ملخص المحادثة بين أمير الأحواز، الشيخ خزعل بن جابر والوزير البريطاني المفوض، السير بيرسي لورين، على متن سفينة حربية بريطانية عام 1921

مركز دسات عربستان الأحواز- ترجمة وتدوين: حامد الكناني- ملخص المحادثة بين وزير جلالة ملك بريطانيا السير بيرسي لورين، وسمو شيخ المحمرة، على متن السفينة الحربية البريطانية “كروكوس”، بتاريخ 5 ديسمبر 1921.

كان العقيد تريفور، المقيم السياسي، والسيد بيل، القنصل في الأحواز، حاضرين أيضًا.

تحدث الشيخ مطولًا عن خدماته لحكومة جلالة الملك البريطانية قبل الحرب وأثناءها، وقال إنه كان يأمل أنه بعد انتصار الحلفاء، سيجد أن نفوذه ومكانته قد تعززا كثيرًا. إلا أنه لاحظ أن حكومة جلالة الملك تميل إلى دعم الحكومة الفارسية بدلًا من دعمه في مسائل تمس مصالحه الحيوية، واستشهد في ذلك بقضية الخراج، التي رأى أن حكومة جلالة الملك كان ينبغي أن تُصرّ على اعتراف الحكومة الفارسية الحالية بالاتفاق الذي تم بين السير بيرسي كوكس ووثوق الدولة في مطلع عام 1920.

شرح السيد بيل للسير بيرسي لورين الموقف المتعلق بإيرادات الشيخ، وهو كما يلي:

لم يدفع الشيخ أي خراج منذ عام 1913، وهو يطالب الحكومة الفارسية بمبلغ يقارب 700,000 تومان أنفقها أثناء الحرب في حفظ الأمن والنظام في عربستان دون أي مساعدة من الحكومة الفارسية.(وفقا لمعاهدة أرضروم الثانية تتحمل حكومة بلاد فارس عملية الدفاع عن عربستان وشعبها في حال حدوث أي عدوان من خارج الحدود، مقابل ان تدفع المحمرة الخراج السنوي للشاه القاجاري-م) وقد اقترح على السير بيرسي كوكس أن تُخصم الخراج غير المدفوع خلال الحرب من مطالبته، وأن يدفع نصف الخراج فقط لمدة 12 عامًا اعتبارًا من مارس 1920.

وبعد مفاوضات مطوّلة بين السير بيرسي كوكس ووسوق الدولة، وافق الأخير على إعفاء الشيخ من الخراج غير المدفوع خلال الحرب، وعلى قبول نصف الخراج لمدة ست سنوات اعتبارًا من مارس 1920. وقد كتب مذكرة بهذا المعنى إلى وزير المالية، وأبلغ السير بيرسي كوكس الشيخ بالموافقة عبر البرق.

لكن الأمور لم تتقدم بعد ذلك، إذ لم تُصدر الحكومة الفارسية أوامر رسمية تُرضي الشيخ أو تُلزم خلفاء الحكومة في مناصبهم. وفي الأثناء، رفض الشيخ دفع أي خراج. وفي صيف عام 1921، زار السيد بيل طهران على أمل الحصول على تصريح واضح من الحكومة الفارسية.

صرّح قوام السلطنة أن حكومته ولا المجلس (المجلس النيابي) يمكنهما قبول الترتيب الذي تم مع وثوق الدولة، لكنه أبدى استعداده، قبل انعقاد المجلس، لإصدار أوامر بإعفاء الشيخ من الإيرادات غير المدفوعة خلال الحرب، مقابل إلزامه بدفع الخراج الكامل اعتبارًا من مارس 1920. وقد اعتُبر هذا أفضل من لا شيء، فأُصدرت الأوامر اللازمة وأُبلغت للشيخ، غير أنه رفض هذا الترتيب الجديد، ويحاول الآن أن يعوّض نفسه بالحصول على موافقة على ميزانية معدلة تُلزم الحكومة الفارسية بتحمل جزء كبير من النفقات التي تكبدها في حفظ الأمن والنظام في عربستان الجنوبية، والتي كانت تقع سابقًا على عاتقه.

