أمير الأحواز بعد تحرير مدينة تستر من الغزو البختياري سنة 1912: “انني مضطر للدفاع عن ملكي بكل قوة ومصر على تأديب المفسدين مهما تعاظم شانهم”

لندن – موقع كارون الثقافي- حامد الكناني- هذا تقرير صحفي منشور في صحيفة صدى بابل العراقية عام 1912 وصادر في عددها رقم 147 وفي الصفحة الثانية من الصحيفة وهو تقرير ميداني للصحيفة بعد زيارة احد الصحفيين للمحمرة واستضافته من قبل الأسرة الحاكمة للأحواز آبان الحكم العربي عام 1912م.

يتحدث الكاتب عن حدوث غزو أجنبي لمدينة تستر (شوشتر) الواقعة في شمال شرق عربستان الأحواز وسقوطها بيد خانات البختيارية اثناء وجوده في المحمرة. الأمر الذي تطلب استنفار القوات العسكرية العربية للتوجه نحو هذه المدينة التاريخية وتحريرها. وجاء الغزو البختياري بعد مصادرة الثورة الدستورية في ايران عام 1909 من قبل خانات البختيارية الذين حشدوا قواتهم بأموال الشيخ خزعل وتمكنوا من دخول طهران واجبار رئيس وزراء بلاد فارس المستبد على الاستقالة لكنهم استولوا على المناصب الرئيسة في الحكومة الجديدة وذلك خلافا للوعد الذي قطعه زعيمهم السردار اسعد البختياري للشيخ خزعل وتحالفوا مع القوميين من الفرس وكان غزو مدينة تستر واحتلالها يعتبر الخطوة الأولى لاحتلال كامل عربستان من قبل هذا الحلف الجاحد والعنصري المشؤوم، الأمر الذي اثار غضب الشعب الأحوازي وأميره الشيخ خزعل بن جابر أنذاك. وبعد الحاق الهزيمة بالقوات البختيارية وتحرير مدينة تستر تدخل القنصل البريطاني ومبعوث الحكومة الفارسية لحلحلة الأزمة والحد من تداعياتها ويبدو انها انتهت باستسلام خانات البختيارية لأمير الأحواز .

الجميل في التقرير ان كاتب هذا التقرير كان مرافقا لأمير الأحواز حيث يروي لنا الاحداث بالتفصيل ويؤكد ان قائد القوات العربية، الشيخ حنظل بن محمد تمكن بمعية مائة جندي من قوات الحرس الخزعلي المعروفة بـ “الغلمان” من طرد جيش جرار من البختياريين وحلفائهم والغلبة عليهم في معركة عسكرية حاسمة.

يقول الكاتب:” وصلت المحمرة فبلغني ان البختياريين على نية مهاجمة ششتر وهي مدينة كبرى على منبع نهر قارون تابعة لامارة عربستان لأميرها سمو معز السلطنة سردار ارفع الشيخ خزعل خان وان سموه على نية الذهاب إلى (مدينة) الأحواز للنظر في امر هولاء المهاجمين فحسن بعيني ان التحق بسموه وما انا الا من اتباعه فالتمست ذلك وما خاب ملتمسي.

سافر سمو السردار ارفع بنفر من غلمانه لا يتجاوزون المئة عداً على يخته قارون تتبعه اليخوت بهمشير وإيران والمظفري ولما وصلنا إلى الأحواز بلغ سموه ان البختياريين على اتفاق مع خانات ششتر وانهم دخلوا المدينة خلسة وطردوا منها حاكمه واسمه الملا عبدالسيد وهو من غلمان سمو السردار ارفع واعلنوا العصيان فغضب سموه وارسل في الحال جناب ابن اخيه الشيخ حنظل خان مع غلمانه المئة سارية تستطلع الأمر وفي الوقت نفسه ارسل اوامره إلى روساء عشائره يستنفرهم إلى القتال.

وصل جناب الشيخ حنظل خان إلى ضواحي ششتر بمن معه من العساكر فلقيهم البختياريون والششتريون بجيش جرار فاشتبك القال بين الفريقين بضع ساعات كان النصر فيها بجانب العرب فقتلوا ثمانية من الاعداء فيهم احد ابناء اسكندر خان وعدد الجرحى كان مجهولا اما من العرب جرح غلام واحد وقتل غلام فارسي من غلمان سمو نصرة الملك وولي العهد (يبدو يقصد الشيخ كاسب بن خزعل قبل ابعاده من ولاية العهد وتعيين الشيخ عبدالحميد في منصبه) على ان جناب الشيخ حنظل خان لم ير ان يتتبع الاعداء بعد ان غلبوا على امرهم وارتد إلى المدينة لقلة جنوده بل تقهقر نحو قرية تسمى بـ “ويس” هي اقرب إلى الأحواز منها إلى ششتر وارسل بطلب المدد.

