مراجعة لكتاب « شموخ وهبوط الشيخ خزعل » للكاتب الدكتور عبدالنبي قيم /بقلم:عبدالله الطائي

6545646صدر أخيرا كتاب «شموخ وهبوط الشيخ خزعل » باللغة الفارسية للمؤلف الاحوازي عبدالنبي قيم و هو كاتب عربي من الاحواز له الكثير من المؤلفات الأدبية و التاريخية ومنها المعجم العربي الفارسي، والمعجم الوسيط العربي الفارسي، و تاريخ عرب الاحواز(تاريخ پانصد ساله خوزستان) بالغتين العربية و الفارسية كما له دراسات و مقالات أدبية و تاريخية كثيرة وهو يكتب في عدة صحف عربية و فارسية.

عبد النبي قيم الحائز علي درجة الدكتورا في إدارة الازمات من جامعة اصفهان أخذ على عاتقه تحليل أزمات فترة حكم الشيخ خزعل من صعوده الي سدة الحكم في سنة 1897 ميلادية حتي أسره واسقاط الحكم العربي في الاحواز سنة  1925 ميلادية.

 لم يكتب المؤلف كتابأ تاريخيأ فقط وانما راجع واستند للكثير من الكتب والوثائق والروايات حول تلك الفترة ونقل كل الاحداث التاريخية و حللها باعلى معايير الموضوعية والمهنية المحايدة و هذا ما رجح هذا الكتاب على الكثير من الكتب و البحوث التي سبق نشرها في هذا المجال.

في هذا الكتاب وضع المؤلف يده علي فترة غامضة من التاريخ الاحوازي، كانت مليئة بالاحداث التاريخية و المصيرية التي بقيّت تفاصيلها محرّمة علي الباحثيين وغير متاحة للقراء والمتابعين طيلة العقود الماضية.

و رغم كثرة الكتب التي ركزّت حول هذه الفترة والمنشورة بواسطة باحثين محليين وأجانب ومستشرقين الا ان الدكتور عبدالنبي قيم تفوّق بالكثيرعلى هؤلاء في اقترابه من الحقيقة والسبب ليس فقط احاطة الكاتب باللغتين الفارسيه و العربيه ووصوله الى المصادرالبريطانيه المتعددة بل لانتمائه للبيئة الاحوازية و معرفته الكاملة بالجوانب السياسية و الاجتماعية وطبيعة العلاقات القبلية في الاحواز،بصفته أبن المنطقة،الامر الذي مكنه من حل الرموزالمبهمة وفهمهاحيث قدم تحليلأ موضوعيأ قريبأ الى الواقع.

 و من يقرأ  هذا الكتاب يصل ودون أدنى شك الى هذه الحقيقة بأن المؤلف جسّدْ ملحمة تاريخية من تاريخ هذه المنطقة خاصة في الفصول الأخيرة من الكتاب،محاولأ احياء تداعيات أحداث تلك المرحلة من التاريخ الاحوازي فى أذهان الأجيال المعاصرة كما أن فصول هذا الكتاب كتبت بدقة و بعناية  فائقة للغاية.

ذكر المؤلف في الفصل الأول من الكتاب،الاحداث المهمة التي حدثت في تلك الفترة الزمنية والتي كانت تداعياتها خطيرة ومفصلية على الحكم العربي في الاحواز وتأتي على النحو التالي:

·         ثورة الدستور(المشروطة) سنة 1906 ميلادية.

·         عملية كشف واستخراج النفط من اول حقل في المنطقه و الشرق الاوسط سنة 1908ميلادية في شمال الاحواز.

·         اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914 ميلادية.

·         الثوره البولشفية سنة 1917ميلادية وظهور الاتحاد السوفيتي لاحقأ.

·         انهيار الامبراطوريه العثمانيه.

·          سقوط الدولة القاجارية في إيران و استيلاء الضابط رضا خان على السلطه.

وبعد ذلك عرّف المؤلف عدد من الكتب التاريخية التي كتبت حول أحداث هذه الحقبة من الزمن(1897-1925)،حيث يشير الى تسعة كتب وهي تعتبر المصادر المتاحة لتلك الفترة و يضيف الكاتب أن احد هذه الكتب فقط كتب بالغة الفارسية و هو للكاتب الإيراني احمد كسروي والذى لم يناقش الموضوع إلا في بضعة صفحات جائت في آخر الكتاب.

