
لندن-موقع كارون الثقافي- خاص: حامد الكناني- بعد فشل ثورة يونس نتيجة هجوم مشترك لقوات الجيش الفارسي المدعوم من دول التحالف في الحرب العالمية الثانية وميليشيات عربية وظفتها السلطات ضد أبناء جلدتها عام 1943 تم اعتقال شيوخ بني طرف ونقلهم لمدينة الأحواز ومن هناك إلى خلف جبال زاجروس حيث مدينة بروجرد وسط إيران. ومن أبرز شيوخ بني طرف الذين اعتقلوا بعد فشل الثورة ووردت اسمائهم في الوثائق البريطانية هم رحمة بن عوفي، ولفتة بن ثامر، وصدام بن زاير علي، وحمدان بن كاظم. فيما لجأ الشيخ يونس ومعه عدد كبير من المشاركين في الثورة إلى العراق. اعادت دول التحالف في الحرب العالمية الثانية نجل رضا خان بهلوي إلى السلطة حيث أكدت بريطانيا والولايات المتحدة وروسيا من جديد على ضرورة بقاء الحكم مركزيا وبيد الفرس في إيران وذلك حفاظا على مصالح هذه الدول بشكل خاص والغرب بشكل عام. وانعقد مؤتمر طهران بین ونستون تشرشل وفرانكلين ديلانو روزفلت وجوزيف ستالين في الفترة من28 نوفمبر إلى 1 ديسمبر 1943 بشكل سري في السفارة السوفيتية في طهران.
وساطة السفراء البريطانيين في بغداد وطهران لتخفيف حكم الإعدام الصادر ضد شيوخ بني طرف
بعد فشل ثورة الشيخ يونس العاصي واعتقال مشايخ بني طرف بعثت السفارة البريطانية في بغداد في تاريخ: 12 جولاي 1945 برقية الى السفير البريطاني في طهران، يطالب فيها السفير البريطاني في بغداد من نظيره في طهران التدخل لدى الحكومة الفارسية من أجل الرأفة وتخفيف احكام الاعدام الصادرة ضد شيوخ بني طرف الذين اعتقلوا بعد فشل الثورة ومنهم الشيخ رحمة بن عوفي، ولفتة بن ثامر، وصدام بن زاير علي، وحمدان بن كاظم، ويقال إنهم الآن محتجزون لدى قوات الجيش الفارسي في الأحواز.
“لقد طلب بعض أصدقائنا في العمارة اهتمامنا بمصير عدد من شيوخ بني طرف الذين وقعوا في أيدي الحكومة الفارسية بعد القتال بين القبائل في منطقة الخفاجية في الأحواز. الرواية التي لدينا هي أن الحكومة الفارسية بدأت مؤخرًا في إعادة تقسيم الأراضي بين الفلاحين التي استأنف شيوخ بني طرف حقوقهم التقليدية عليها بعد خلع رضا شاه عن العرش.
تفيد معلوماتنا بأن الحكومة الفارسية بدأت مؤخرًا في إعادة تقسيم الأراضي بين الفلاحين التي استأنف شيوخ بني طرف حقوقهم التقليدية عليها بعد خلع رضا شاه مستغلين بعض التقلبات، وبعد فشل تمثيلهم في الأحواز وطهران، هاجم شيوخ بني طرف يائسين، أقسام من … و… و…، التابعين السابقين لهم الذين أعادت الحكومة الفارسية تسليحهم ضدهم.” في القتال الذي أعقب ذلك، هُزِم بني طرف، وتم القبض على عدد من مشايخهم، بما في ذلك لفتة بن ثامر، ورحمة بن عوفي، وصدام بن زاير علي، وحمدان بن كاظم، ويقال إنهم الآن محتجزون لدى قوات الجيش الفارسي في الأحواز.
لقد طُلب منا طلب الرأفة تجاه هؤلاء السجناء. يُخشى عمومًا أنهم لا يستحقون حكم الإعدام إلا إذا ارادت الحكومة الفارسية الانتقام منهم. أنقل إليكم مناشدات الرحمة التي يخشى الناجون والهاربون توجيهها في الأحواز. هل يمكن فعل أي شيء لتخفيف عقوبتهم إلى السجن أو النفي؟”.
نقل المعتقلين لبروجرد ودرود والجيش الفارسي يتعامل مع العرب بشكل انتقامي
يتضح من محتوى البرقية السرية الصادرة في 23 جولاي 1945 عن القنصل العام في إقليم لورستان (وسط إيران) والمرسلة إلى السفارة البريطانية في طهران بان مشايخ بني طرف الذين تم اعتقالهم بعد اخماد ثورة الشيخ يونس العاصي قد نقلتهم القوات الفارسية إلى معسكرات خارج الأحواز. جاء في البرقية ما نصه:
23 جولاي 1945
متابعة من نائب القنصل.
رسالتك رقم 33. ولا يزال المشايخ المعتقلون في انتظار المحاكمة ولا يزال تشكيل المحكمة غير مؤكد بعد. الموقف العام لضابط التفتيش، العقيد علائي، والنائب فرهودي، وربما أيضًا المحافظ، ينتقد بشدة سوء تعامل العقيد همايوني مع مسائل الأراضي العربية لدرجة أن الأحكام الصارمة ربما تكون غير ضرورية. لقد كان الجيش الفارسي وليس الحكومة هو الذي يتعامل مع العرب بشكل انتقامي.”
مشايخ بني طرف يحاكمون في محكمة عسكرية
وكان نائب القنصل البريطاني العام بمدينة الاحواز قد ارسل برقية الى مرجعيته في طهران في 25 جولاي 1945
هام وسري.- برقية رقم 74.
