم بين السير بيرسي كوكس ووثوق الدولة في مطلع عام 1920.
مركز دراسات عربستان الأحواز- مع نهاية الحرب العالمية الأولى وبداية الاحتلال البريطاني للعراق، دخلت إمارة بني لام مرحلة حساسة من تاريخها السياسي والاجتماعي، إذ انقسمت أراضيها بين عربستان التابعة للتاج القاجاري والعراق تحت النفوذ البريطاني. تولى الشيخ زامل بن ضمد زعامة قبيلته في هذا الجزء من إمارة بني لام بعد عزل عبد الكريم بن غضبان بسبب سوء الإدارة، بتدخل من القنصل البريطاني في القنيطرة، في حين بقيت زعامة كنانة في الجانب العراقي عند بيت الشيخ محسن الدنبوس وهي زعامة تقليدية.
مركز دراسات عربستان- حامد الكناني- المقدمة: في خضمّ لعبة النفوذ الإستعماري التي كانت تمزّق الأحواز بين مطامع الفرس ومصالح البريطانيين، برز مشروع ريّ نهر كارون في مطلع القرن العشرين كرمزٍ مبكرٍ لصراع المصالح الدولية على أرض عربستان. المشروع الذي كان في الأصل مقترحًا هولنديًا لتطوير الزراعة في ضفتي النهر، قوبل بفتورٍ وحذرٍ من قبل أمير الأحواز الشيخ خزعل بن جابر آل مرداو. فوفقًا لوثائق الدائرة السياسية البريطانية المؤرخة في 24 ديسمبر 1910، لم يُبدِ الشيخ خزعل حماسًا تجاه مشروع ريّ نهر كارون الذي طُرح بتمويل ضخم تجاوز 500,000 جنيه إسترليني، معتبرًا أن النفقات “كبيرة جدًا بحيث لا يمكن تحمّلها بحكمة في الوضع الراهن”.
الشيخ، الذي مُنح وسام فارس الهند وتعود إليه الأراضي بشكل وراثي ومعترف بها بموجب فرمان ملكي عام 1903، رأى أن المشروع لا يخدم مصلحة عربستان أو سكانه، مؤكدًا أن “لا ضغط سكاني في الأحواز، بل هناك مساحات شاسعة غير مزروعة حتى بالقرب من المحمرة، بسبب نقص اليد العاملة”. لذلك، لم يجد في المشروع سوى أداة لفرض النفوذ الأجنبي على أراضيه العربية الخصبة.
كما حذّرت المراسلات البريطانية من أن الشيخ، “بصفته المالك الوحيد للأرض وأمير المنطقة، ستكون مطالبه عبئًا ثقيلًا على صافي الربح المقدر الضئيل”، في إشارة إلى قلق لندن من أن دفاعه عن سيادة أراضيه قد يُعطّل طموحاتها الاقتصادية. أما البديل المطروح — وهو الاستعمار الفارسي — فقد وُصف في الوثيقة بأنه “خيار مكروه للغاية لدى العرب ولا يفضّله الشيخ، الذي ينظر بقلقٍ ملحّ إلى نتيجة التدفق الكبير والمفاجئ إلى أراضيه”.
مركز دراسات عربستان- حامد الكناني- صيف 1946 كانت الأحواز مسرحًا لصراعات سياسية واجتماعية معقدة، حيث تداخلت النشاطات العربية الراغبة في التخلص من الاحتلال الفارسي واعادت السيادة المسلوبة للعرب مع نشاط الأحزاب السياسية مثل حزب توده اليساري المدعوم من الاتحاد السوفيتي و مصالح الانجليز المتمثلة بشركة النفط الانجلو-فارسية. المنطقة شهدت احتجاجات ومظاهرات، إلى جانب محاولات مستمرة من السلطات الفارسية والروسية لتعزيز سيطرتها ونفوذها. التوتر كان نابعًا من مخاوف العرب بشأن ضياع الفرصة وفقدان ما تبقى من سلطتهم التقليدية، في حين سعى حزب توده لتوسيع تأثيره بين العمال والفلاحين. القنصل السوفيتي نوفيكوف لعب دورًا بارزًا بمحاولاته لكسب ولاء الزعماء العرب، بينما ظهرت هشاشة الإدارة الفارسية وسط فساد المسؤولين الفرس وقوات الدرك (الجندرمة).