وفي الفصل الثاني يبدأ الكاتب بتعريف أسرة البوكاسب وهي آخر أسرة عربية حكمت الاحواز ومراحل وصول هذه الأسرة للسلطه،كما يتطرق لنسب البوكاسب وسبب التسمية ومكان اقامتهم،هذا بالاضافة لمعلومات قيمة يزودنا بها الكاتب حول الاسماء و الاماكن وجذور التسميات، مما يعطى للقارئ انطباعا  فريدا وهو ان الكاتب يحيط بكل جزئية من جزئيات النقاش.

 كما يتطرق الكاتب للشخصيات التي رافقت الشيخ خزعل طيلة سنين حكمه،مثل الحاج محمد البهبهاني المعروف برئيس التجار وميرزا حمزه مستشار ووكيل الشيخ و عبدالمسيح الانطاكى وكذلك حاج مصطفي افندي فهمي و ميرزا محمد بوشهري وغيرهم من الشخصيات التي عملت في خدمة الشيخ خزعل ومعظمهم كان من غير الاحوازيين و بالرغم من تأكيد الكاتب على حنكة الشيخ خزعل و درايته السياسية إلا انه لم يناقش عدم وجود شيوخ القبائل والعشايرالاحوازية او ممثليهم في ديوان الشيخ خزعل طيلة سنيين حكمه، الامر الذي سبب متاعب كثيره للشيخ خزعل في ما بعد.

في الفصل الثالث يناقش المؤلف مراحل وصول الشيخ خزعل إلى سدة الحكم و بداية شموخه بعد وفات والده الشيخ جابر ومن ثم مقتل شقيقه الشيخ مزعل سنة 1897 ميلادية و يتحدث الكاتب قائلأ أن في هذه الفترة لم ينافس الشيخ خزعل شخصا من داخل الأسرة الحاكمة و حتى الاطراف التى من الممكن كان تصنيفها في خانة المنافسين من خارج أسرة آل كاسب مثل المشعشعين في الحويزة و كعب البوناصر في الفلاحية(الدورق)كانت مغيبة حيث كانوا يعيشون في حالة ضعف شديده نتيجة الهزائم التي الحقها بهم الشيخ خزعل عند ما كان قائدا عسكريا قبل وصوله للسلطه واستلام الحكم العربي في الاحواز سنة 1897ميلادية.

في الفصل الرابع  يتطرق الكاتب لمكانة الشيخ خزعل السياسية التى كان يتمتع بها في المنطقة وفي هذا الفصل يستند قيم لعلاقات الشيخ مع البريطانيين و كيفية استخدام هذه العلاقة على المناوئين لحكمه تارة وانتزاع اعترافات بريطانية بسلطته تارة أخرى، كما ان الشيخ خزعل كان دائمأ يضغط على البريطانيين بورقة القبايل و في احدى المراسلات حول قضية الجمارك هدد البريطانيين بترك المنطقة و الاستقرار في املاكه في الجانب العثماني و ترك القبايل يفعلون ما يشاؤون،او في رسالة ثانيه يخاطب خزعل البريطانيين على انه سيفقد السلطة و سيتعرض للقتل من قبل القبايل العربية في حال تدخل بلاد فارس في شؤون امارته الداخلية وفرض ضرائب عليهم.

 ويعتقد الكاتب ان هذه الرسائل كانت بمثابة تهديد مبطن للمصالح البريطانيه، كما حاول الكاتب ان يعرّف الشيخ بانه شريك للدوله البريطانية بحكم المصالح المشتركه في تلك الفترة ولم يكن تابعأ لها كما كان يروج البعض.