وفي حديث السيد بيل مع الحاج مشير، علم أن الشيخ يأمل في الحصول على ما يلي:

  1. منحة مقدارها عشرة آلاف بندقية من الحكومة البريطانية.
  2. لقب “حاكم موانئ الخليج.
  3. نسبة من إيرادات جمارك المحمرة، التي زادت زيادة كبيرة لم يكن يتوقعها عندما وافق في الأصل على إنشاء مركز جمركي في المحمرة.

ثم تحولت المحادثة إلى مناقشة الوضع العام في فارس (إيران).

أشار الشيخ إلى أن حكومة جلالة الملك فقدت تعاطف الشخصيات البارزة في العاصمة بسبب دعمها للسيد ضياء الدين، ورفضها التدخل لصالح نصرة الدولة وآخرين ممن سجنهم السيد ضياء. وأبرز الشيخ قائمة بأسماء أشخاص في طهران قال إنه ينبغي “استمالتهم” من قبل الحكومة البريطانية إن كانت تريد استعادة نفوذها هناك.

أوضح الوزير أنه لا ينوي شراء الأصدقاء، فلم يقرأ الشيخ الأسماء الواردة في القائمة. كما ذكر الشيخ أنه يرى أنه ينبغي الضغط على الشاه للبقاء في طهران حتى تُشكَّل حكومة قوية في فارس.

قال الوزير إنه لن يلتزم بأي موقف محدد حتى يصل إلى طهران بنفسه ويرى الأمور على حقيقتها، لكنه أوضح تمامًا أنه لن يناقش أي اتفاق مع الحكومة الفارسية ما لم تُبدِ هذه الحكومة ندمها على الإهانات المتعمدة التي وجهتها إلى حكومة جلالة الملك، وتقدم ضمانات كافية لاحترام أي اتفاق مستقبلي.

اقترح الشيخ أن يُوقَّع أي اتفاق مستقبلي من قِبل حكام الايالات. وفي الختام، اتفق الشيخ على أن الأموال التي أنفقتها حكومة جلالة الملك في فارس خلال السنوات الأخيرة لم تحقق أي نتائج إيجابية، وأن النهج الأفضل هو ترك الحكومة الفارسية وشأنها حتى تعود إلى رشدها.

وقد أكد الوزير للشيخ، بعبارات عامة، صداقته الشخصية وحسن نيّته نحوه.

من الضروري الإشارة إلى التضليل الذي مارسه بعض الكتّاب الإنجليز والفرس، وتبعهم في ذلك عدد من الكتّاب العرب، نتيجة عدم انتباههم للتلاعب بالمفاهيم الكامنة في بعض المصطلحات.

فعبارة «مخارج ديواني» التي تعني «مصاريف البلاط»، استُبدلت بمفردة «ماليات» أي «الضرائب»، وهو تحريف أدّى إلى ترسيخ فكرةٍ خاطئةٍ مفادها أن الأحواز كانت جزءًا من بلاد فارس، بينما الحقيقة مختلفة تمامًا.

إذ إنّ «مصاريف البلاط» و«البيشكش» — التي أُضيفت في عهد الشاهات القاجاريين — كانتا مبالغ مالية محددة يدفعها حاكم الأحواز سنويًا، تُخصّص الأولى لبلاط الشاه، فيما تُسلَّم الثانية لمبعوثه الذي يزور الأحواز كل عام، مقابل تعهد الشاه بحماية الإقليم من أي اعتداء خارجي.

كانت هذه المبالغ تُفرض عقب كل عملية احتلال تُكرّس التبعية الاسمية لبلاد فارس، على غرار الإتاوة، التي تختلف تمامًا عن الضرائب الحديثة. فالضرائب تُفرض على مواطني الدولة لدعم الحكومة، بينما الإتاوة — كما يوضح معجم المعاني الجامع — هي ما يُؤخذ كرهًا، وتُفرض بالقوة كدليل على الخضوع أو كثمن للأمن.

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