الحياة تدب من جديد في أهوار العراق

An Iraqi boy paddles a boat in the marshموقع كارون الثقافي- كتب هذا التقرير ريتشارد بورتر و هو صحفي في البي بي سي و من المؤكد جاء اهتمام ريتشارد بورتر بأهوار العراق و عودة الحياة لها نتيجة نشاط العديد من المؤسسات الاهلية العراقية التي تهتم بالاهوار و تواصلها مع المؤسسات الاعلامية في خارج العراق و المنظمات الاهلية الدولية التي من شأنها حماية البيئة و المعروفين باصداقاء البيئة في العالم و اما البيئة الاحوازية فجميعنا نعرف أن حجم الدمار الذي حل فيها هو أكبر و اعظم من دمار البيئة العراقية خاصة في قضية تجفيف الاهوار و تلوث المياه و هناك الكثير من الاحوازيين كتبوا و شاركوا في ندوات او برامج تلفزيونية و تكلموا عن هذا الدمار و التلوث الايراني المتعمد للبيئة الاحوازية حتى الان لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل تكونت لدينا مؤسسة او منظمة لحماية البيئة من أجل  التواصل مع منظمات العالم تعمل بشكل علمي و منهجي ولا يحمل اعضاء هذه المنظمة اية صفة سياسية ؟،أنا لم اسمع حتى الان و ما يغيضني هو انشغال بعض الشباب الاحوازي الذي يدعي انه متعلم و يتكلم الانجليزية باثارة امور تافهه على صفحات الفيسبوك ، امور لم و لن تأتي بنفعا لصالح قضيتنا  لأن التناحر و الضجيج لن يحرر وطن و لن يحمي شعب و انما يثير الفتنة و يفتح الباب أمام المرضى و المدسوسين أن ينفثوا سمومهم في الساحة الاحوازية حتى يصيب النشطاء الاحباط و الخيبة و من ثم الانسحاب و السكوت و التخلي عن القضية و هذا السكوت و التخلي هو دون ادنى شك مطلب من مطالب الاستخبارات الايرانية،فهل حان الوقت أن نتعلم من اخطائنا؟!.

بي بي سي- طالما اعتبر البعض منطقة الأهوار الخصبة في العراق جنة عدن الحقيقية، ولكن هذه المنطقة تعرضت للتجفيف على يد النظام السابق.

والآن، يجري تطبيق برنامج ضخم لإعادة الحياة إلى المنطقة، وهو ما دفع فعلا إلى عودة الناس وأشكال من الحياة البرية إلى واحدة من أوسع المسطحات المائية من نوعها في العالم.

تمتد أمامي قناة تجري مياهها تحت عيدان القصب، هو ذاته الذي ينبت في المستنقعات بالقرب من منزلي في إنجلترا.

ولكن، على خلاف تلك العيدان النابتة بالقرب من منزلي، يتعدى طول الواحدة من هذه النباتات الفارعة الأمتار الأربعة. ها هي تبدو لي معانقة عنان السماء ونحن نتلمس طريقنا في الجادة الزلقة المغمورة بمياه آسنة تطوقها هذه العيدان المهيبة الشاهقة.

نشق عباب البحيرة على متن “مشحوف”، وهو زورق صغير يشيع استعماله في منطقة الأهوار للتنقل من مكان لآخر وجمع القصب.

أنا الآن في جنوب العراق، في أهوار ما بين النهرين، أو الأهوار الوسطى على وجه الدقة. إنها جنة للحياة الفطرية والموطن الأصلي للمعدان، عرب الأهوار.

أخذت لعدة أيام أستكشف هذه الجنة مع صديق لي اسمه “مظفر” وهو واحد من كبار دعاة حماية الطيور في العراق.

قائد المشحوف شاب نحيل القوام في الثامنة عشرة من عمره تقريبا اسمه عمر.

يتحرك عُمَر برشاقة في أرجاء القارب بقدميه الحافيتين بينما يُسبِل ثوبا فضفاضا وغترة ربطها بغير إحكام حول وجهه. إنه يمخر بالزورق بمهارة عبر الممرات النهرية الضيقة التي تحدها عيدان البوص يمنة ويسرة.

في بلادي انجلترا، لم أكن أسمع سوى الأخبار السيئة عن العراق، نادرا ما كنت أسمع خبرا جيدا في الإذاعة أو التلفزيون. ولكن هذه الزيارة منحتني الفرصة لأنعم ببعض الأحداث السعيدة.

فإحدى منظمات الحفاظ على الحياة البرية، التي يتولى مظفر فرع الطيور فيها، تنظم “المهرجان الأخضر” احتفالا بإعادة الحياة إلى واحدة من أروع المستنقعات في العالم. لم يكن لمنظمة كهذه أن تمنح مثل هذه الفرصة تحت حكم صدام.

تعود الحياة للأهوار مجددا بعد أن كانت قد جُففت لتفقد نحو عشرة بالمائة من مساحتها الأصلية في عهد صدام. وخلال الفعاليات التي يقيمها هؤلاء العرب الذين يتحلون بالشجاعة والوعي البيئي سيجري هدم السدود الضخمة وهو ما يعني تدفق المياه مجددا.

والآن، تم إعادة المياه لنحو نصف هذه المساحة الكبيرة. وبعثت الحياة البرية وعرب الأهوار من جديد بالمنطقة.

تحوم فوق رؤوسنا طيور الرفراف الرقطاء، تتحين الفرصة لاصطياد طعامها من الأسماك.

بإمكاني سماع غناء عصفور قصب البصرة المهدد بالانقراض بينما تُقلع محلقة من على صفحة الماء أربع بطات رخامية وهو نوع نادر على مستوى العالم.

وتتجمع حشود المشاركين في المهرجان على ضفتي نهر الفرات الذي يمثل جنبا إلى جنب توأمه دجلة شريان حياة الأهوار.

وفي المضيف، وهو عريش مبنيٌّ من القصب والبردي يستخدم كمجلس بلدية يجتمع فيه شيوخ عرب الأهوار، يبدأ الحفل بتلاوة آيات من القرآن، ويعقب هذا ترديد النشيد الوطني العراقي. وبعدها يأتي دور الكلمات ثم يعزف الأطفال الموسيقى ويلقي بعض الشعراء ما نظموه من قوافي.

وفي النهر، يجري أول سباق قوارب على الإطلاق في الأهوار. ستة مشاحيف، في كل منها فتاة ترتدي العباية، يجدفن بحماس لتظفر إحداهن بالمركز الأول.

تم إعداد مدرّج مغطى على إحدى ضفتي النهر ليجلس فيه المشايخ بحللهم المهيبة الكاملة، فيما احتشد الأطفال والشباب مرتدين بناطيل الجينز والقمصان. أحد الفتيان كان يرتدي قميص فريق تشيلسي مكتوب عليه من الظهر اسم “لامبرد”.

سألت واحدا من المشجعين اسمه محمد إذا كان قد راهن على السباق؟ فأجابني بابتسامة عريضة ثم قال: ربما في السنة القادمة. هذا الحدث إذن سيعقد سنويا على الأرجح.

وعلى ضفاف نهر الفرات عقدت مجموعتان من الأطفال سباقا. ارتدى بعضهم زيا أزرق واختار المنافسون اللون الأخضر. كلا الفريقين حمل كيسا بلاستيكيا والفائز هو من يجمع أكبر كمية من القمامة.

وأمام الأطفال يمشي رجلان مقنعان يرتدي أحدهما بزة من الزجاجات البلاستيكية والآخر بزة من العلب الصفيحية، للإشارة إلى مشكلة النفايات التي تلوث مياه النهر.

ويتم كل هذا على خلفية تعرض أهمية الأهوار، التي تدخل مرحلة من الازدهار بعدما تعرضت لهذا التجفيف التخريبي.

وبعد هذا، تأتي أهم فقرات الحفل، حيث تصل الطرادة بمجاديفها التي يحركها ثلاثة من الشيوخ.

كان هذا الزورق الضخم ذي المقدمة الرشيقة أحد زوارق الحرب في الأهوار ويعتبر رمزا للعزة.

فبسبب عمليات التجفيف اختفت الطرادة تماما في منطقة الأهوار الزاخرة بنبات القصب بين النهرين. ولكنها عادت للمنطقة اليوم لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن.

كانت هذه لحظة مفعمة بالمشاعر بالنسبة لصديقي مظفر، الذي عكف على دراسة الحياة البرية وثقافة هذه المستنقعات الشاسعة طيلة خمسة وعشرين عاما. قال إنه لم يتوقع أن يشهد دخول القارب مرة أخرى. كنت سعيدا لسعادته تلك.

في المرة التالية التي يتنامى فيها إلى أسماعي أنباء سيئة عن العراق سأتذكر هذا اليوم والشجاعة التي رأيتها في ملامح أولئك الناس وعشقهم لتراثهم.

لقد أرادوا فعلا إحداث فرق ولذلك فقد تمكنوا من أن يجعلوا إصلاح أشهر الأهوار في العالم.

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