في الفصل الخامس  بحث الكاتب أحداث العقد الأول من القرن العشرين حيث ازدياد النفوذ والسلطه لدى الشيخ خزعل، كما تطرق الكاتب إلى ثورة قبيلة بني طرف الطائية و قبيلة النصار الكعبية وعن اقتراح البريطانيين حول مشروع الري  في نهر كارون و الذى كان يؤيده الشيخ خزعل حيث كان يعتقد كثرة المصالح البريطانيه في المنطقه تحقق له طموحه وتقربه من الهدف النهائى الا وهو الاستقلال، كما شرح المؤلف علاقة الشيخ خزعل بالبختياريين و ثورة الدستور(المشروطة في إيران).

في الفصل السادس ناقش الكاتب الفترة ما بين ثورة الدستور(المشروطة) و الحرب العالميه الأولى والتي بدأت باكتشاف النفط والحضور البارز للبريطانيين و الروس في المنطقه، و يشير المؤلف الى ضعف الحكومه المركزية في طهران،حيث كان شيخ خزعل يحكم بسيادة كامله و خير دليل على ذالك العقود المبرمة مابين بريطانيا والشيخ خزعل حول استئجار الأراضي التي تم عليها بناء المنشأت النفطيه في ميناء عبدان.

الفصل السابع ركز الكاتب على السنوات التي تلت الحرب العالميه الأولى و ظهور الضابط رضاخان في طهران ،كما يذكر لنا واقعة الجهاد ،حيث يلمح الكاتب على انها جائت نتيجة لموقف علماء النجف المعادي للشيخ خزعل،المعركة التي انضمت إليها قبيلة بني طرف لصالح الجيش العثماني و التحقت بها عشايرالنصار والباويه في ما بعد وذلك للظغط على الشيخ خزعل وحليفته بريطانيا.

 وفي النهاية لا يرى الكاتب ان الفتوى التي صدرت من قبل علماء النجف هى السبب الوحيد الذي دفع القبايل العربية أن تتحالف مع العثمانيين ضد الشيخ خزعل إنما النزاعات القبلية و العداءات القديمة اضافة لضغط سلطة الشيخ خزعل على هذه القبايل وفرض الضرائب جعلت هذه الاطراف ان تتربص و تنتظر الفرصة المناسبة للانتقام.

وفي هذا الفصل بالتحديد حبذا لو كان المؤلف دخل بتفاصيل اكثر حول علاقة الشيخ خزعل و القبايل الأخرى،هذه العلاقه التي كانت متوترة طيلة الثمانية و العشرين سنة من حكم الشيخ خزعل حيث كان لهذا التوتر وهذه القطيعة الأثر الأكبر في نهاية الحكم العربي في الاحواز فكانت تستحق الحيز الأكبر من النقاش.

الفصل الثامن العلاقات الخارجية، في هذا الفصل كتب المؤلف أن الشيخ خزعل على خلاف سلفه الشيخ مزعل كانت له علاقات واسعه مع البريطانيين والعثمانيين والروس والعراق والكويت والملك عبدالعزيز بن سعود الذي كان حينها امير نجد.

و يسرد الكاتب علاقات خزعل مع العثمانيين ويوصفها بالحسنة ويذكر لنا وجود محمد علي رئيس التجار و هو من أصول عثمانية كان يعمل في ديوان الشيخ خزعل وعن دور هذا الرجل في خلق نوعا من الاتفاقيات غير المعلنة بين الشيخ خزعل والعثمانيين، أضف الى ذالك امتلاك الشيخ خزعل للكثير من الأراضي الوقعة على الضفة الثانية من شط العرب والموجودة في الجانب العراقي، كما يتطرق الكاتب الى اتفاقية شط العرب(1913م) التي عقدت ما بين بريطانيا والدولة العثمانية والتي تضمنت اعتراف الدولة العثمانية بحكم الشيخ خزعل وتوطيد علاقتها بحاكم المحمرة واستمرت هذه العلاقة حتى نشوب الحرب العالمية الأولى حيث وقف الشيخ خزعل بجانب بريطانيا في حين اصطفت قبائله ومنها قبيلة بنو طرف والنصار والباوية بجانب العثمانيين وفي هذه الفتره بالتحديد غاب عن الكاتب أن يبحث التوازن الاقليمي ودور العثمانيين في ذلك،وبالرغم من العوامل الأخرى الدخيلة في سقوط خزعل،لاشك أن انهيار الدولة العثمانية شكل خلل واضح في هذا التوازن الأمر الذى أدى لاستفراد الحكومة المركزية الايرانية في ما بعد والقضاء على الحكم العربي في الاحواز.