مركز دراسات عربستان الأحواز- نص مترجم من اللغة الانجليزية الى العربية منقول من “كتاب المندائيون: النصوص القديمة والناس المعاصرون” لمؤلفته الباحثة النرويجية: Jorunn Jacobsen Buckley:
هذا الكتاب يقدّم دراسة شاملة عن المندائيين، يجمع بين دراسة نصوصهم القديمة وتوثيق حياتهم وممارساتهم الدينية في العصر الحديث. يغطي الكتاب جوانب تاريخية، أسطورية، اجتماعية وثقافية، مع تجارب مباشرة للمؤلفة مع المجتمع المندائي في العراق، الأحواز، وأماكن المهجر مثل الولايات المتحدة.
كتبت بطاقة بريدية لأستاذي، جيل كويسبل في أوتريخت، لأخبره بأنني لن أستطيع حضور موعدي معه لأنني كنت ذاهبة إلى إيران في صباح اليوم التالي، على أساس إشعار مدته ثماني ساعات. جاء صديقي مارك إلى شقتنا وسألني إن كنت أرغب في الذهاب إلى إيران في اليوم التالي. كان لدينا عرض لقيادة سيارة من أمستردام إلى طهران لصالح رجل أعمال إيراني. ستكون إسطنبول مجرد محطة وسطية. بعد اجتماع متأخر مساءً مع رجل الأعمال وعائلته — الذين سيقودون سيارتهم الأخرى على نفس الطريق — وافقت على الذهاب. كنت أحصل على منحة نرويجية-هولندية في هولندا، واغتنمت فرصة الذهاب إلى إيران لأنني أردت لقاء المندائيين في منطقة الخليج العربي. منذ أواخر الستينيات، كنت أدرس المندائية. الآن، كان ذلك في أواخر سبتمبر 1973.
أعلنت منظمات حقوقية أن السلطات الإيرانية نفّذت حكم الإعدام بحق ستة سجناء سياسيين عرب في إقليم الأحواز (خوزستان)، وهم: علي مجدم، ومعين خنفري، وسيد سالم موسوي، ومحمد رضا مقدم، وعدنان ألبوشوكة (غبيشاوي)، وحبيب دريس. وقد اعتُقل هؤلاء في أواخر عام 2018، وصدر بحقهم حكم الإعدام في محاكمات وُصفت بأنها “شبه سرية”، دون منحهم حق الدفاع أو تمكينهم من التواصل الكامل مع محاميهم، وذلك بإشراف الجهات الأمنية ومحكمة الثورة في الأحواز.
وأكدت وكالة أنباء “فارس”، التابعة للحرس الثوري الإيراني، صباح اليوم السبت تنفيذ أحكام الإعدام بحق السجناء الستة.
نسأل الله أن يتقبلهم في عداد الشهداء، وأن يُلهم ذويهم وأبناء الشعب العربي الأحوازي الصبر والسلوان. وإنّا إذ نُدين هذه الجرائم بحق الأحرار، نُجدّد يقيننا بأنّ فجر الحرية آتٍ لا محالة، وإن طال الليل واشتد الظلام.
الموقع لا يتحمل أي مسؤولية عن المواد المنشورة ويتحمل الكّتاب كامل المسؤولية عن الكتابات التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكية أو حقوق الاخرين
مركز دراسات عربستان الأحواز- في السادس من ديسمبر عام 1925، وثّقت صورة نادرة لحظة تاريخية مفصلية، جمعت بين رضا خان بهلوي، رئيس وزراء إيران آنذاك، وأمير عربستان الشيخ خزعل بن جابر، في مدينة الأحواز، ضمن ما بدا أنه لقاء تفاوضي رسمي. في هذه الصورة، يظهر رضا خان وهو ينحني قليلاً بجسده أمام الشيخ خزعل، بينما يقف الأخير شامخًا بثوبه العربي التقليدي، في مشهد يبدو للوهلة الأولى وكأنه يعكس الاحترام والتقدير.
