
مركز دراسات عربستان الأحواز- حامد الكناني- تعد هذه الوثيقة، الموجهة من السير بيرسي كوكس، المفوض السامي البريطاني في بلاد الرافدين إلى وزير الدولة لشؤون الهند بتاريخ 29 يناير 1921، جزءًا من سلسلة المراسلات الرسمية البريطانية التي ناقشت الوضع السياسي والأمني في فارس بعد الحرب العالمية الأولى، خاصة في أعقاب انسحاب القوات البريطانية من بعض المناطق الإيرانية.
تركز الوثيقة على التهديد البلشفي المحتمل في شمال وشرق فارس، وعلى المخاطر التي قد تواجهها المصالح البريطانية التجارية والاستراتيجية، خصوصًا النفطية، في مناطق مثل قصر شيرين، بوشتكوه، وعربستان.
أحد أبرز ما تحتويه الوثيقة هو اقتراح السير بيرسي كوكس خطة بديلة تتعلق باستقلال بعض المناطق في حال سيطرة روسيا البلشفية على بلاد فارس. فقد اقترح السماح بـ:
- استقلال الأحواز (عربستان) وبوشتكوه (لورستان)،
- وتعزيز موقع البختياريين في شرق عربستان (الأحواز)،
وذلك ضمن تحالف ثلاثي بين هذه القوى القبلية والمحلية، ليشكلوا حاجزًا دفاعيًا ضد التمدد البلشفي ويضمنوا حماية المصالح البريطانية في المنطقة، بما فيها حقول النفط والممرات التجارية الحيوية.
ويمكن اعتبار هذا الاقتراح من أبرز الأمثلة على السياسة البريطانية التقليدية في المنطقة: استخدام القوى القبلية والمحلية كـ”دول حماية” أو مناطق نفوذ لضمان مصالح الإمبراطورية، خصوصًا في حالة انهيار الحكومة المركزية في طهران أو سيطرة قوى خارجية عدوانية. كما يعكس اهتمام البريطانيين بالحفاظ على الاستقرار الإقليمي والتأثير السياسي حتى في حالات الفوضى، من خلال دعم كيانات محلية شبه مستقلة.
تواجه إيران اليوم مروحة واسعة من التحديات الداخلية والخارجية: ضغوط اقتصادية خانقة، أزمات سياسية واجتماعية، إضافة إلى مشكلات في البنية التحتية. كما تشكّل الحركات المعارضة من المكونات غير الفارسية عاملًا متزايد الأهمية، خاصة إذا تفاقمت الأزمات. أما المدن الكبرى مثل طهران، أصفهان، شيراز، كرمان، ومشهد، فهي مراكز سكانية واقتصادية محورية، وأي اضطرابات فيها قد تفضي إلى حالة من الفوضى الواسعة.
الأحواز والقبائل العربية
تمثل منطقة الأحواز في جنوب غرب إيران، المتاخمة للخليج العربي، موقعًا استراتيجيًا استثنائيًا بفضل احتياطياتها الضخمة من النفط والغاز. وتتميز بوجود طبقة سياسية واسعة وقبائل عربية ذات نظام اجتماعي متماسك وتقاليد راسخة، ما يجعلها قادرة على ملء أي فراغ أمني في مناطقها التاريخية في حال حدوث اضطرابات داخل إيران. وتكمن خطورة الموقف في أن أي خلل في هذه المنطقة سينعكس مباشرة على أمن مضيق هرمز، الممر الحيوي الذي تمر عبره نحو نصف صادرات النفط والغاز في العالم. ولهذا السبب، تحرص القوى الكبرى كالولايات المتحدة ودول الخليج على مراقبة التطورات هناك عن كثب، إذ يمتلك الشعب الأحوازي بفضل تماسكه طيلة مائة عام من الاحتلال الجائر، وارتباطه بقياداته السياسية والقبلية قدرة على حفظ الاستقرار وضمان أمن هذا الممر الدولي.


Ref: Mss Eur F112/281
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.