كما كتب المؤلف عن علاقة الشيخ خزعل مع روسيا التزارية وذكرها بالضعيفة ويرجح سبب هذا الضعف الى العلاقة القوية التي كانت تربط الشيخ خزعل ببريطانيا ولم تتحسن هذه العلاقة حتى في عهد روسيا البلشفية. ويضيف عبدالنبي قيم أن خزعل كان يلوح باستخدام الورقة الروسية فقط من أجل الضغط على البريطانيين وذلك من أجل تحقيق أهدافه.

الكاتب تطرق أيضا إلى العلاقة التي كانت تربط الشيخ خزعل بن جابر حاكم الاحواز وشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت ووصفها بالجيدة،حيث كانا الاثنان يمتلكون أراضى زراعية وبساتين للنخيل في البصرة وتعاونان في القضايا الداخلية لبعضهم البعض وكبح القبائل المعارضة لحكمها ،كما كانا يتبادلان الزيارات و الهدايا وحتى القصور.

وبحكم المسافة البعيدة ما بين نجد و المحمرة لم تكن علاقة الشيخ خزعل وعبدالعزيز بن سعود مثل علاقة الكويت بالمحمرة لكنها كانت علاقات أخوية قوية وتتسم بالاحترام المتقابل والتقى الشيخ خزعل امير نجد عبدالعزيز بن سعود في المؤتمر الذي عقد في الكويت برعاية بريطانية من أجل تشكيل اتحاد خليجي انذاك،كما ان هناك وساطة تاريخية قام بها الشيخ خزعل وأرسل نجله الشيخ كاسب بن خزعل للرياض بعد ما ظهر خلاف حول الحدود مابين حاكم الكويت وعبدالعزيز بن سعود وعلى اثرها تمت عملية رسم الحدود بين البلدين.ولم يذكر الكاتب زيارة عبدالعزيز بن سعود للمحمرة واستضافتة في قصر الفيلية،بعد حضور بن سعود وحاكم الكويت في المناورات الجوية التي أجرتها القوات البريطانية على ضفاف شط العرب،حيث دخل عبدالعزيز بن سعود المستشفى الخزعلي الذي كان بجانب قصر الشيخ خزعل وأخذت له صورة لتشخيص كسور العظام لذراعه.(Arab Bulletin 12 January 1917).

حتى سقوط الدولة العثمانية وانهيارها كانت علاقة الشيخ خزعل بالعراق تتسم بالرسمية وفي اطار علاقة امارة المحمرة بالدولة العثمانية وبالتحديد مع الولايات الجنوبية منها،حيث كانت لخزعل ارتباطات مع شخصيات وطنية وزعامات قبلية في العراق أضافة إلى ممتلكات الشيخ خزعل من مبان وبساتين نخيل و أراض زراعية واسعة،كما يذكر المؤلف ترشيح الشيخ خزعل لاعتلى عرش العراق حيث يعد هذا الحدث من أهم الاحداث في تلك الفترة.

في الفصل التاسع  يتطرق الكاتب لكيفية وصول رضاخان للسلطه و ظروف تسلمه زمام الأمور في ايران. و من أهم الاحداث التى يذكرها الكاتب في هذه الفتره ضعف الحكومه المركزيه في طهران و بداية الحرب العالميه الأولى و الثورة البلشفية في روسيا وتداعياتها على القرار البريطاني،الحدث الذي دفع البريطانيين الى التفكير والعمل على رسم خطة محكمة لضمان مصالحهم والتي بدأت بكشف رضاخان حتى وصوله إلى سدة الحكم و توليه  العرش في ايران .

