إصدار جديد من دار كارون للدراسات والنشر في لندن: “الأحواز بين الاستقلال والواقع المفروض” للمؤلف حامد الكناني

لندن- صدر مؤخرًا عن دار كارون للدراسات والنشر في لندن كتاب “الأحواز بين الاستقلال والواقع المفروض”، وهو قراءة تاريخية موسعة تستند إلى الوثائق البريطانية بين عامي 1922 و1942 من تأليف حامد الكناني. يقدم الكتاب رؤية دقيقة ومفصلة عن طبيعة الصراع في الأحواز، متتبعًا الأحداث التي شهدتها تلك الفترة من التاريخ، مع التركيز على التلاعب بالمفاهيم التاريخية والسياسية في الوثائق البريطانية التي تعكس، في كثير من الأحيان، وجهة النظر الفارسية الرسمية التي عززت الاحتلال.

يبدأ الكتاب بمناقشة التصورات المضللة التي وُثّقت في التقارير البريطانية، موضحًا أن السلطات الفارسية، بعد احتلالها الأحواز عام 1925، عمدت إلى سياسات تهدف إلى نهب الثروات ومحو الهوية العربية في المنطقة وكسر المقاومة الأحوازية. شملت هذه السياسات تغييرات ممنهجة للتسميات العربية، حيث تم “تفريس” أسماء المدن والمناطق، ما كان جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى فرض الهيمنة الثقافية الفارسية. كما تعرض الكتاب لدور الأمير خزعل بن جابر، الحاكم العربي الشرعي للأحواز، موضحًا أن الصراع لم يكن كما وصفته المصادر الفارسية والبريطانية نزاعًا شخصيًا بين أمير الأحواز والحكومة الفارسية، بل كان صراعًا من أجل السيادة والكرامة الوطنية للشعب العربي الأحوازي.

يسلط الكتاب الضوء على محاولات الطمس المتعمدة للهوية الأحوازية عبر تصوير المجتمع العربي في الوثائق البريطانية والفارسية على أنه مجرد “قبائل” أو “عشائر”، في حين أنه يمثل شعبًا عربيًا متكاملاً يتمتع بهوية ثقافية واجتماعية عريقة. يشير المؤلف إلى أن القبائل الأحوازية، مثل المحيسن، بني كعب، بني طرف، والباوية وبني لام، كانت متحدة تحت تحالفات اجتماعية تتماشى مع طبيعة الأنظمة التقليدية في المنطقة، مما يعكس استمرارية للنظام الاجتماعي العربي الممتد منذ القدم. رغم وجود هجرات من شبه الجزيرة العربية، إلا أن السكان العرب في الأحواز كانوا في غالبيتهم من السكان الأصليين، ما يجعلهم الورثة الطبيعيين للحضارات التي ازدهرت في هذه المنطقة عبر العصور.

تطرق الكتاب أيضًا إلى الجهود الفارسية لتشويه صورة المقاومة الوطنية الأحوازية، حيث وصفت الوثائق الفارسية المقاومين بأوصاف مثل “المتمردين” و”اللصوص” و”قطاع الطرق”، في محاولة لتجريدهم من شرعية نضالهم. يستعرض المؤلف هنا النضال المشروع للشعب الأحوازي ضد سياسات القمع والاحتلال، مشددًا على أهمية تصحيح هذه المفاهيم التاريخية لتوثيق الرواية الحقيقية للمقاومة.

تتناول الوثائق البريطانية والفارسية التي أوردها الكتاب الفترات الحرجة التي شهدت التحولات السياسية والعسكرية الكبرى في الأحواز، بدءًا من المرحلة القاجارية التي تمتعت فيها الأحواز باستقلال ذاتي واسع بقيادة أمراء آل مرداو. على الرغم من اتفاقية أرضروم الثانية التي وضعت الأحواز اسمياً تحت السيطرة الفارسية، ظلت المنطقة عمليًا تتمتع باستقلال شبه كامل حتى بداية القرن العشرين. كان الاحتلال الفارسي للأحواز، كما يوثق الكتاب، جزءًا من استراتيجية لتأمين الموارد الطبيعية، خاصة النفط والمياه.