تُعد العقوبات الدولية أداة رئيسية في النظام الدولي المعاصر لإخضاع الدول التي تهدد الأمن والسلم العالميين و من هذا المنطلق اذا تم إدراج إيران تحت الفصل السابع كخطوة تصعيدية من مجلس الأمن هذا الأمريضع ايران أمام عزلة شاملة ومخاطر التدخل العسكري، ويكتسب هذا الوضع أهمية خاصة عند مقارنته بتجربة العراق في تسعينيات القرن الماضي، حيث أدى الحصار والعزلة إلى انهيار البنية الداخلية تمهيدًا لتغيير النظام في العراق اما بالنسبة لإيران فقد بدأت بالفعل هذه العزلة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير في نيويورك حيث مورست قيودًا غير مسبوقة على الوفد الإيراني بقيادة الرئيس مسعود بزشكيان، إذ حُصر تحركه في نطاق ضيق، ومنع من أي تواصل فعال مع الوفود الأخرى وبهذا، تم إفراغ المشاركة الإيرانية من مضمونها السياسي والدبلوماسي و عدم الاستفادة منها، في إشارة واضحة إلى عزل النظام الإيراني على المستوى الدولي.
ذكرى يرويها البروفيسور بروس إنغهام عن زيارته الأولى إلى بلدة عائلتنا، المحرزي في المحمرة، ولقائه بالشيخ عبد العزيز فاضلي.
الشيخ عبد العزيز الفاضلي، شيخ قبيلة المطوّر في الأحواز، استقبل أمير قطر، الشيخ أحمد بن علي آل ثاني، عام 1960.
مركز دراسات عربستان الأحواز- في أوائل عام 1970 كنت أحاول أن أتعلم لهجة الأحواز العربية، ولهذا السبب كنت أقيم في عبادان في فندق جديد يُسمى “نايت كلوب” في بُريم، وكان مِلكًا لابن عم زوجتي، السيد حسن عرب. كنت حينها محاضرًا مساعدًا شابًا، أجمع مواد لأطروحة الدكتوراه في علم اللغة في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية (SOAS)، بعد أن حصلت على درجة أولى في اللغة العربية. وقد وجّهني أستاذي السابق البروفيسور توماس موير جونستون إلى الأحواز، مُشيرًا – وبحق – إلى أنني بفضل زواجي من إيرانية سيكون من السهل عليّ أن أتأقلم هناك.
مركز دراسات عربستان الأحواز- في مارس من عام 1868 بعث الشيخ جابر بن مرداو، أمير المحمرة وحاكم عربستان، برسالتين خطيتين إلى القنصل البريطاني الذي كان يمثل السلطة العليا في الخليج العربي ويتولى مهام التحكيم في القضايا التجارية وضمان سلامة الملاحة البحرية. وقد صيغت الرسالتان باللغة العربية الرسمية بأسلوب المخاطبات الدبلوماسية السائد آنذاك، حيث امتلأتا بالألقاب التشريفية وعبارات الدعاء بالصحة والسلامة، وختمهما الشيخ بلقبه الرسمي “نصرة الملك – أمير التومان”، بما يعكس الطابع الرسمي والسيادي للمراسلات.
عند تأمل مسار السياسات البريطانية في عهد الإستعمار في الشرق الأوسط خلال القرن العشرين، يتضح أنّها تركت بصمات عميقة لا تزال آثارها قائمة حتى اليوم. ومن أبرز هذه المحطات وعد بلفور عام 1917، حين منحت بريطانيا أرض فلسطين للحركة الصهيونية لتأسيس وطن قومي لليهود، متجاهلة الحقوق التاريخية والسياسية للشعب الفلسطيني. وبعد أكثر من قرن من الزمن، تعلن بريطانيا اعترافها بدولة فلسطين وتقرّ بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
مركز دراسات عربستان الأحواز-حامد الكناني- الأحواز (خوزستان) أو ما يُعرف تاريخيًا بعربستان، تمثل قلب إيران الاقتصادي، حيث تضم أغلب حقول النفط والغاز الطبيعي في البلاد، وتتحكم بمنافذ رئيسية لتجارة إيران عبر الخليج العربي. تاريخيًا، كانت عربستان إمارة عربية شبه مستقلة تمتد على طول ضفاف شط العرب، وظلت تحت حكم العائلات العربية المحلية لعدة قرون، حتى غزتها الدولة الإيرانية عام 1925. في ضوء هذه الخلفية، رصدت وكالة الاستخبارات الأمريكية الوضع في الأحواز عام 1980 بعد الثورة الإيرانية مباشرة، في تقرير سري يُبرز الأهمية الاقتصادية للأحواز، والاختلافات الاجتماعية والسياسية بين العرب والفرس، ومخاطر الاضطرابات الداخلية على استقرار المنطقة الحيوية بالنسبة لإيران.
