
لندن- مركز دراسات عربستان الأحواز- حامد الكناني- بعد تنسيقٍ مسبق عبر صفحات فيسبوك مع الأستاذ تحسين الكعبي، وهو محامٍ عراقي معروف، التقينا ليلة أمس في لندن، حيث جمعني اللقاء بكلٍّ من الأستاذ يوسف عزيزي، والأخ عبد الله مهاوي (أبو ريان)، والأستاذ تحسين الكعبي، والدكتور جاسم الحلفي، الشخصية السياسية العراقية البارزة، وأحد قيادات التيار اليساري في العراق.
عُقد اللقاء في إحدى كافيتريات شارع إدجوير رود (شارع العرب)، ودار نقاش وحوار شيّق ومطوّل استمر لعدة ساعات، تناول تاريخ وسجل الكفاح اليساري في المنطقة، ولا سيما في الأحواز وإيران والعراق.
وقد ركّز الأستاذ يوسف عزيزي في مداخلته على التجربة اليسارية في إيران، خاصة في ظل صدور كتاب جديد للدكتور جاسم الحلفي يتناول تاريخ اليسار الإيراني، حيث تكرّم بإهدائنا نسخًا من هذا الكتاب. كما قمتُ بإهداء الضيوف نسخًا من كتابي الجديد «الأحواز بين الاستقلال والواقع المفروض»، فيما أهدى الأستاذ يوسف عزيزي الدكتورَ جاسم الحلفي نسخةً من كتابه الأخير «عربستان ومصير الدولة – الأمة في إيران».
وخلال النقاش، أبدى كلٌّ من الأستاذ يوسف عزيزي والأخ عبد الله مهاوي ملاحظات مهمة تتعلق بعدم تناول الكتاب لدور الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز، وهي إحدى التنظيمات اليسارية التي نشطت خلال سبعينات القرن الماضي، وقدّمت تضحيات كبيرة وشهداء، ونفّذت عمليات ضد النظام الشاهنشاهي، وكان لها سجل نضالي ووطني مشهود.
وقد أوضح الدكتور جاسم الحلفي أن غياب هذا الدور عن الكتاب يعود إلى نقص المعلومات المتوفرة لديه، وطلب مني شخصيًا تزويده بوثائق ومعلومات حول نشاط اليسار الأحوازي، ولا سيما الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز، للاستفادة منها مستقبلًا.
من جهته، طرح الأخ أبو ريان منذ بداية الجلسة سؤالًا مهمًا حول تجربة الحزب الشيوعي العراقي، ولا سيما انسحابه من العملية السياسية وعدم نجاح تلك التجربة، إضافة إلى إشكالية تحالف حزب شيوعي مع تيارات إسلامية مثل التيار الصدري وغيره. وقد قدّم الدكتور جاسم الحلفي توضيحًا وافيًا، أكد فيه أن ظروف وبيئة التيار اليساري في العراق تختلف جذريًا عن نظيرتها في إيران.
وأيدتُ بدوري توضيح الدكتور جاسم، إذ أعتقد أن هناك عوامل مشتركة في العراق تجمع بين بعض التيارات الإسلامية واليسارية، من حيث الانتماء إلى شعب واحد، ولغة واحدة، وبيئة اجتماعية واحدة، بعيدًا عن النزعات الشوفينية والعنصرية التي تطغى على التيار القومي الفارسي، والتي انعكست أيضًا على بعض التيارات اليسارية في إيران، ولا سيما حزب «توده»، حيث غالبًا ما تُقصي هذه التوجهات الشعوب غير الفارسية، وعلى رأسها الشعب العربي الأحوازي.
وقد برزت خلال النقاش مفارقة واضحة بين تفاعل التيارات الشيوعية في العراق مع قضايا قومية عادلة، مثل قضية الشعب الكردي، بل وحتى تفاعل بعض التيارات الإسلامية معها، وبين ضعف أو غياب تجاوب معظم التيارات اليسارية الإيرانية مع قضايا الشعوب غير الفارسية، إذ لا يختلف موقف بعض هذه التيارات كثيرًا عن موقف التيار الملكي في هذا الشأن.
كما أُشير إلى أن العديد من قيادات ومنظّري الحزب الشيوعي العراقي قضوا فترات طويلة في كردستان العراق، وشاركوا إلى جانب القوات الكردية في مواجهة النظام المركزي في بغداد. وفي الفترة نفسها، كانت إيران تشهد حملة قمع واسعة ضد اليسار الإيراني في مطلع الثمانينات، ما دفع العديد من اليساريين الأحوازيين، عبر الأحزاب الكردية الإيرانية، إلى اللجوء إلى كردستان، حيث نشأ تعاون وتفاعل إيجابي بينهم وبين اليساريين العراقيين، ترك أثرًا إيجابيًا متبادلًا بين الطرفين.
اختُتم اللقاء بعد نحو أربع ساعات من الحوار والنقاش المثمر، حيث ودّعنا الأستاذ تحسين الكعبي والدكتور جاسم الحلفي، على أمل تجديد اللقاء مستقبلًا، واستمرار التواصل وتبادل الوثائق والمعلومات التي تخدم مسار البحث والتوثيق والنضال المشترك.
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.