
مركز دراسات عربستان الأحواز- تُظهر هذه الوثيقة الصادرة عن شركة بلاد الرافدين – بَرسيا المحدودة بتاريخ 17 أغسطس 1925، شكوى رسمية موجهة إلى نائب القنصل البريطاني في المحمرة، تعكس جانباً من التوترات التي سادت عربستان (الأحواز) عقب الاحتلال الفارسي للمنطقة في عام 1925.
يتضح من مضمون الرسالة أن الجنود الفرس مارسوا سلوكاً عدوانياً ومنفلتاً تجاه السكان والمؤسسات العاملة في المنطقة، إذ حاولوا مراراً الاستيلاء بالقوة على المراكب والزوارق التابعة للشركة واستخدامها لأغراض عسكرية دون إذن. كما لم يترددوا في إهانة وتهديد العاملين حينما رفضوا تنفيذ أوامرهم، وهو ما اعتبرته الشركة تعدياً سافراً على حقوقها ومساساً بسلامة موظفيها.
هذا السلوك يعكس الطبيعة القمعية والاحتلالية للوجود الفارسي في الأحواز آنذاك، إذ لم تقتصر الممارسات العدوانية على استهداف العرب الأبرياء الذين عانوا من القتل والاضطهاد والتهجير، بل امتدت إلى الكيانات الاقتصادية الأجنبية، في محاولة لفرض السيطرة الكاملة على المنطقة ومقدراتها.
بالتالي، تُعد الوثيقة شاهداً مهماً على أن الاحتلال الفارسي لم يكن عملاً سياسياً فحسب، بل نهجاً استعمارياً توسعياً مسّ الإنسان والاقتصاد على حد سواء، وأظهر استهتاراً بالقوانين الدولية والعلاقات الدبلوماسية في تلك الحقبة ومستمراً ليومنا هذا.
ترجمة نص الوثيقة:
شركة بلاد الرافدين – بَرسيا المحدودة
المحمّرة، في 17 أغسطس 1925
إلى الدكتور سي. هـ. لنكولن، الحاصل على وسام الإمبراطورية البريطانية (O.B.E.)،
نائب القنصل العام لجلالة الملك البريطانية،
المحمّرة.
سيدي،
يشرفنا أن نلفت انتباهكم إلى أنه في مناسبات عديدة حاولت القوات الفارسية المتمركزة هنا الاستيلاء على مراكبنا (البللم) وزوارقنا لاستخدامها في نقلهم إلى الفيلية أو إلى مدينة المحمّرة.
ونعتقد أنكم على علم بأنه قبل عدة أيام حاول أحد الجنود الفرس الاستيلاء على البلم (الزورق) الخاص بالكاتب، والذي كان راسياً أمام منزله، بقصد نقله إلى مدينة المحمّرة، كما أنه في صباح يوم السبت الماضي، وأثناء وجود زورقنا عند رصيف شركة النفط الأنجلو-فارسية (A.P.O.C.)، صعد أربعة جنود فرس إلى الزورق وأمروا النُخَذَة (ربّان المركب) بأن يقلّهم إلى فَليه، وعندما رفض، قاموا بإهانته وتهديده.
ونحن نحتج بشدة على هذه المعاملة التي يتلقاها موظفونا من قبل الجنود الفرس، ونرجو منكم التكرم بإبلاغ السلطات المحلية بهذا الأمر. كما تدركون، فإنه من الصعب جداً علينا تحديد هوية أي جندي بعينه من أولئك الذين يرتكبون مثل هذه التجاوزات، ونود أن نعبر عن رأينا بضرورة إصدار أوامر دائمة من قبل السلطات العسكرية تمنع هذا النوع غير المرغوب فيه من الاستيلاء على القوارب المملوكة للقطاع الخاص.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام،
المخلصون لكم طاعةً واحتراماً،
شركة بلاد الرافدين المحدودة

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.