المحكمة العسكرية تنعقد اليوم.- يدعي همايوني أنه اختار عضوية متوازنة للمحكمة العسكرية. قد تنعقد المحكمة لمدة عشرة أيام تقريبًا. لقد أوضحت اهتمام السفارة بإجراء محاكمة عادلة وأبلغت أن الملحق العسكري البريطاني كان على اتصال برئيس الأركان بشأن هذه المسألة.
نائب القنصل
محكمة عسكرية قصيرة تصدر احكام إعدام ضد مشايخ بني طرف وتسلبهم حقوقهم القانونية
احكام بعقوبة الإعدام ولم يكن هناك أي استئناف.
اعتقال شيوخ عرب في الأحواز
لقد حصلنا على البرقية المرفقة من الأحواز (الكابتن سكوت المسؤول) ولكن في الصباح بعد إرسالها، اتصل النقيب سكوت هاتفيًا ليخبرنا أن المحاكمة أمام محكمة صغيرة كانت ستبدأ في ذلك اليوم: المحكمة قصيرة واصدرت عقوبات بالإعدام ولم يكن هناك أي استئناف لقراراتها. لقد أعطيت تعليمات للكابتن سكوت لیقترح على همايوني أنه إذا كان أصل القتال، كما قيل، هو نزاع على الأرض، فإن شنق الشيوخ واعدامهم لن يضع نهاية للمشكلة: سيكون من الأفضل الخوض في أصل المشكلة والاضطرابات قبل التوصل إلى أي قرار بشأن العقوبة. وفي الوقت نفسه، اتصل م.أ هاتفيا بمكتب الخدمات العامة، حيث اتخذ الجنرال علاء، الذي أفهم أنه اتخذ إجراءات لمنع أي حكم متسرع أو انتقامي من قبل المحكمة.
التقيت بالجنرال ارفع في حفل في نفس المساء، وأقر بأنه ممتن لأنه تم تحذيره في الوقت المناسب. لقد تحدثت عن مشكلة الأرض وقلت إن بعض الناس تسببوا في مشكلة همايوني عن غير قصد من خلال توزيع ملكية الأرض دون مراعاة حقوق شيوخ بني طروف.”
عملية التهجير القسري لقبيلة بني طرف
عملية التهجير القسري الجائرة التي نفذتها قوات الجيش الإيراني في عهد رضاخان بهلوي ضد قبيلة بني طرف جاءت بعد المقاومة الباسلة لقبائل وعشائر سهل ميسان في وجه قوات الاحتلال الفارسي، “حيث أدت هذه المقاومة الى تأجيج غضب وسخط رضا شاه ، فامر ان تقمع انتفاضتهم باستخدام شتى الاساليب العسكرية ، على اثرها قامت الطائرت والمدفعية الايرانية بقصف الاهالي الامنين دون اي رحمة او شفقة .
وفي ختام هذه المغامرة وعبر وساطة عدد من رؤساء العشائر والشخصيات المحلية المعروفة توقفت هذه المجازر وتم اصدار عفوا عاما عن المنتفضين ، الا انه بعد مدة القت الحكومة العسكرية القبض على عدد كبير من رؤساء القبائل والشخصيات المعروفة وقامت بابعادهم وعوائلهم وبطريقة مشينة ومهينة عبر لرستان الى العاصمة طهران *، ومن ثم تم توطينهم في مدينة جرجان الواقعة في شمال ايران . الا انه بعد سقوط حكم رضا شاه اثناء الحرب العالمية الثانية عاد المبعدون الى وطنهم عام 1945 وذلك بعد مرور ثلاثة عشر عاما على تبعيدهم القسري .”(تاريخ الأهواز – عربستان – منذ عهد الأفشار حتى المرحلة الراهنة، الفصل الرابع ، الحلقة الرابعة-الحوار المتمدن-العدد: 2503 – 2008 / 12 / 22)
“قافلة الحب والموت”
أراد الشاعر والأديب عباس العباسي الطائي تجسيدعملية التهجير القسري الجائرة في كتابه الذي حمل عنوان: “قافلة الحب والموت”، حيث وصف لنا فيما بين السطور والكلمات التبعيد المروع والقسري الذي قام به النظام الملكي السابق النظام البهلوي (1925-1941) لأكثر من 1500 فرد من عوائل العشائر العربية الأحوازية من منطقة الحويزة غربي الأحواز إلى طهران مسافة 1000 كيلومتر، مشياً على الأقدام، وقد مات أكثرهم في ذلك الطريق الوعر الطويل.
يقول الشاعر : هذه ملحمة مأساوية شعرية، عاش بعض أبطالها بيننا، فسمعناها من أفواههم وأخذنا عن مذكراتهم. قافلة الحب والموت، ركب أشباح يسير، ورحي الموت تدور معه، فاغرة فاها تلتهم الكبار والصغار، شيوخاً وعجائز وحوامل وأطفالاً وشباباً (…..).
من يراجع سجل الأحداث واسلوب التعامل الفارسي مع الثورات والانتفاضات العربية في الأحواز يرى بوضوح بان المطالب العربية حتى وان كانت سلمية وتطالب بالعدل والمساوات في إطار الدولة الفارسية المركزية، تحسب تهديدات أأمنية تستهدف الأمن القومي لهذه الدولة وبالتالي تواجه القمع والتنكيل دون رحمة. وسيصل المتابع لتاريخ الشعب الأحوازي المعاصر لجملة جوهرية ومهمة للغاية وهي ” ان النظام المركزي في طهران لا يتناسب مع طبيعة حكام عنصريين وتوسعيين وحاقدين على الشعوب المجاورة للفرس وفي مقدمتهم العرب“.
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.