في الفصل العاشرفتح الكاتب عبدالني قيم صفحة الصدام بين رضاخان والشيخ خزعل وحاول ان يصوّر ادراك خزعل لهذه المرحله ومخاطرها وجهوزيته لها وفي كل هذه التحضيرات كان الشيخ خزعل يؤول على البريطانيين ظنأ منه أن لا يمكن لبريطانيا ان تتخلى عن وعودها له كصديق وفي قدّم الكثير من الخدمات لها في الحرب العالميه الأولى،بينما موقف بريطانيا كان يثبت عكس توقعات الشيخ خزعل.و لعل الرسالة التي بعثها سربرسي لورين إلى لورد كرزن وزير الخارجية البريطاني انذاك هي خير دليل على ذالك، وكان مفادها ان المصالح البريطانية تقتضى التخلي عن الشيخ خزعل و الوقوف مع رضاخان ويؤكد المؤلف أن بريطانيا لم تكن لديها استراتيجيه واضحه بالنسبة للوقوف مع الشيخ خزعل او التخلي عنه حتى سنة 1923 ميلادية الا ان جملة من الاحداث المهمة والتي ذكرناها سابقأ رجحت كفة التخلي عن الشيخ خزعل والوقوف مع رضا خان.

في الفصل الحادي عشر بحث المؤلف دور الاتحاد السوفيتي في مساعدة رضاخان للقضاء على الشيخ خزعل واعتبر هذه المساعده نتيجة طبيعية ومغايرة للعلاقه التي كانت تربط الشيخ خزعل بالبريطانيين وفي المقابل البريطانيين أوهموا الروس بانهم يدافعون عن الشيخ خزعل في حال أن تعرّض رضاخان له و هذا ما جعل الروس يقفون بقوة مع رضاخان، وبالنظر إلى استقبال القنصل الروسي لرضاخان و تحذيره من دخول مدينة الاحواز،يمكن لنا ان نلمس مدى حرص الروس على رضاخان  وفى المحصله النهائية كل هذه الاحداث تبرهن على احكام الخطة البريطانية و خطواتها المحسوبة في ادارة الصراع الذي انتهى بسقوط الشيخ خزعل.

الفصل الثانى عشر في هذا الفصل يتحدث الكاتب حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي في فترة حكم الشيخ خزعل وحاول المؤلف أن يعطي صورة شاملة عن الحياة التي كانت سائده في تلك الفترة، و يتابع الكاتب القول ان بالرغم من الملاحة في نهر كارون والنشاط الجمركي في المحمرة و اكتشاف النفط و بناء مصفاة عبادان الا أن معظم الاقتصاد المحلي ودخل الناس كان يرتكز على الزراعة والسبب يعود لعدم مشاركة الناس في هذه المشاريع و في سبيل المثال يذكر المؤلف ان معظم العمال الذين كانوا  يعملون فى بناء وتدشين مصفاة عبادان كانوا من الهنود والبريطانيين واللر وكان القليل منهم فقط من العرب. كما ان الكاتب يشرح تركيبة النسيج الاجتماعي في تلك الفترة و يصنفه على النحو التالى:

 البيت ثم الحمولة، ثم العشيرة ثم القبيلة و ينتقل بعدها إلى عدد السكان الاحواز حيث يذكر أن عدد السكان في سنة 1916 ميلادية كان 400.000 نسمة و بقى هذا العدد ثابتأ حتى سنة 1925ميلادية ولا يخبرنا الكاتب عن سبب عدم ارتفاع عدد سكان الاحواز طيلة تسعة سنوات ولا عن طريقة حصوله على رقم أربعمائة ألف نسمة.

الفصل الثالث عشر،ينقل لنا المؤلف في بداية هذا الفصل معركة الشليل التي وقعت مابين حلفاء الشيخ خزعل من القبائل البختيارية وقوات القزاق النظامية بقيادة رضا خان ويخبرنا المؤلف ايضا عن تحركات رضاخان على ضوء هذه الحادثة التي جعلت رضاخان أن يكون أكثر استعدادا من الجانب العسكري والاستخباراتي واللوجستي حيث أدرك رضاخان قدرة ونفوذ الشيخ خزعل وأن المواجهة معه تحتاج إلى خطة عسكرية محكمة وقوات عسكرية مدربة تدريبا جيدا ولهذا بدأ العمل مباشرة باتخاذ خطوات مهمة وأرسل ضباطه وجنوده للمدارس العسكرية الفرنسية من أجل التدريب وكسب الخبرات القتالية و خلال أربع سنوات جهز جيشا نظاميا عالي التدريب، يتكوّن من أربعين ألف عسكري وحتى موعد انطلاقته نحو الاحواز يذكر الكاتب أن هذا العدد ازداد حتى وصل إلى ستين ألف عسكري،في حين لم يملك الشيخ خزعل جيشا نظاميا بهذا الحجم ولم تكن قواته مدربة و خاصة وأن الشيخ كان يعتمد على مسلحي القبايل العربية والتى تتطوع وتخرج للقتال عند الضرورة فقط.

