قراءة حدیثة في تاریخ الدولة المشعشعیة (مقارنة بین الدولتین العربیتین الأندلسیة والمشعشعیة) بقلم : د. عباس العباسي الطائي

مولى مطلب المشعشعيموقع كارون الثقافي- مما وجدتُ من غرائب المصادفات في تاریخ المشعشعیین أنَّ قیامَ الدولة العربیة المشعشعیة کان متزامناً مع سقوط الدولة العربیة في الأندلس بفارقٍ زمنيٍّ قلیلٍ!.
و یا لَحُسن المصادفة أنه في نفس الحقبة الزمنیة ،في أوائل القرن الخامس عشر من المیلاد،وفي الوقت الذي كانت الأرض العربیة والإسلامیة برمتها لم تحكم فیها دولة عربیة علی الإطلاق، قامت الدولة العربیة المشعشعیة علی أرض إقلیم الأحواز العربیة عام 1436.م،أقامها مؤسسُها السید العربي القرشي محمد بن فلاح الموسوي المشعشعي الحویزي؛وکانت قاعدة انطلاقها من علی أرض الحویزة الشمّـَـاء.
ولکي لا ننسی ،أنَّ الدولة العربیة الحضاریة الكبری التي أقامها العرب عام 92 من الهجرة علی شبه جزیرة إیبیریا؛والتي اطلقوا علی جمیع ما بَسَطوه لحكمهم هناك اسم “الأندلس”،قد سقطت عام 1492.م (897 هـ) ،فـخـسر العرب أعظم حضارة في ذلك التأریخ علی وجه الأرض،بـَنوها علی أرض أوروبا. تلكم الآثارالحضاریة التي لا تزال مطمح آمال السائحین،ویتفاخر الغربیون بها، وبطرد العرب منها.
ولذلك ومن أجل التعرف علی قدرات الدولة المشعشعیة بحجمها المحدود أرضاً وشعباً،ومساحتها التي لم تكن تتجاوز 234 كیلومتراً مربعاً – عند إقامة الدولة ونهایتها – ، بالمقارنة بأكبر دولة عربیة أقیمت علی القارة الأوروبیة علی مساحة بلغت أكثر من 700،000 كیلومتر مربع ، رأیت من الجدارة بمكان أن أقوم بمقارنة موجزة بین الدولتین العربیتین الأندلسیة والمشعشعیة، وقد أتیت بها في ذیل هذا الكتاب.( أقصت کتاب ” ملحمة ؛ فارس المدینة الفاضلة)

