
لندن- موقع كارون الثقافي- حامد الكناني- لم تكن إمارة المحمرة جوهرة الخليج العربي حتى نهاية الربع الأول من القرن العشرين، فحسب، بل كانت قصور الفيلية وديوان أميرها قبلة لرجال السياسة، ووجهة للنخب الثقافية ودار للمجالس الأدبية العربية. وكان عمران هذه الإمارة الخليجية وازدهارها، يشكل حلما للشعوب الخليجية والعربية في تلك الحقبة.

بين يدي نسخة من ملحق اضافي لاتفاقية تحديد الحدود المشتركة بين العراق و نجد قبل ان تتشكل المملكة العربية السعودية الحديثة. عرفت هذه الاتفاقية بأسم “معاهدة المحمرة، بين العراق ونجد، 5/مايو/ 1922” بسبب استضافة المحمرة عاصمة الأحواز للوفود السعودية والعراقية والبريطانية التي اجتمعت لعقد هذه الاتفاقية الحدودية ، في عهد أميرالأحواز الشيخ خزعل بن جابر عام 1922.
جاء في مقدمة هذا البروتوكول: ” ان هذا ( البروتوقول ) لتحديد الحدود بين الحكومتين العراقية والنجدية و ملحق للاتفاقية المنعقدة بينهما في ( المحمره ) بتاريخ السابع من رمضان المبارك سنة الالف والثلاثة مائة والاربعين الموافق الخامس من شهر مايس سنة الالف والتسعمائه والاثنين والعشرين”.(1)
كما تحمل هذه الوثيقة اسم السيد عبدالله الدملوجي الذي كان مندوبا عن سلطان نجد وتوابعها ، الأمير عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، و هكذا اسم السيد صبيح مندوبا عن الملك فيصل بن الحسين ملك العراق، علما ان السيد صبيح كان وزيرا للمواصلات والاشغال آنذاك. ولكن في المعاهدة الأصلية وقع على المعاهدة السيد احمد ألثنيان آل سعود مندوبا عن الملك عبدالعزيز.(2)
لم تكن هذه الاستضافة الأولى لأمير الأحواز لمفاوضات عربية – عربية خدمة للاستقرار والسلم فيما بين الشعوب العربية الشقيقة، بل تذكر الوثائق البريطانية أيضا دور أمير المحمرة الشيخ خزعل وجهوده البناءة في تقريب وجهات النظر في قضية رسم الحدود بين الكويت والمملكة العربية السعودية.

لم تمر ثلاث سنوات على استضافة أمير المحمرة للوفود العربية التي كانت تلجأ لأمير الأحواز الشيخ خزعل بن جابر لحل اختلافاتها ومعالجة مشاكلها الحدودية فيما بينها، وذلك نظرا لموقعه القيادي في المنطقة العربية، وصداقته مع الانجليز؛ حتى زحف الجيش الفارسي بقيادة رضاخان البهلوي واحتل الأحواز ووصل قصور الفيلية وخطف أمير الأحواز وولي عهدها بمؤامرة فارسية –بريطانية غادرة وقوّض السيادة العربية في العشين من نيسان عام 1925. تلك السيادة التي ورثها الأحوازيون من اجدادهم القدامى وحاربوا من أجلها طيلة سبعة الاف عام.
وكانت معاهدة ارضروم الثانية (1847) قد كفلت هذه السيادة. وارضروم هي معاهدة دولية ارادت بريطانيا عقدها في منتصف القرن التاسع عشر وادخال بلاد فارس من خلالها في عملية توزيع النفوذ وتنظيم موازين القوى خدمة لمصالحها الاستعمارية في الهند وبالتالي لم تمنح بلاد فارس هذه السيادة للعرب او يهديها لهم الفرس؛ لكي تأتي حكومة فارسية وتسحب هذه السيادة التاريخية من الأحوازيين ظلما وعدوانا.
واما اشقائنا العرب خاصة اولئك الذين توافدت قياداتهم وشهدت المحمرة قدوم وفودهم مرارا، دخلوا لعبة المصالح وتناسوا المحمرة ومواقف أميرها. وسرعان ما ذهبت وفودهم إلى طهران لبدء علاقات ودية مع رضاخان الذي كان يحتجز شقيقهم الشيخ خزعل بن جابر في سجونه، واعاثت جيوشه الفساد والخراب في أجمل إمارة عربية شقيقة لهم ، كانت يوما من الأيام قبلتهم السياسية والثقافية وحلم شعوبهم العربية.
المصادر والمراحع:
1- “المعاهدة والتعهّدات النافذة بين حكومة العراق وصاحب السموّ سلطان نجد” [ظ٧] (١٦/١٤)و المكتبة البريطانية: أوراق خاصة وسجلات من مكتب الهندو IOR/R/15/5/389و مكتبة قطر الرقمية
2- يوسف محمد سميط، الحدود السياسية لدولة الكويت ، ص 16و19، مكتبة الأنجلو المصرية 1970
3- الصورة تجمع الملك فيصل الأول ملك العراق مو رضا خان البهلوي عام 1932 في طهران.
4 صورة للوفد السعودي الذي ذهب لبدء العلاقات السعودية الفارسية عام 1929.
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.