مركز دراسات عربستان الأحواز- شهدت إيران في عهد رضا خان بهلوي (1925-1941) تحولات كبرى، اتسمت بسمتين متناقضتين ظاهريًا: فمن ناحية صعوده إلى السلطة بدعم مباشر من بريطانيا التي ساندته ضد حكم القاجار، وتمكينه من احتلال عربستان الأحواز ومن ناحية أخرى انجذابه لاحقًا إلى النموذج الفاشي الألماني ــ النازي والإيطالي ــ وما حمله ذلك من آثار سياسية وثقافية واجتماعية.
من أبرز ما ميز حكم رضا خان هو محاولته فرض هوية قومية “فارسية خالصة”، وهو ما تجلى في سياسات صارمة ضد اللغة العربية، حتى في مناطق يشكل العرب أغلبية فيها، مثل المحمرة (الأحواز) وبندر عباس وابوشهر. وثيقة بريطانية تعود إلى أكتوبر 1937 توضّح أن الحكومة الإيرانية اعترضت بشدة على تعليق إعلان عن المعرض الصناعي البريطاني باللغة العربية داخل القنصلية البريطانية في شيراز، بحجة أن سياسة الدولة تقوم على “تنقية اللغة الفارسية من الكلمات العربية”. وأكدت السلطات أن أي إعلان رسمي يجب أن يكون بالفارسية أو الإنجليزية أو الفرنسية، في خطوة تعكس حساسية النظام المفرطة تجاه العربية. هذه السياسة لم تكن مجرد توجه ثقافي، بل كانت أداة لتكريس التطرف القومي الفارسي على حساب المكونات القومية الأخرى، وفي مقدمتها العرب الذين تعرضوا لمحاولات محو هويتهم التاريخية في مناطقهم داخل إيران.
مركز دراسات عربستان الأحواز- هذه ترجمة لمقال نُشر عام 1938 في صحيفة Frankfurter Zeitung بتاريخ 7 أغسطس. يسلّط المقال الضوء على النفوذ البريطاني في الخليج العربي منذ القرن التاسع عشر، ويستعرض تاريخ الاستعمار البريطاني وعلاقاته مع شيوخ الإمارات العربية، بما في ذلك أحداث مهمة مثل مصير امير عربستان الأحواز، الشيخ خزعل بن جابر آل مرداو، والسيطرة على المواقع النفطية الاستراتيجية مثل عبادان، وتطور الاتفاقيات والسياسات البريطانية تجاه إيران ودول الخليج العربي. كما يناقش المقال التغيرات الجيوسياسية، والنزاعات الإقليمية، والتحولات في سيطرة بريطانيا على الطرق البحرية والموانئ، مع التركيز على أهمية النفط والملاحة الجوية كعوامل أساسية في استراتيجيتها بالمنطقة. باختصار، يعكس المقال قراءة ألمانية لمستوى النفوذ والسيطرة البريطانية في الخليج العربي، والتحديات التي واجهتها بريطانيا من إيران والشيوخ المحليين في سياق مصالحها النفطية والاستراتيجية بين الحربين العالميتين.
مركز دراسات عربستان الأحواز- حامد الكناني- في صيف عام 1951، كانت عربستان الأحواز تعيش واحدة من أكثر مراحلها التاريخية اضطرابًا. فمنذ سقوط الإمارة العربية على يد القوات الفارسية عام 1925، وبدعم مباشر من بريطانيا،¹ لم تعرف المنطقة الاستقرار. إذ أُقصي العرب عن إدارة أرضهم، ونهبت ثرواتهم، وأصبحت المحمرة وعبادان مركزًا لصراع معقد يجمع بين أطماع الدولة المركزية الفارسية وحشود المستوطنين، ومصالح الشركات الأجنبية، وأحلام العرب الأحوازيين في التحرر. وفي قلب هذا المشهد، برز اسم الشيخ مكي بن علي الفيصلي، زعيم قبيلة عربية معروف ووجه بارز في مدينة المحمرة.