أولا – المشابهات:
1- تأریخ كلٍّ من الدولتین كان عاجّا بالحروب المتواصلة بلا هوادة.
2- في كلتا الدولتین غالبا – إن لم یكن دائما – كانت قِـلَّةُ رجالها تتغلب علی كثرة خصومها.
3- معظم رجال الدولتین كانوا أبطالاً مقاتلین لم یعرفوا الخوف.
4- في كلتا الدولتین بعض الحكام كانوا علماء وأدباء وشعراء.
5- كلتا الدولتین كان بإمكانهما الإستمرار مستقلتین كسائر الدول حتی یومنا هذا والی أجل غیر مسمی.
6- وأهم عوامل سقوطهما هي الحروب الداخلیة والتنافس المستمیت علی الحكم .
7- في تاریخیهما دروس وعبر،وأهمها: أن من یرید أن یخوض المعركة لا بدأن یُعد لها نفسه إعدادا تاماً لیكون علی قدرالمستوی وألّا یتهاون لحظة واحدة، كما فعل القائدان العربیان “عبد الرحمن الداخل” (صقر قریش) في الأندلس ،ومؤسس الدولة المشعشعیة “محمد بن فلاح ” (صقر بني هاشم) في الأحواز، البطلان اللذان تحملا المشقات والریاضات الجسمیة والنفسیة. وفي كلا الدولتین عبرة لا بد من الإعتبار بها ، ألا وهي الحذر الحذر من آفة التنافس علی السلطة.
ثانیا- الفوارق:
1- هناك فوارق بین الدولتین ، منها، أن الدولة العربیة الأندلسیة كانت قد أقیمت علی أیادٍ عربیة وعلی أرض أجنبیة ، أما الدولة المشعشعیة فقد أقیمت علی أیاد عربیة علی ارض عربیة كان جمیع سكانها عربا قد التفوا حول قائد عربي هو السید محمد بن فلاح المشعشع.
2- كانت الأندلس قبل فتحها (عام 92 هـ ) ذات سیادة اوروبیة مستقلة ولها ملوكها ومُلّاكها. اما الدولة المشعشعیة فقد أسسها السید محمد ابن فلاح المشعشعي علی أرض عربیة بِكرٍلاشائبة علیها ولاشیة فیها، وكانت تملكها قبائل عربیة من أهل الأحواز معروفة وذات سیادة كاملة علیها، فدخلها السید محمد وسن فیها القوانین وفرض فیها الأمن والعدالة وأسس فیها حضارة أصیلة، و قدترك بعده تراثا عربیا اسلامیا ،وقد سار خلفاؤه علی نهجه علی مدی أكثر من ثلاثة قرون ، ولاتزال آثارتلك الحضارة وتراثها موجودة في المجتمع العربي الأحوازي الی یومنا هذا.
3- الأندلس ،قد أُخرِجَ العربُ منها ، أما اقلیم الأحواز فلا یزال أهلها فیها لم یتزحزحوا عنها، وكانوا ولا یزالون یذودون عن حوضها علی مدی القرون ولهم مواقف في الدفاع عنها یشهد بها التاریخ.
3- الأوروبیون كانوا یعلمون أن نهایة الحكم العربي في أوروبا قد قربت ،اما الصفویون فكانوا یعلمون أنهم لا یستطیعون البقاء في الإقلیم ولا أحد یستطیع أن یدیردفة الحكم فیه غیر أهله .
4- عدد الحكام العلماء والأدباء والشعراء في الدولة المشعشعیة یفوق أمثالهم في الدولة العربیة الأندلسیة أضعافا.
5- خصوم الدولتین:
أولا- خصم الدولة العربیة الأندلسیة كان واحداً أوروبیّاً ، والهدف كان واحداً، هو تحریر الأندلس من سلطة العرب.
ثانیا- خصوم الدولة المشعشعیة: كانت الدولة المشعشعیة غالبا ما،تحارب في جبهات متعددة، وتلك الجبهات هي:
الف: الدولة الصفویة: العدوّ اللدود لهذه الدولة المشعشعیة و الملحّ علی احتلالها دائما:
– الإحتلال الأول : قام الشاه اسماعیل الصفوي عام 914 ه باحتلال الحویزة. ثم اضطر أن یعید السلطة لأهلها.
– الإحتلال الثاني : قام الشاه سلیمان بن الشاه عباس الثاني باحتلالها علی ید عامله منوشهر خان حاكم لورستان عام 1084ه في عهد الأمیرعلي بن خلف ( بطل هذه الروایة ) .
ب- الدولة الأفشاریة: كان القضاء علی الدولة المشعشعیة من أولویات الحاكم الفارسي “نادر شاه الأفشار ” ولهذا عیَّن أحد أعوانه وعزل الأمیر المشعشعي عام1150ه 1737م.
ج- الدولة الزندیة: أما حاكم الدولة الزندیة الفارسیة كریم خان الزندي فكان عازما علی محاربة الدولة المشعشعیة بسبب أن المولی مطلب المشعشعي قد اشترك في معظم أحداث عربستان وقاد عددا من القبائل فیها في حرب ضد السیطرة الزندیة،ثم وقف مع زكي خان بن عم كریم خان مما اضطر الحاكم علي محمد خان الی قتل المولی مطلب.1176ه 1762م
د- الدولة العثمانیة : المتنافسة مع الدولة الفارسیة في المنطقة، والتي كانت تدعي السیادة علی الإقلیم وقد قامت بمهاجمات عدة علییه. ولو كانت الدولة العثمانیة أنذاك أكثر قو ة وإصراراً ،لكان الیوم اقلیم الأحواز من متصرفاتهم.
هـ- جبهة القبائل العربیة الأحوازیة : أما الجبهة الخامسة ، فهي جبهة القبائل العربیة الأحوازیة،التي كانت قد التفت حول مؤسس الدولة المشعشعیة السید محمد بن فلاح منذ قیامه، ولولاها لما قامت الدولة المشعشعیة. لكن هذ القبائل – كما یبدولي من حروبها المستمرة ضد المشعشیین – تری نفسها صاحبة الأرض وكانت تنظر الی المشعشعیین كمتغلبین علیها ، إذ كانت القبائل علی امتداد تاریخ الدولة المشعشعیة تارة متحدة معها وكانت سیفها القاطع التي تخشاه الدولتان الصفویة والعثمانیة ، وتارة موازیة لها فتعاملها معاملة الند للند، وأخری متقاطعة معادیة لها. .، ورغم كل هذا وذاك یبدو لي أن القبائل كانت تحترم المشعشعیین وكانت تعاملهم أحیانا كماكان بعض الدویلات لم يعطي العباسیین ظهر المجن حتی في أیام ضعفهم، وكانت تقرأ الخطبة باسم الخلفاء.
وفي كل الأحوال كانت القبائل العربیة لها كلمتها حتی آخر یوم من أیام الحكم المشعشعي .
&&&

المصدر: صفحة الشاعر والكاتب الأحوازي الدكتور عباسي الطائي على الفيسبوك

تنويه: موقع كارون الثقافي يعتمد تسمية “الأحواز”.

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: