
هذه الخريطة التي تعود لعام 1921 متوفرة أيضًا في مكتبة قطر الرقمية، وهي مكتبة رقمية متاحة عبر الإنترنت لجميع الأشخاص والباحثين، حيث يمكنهم زيارة موقعها والبحث في مختلف المواضيع التاريخية، ولا سيما القضايا المتعلقة بالتاريخ المعاصر.
تُظهر هذه الخريطة أن المياه كانت تغمر المناطق المحاذية لمدن الخفاجية والبسيتين والحويزة، ولم تكن هناك مسافات كبيرة من اليابسة تفصل بين هذه المدن وبين الأهوار، أي المستنقعات المائية التي كانت متصلة بهور العظيم وهور الحويزة.
أما اليوم، فقد تحولت هذه المناطق إلى أراضٍ جافة وصحراوية لأسباب عدة، أهمها:
- المصادرة والتحكم بمصادر المياه، حيث تم تحويل مياه نهر الكرخة وفروعه القادمة من الأراضي الفارسية، مما ساهم في تجفيف هور الحويزة وهور العظيم.
- الحرب العراقية الإيرانية (1980 – 1988) التي جعلت هذه المناطق ساحة للعمليات العسكرية واستخدمت فيها أسلحة تقليدية وكيميائية، ما ترك خلفه مخلفات حربية وألغام حالت دون عودة سكان القرى لممارسة حياتهم الطبيعية.
- السياسات الأمنية الإيرانية، إذ حولت السلطات الإيرانية هذه المناطق إلى مناطق أمنية، ما أدى إلى تهجير المجموعات العربية وإضعاف وجودها.
بالإضافة إلى ذلك، تم اكتشاف حقول نفط في جزر المجنون ومناطق قريبة من الحويزة، ولأجل استخراج النفط لجأت شركة النفط الإيرانية إلى شركات صينية استخدمت أساليب أضرت بالبيئة، كتجفيف الأهوار وحفر الطرق في أعماقها، ما أدى إلى الإخلال بالنظام البيئي وحدوث التصحر.
تعاملت هذه الشركات بسياسات تمييزية واضحة، حيث استخرجت النفط لصالح الدولة الإيرانية ووظفت غير العرب في مؤسساتها، ما زاد من معاناة السكان العرب المحليين. ونتيجة لتصحر الأهوار، أصبحت أراضيها الجرداء مصدراً للغبار الملوث بمخلفات الحرب والمواد الكيميائية، مما ساهم في انتشار الأمراض الخطيرة كالأمراض السرطانية، والتشوهات الخلقية، وارتفاع معدلات الجلطات القلبية والدماغية، خاصة بين العرب في الأحواز.
كانت قيادات الحرس الثوري الإيراني في مقر خاتم الأنبياء للبناء والإعمار تشرف على نشاط الشركات الصينية العاملة في مجال اكتشاف واستخراج النفط والغاز في الاحواز ويتم هذا الاشراف من خلال دائرة الاكتشاف والتنقيب المحسوبة على شريكة النفط الايرانية والتي تضم عددا من ضباط الحرس الثوري ومن مهامها ابرام العقود مع الشركات الصينية.
من أهم الشركات الصينية المتقاعدة مع طهران والمتواجدة في الاحواز وأكثرها اجراما بحق الاحوازيين هي شريكة « سينوبيك »«Sinopec» وبجانبها شركة «سنسلسي »« CNLC » و هاتان الشركتان معروفتان ب”صفقة القرن” المبرمة مع إيران والتي قيل عنها انها تعادل حوالي 100 مليار دولار امريكي.
تمتثل الشركات الصينية لأوامر قیادات الحرس الثوري في مقر خاتم الأنبياء حيث تمنع قيادات الحرس الثوري وبدوافع عنصرية وبحجج أمنية توظيف العرب الاحوازيين من عمال ومهندسين وخبراء وأصحاب شركات ومؤسسات خدمية وابعادهم من العمل مع الشركات الصينية التي تشارك طهران في نهب ثروات الشعب العربي الاحوازي.
تتوزع مكاتب التوظيف التابعة لشركة « CNLC » و شركة «Sinopec»على مراكز المحافظات الفارسية في ايران هذا بالاضافة الى المكتب الرئيسي لهاتين الشركتين في مدينة الاحواز والواقع في منطقة الخزعلية(بيج كارون)مقابل دائرة الاكتشاف والتنقيب التابعة لشركة النفط الإيرانية.
أما ورشات العمل والمنشئات التابعة لشركة سينوبيك «Sinopec»الصينية العاملة في حقول الحويزة« آزادجان» والجفير« يادآوران» تقع حوالي 70 كيلومترا في الجنوب الغربي من مدينة الاحواز أي 10 كيلومترات غربا عند نقطة 55 كيلومتر في طريق الاحواز المحمرة.
وتشارك الشركات الصينية في تنفيذ سياسات الحرس الثوري الإيراني والتي تصب في خانة التطهير العرقي ضد الاحوازيين ولم یخف مدراء هذه الشركات السياسات العنصرية بل يطلبون من الباحثين عن فرص العمل أن يملئوا استمارات خاصة فيها سؤال واضح عن العرق والدين لطالب الوظيفة وفي حال معرفة الموظف الصيني بأن المتقدم هو من أصول عربية يقوم بسحب الاوراق وتمزيقها ومن ثم رميها في سلة المهملات ويأمر بطرد المتقدم من دائرة التوظيف.
واذكر هنا بعض الانتهاكات التي تمارسها الشركات الصينية ضد العرب في الاحواز ومنها:
– تخصيص فرص العمل وحكرها على المستوطنين الفرس لاسيما اللور والبختياريين منهم و لا يسمح بتوظيف العرب في جميع المنشئات التابعة للشركات الصينية.
– لا يسمح بعقد عقود لمشاريع خدمية صغيرة مع شركات محلية أصحابها عرب.
– عدم تجاوب ادارة الشركة مع شكاوي أصحاب الاراضي المغتصبة وتقوم بطرد المحامين العرب.
– لم تتجاوب الشركات مع شكاوي نشطاء البيئة المحليين حيث عمليات الاستكشاف و الاستخراج و ايجاد الطرق وبناء المنشئات التي تقوم بها هذه الشركات تسببت باضرار فادحة للبيئة الاحوازية خاصة وأن المشاريع تنفذ على مساحات شاسعة من هور الحويزة تم تجفيفها بغرض استخراج النفط.
– تعتبر هذه الشركات أن المستوطنين الفرس واللور هم أصحاب الأرض ولهذا تقوم هذه الشركات بدعم المشاريع الثقافية والرياضية الخاصة بالمستوطنين اللور والبختياريين وتتبرع لهم باستمرار بالأموال وتستثني العرب من هذا الدعم في حين تشير جمیع الوثائق القانونية في الأمم المتحدة أن الاحوازيين هم أصحاب الارض وسكانها الاصليين.
وبالعودة الى سياسات شركة « CNLC » وشريكة «Sinopec» والممارسات العنصرية ضد الاحوازيين نجد أن النظام الإيراني هو من استغل الصينيين وآتى بهم حتى ينفذوا له الحلقات الأخيرة من مسلسل برنامج التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي لصالح المستوطنين على حساب العرب من جانب والاحتماء بقوة الصين السياسية ونفوذها في مجلس الأمن من جانب آخر بقيت كسب صوت الصین بجانب روسيا لصالح مشاريعها النووية والتوسعية في المنطقة.
و ما تشهده المدن والقرى الاحوازية من موجة هجرة شرسة وهروب الشباب الاحوازي المتعلم وغير المتعلم من الجحيم الذي فرضته إيران بدعم ومساندة الشركات الاستعمارية الصينية في الاحواز يعد جريمة بحق الأنسانية ويعتبرمن النتائج الطبيعية والحتمية لمثل هذه السياسات العنصرية التي رسمتها طهران و نفذتها بكين ضد ابناء شعبنا العربي الاحوازي.
ومؤخرًا، تزايدت الحرائق في مناطق الأهوار بسبب الجفاف وبقايا القصب والبردي، ما أدى إلى زيادة التلوث البيئي وإجبار السكان في مدن مثل الحويزة والخفاجية على النزوح المؤقت.
كما تظهر الخريطة أسماء عربية كثيرة تم تحويلها إلى أسماء فارسية ضمن سياسة التفريس العنصرية، ومن أبرز الأمثلة:
- المحمرة → خرمشهر (Khorramshahr)
- الخفاجية → سوسنجرد (Susangerd)
- البسيتين → بستان (Bostan)
- الحويزة → هويزة (Hoveyzeh)
- العُلة → حميدية (Hamidiyeh)
- عربستان → خوزستان (Khuzestan)
كما تُظهر هذه الخريطة وجود ثلاث مدن عربية على الأقل تم تحجيمها أو طمس ملامحها خلال العقود الماضية.
بندر الناصري على الضفة الشرقية من نهر كارون التي ضمت لمدينة الأحواز.
مدينة علي بن الحسين الواقعة على نهر الكرخة العمياء بالقرب من مدينة الحويزة، والتي لم يعد لها وجود اليوم.
منطقة البريكة القريبة من مدينة المحمرة والشلامجة، والتي اختفت أيضًا وقد اصبحت اليوم قرية صغيرة غير معروفة.
منطقة الغدير التي تقع بين الحميدية ومدينة الأحواز.
و هناك اشارة لمعسكر بريطاني على الضفة الغربية من نهر كارون وكان يُعرف حينها باسم كمب لو، والذي أصبح اليوم يُعرف بالفارسية باسم كوي انقلاب.
هذه المناطق، كما يبدو، لم تحظَ بأي اهتمام من الأنظمة التي حكمت بعد زوال النظام العربي، فتم تهميشها تدريجيًا إلى أن تحولت إلى قرى صغيرة أو اختفت تمامًا من الوجود.
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.