سياسة القمع والاستعمار ونهب ثروات الشعب الأحوازي

مركز دراسات عربستان الأحواز- في عام 1942، وبينما كانت الحرب العالمية الثانية مشتعلة، أصدر المركز الاستخباراتي البريطاني في مدينة البصرة العراقية وثيقة سرية تكشف بوضوح السياسة الاستعمارية التي مارستها بريطانيا، بالتعاون مع السلطات الفارسية (الإيرانية) والعراقية، ضد العرب في منطقة عربستان (خوزستان اليوم). كانت هذه السياسة تهدف إلى إبقاء شعب عربستان خاضعًا تحت الحكم الفارسي، ومنعهم من المطالبة بالحرية أو التخلص من نظام العبودية الفارسية الذي كان مفروضًا عليهم، وذلك لضمان استمرار السيطرة على ثروات المنطقة النفطية الهائلة.

توضح الوثيقة أن السلطات البريطانية كانت تراقب عن كثب نشاطات العرب في عربستان، لا سيما حول الشيخ جاسب بن خزعل، قائد الشعب الأحوازي الذي كان يتمتع بتأييد شعبي كبير. الشيخ جاسب كان منفياً في بريطانيا 1925، وكان يمثل رمز المقاومة والعزة للأحوازيين. ومع ذلك، فإن السلطات لم تسمح له أو لغيره من زعماء القبائل باتخاذ أي خطوات لتحرير شعبهم أو مقاومة القمع الفارسي.

تصف الوثيقة كيف قامت السلطات الإيرانية باستخدام العنف الوحشي ضد السكان العرب، حيث تم الاعتداء على اثنين من وجهاء العرب وهما من السادة كانوا معتقلين حيث تم قلع عيون احدهم بالحديد المحمى، وآخر قُتل بطريقة مروعة عبر تعذيب جسدي شديد. وقد كانت هذه الأفعال موثقة في تقارير وصلت إلى قيادة السلطات البريطانية، التي على الرغم من معرفتها بما يحدث، لم تتدخل لإنهاء هذا الظلم، بل استمرت في دعم النظام الفارسي، حفاظًا على مصالحها النفطية.

وفي محاولة لمنع أي احتجاجات أو تجمعات، أصدرت السلطات أوامر بمراقبة نشاطات الشيخ جاسب المقيم مؤقتا في البصرة ومتابعة زواره، واحتجاز كل من يحاول التحرك. كما هددت السلطات القبائل العربية بعقوبات قاسية إذا استمروا في دعم الشيخ أو تنظيم احتجاجات. كان الهدف واضحًا: تحجيم المقاومة وإجهاض أي بوادر لثورة يمكن أن تهدد النظام الفارسي والاستقرار السياسي الذي تريده بريطانيا للاستمرار في استغلال موارد عربستان.

هذا المشهد يعكس سياسة استعمارية موجهة تعمل على سحق الحركات الوطنية، وفرض السيطرة بالقوة، وتهديد القادة الوطنيين، والحفاظ على الاستغلال الاقتصادي دون مراعاة لحقوق الإنسان أو كرامة الشعوب المحلية.

تظل هذه السياسة، رغم مرور الزمن، مستمرة بأشكال مختلفة، حيث لا يزال الشعب الأحوازي يعاني من القمع والحرمان في مواجهة السلطة الإيرانية، التي تحظى بدعم أو غض نظر القوى الكبرى.