 واما الخطوة الثانية التي أقدم عليها رضاخان هي محاولة عزل الشيخ خزعل عن حلفائه من البختياريين وبعض القبايل العربية والاشخاص الذين كان يرتبط بهم في الدولة المركزية و مجلس النواب في طهران.

وفي الخطوة الثالثة عمل رضا خان على اسقاط حقوق الشيخ خزعل القانونية ونزع الممتلكات ومصادرة أراضى واسعة لصالح الدولة الايرانية،كما تم وقف تعامل البنك الملكى (الشاهنشاهى ) مع الشيخ خزعل وتجميد أرصدته البنكية.

وهنا يمكن القول أن رضا خان عمل على ثلاثة محاور لتطويق الشيخ خزعل والقضاء عليه وهي التفوق العسكري والعزل السياسى المدعوم بهجمة دعائية شرسة لتخريب شخصية الشيخ خزعل وتشويه سمعته وتحييد نفوذه واخيرأ مصادرة ونزع الممتلكات وتجفيف المصادر المالية عنه.

وكان الشيخ خزعل قد عمل على اتخاذ ثلاثة خطوات مماثلة لمواجهة زحف جيش القزاق بقيادة رضا خان ،ففي سنة 1924ميلادية أكد الشيخ خزعل للبريطانيين على انه سيتعهد بأمن المنشئات النفطية في حال نشوب اي نزاع مع رضاخان،محاولأ طمأنتهم وازالة مخاوفهم من حدوث فوضى وحماية مصالحهم في المنطقة وفى نفس السنة دعى زعماء القبايل و العشاير العربية في المحمرة واجتمع بهم للتشاور والاتحاد معهم، وفي خطوة سابقة طلب من البختياريين تشكيل جبهة موحدة في ما بينهم.

وبالنظر إلى محاولات الشيخ خزعل وتحركاته على المحاور الثلاث، نجد أن الأولى وهي الرهان على البريطانيين لم تجدى نفعأ،حيث بريطانيا هي من استهدفت خزعل قبل رضا خان وكان لورين هو مهندس الخطة وأساسها واما الخطوة الثانية وهي تنقية الاجواء وأخذ البيعة من القبايل العربية جائت متأخرة جدأ حيث الخلاف كان متجذّر وكان من الصعب بالنسبة للقبايل أن تتجاوز العداوات و الفروقات،كما كانت الثقة معدومة بين الطرفين. واما الخطوة الثالثة وهي توظيف القبايل البختيارية للتصدي لرضا خان ومنع تدفق قواته نحو الاحواز لم تنجح هي الاخرى والسبب يعود لنجاح رضاخان في تحييد الكثير من زعماء هذه القبايل وتمزيق صفهم.

اشار الكاتب في نهاية هذا الفصل إلى موضوع مهم للغاية وهو الاقتراح الذي تقدّم به الشيخ خزعل للبريطانيين وهو السماح له أن يختار منفاه ويخرج من الاحواز حيث طلب مهلة ثلاثة شهور لتنفيذ هذا المشروع، مشترطأ عدم تحرك رضاحان في هذه الفترة، الأمرالذي رفض من قبل البريطانيين وبشدة وذلك خوفا من تداعيات نشر خبر التخلي البريطاني عن صديقهم الشيخ خزعل ومردوده السلبي الذي من شأنه أن يهدد مصالحهم فى المنطقه.

