مدونة فلاحيتي– و من عادة عظمة مولانا السردار أقدس الشيخ خزعل حفظه الله انه يزور مدينة الاحواز غير مرة في کل عام للإشراف علی قبائله النازلة علی ضفاف نهر قارون و الاهتمام بمصالحهم ولاحکام عری الولاء مع جيرانه امراء البختيارية و کان من عادته في زياراته تلک ان يقيم في احد اليخوت التي کانت تسعی بعظمته مع الحاشية الی الاحواز ثم رأی بفضله العميم أن يشيّد في هذه المدينة التي عمرت في ظله الظليل قصورا يقيم فيها مع حواشيه و حرمه المصون عند ما يشرّف الاحواز بزياراته فبنی لهذه الغرض ثلاثة قصور شامخة أحداهما علی ضفاف نهرقارون مباشرة و هو ذو طابقين و فيه غرف واسعة عديدة و قد خصصه بکرام ضيوفه من البختيارية و الايرانيين و جعل امام هذا القصر روضة غناء فيها الأشجار الباسقة ذات الثمار الشهيّة و الزهور البهيّة ذات الروائح الزکيّة و أقام في هذه الروضة أمام مدخل القصر جنديين من الحجر الصلب يمثلان حرسه الخاص و في يد کل منهما بندقيته و قد رفعها لأخذ السلام .
وراء هذا القصر الفخم أقام عظمة وليّ النعم قصرين فخمين متصل احدهما بالآخر و کل منهما ذو طابقين جعل احدهما لمقام عظمته و کبار رجال حاشيته و في هذا القصر صاعة کبری تسع نيفّاً و خمسماية زائر و الغريب في أمر هذه الصاعة أنها فرشت بسجادة جميلة الصنع ما رأيت في کل رحلاتي أجمل منها لا في العراق و لا في بلاد ايران فضلاً عن سعته حتی ملأت أرض تلک الصاعة علی اتساعها فکانت هذه السجادة کمثال لبديع صنع «السجاد العجمي »المشهور في الدنيا بأسرها .
و بجوار هذه الصاعة الکبری علی الجانبين غرف واسعة کثيرة يقيم في القسم الداخلي منها الحرم المصون و في القسم الخارجي کبار حاشيّة وليّ النعم و أکابر موظفيّ الامارة الذين في معيته .
و في هذا القصر شرفة واسعة اعتاد عظمة وليّ النعم حفظه الله ان يقيم فيها في کل صباح من أيام الحر فيستقبل ضيوفه فيها و ينظر في شؤون رعاياه .
و في اسفل هذا القصر سراديب عجيبة الصنع بديعة الهندسة کثيرة العمق انست الناس مارواه المؤرخون عن ابهّة سراديب الخلفاء العباسيين و و الله ما کنا نشعر بأثر الحرّ في هاتيک السراديب الجميلة في الهاجرة المحرقة التي کانت تلفح وجوه الناس في الصيف و لاسيما في صيف سنة 1921 اذ کنت في الخدمة و کان الحرّ شديدا جداً شکا منه الناس في کل الأرض .
اما القصر الثاني فهو ملاصق لهذا القصر الفخم و هو ايضاً ذو طابقين کان الأرضي منهما للغلمان و الحرس و العالي للضيوف ايضاً من رؤساء العرب و شيوخهم و في هذا القصر المطبخ الخزعلي المشهور الذي لاتطفأ ناره و الذي يقدم الأطعمة الشهيّة للذين يأکلون علی المائدة الفخمة الخزعلية و الألوف من فقراء الاحواز الذين ينالون نصيبهم من الکرم الخزعلي في کل ظهر و مساء من الايام السعيدة التي يشرّف بها عظمة مولانا وليّ النعم مدينة الاحواز.
و هذه القصور الثلاثة مضاءة في الکهرباء بالکهرباء بالة خصيصة اسحضرها عظمة وليّ النعم لهذا الغرض و في جميع غرفها و سراديبها أقيمت المراوح الکهربائية لترطيب الهواء في اثناء الحرّ الذي يشتد کثيرا في الاحواز.و ما اثاث و رياش هذه القصور العظيمة فهو علی أبدع طراز اوربي کما هو الحال في جميع القصور الخزعلية في الکمالية و الفيلية و الکويت .
المصدر:مخزون مجلة العمران المصرية- المجلّد الأول – الجزء 27- من صفحة 29 إلی 31 – عبدالمسيح أنطاکي
1325 هجري قمري – 1285 هجري شمسي
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.