الشيخ خزعل وانحدار إمارة العرب في الأحواز في ظل صعود رضا خان بهلوي

التاريخ المعاصر للمنطقة مليء بالتحولات السياسية والاجتماعية التي دفعت العديد من الشخصيات البارزة والمؤثرة إلى الهامش أو أدت إلى زوالهم. ومن أبرز هذه الشخصيات الشيخ خزعل بن جابر آل مرداو، أمير عرب الأحواز؛ شخصية لم تكن لها نفوذ واسع فقط في جنوب إيران، بل كانت لها مكانة خاصة في العلاقات السياسية مع رجال القاجار أيضًا.

صعود رضا خان ميربنج بدعم القوى الأجنبية لم يغير مصير الشيخ خزعل وشعب الأحواز العربي فحسب، بل أدخل العديد من الأمراء ورجال السياسة في عهد القاجار إلى العزلة أو السجن أو الموت.

ومن دلائل أهمية الشيخ خزعل لدى قادة القاجار، رسالة الأمير عبد الحسين ميرزا فرمانفرما، رئيس وزراء أحمد شاه القاجار، إليه عام 1920م. كانت الرسالة مليئة بتعابير الاحترام والثناء للأمير العربي، إذ اعتبره ليس فقط صديقًا سياسيًا، بل أيضًا زعيمًا دينيًا وروحيًا، وكتب فيها:

“لأن قادة ديننا من العرب، فإنهم يُعتبرون جزءًا من أولياء الله وأئمة الله… وعندما يكون المريد جاهزًا للتضحية بنفسه…”

تُظهر هذه العبارات أن الشيخ خزعل، في نظر رجال القاجار، كان أكثر من مجرد أمير لإمارة عربية، بل كان قائدًا للشعب العربي وحلقة وصل مع العالم العربي. وحتى فرمانفرما ربط في جزء آخر من الرسالة سياسة بريطانيا في العراق والبصرة بمكانة الشيخ خزعل واعتبره أفضل ممثل للعالم العربي.

رغم هذه المكانة، أدت تدخلات القوى الأجنبية وصعود رضا خان إلى مسار آخر للشيخ خزعل ورجال القاجار. فالإنجليز الذين استفادوا في البداية من قوته للسيطرة على المنطقة، انقلبوا عليه عندما احتاجوا إلى حكومة مركزية قوية. وكانت النتيجة تدمير الإمارة وضياع السيادة الموروثة لعرب الأحواز وفرض السيطرة الكاملة للحكومة المركزية الفارسيةعلى هذه الأرض.

صعود رضا خان لم يُخرج الشيخ خزعل من المشهد فحسب، بل شمل أيضًا العديد من رجال القاجار بمصير مشابه. عبد الحسين فرمانفرما، الذي كان رضا خان يومًا حارس عند باب منزله، صُودرت ممتلكاته بعد تولي رضا خان الحكم، وتحول قصره الكبير إلى قصر مرمر استقر فيه رضا خان (كاخ مرمر). وتفككت عائلة فرمانفرما؛ فقد سُجن ابنه نصرت الدولة فيروز ميرزا الذي ساهم في صعود رضا خان وقتل في السجن، واحتفظت ابنته مريم فيروز بمعارضتها الصريحة لعائلة البهلوي حتى نهاية حياتها.

تُظهر هذه الأحداث كيف تعامل رضا خان مع الشيخ خزعل وكل رجال السياسة السابقين، سواء كانوا أصدقاء أم أعداء، بطريقة حاسمة وقاسية.

الشيخ خزعل بن جابر كان شخصية استثنائية في تاريخ المنطقة وإيران وعرب الأحواز؛ أمير تجاوز مكانته السياسية في نظر رجال القاجار مثل عبد الحسين فرمانفرما. لكن بتدخل القوى الأجنبية وصعود رضا خان، انهار حكمه الموروث ونهبت أرض الأحواز، واضطهد شعبها شر اضطهاد وأصبح هو وكثير من رجال القاجار ضحايا سياسة المركزية الفارسية لحكم البهلوي.

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