جاء في الفصل الأخير من الكتاب الذي عنوّنه المؤلف “بمنحدر السقوط”،ليتحدث لنا الكاتب عن عملية دخول رضاخان لمدينة الاحواز وذلك يوم الرابع من شهر ديسمبر سنة 1924 ميلادية ،ونقلا عن مذكرات رضا خان يقول: أن رضاخان أثناء دخوله لمدينه الاحواز وجد الالاف من الجنود المسلحين الذين ينتمون للشيخ  في داخل المدينة ولم يواجه اية مقاومة منهم وهذا خير دليل على ان رضاخان كان على علم واطلاع كافي بما توصل اليه البريطانيون مع الشيخ خزعل، لذلك تجاهل رضا خان تحذير القنصل الروسى ونصيحته بعدم دخول مدينة الاحواز المليئة بالجنود المسلحين التابعين للشيخ خزعل.

دخول رضاخان لمدينة الاحواز وبالرغم من وجود الالاف من المسلحين العرب لم يتعلق بشجاعة رضاخان كما زعم رضاخان في مذكراته،بل يعود لدقة التنسيق مابين بريطانيا من جانب ورضا خان من جانب آخر وهذه الحقيقة تقلل من مدى صحة قول رضاخان عن لقائه مع الشيخ خزعل والذي نقله الكاتب،حيث يقول رضا خان: «و فی الأخیر اعطیت خزعل الفرصة بأن یأتی غداً الساعة العاشرة صباحاً و عند ما کنت اتمشی فی الایوان الجنوبی للقصر دخل و بالفور انکبّ علی قدمیَّ و قبّلها فرفعته و أخذت بخاطره»، فا لرجل الذي لم يذكر تنسيقه السري مع بريطانيا ولم يكشف عن كل التحضيرات والخطط البريطانية الخفية  ويعتبر دخوله الى الاحواز يعود لشجاعته،كيف ان يكون منصفأ بتوصيف عدوه و بالتالى صحيح ان الكاتب لا خيار له فى مثل هذه الحاله،بسبب شحة المعلومات لذلك الحدث،لكن كان عليه ان يناقش مذكرات رضاخان بدقة و من كل الجوانب.

وفى نفس السياق نقل الكاتب رواية فرج الله بهرامي عن اقتراح تقدم به الشيخ خزعل وهو تزويج حفيدته لرضاخان حتى يصبح ولي عهد رضاخان في المستقبل من احفاد خزعل، هذه الروايه ايضا غيردقيقه والدليل على ذالك ان رضاخان لم يكن ملكأ انذاك حتى يكون له ولى عهد و كان يفكر بتأسيس جمهورية على غرارجمهورية مصطفى اتاترك فى تركيا، و فى المحصله النهائيه المؤلف بنقله لهاتين الروايتين الغيرمؤكده ضرب شخصية خزعل الوطنيه التى جسدها فى ذهن القارئ فى كل الفصول السابقه.

في هذا الكتاب تحدث الدكتور عبدالنبي قيم عن مرحلة تاريخية ما زالت أحداثها عالقة في أذهان أهلها، فنحن أبناء الشعب العرب الاحوازي لم نتجاوز هذه المرحله حتي الأن، فالترسبات القبلية و المؤثرات الاقليمية والدولية التي حالت دون وصول الشيخ خزعل في تحقيق طموحه،مازالت موجودة. وعليه أقول أن المؤلف في هذا الكتاب شكّل أرضية خصبة ومناسبة للنقاش حول التاريخ الاحوازي ووضع الكرة في ملعب الباحثين و المثقفين وطلبة الجامعات، للبحث في هذه المرحلة الحساسة و المهمة من تاريخ الاحواز، فنحن بحاجة لكتابة العشرات من المراجعات على هذا الكتاب القيّم حتى يتم تجاوز هذه المرحلة كليا من أجل استيعاب المرحله المعاصرة و متطلباتها.وبالنظر لكثرة المستندات والوثائق و المصادر التاريخية العديدة التى استخدمها المؤلف، يعد هذا الكتاب من أهم المصادر المنشورة حتى اليوم واتمنى ان أرى هذا الكتاب مترجما باللغة العربيه لأسعاف القارئ العربي بالمعلومات القيّمة التي يحتويها كتاب «شموخ وهبوط الشيخ خزعل »،كما انني أشكر المؤلف و اتمنى له التوفيق وأقدره على هذا الجهد العظيم.

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: