

لندن -موقع كارون الثقافي- خاص حامد الكناني- انبثقت الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز-عربستان سنة 1968م وكانت هذه الجبهة بالاضافة لوجود تيار من الشباب القومي كانت تضم عددا من شباب اليسار الأحوازي في صفوفها الأمر الذي دفعها أن تقترب من حركات يسارية إيرانية وعربية ساعية إلى إسقاط نظام محمد رضا البهلوي وإقامة نظام ديمقراطي بديل في إيران. وأصدرت الجبهة سنة 1971 أول صحيفة لها تحت اسم (( الأحواز )) لسان حال الشعب العربي في الأحواز وتطورت هـذه الصحيفة بحيث أصبحت تصدر على شكل مجلة وتحت الاسم نفسه . (الطيار، 2012)
كان أعضاء وقيادات هذه الجبهة على درجة عالية من الوعي والتثقيف السياسي والفداء حيث نفذوا عدة عمليات فدائية داخل الأحواز متحدين بذلك النظام البهلوي وأجهزة السافاك الأمنية التي فرضت أجواء أمنية في إيران بشكل عام وفي الأحواز بشكل خاص. وقدمت الجبهة الشعبية العديد من قياداتها شهداء في سبيل الوطن قبل أن يهاجر عدد من أعضائها إلى سوريا تاركين العراق بعد معاهدة الجزائر سنة 1975 التي أبرمت بين العراق وإيران. كانت الجبهة الشعبية تتشكل من تيارين سياسيين، الأول تيار يحمل افكاراً يسارية، ترك العراق مجبراً بعد عقد اتفاقية الجزائر وسيطرت حزب البعث على مقاليد الحكم في العراق فيما بقى التيار الآخر وهو تيار قومي عروبي كان قريباً من حزب البعث العراقي لكنه قلل من نشاطه السياسي والفدائي وفقاً لما تتطلبه شروط اتفاقية الجزائر آنذاك.
وفي سوريا استأنف التيار اليساري نشاطاته باسم الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز في حين التيار القومي العروبي في العراق شكل الحركة الجماهيرية لتحرير عربستان وكان يعتقد أن الحركة تمثل الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز وامتدادها الطبيعي الأمر الذي أدى إلى إثارة خلافات وأحقاد سياسية بين التيارين ظهرت بعد الاطاحة بحكم الشاه حين عودتهما إلى أرض الوطن عام 1979راح ضحيتها اثنان من قيادات التيار القومي في الجبهة الشعبية.
يذكر الراحل عدنان سلمان في مذكراته نقلاً عن الشهيد شبل حمود العاصي، “أن معظم أعضاء ومؤسسي الجبهة الشعبية قد تنظموا في الكويت وقدموا من الكويت الى العراق، وكان الأمن الكويتي يعلم بتحركهم إلا أنه كان يغض النظر عن نشاطهم، رغم العلاقة الاستراتيجية التي كانت قائمة بين الكويت ونظام الشاه السابق، بالإضافة إلى أن هناك بعض اللاجئين الأحوازيين الذين فروا من النظام عقب كشف تنظيم اللجنة القومية العليا، وجبهة تحرير عربستان متواجدين في الكويت وأن رموزا من حركة القوميين العرب من أمثال أحمد الخطيب وسامي المنيس، كانوا ينشرون الدراسات والإخبار عن عربستان وعن القضية العربستانية عبر مجلتهم التي كانت تسمى بمجلة الطليعة . حيث كانت حركة القوميين العرب في مرحلة الستينات والسبعينات قوية جدا في بلدان الخليج العربي ومنها الكويت و البحرين. وعليه يمكن القول، ان الكويت يعتبر البلد الثاني بعد العراق الذي احتضن الأحوازيين كما الجالية العربية الاحوازية في هذا البلد تعد بالآلاف”. (مذكرات عدنان سلمان،المصدر السابق،الحلقة8)
ومن بيانات الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز بيان نعي لعدد من أبطالها الذين تعرضوا لكمين خطط له جهاز المخابرات الإيراني المعروف بالسافاك بدعما من رؤساء بض القبائل العربية الذين كانوا قد شكلوا تحالفا خيانيا باسم “دولت خواه” حيث تمكن بعض مشايخ هذا التحالف ان يرسلوا مندسين إلى العراق، اخترقوا تنظيم الجبهة وبالتنسيق مع السافاك قاموا بتحريض قيادة الجبهة على القيام بعمليات قتالية داخل الأراضي الأحوازية انطلاقا من مرتفع جبل مشداخ، في حين كانت العمليات السابقة خاطفة وسريعة وتعتمد على عنصري المباغتة والانسحاب السريع. وهكذا دخلوا الفخ الذي نصبته قوات مشتركة تابعة للأمن الإيراني وقوات الجندرمة وميليشيات احوازية مسلحة شكلها بعض الشيوخ العرب من الأحوازيين، في جبل مشداخ شمال شرق مدينة البسيتين وحكمت محاكم الشاه عليهم بالموت رميا بالرصاص. كما لعب هؤلاء المندسون دورا أساسيا في عملية اغتيال الشهيد البطل حاتم جعلوش (حتة) وذلك من خلال تزويد الأمن الإيراني بمعلومات هامة حول تحرك الشهيد حتة واماكن تواجده وتزكية القتلة الذين انضموا للجبهة الشعبية قبيل تنفيذ عملية الاغتيال. انقل لكم فقرة من بيان الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز الذي صدر نهاية شهر جولاي عام 1973 والذي نعت فيه الجبهة شهداء معركة مشداخ التي وقعت يوم الرابع والعشرين من شهر يونيو 1973 شمال مدينة البسيتين الحدودية مع العراق.
“تنعى الجبهة الشعبية لتحرير الاحواز استشهاد مناضليها الابطال الشهيد المناضل فهد الموسوي ( حميد رحمه) والشهيد المناضل عمار ياسر (عبدالرزاق موسى الفيصلي) والشهيد فاخر برهان الفاضلي والشهيد المناضل محمد فرحان الكعبي الذين نفذ النظام العميل في إيران حكم الإعدام بهم رميا بالرصاص فجر يوم 31/ 7/ 1973 في مدينة الخفاجية إحدى المدن العربية في المنطقة الوسطى..بين العدو يوم 24/6/1973 ان خاضوا معركة (مشداخ) ببسالة وشجاعة عالية مكبدين القوات الإيرانية العميلة خسائر وأضرار جسيمة في الارواح والمعدات اعترف بها العدو نفسه. و.. قتلاه بستين قتيلا عدا الجرحى والمفقودين. وقد دافع المناضلون عن شرف وكرامة أمتهم العربية المجيدة بكل عزم وصمود. وبمنتهى الذود والفدا. كما وقد ضربوا مثلا اعلى في الصراحة والإفصاح في محاكم الشاه العسكرية .. التي صدرت ونفذت حكم إعدامهم خلال يوم الأحد”.
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.