
مركز دراسات عربستان الأحواز- حامد الكناني- في السادس عشر من ديسمبر عام 1944، دوّنت القنصلية البريطانية في المحمرة (خرمشهر بالفارسية) في يومياتها السرّية رقم 23 ملاحظاتٍ تعكس بوضوح حالة الاضطراب التي كانت تسود الأحواز آنذاك، بين العرب والسلطات الفارسية.
تشير الوثيقة إلى وصول الشيخ عبد الكريم، النجل الرابع للشيخ خزعل بن جابر، إلى البصرة قادماً من طهران في الثالث عشر من الشهر نفسه. ويبدو أن تحركاته كانت موضع اهتمام بريطاني، إذ مثّل أحد أبناء أمير الأحواز الذي كانت عملية اغتياله عام 1936 قد خلّفت فراغاً سياسياً في الأحواز.
كما رصد التقرير انتشار أنباء بين العرب عن وقوع اشتباكاتٍ في سهل ميسان والقوات الفارسية، وأخرى بين أفرادٍ من قبيلة بني تميم – من فرع العيايشة – وجنودٍ فرس في منطقة الكرخة العميّة القريبة من الأحواز. لم يُؤكَّد وقوع هذه المواجهات رسمياً، لكنها كانت مؤشراً على تصاعد التوتر في غرب الأحواز.
وفي خطوة أثارت قلق الأهالي، وجّه العقيد سيف، قائد الحامية الفارسية في المحمرة، أوامر إلى السيد باقر النزاري، شيخ قرية خيّين، لتزويده بمعلومات تفصيلية عن القرية وسكانها. تضمنت القائمة تسعة بنود دقيقة: اسم القرية، اسم القبيلة، رئيسها ونائبه، عدد الرجال، نوع الزراعة، مصدر مياه الري، عدد المواشي لدى كل أسرة، وعدد الأسلحة بحوزة كل رجل. ورجّحت القنصلية أن يتم تعميم هذا الإجراء على القرى العربية كافة، في ما بدا أنه محاولة لجمع معلومات استخبارية مسبقة عن القوة البشرية والتسليحية للقبائل.
وفي إطار ما وُصف بـ”التدابير الأمنية”، أشار التقرير إلى نية السلطات الفارسية إنشاء نقطة جمركية على الطريق الجديد بين البصرة والمحمرة، الذي شُيّد بدعمٍ أمريكي، بهدف الحد من التهريب وضبط حركة التنقل العربي من دون جوازات. كما تقرر نشر وحدة من الدرك لحراسة الموقع.
وتختتم اليوميات بالإشارة إلى حملات تفتيش نفذتها سلطات الجمارك والشرطة والجنود في قرية المحرزي ومدينة المحمرة، لكنها لم تسفر عن أي نتائج، إذ بُنيت التحركات على مجرد شائعات وتقريرات غير مؤكدة.
هكذا تسجّل الوثائق البريطانية لمحاتٍ من تلك المرحلة الدقيقة في تاريخ الأحواز، حيث كانت السلطات الفارسية تسعى للسيطرة على الإقليم العربي عبر الحصار الأمني والمعلوماتي، فيما كانت القنصلية البريطانية تتابع المشهد عن كثب، تدوّن وتوثّق، لتبقى تلك اليوميات شاهداً صامتاً على زمنٍ مضطرب من تاريخ المنطقة.
يُذكر أن الشيخ عبد الكريم ورد في بعض المصادر بوصفه الابن الخامس للشيخ خزعل. وكان عبد الكريم، قبل اختطاف أمير الأحواز، رهينًا لدى رضاخان في طهران.
تزوج عبد الكريم من امرأتين: نجيبة، وله منها ولدان هما مزعل وسلمان.
ملكة الزمان، ابنة بنان نوري، أحد أصدقاء الشيخ خزعل، ولديه منها ستة أبناء.
توفي الشيخ عبد الكريم عن عمر يناهز 76 عامًا ودفن في طهران.

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.