
كَبُرَ الداء والدواءُ قليلُ
و قلبي اليوم مُتيَّمٌ و عَليلُ[1]
لم یمر عام واحد علی رحیل العالم الاجتماعي ” البروفيسور علي الطائي ” حتى فجعت الساحة الآكاديمية الأحوازية بنبأ وفاة الدكتور جاسم مشعشعيان، الطبيب ألذي حاول و طيلة عقود من الزمن أن يداوي جراحات مجتمعه و آلامه بكل إخلاص و صفاء.
و إن كان أغلبية أطباء اليوم لم يدخلوا ساحة و لا نشاطا غير عملهم المهني إلا أن الدكتور جاسم مشعشعيان كان في طليعة الناشطين و من رواد إنتفاضة الوعي في الساحتين الفكرية و الثقافية حيث حضر عشرات الندوات و قدم الكثير من المحاضرات حتى أصبح يشار إليه بالبنان و كأنه علم في رأسه نار مثلما قالت الخنساء .
و كان لي شرف الحضور في بعض محاضراته العلمية و الفكرية ك محاضرته التاريخية الرائعة في معرض ” الأحواز عبر التاريخ ” حول تاريخ الدولة المشعشعية. و لربما كانت محاضرته الجريئة في المجلس التأبيني ألذي أقيم في رحيل ” عبدالمجيد نيسي أبو حمد ” قبل عامين في مدينة أبوحميضه كانت هي الأخيرة حيث حضرها و هو في أسوء حالته الصحية و في شدة مرضه و كأن لسان حاله يقول مثلما قال أبو القاسم الشابي:
سأعيش رغم الداء و الأعداء
كالنسر فوق القمة الشماء
و مازالت کلماته الدافعة لضرورة طي الطريق التوعوي تهمس في روحي قبل أذني حتى أنه حين دعيتُ لإلقاء كلمتي المتواضعة تلك ألليلة شعرت و كأن الدكتور لم يترك لي شيئا للحديث بخطبته الوافية، فحقا أنه يحترف الكلام بكل إتقان كإحترافه للقلم و الكتابة مثلما قرأت له سابقا بعض المقالات و الدراسات في الصحافة أبرزها مقال في تعريف الشاعر أبو معتوق الحويزي و الطبيب علي بن عباس الأحوازي المعاصر للعصر العباسي و أظن الدكتور جاسم كان أول الأحوازيين ممن تكلموا عن هذا العلم الأحوازي المنسي.
فإن كتبوا القدامى عن الطبيب علي بن عباس الأحوازي فسوف نكتب و تكتب الأجيال المقبلة عن طبيب أحوازي آخر قدم الغالي و النفيس في سبيل شعبه يدعى ” الدكتور جاسم مشعشعيان “.
رحمك الله و دمك خالدا و حيا يا أبا راغب
[1] : مطلع من قصيدة قديمة للدكتور عباس الطائي
تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.