يشير الكتاب إلى الدور البريطاني في تمهيد الطريق أمام الاحتلال الفارسي للأحواز عام 1925. بالرغم من وعود بريطانيا بحماية استقلال الأحواز، فقد تراجعت أمام المصالح النفطية والضغوط السياسية، مما أدى إلى دعمها ضمنيًا للمخططات الفارسية. يعرض الكتاب أدلة على تواطؤ بريطانيا من خلال تجاهلها لانتهاكات حقوق الأحوازيين وجرائم الاحتلال، بدءًا من اختطاف الشيخ خزعل ووضعه قيد الإقامة الجبرية حتى وفاته، إلى فرض سياسات التهجير القسري وتغيير التركيبة السكانية في الأحواز.

المقاومة الأحوازية ضد هذه السياسات كانت بطولية، رغم افتقارها للدعم الخارجي والتنظيم الكافي. وثّقت الوثائق البريطانية والفارسية سلسلة من الثورات والانتفاضات التي قادها الشعب الأحوازي خلال العقود التالية للاحتلال، أبرزها الثورات التي اندلعت في الثلاثينيات والتي واجهت قمعًا دمويًا من السلطات الفارسية. رغم ذلك، أظهر الأحوازيون صمودًا ملحوظًا، حيث رفضوا التخلي عن هويتهم ولغتهم العربية، واستمروا في مقاومة سياسات التفريس.

من بين القضايا التي يناقشها الكتاب بتفصيل، هي محاولات تغيير البنية الثقافية والاجتماعية للأحواز من خلال فرض اللغة الفارسية وتغيير أسماء المدن والقرى ومنع استخدام اللغة العربية في التعليم والحياة اليومية. كما تعرض الكتاب للسياسات الاقتصادية القمعية التي أدت إلى نزوح جماعي للأحوازيين بحثًا عن حياة أفضل خارج منطقتهم.

في فصل آخر، يتناول الكتاب تطورات القضية الأحوازية بعد خلع رضا شاه عام 1941. كان هناك أمل بين الأحوازيين بحدوث تغيير إيجابي، إلا أن الاحتلال الفارسي استمر في قمعه للشعب الأحوازي بوسائل أكثر تعقيدًا. وثّقت بريطانيا في هذه الفترة استمرار التجاوزات، لكنها ظلت متواطئة مع النظام الفارسي للحفاظ على مصالحها في المنطقة. يتناول الكتاب أيضًا الجهود المنظمة لتهجير السكان العرب من الأحواز وإحلال الفرس محلهم، في محاولة لتغيير التركيبة السكانية.

الكتاب يبرز أيضًا أهمية التمسك بالتسمية العربية الأصيلة “الأحواز” والمصطلح التاريخي “عربستان”، الذي كان يستخدم رسميًا قبل الاحتلال. التسمية الأولى تعكس الهوية الثقافية العربية، بينما الثانية تحمل بعدًا توثيقيًا وسياسيًا يؤكد عروبة المنطقة في المصادر التاريخية.

اختار المؤلف وضع صورة خوذة عيلامية على غلاف الكتاب، وهي تحفة أثرية تعود إلى الحضارة العيلامية التي ازدهرت في الأحواز. تحمل هذه الخوذة رموزًا متعددة تشير إلى التداخل الثقافي بين العيلاميين والعرب، مما يعكس استمرارية تاريخية وثقافية لهذه المنطقة. من خلال تفاصيلها، تسلط الخوذة الضوء على العلاقة العميقة بين الأحوازيين وأرضهم، باعتبارهم الورثة الطبيعيين لهذه الحضارات.

في الختام، يقدم الكتاب صورة شاملة ومفصلة عن القضية الأحوازية، معتمدًا على الوثائق البريطانية والفارسية لتقديم تحليل موثق وشامل. يدعو المؤلف إلى تصحيح المفاهيم التاريخية المغلوطة حول الأحواز ودعم نضال الشعب الأحوازي في الحفاظ على هويته وحقوقه، مؤكدًا على أهمية التفاهم الدولي وتعزيز الحوار الحضاري كسبيل لتحقيق العدالة للشعوب المضطهدة.

لطلب الكتاب يرجى المراسلة على البريد الإلكتروني التالي:

Ahwaziculture@gmail.com

سعر الكتاب 20£ جنيه استرليني + تكلفة البريد.

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