اما العرب فقد اجتمع منهم في مدة عشرة أيام فقط نحوا من اثنين وثلاثين الفاً وهم ثلث الجيش الخزعلي وتوزعوا في طرق ششتر ودسبول ورامز وكنت ترى من آيات الحماس مايسر القلب وينعش الخاطر وكانوا منقسمين إلى فرق وكل فرقة تتبع زعيم وعندما تصل إلى الأحواز تلتف حلقة وتنشد اناشيد الحماس والطاعة لسمو الأمير وتطلب منه ان يعجل بتسييرها إلى القتال (هذا يسميه العرب “تهوس”).

صورة لجندي عربي احوازي، منشورة في موقع فارسي تحت عنوان ” احد افراد العشائر المسلحة في خوزستان” ومنقولة عن صحيفة عراقية في عهد الشيخ خزعل.

وقد اسرع جناب قنصل جنرال انكلترا من (ابو شهر) إلى الأحواز لتلاقي الشر فجاء وقابل سمو الأمير اكثر من مرة ثم عاد ولم يستطع ان يحل الاشكال ولما علمت حكومة طهران بما كان خافت سوء النتيجة وبادرت فخابرت سموه بالتلغراف فاظهرت له ان ما جرى من البختياريين لم يكن بارادتها وانها اصدرت الأوامر اللازمة بوجوب خروجهم من ششتر وانها تتمنى ان تكون  دائما ابدا مع سموه على ولاء ووداد وكانت المخابرة بلسان وصي الشاه ومجلس الوزراء ورئيس مجلس الاعيان والمبعوثان اما سمو السردار ارفع فاجاب بانه مضظر للدفاع عن ملكه بكل قوته وتأديب المفسدين مهما تعاظم شانهم.

وبعد هذا بايام خاف البختياريون واهل ششتر من شر ؟؟ بعد ان رأوا الجيش العربية تملاء البراري والقفار اما البختياريون فاسرعوا حسب عادتهم ونهبوا اموال الحكومة وقدرها ثلاثة الآف ليرة بعد ان سلبوا ما استطاعوا سلبه من الششتريين وفروا إلى جبالهم.

اما خانات ششتر الذين مالاؤا البختياريين على هذا العمل فقد سقطوا في ايديهم ولم ير زعيمهم وهو باقر خان سبيلا للنجاة الا ان يلقي نفسه بين ايدي سمو السردار ارفع فاسرع إلى (ويس) وسلم نفسه طائعا غلى جناب الشيخ حنظل خان فارسله الى الأحواز ليحاكم وبعد يومين حذا حذوه كل من نصرالله خان وشكرالله خان معاونيه وبعد ان سلما نفسيهما سجنا ايضا.

اما حكومة طهران فكانت مضطربة اشد الاضظراب عارفة ان للعرب قوة لا تقهر ولذلك بادرت فامرت موقر الدولة حاكم (ابو شهر) ان يسرع الى الأحواز لمقابلة سمو السردار ارفع فصدع جنابه بالامر واسرع الى المحمرة وبوصوله اليها ارسل برقية لسمو السردار ارفع يلتمس فيه من سموه ان يتمهل في الحرب ريتما يصل اليه فاجابه سموه ان لالزوم لتصيع سموه وان الحادثة ابسط مما يظنون وهي عبارة عن لصوص دخلوا ششتر ناهبين وخرجوا منها فارين فاجابه جنابه بان لابد من حضوره تتميماً لاوامر روسائه وكان وصول جنابه الى الأحواز بعد وصول باقر خان بيومين وكان معه جناب قنصل انكلتره في المحمرة وبوصولهما زارا سموه وقدما لمعاليه تهانيئهما في هذا النصر العظيم واقام جناب الحاكم موقر الدولة يومين حنيفا لدى جناب نصرة الملك حاكم الأحواز وولي العهد وهو اكبر انجال سمو السردار ارفع  اما جناب القنصل فحل ضيفا عند قنصل الأحواز وبقيا في الأحواز يومين تشرفا فيها مرارا بخدمة سمو السردار ارفع واجتهدا ان يزيلا كل اثر للنفوذ من حكومة طهران في نفس سموه ومهدا سبيل الوفاق بينه وبين البختياريين ورجعا ادراجهما.

اما جناب الشيخ حنظل خان فكان معه نحواً من عشرة الآف مقاتل من ابطال العرب ولما راى سمو السردار ارفع استسلام زعيم الخونة من الششتريين وهرب البختياريين من ششتر بادر فارسل لجناب ابن اخيه يسرح اكثر من معه من الجنود ويدخل ششتر سموه وفرسان قبيلة الباوية فقط وقد كان ذلك شفقة على رعاياه الششتريين المساكين ولحماية دورهم وخوانيتهم والبسة نسائهم وهكذا كان قد دخل جناب الشيخ حنظل خان ششتر بالغلمان والفرسان وامر سموه وقابلهم الششتريون بالترحاب والدعاء لسمو السردار ارفع بالنصر والاقبال.”

المصدر: صحيفة صدى بابل، ص 2، العدد 147 الصادر 9 اغسطس 1912.

تنويه: لا يجوز نقل هذا المقال او الاقتباس منه دون ذكر “موقع كارون الثقافي، منشورات حامد الكناني”.

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: