موقع أنا مثقف-من الطبيعي أن یکون لنا فی کل القضایا رأي قد یتطابق ویتفق مع آراء الآخرين أو قد یختلف معها بغض النظر عن صحة هذا الرأي أو سقمه و الإختلاف فی الرأي یرجع إلی أسباب؛ منها ظروف المعيشة و مستوى الوعي و التجارب في الحياة و كذلك إختلاف النفسيات و الأمزجة فکلنا من طبقات و أعمار و أجناس مختلفة و وجد الإختلاف مع وجود البشرية إذ أن حواء مختلفة عن آدم و إختلف كتاب و فلاسفة و شعراء و رجال سياسة فلماذا خلاف إخوة في الإنسانية يفسد الود و الإخاء؟
کل هذا كان مقدمة لما نريد التطرق اليه في هذا المقال و هو ما وقع و یقع أخیرا فی الساحة الثقافیة الاحوازية من خلافات فکریة بین النشطاء و التي أخذت طابع الخلافات القبلیة المنبوذة نوعا ما فنشبت نيران المعارك و ارتفعت النعرات بین المجموعات و الأطیاف و التیارات و صرنا نشاهد صراعات ملیئة بالشتم و السب أدت بعضها بالهجوم إلی البیوت و الأسر و هذا خطأ فادح قبیح غیر مسموح به عقلا و شرعا و للأسف الشدید عندما إشتد و إحتد الصراع الفكري بين النشطاء و إلتهبت الساحة بالآراء المختلفة المتضاربة ضاع الود واللطف بين کثیر منهم متناسین هذه القاعدة بأن الإختلاف في الرأي ينبغي أن لا يؤثر على استمرار العلاقات و المودة و يلزم أن لا يكون التحزب في النشاط الثقافي مدعاة للعداوة و الحقد بل هو سبيل للتنمية و التكامل و الرقي.
و إضافة على ذلك أن هذه الخلافات المزیجة بالتمزیق و الإهانة و الشتم غیر لائقة بشعبنا الذي يمتلك سجلا لامعا و غنيا في الثقافة و الأدب و الأسوأ أنها ستؤدي بوحدة الشعب الاحوازي و سوف تعرقل حرکته نحو التقدم و کسب الحقوق الضائعة و ستخلف اخطارا كبيرة حيث في مستقبل قریب سنغدو شعبا حقیرا جاهلا متشتتا تسخر منا الشعوب الأخرى و نروح مستنقعا مبارکا للعدو ليقذف صنارته فيه و يصطاد ما یهدف الیه و سوف تندثر عزتنا و کرامتنا و مبادئنا السامیة التي کانت تضفي علی تاریخنا العریق مجدا و فخرا و يصبح الوطن كقطعة قماش تفتكه أسنان الذئاب.
اذن کیف لنا أن ندفن کل هذه العظمة تحت تراب الحقد و الخلاف فی لیلة و ضحاها و کیف لنا أن ننسى هدفنا الکبیر الذی منذ عقود و نحن و أسلافنا نضحي له بأنفسنا و بأقلامنا فتصبح کل هذه الجهود هباءا منثورا.
لذا من أجل الحفاظ علی الوطنیه و هدفنا العربي المنشود و مجدنا التلید و ثقافتنا العریقة علینا بإرشاد و إقناع الطرف الآخر بشكل صحيح و سلمي دون إفساد الود و الإخاء و على ذلك الطرف عدم نشر الأکاذیب و زرع الفتن و الهجوم و التمزیق و هدم الشخصیه و النقد اللاذع الهدام المصحوب بالعمی و بإغماض النظر عن ایجابیات و إنجازات ذلك النشاط.
و أفضل حل یجب ان نتمسك به لعدم الخوض فی ساحة الخلافات الخطرة الضارة بالوطن هو الحوار السلیم و المستدل بالمنطق بعيدا عن التطرف و الحيادة و الشتم و الإستخفاف و السخرية بین الأطیاف و المجموعات و الشخصیات لاسیما في مایخص قضایا الوطن و النشاط الثقافي و هذا أمر مهم وضروري جدا إذ من شأنه أن ينمي تطلعاتنا الوطنیه و يرقي بنا إلى ما هو أفضل.
إن الالتزام بهذه الأسس و القواعد الصحيحة و الصبر و المداراة في الخطابات الفكرية كفيل لارتقائنا في جمیع الجهات لجلب النفع و الخیر للشعب و للوطن و لإثراء المخزون الثقافي و توحيد الصفوف و الأصوات و عدم انجرارنا في متاهات ثقافة الأجانب و ثم كما نعلم أن خیر أسوتنا في المداراة و الإقناع هو النبي محمد علیه افضل الصلاة و السلام و نحن نری أنه استطاع أن ينتصر علی المشرکین بالحلم و العلم و سمو الخلق و قنّع مخالفيه برسالته السمحاء عن طريق الحوار العقلائي (وجادلهم بالتي هي أحسن) فكانت نتيجة صبره في النهایة إخراج الناس من الظلمات إلى النور.
نعم و هکذا نحن إن وجدنا الخطأ فی رأي شخص او تیار آخر و خاصة اذا لاحظنا أن رأيه أو نشاطه المبني علی تلك الأسس الخاطئة قد یضر بالشعب و بإستقلال الوطن و بالهویه الاحوازیه فعلینا ان نحاوره و نناقشه و نقنعه بحوار سلیم طیب سموح و بالشروط المذكورة أعلاه من أجل تقارب الأرواح و لتذوب روح التعصب و تفصح المبهمات عن حقيقتها و تنزع الجموح فبالتسامح و سعة الصدر و الوحدة نسطیع أن نعبّد الطریق نحو السمو و الرفعة و التطور و نرتقي سلم المجد والعظمة العربیة حتى الحصول على مبتغانا بإذن الله.
بناءا على هذا یجب علی کل الفرق و المجموعات الثقافیة الاحوازیة أن تعري جل إهتمامها لتكريس المباديء القومية السامية و محاربة الثقافات الدخيلة الهادفة لطمس الهوية الاحوازية و تبذل طاقاتها الفكرية و الجسدية لقضايا اكبر و أكثر أهمية كالتهميش و التفقير و البطالة و أن تثبت نفسها على أرض الواقع في حل هذه المعاناة حتى الإمكان بدل تهدير الطاقة على الثرثرة و الصراعات الشخصية و الدونية و عليها أن تفتح آفاقا واسعة في ميدان الحوار يضج بالآراء و الأفكار المختلفة و المتقاربة؛ منها ما ينحسر و يموت و منها ما يرفع راية النصر و الصمود للوطن دون إنقطاع حبل المودة و التكاتف و في نهاية المطاف لا يصح من هذه الآراء و الخطابات إلا ما يسعى للحفاظ على الهوية الاحوازية المستقلة و الكرامة والعزة اليعربية و يكون نواةً صالحة تغرس في نفوس الاحوازیین هویتهم دون الإلتباس بثقافة الغیر.
فالحفاظ على هذه الهوية هو أول الأولويات و أهم المهمات و اعظم الحاجات و أكبر المصالح.
31.31832748.670619
Ahvaz, Khuzestan, Iran
الموقع لا يتحمل أي مسؤولية عن المواد المنشورة ويتحمل الكّتاب كامل المسؤولية عن الكتابات التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكية أو حقوق الاخرين
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.